بازگشت

افضلية المهدي علي الانبياء


منها - [ما] جاء عن ابن سيرين [أن] المهدي خير من أبي بکر و عمر، بل کان [1] يفضل علي بعض الأنبياء [2] وصح عنه «لا يفضل عليه أبوبکر و عمر» [3] .

و هو و ان کان أحق [4] من الأول، الا أنه يجب تأويلهما لصرائح الأحاديث، و قيام الاجماع علي أنهما أفضل منه، بل و أفضل منه أيضا بقية الأربعة [5] ! بل الصحابة،



[ صفحه 112]



خلافا لما شذ به ابن عبد البر، أنه يکون فيمن بعد الصحابة أفضل منهم.

و خبر أن للواحد منهم أجر خمسين منکم [6] ، يؤول کالأول؛ علي أنه لشدة الفتن في زمانه، و تمالئ [7] الروم بأسرها عليه، و محاصرته الدجال، فأفضليته و ثوابه کأتباعه ونحوهم، انما هو أمر نسبي، اذ قد يکون في المفضول مزية، أو مزايا ليست في الفاضل، و من ثم تمني طاووس ادراک زمانه، لأنه يزاد فيه للمحسن، و يتاب فيه علي المسي ء [8] .

أما في زيادة الثواب و الرفعة عند الله علي الاطلاق، فمن ذکر «خير منه [9] » في ذلک، و کأن ابن سيرين أراد بقوله «کان [10] يفضل علي بعض الأنبياء» أنه يؤم



[ صفحه 113]



عيسي، و للامام فضل ما علي المأموم من حيث التبعية [11] .

لکن في الحقيقة ليس هذا الفضل له، بل لنبينا صلي الله عليه و آله و سلم، لأن ائتمامه به علامة علي نزوله بشريعة نبينا صلي الله عليه و آله و سلم و اتباعه له.


پاورقي

[1] في ط «من أبي و عمي، قد کاد».

[2] روي نعيم في الفتن: 358:1 ح 1036، باسناده عن محمد بن سيرين أنه ذکر فتنة تکون، فقال: اذا کان ذلک فاجلسوا في بيوتکم حتي تسمعوا علي الناس بخير من أبي بکر و عمر (رض).

قيل: يا أبابکر! خير من أبي بکر و عمر؟

قال: قد کان يفضل علي بعض الأنبياء.

[3] روي ابن أبي شيبة في المصنف: 198:15 ح 19496 باسناده عن محمد، ولم يسنده الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم «يکون في هذه الامة خليفة لا يفضل عليه أبوبکر و عمر».

[4] في خ «أخف».

[5] في ط «بل و أفضل بقية الأربعة».

قوله «قيام الاجماع علي أنهما أفضل منه، بل و أفضل بقية الأربعة» و في نسخة «بل و أفضل منه...».

فأي اجماع هذا، و کل ما بين أيدينا يقول خلاف ذلک.

فعلي عليه السلام هو أحد الأربعة، و فضله و أولية اسلامه، و علو مقامه، و سمو درجته التي لا يضاهيها أحد سوي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يشهد بها کتاب الله العزيز، و الحديث و السنة النبوية: فقوله تعالي في آية المباهلة من سورة المائدة و أنفسنا و أنفسکم قد أجمعت التفاسير بأن المراد من «أنفسنا» هو علي بن أبي طالب عليه السلام فاذا کانت نفس علي نفس رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو أفضل من خلق الله من الأولين و الآخرين، فأي فضل سيبقي لأحد من الخلق علي علي عليه السلام و هو نفس رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟!

و قوله تعالي في سورة المائدة أيضا: اليوم أکملت لکم دينکم و أتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام دينا تذکر التفاسير أنها نزلت بعد واقعة غدير خم، اذ بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام کمل الدين، و تمت النعمة، و رضي الله بالاسلام دينا.

و حديث رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم غدير خم الذي تواتر نقله في روايات الخاصة و العامة بأسانيد شتي، و ألفاظ مختلفة يفصح بجلاء عن أحقية علي عليه السلام في الخلافة، و يوضح بصراحة عن مکانته و مقامه.

و أيضا حديث الثقلين المشهور الذي فاضت به کتب الفريقين برواية المعصومين عليهم السلام، و العديد من کبار الصحابة، و ثقات التابعين يشير علانية الي أن عليا هو عدل القرآن الکريم، و بالتالي فليس لأحد من أفضلية عليه.

و قوله صلي الله عليه و آله و سلم المشهور: «علي خير البشر فمن أبي فقد کفر» الذي رواه الفريقان بأسانيد عديدة و صحيحة؛

و حديثه صلي الله عليه و آله و سلم المعروف «بحديث الطائر» الذي تناقلته کتب الشيعة و السنة حيث قال صلي الله عليه و آله و سلم: «اللهم ائتني بأحب خلقک اليک يأکل معي من هذا الطائر»، فجاء علي عليه السلام، فلما بصر به رسول الله قال: «والي».

و معلوم أن محبة الله له واصطفائه دون الخلق انما هي تعظيمه و تکريمه، و اجلاله و اکباره؛ فاذا کان علي عليه السلام کذلک، فيکف يفضل عليه أحد من الخلق؟!

ثم هل يسوغ أحد أن يفضل عليه من قال يوم تولي الخلافة:

«أقيلوني فلست بخيرکم»! و في آخر ساعات عمره يندم علي أعمال شنيعة کان قد اقترفها و يتمني لو لم يفعلها؟! حيث قال - علي ما ذکره المسعودي في مروج الذهب: 301:2 -:

و لما احتضر قال: ما آسي علي شي ء الا علي ثلاث فعلتها، وددت أني ترکتها، و ثلاث ترکتها وددت أني فعلتها، و ثلاث وددت أني سألت رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم؛

فأما الثلاث التي فعلتها، وودت أني ترکتها:

فوددت أني لم أکن فتشت بيت فاطمة، و ذکر في ذلک کلاما کثيرا؛

ووددت أني لم أکن حرقت الفجاءة، و أطلقته نجيحا أو قتلته صريحا؛

ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين، فکان أميرا و کنت وزيرا... الخبر.

و هل يفضل ذو بصيرة علي علي عليه السلام- الذي هو باب مدينة علم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي ما فاضت به روايات الفريقين - من تشهد الأخبار الصحيحة و المشهورة علي ضعف قدراته، و قصور امکاناته، و قوله: «لو لا علي لهلک عمر»!

و قوله: «لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبا الحسن»؟!

و الشواهد أخي القارئ في أفضلية علي عليه السلام علي من سواه غير رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم کثيرة و يطول بنا المقام کثيرا اذا أتينا علي ايرادها.

و قد أوردنا عشرات المصادر المعتبرة من أصول الفريقين الذاکرة لفضائل علي عليه السلام عند تحقيقنا لکتاب «لمذا اخترت مذهب الشيعة»، و کذا عند تأليفنا لکتاب «ظلامات الزهراء عليهاالسلام» فلا بأس بمراجعتها، وراجع أيضا کتاب «من حياة الخليفة عمربن الخطاب» للبکري.

و ذات الکلام يصح و يصدق لو أخذنا القول الثاني (کما في النسخة الاخري) فعلي عليه السلام، و المهدي - الذي هو الحجة ابن الحسن العسکري، الامام الثاني عشر المعصوم عليه السلام - واحد، ذلک أن أئمة أهل البيت صلوات الله عليهم نفس واحدة و نور واحد، فالحديث عن أولهم، حديث عن آخرهم، و العکس صحيح.

فما ثبت لعلي عليه السلام من امامة و عصمة و علم و عدل ثابت للامام المهدي عليه السلام و قد ورد علي لسان المعصومين صلوات الله عليهم:«أولنا محمد، و أوسطنا محمد، و آخرنا محمد، وکلنا محمد».

و ما ذکرناه هنا - أخي القارئ العزيز - و ان کان مختصرا نضعه بين يديک لتنصف في الحکم فيما اذا کان هناک من اجماع أم لا.

[6] روي الطبراني في الکبير: 225:10 ح 10394، و الهيثمي في مجمع الزوائد: 282:7، و المتقي في کنز العمال: 118:11 ح 30851 بالاسناد عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«ان من ورائکم زمان صبر، للمتمسک فيه أجر خمسين شهيدا.

فقال عمر: يا رسول الله! منا أو منهم؟ قال: منکم.

[7] في خ «تعالي».

[8] روي نعيم في الفتن: 359:1 ح 1045، باسناده الي طاووس، قال:

وددت أني لا أموت حتي أدرک زمن المهدي.

يزداد المحسن في احسانه، و يتاب علي المسي ء.

[9] کذا، و الظاهر «منهما».

[10] في ط «کاد أن».

[11] لم يوفق ابن حجر في توجيه خبر ابن سيرين هذا، فالذي يستفاد من الروايات أن نزول عيسي عليه السلام ليس بصفة نبي، و انما ينطوي خبر ابن سيرين علي حقيقة أسلفناها في الهامش المتقدم آنفا أول هذا الباب، فراجع.