بازگشت

مقدمة التحقيق


الحمدلله الذي جعل للناس علامات، و بالنجم هم يهتدون، الذي ارسل رسوله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين کله و لو کره المشرکون، ليخرجهم من ظلمات الغي و العمي إلي نوره الذي به يستضيئون.

و أفضل الصلاة و أتم السلام علي النبي الأکرم الذي ختم به الأنبياء و المرسلون الذي لولاه ما کانت سماوات في الوجود و لا أرضون، و علي وزيره و صفيه و وليه أمير المؤمنين علي «نقطة» نون و القلم و ما يسطرون، و علي أهل بيته سفن النجاة و سر الحياة و الممات، و الأنوار التي بها يهتدي السالکون، سيما قطب دائرة الوجود، مهديهم الحجة بن الحسن العسکري الذي به ينجو المنتظرون.

و بعد...

لا يختلف اثنان في أن فکرة المهدي و المصلح شغلت حيزا مهما من أفکار عموم الناس علي مد التاريخ، و بقي حلما ورديا يداعب مخيلتهم حتي أشرقت الشمس الأحمدية، و نشرت أشعة الإسلام الذهبية علي أرجاء المعمورة؛

فتقشعت سحب الظلام التي خيمت ردحا من الزمن علي العقول، بما نشرته من قيم إلهية سامية و مبادئ أصلية، أزالت الباطل و محقته، و أشاعت الحق و أحقته، و أحالت الخيال و الوهم إلي محسوس و ملموس؛

و منها فکرة المهدي المصلح [1] حيث بين رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في مناسبات



[ صفحه 2]



جمة عبر عدد من الإحاديث الشريفة و النصوص المنيفة خلفاءه و عددهم، و أنهم اثنا عشر إماما، و أن خاتمهم هو الإمام المعصوم المهدي ابن الإمام الحسن العسکري صلوات الله عليهم؛

و أکد عليه الأئمة المعصومون عليهم السلام من بعده، و بينوا أن حياة الإمام المهدي عليه السلام ستمتاز بغيبتين: الاولي، و هي الصغري، و الثانية، و هي الکبري التي ستمتد زمنا طويلا حتي يأذن الله له بالظهور ثانية لنشر الرسالة المحمدية الحقة کما أراد سبحانه و تعالي حيث قال:

هو الذي بعث رسوله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين کله، إذ يستفاد من کلام الله المجيد، و کذا أحاديث رسوله صلي الله عليه و آله و سلم و الأئمة المعصومين من آله عليهم السلام أن الناس سينقلبون علي أعقابهم بعد شهادة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم إلا من رحم الله، قال تعالي:

و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علي أعقابکم [2] و أنهم سيترکون کتاب الله وراء ظهورهم، و أيضا عدله، أي الثقل الآخر، أعني عترة الرسول صلوات الله عليهم في حديثه المشهور حد التواتر المعروف بحديث الثقلين حيث قال صلي الله عليه و آله و سلم: «إني تارک فيکم الثقلين: کتاب الله، و عترتي أهل بيتي، ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا...».

و صفوة القول أن انحرافا خطيرا سيطول المجتمع الإسلامي يضعضع أرکانه الفتية، و أن انتکاسة کبيرة ستصيب الفکر الإسلامي تضعف اسسه الوليدة، و ستهتز من جرائه ذات العقيدة الاسلامية، و يتزلزل أصلا مهما من اصولها، سببه و منشأه التهاون بکلام الله تعالي، و وصايا رسوله التي أمره الله بها، سيما أمر وصيه و وزيره و خليفته، و الأئمة من بعده، و ضرب کلامه صلوات الله عليه و آله عرض الحائط؛ [3] .



[ صفحه 3]



و أن ذلک الانحراف سوف يصلحه الله - بعد حين - علي يدي ذلک الامام الثاني عشر المهدي عجل الله فرجه الشريف بعد أن تکمل أيامه التي سبق عددها في علم الله جل جلاله، و بعد أن تسبقه جملة من العلامات، بينها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ذکرها الأئمة عليهم السلام من بعده لتتم الحجة علي الناس، و يحيي من حي عن بينة، و يهلک من هلک عن بينه، [4] و ليميز الله الخبيث من الطيب. [5] .

و ليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الکاذبين. [6] .


پاورقي

[1] راجع مقدمتنا لکتاب الملاحم لابن المنادي، ففيها ما يفيد البحث.

[2] آل عمران:144.

[3] انظر في ذلک مقدمتنا لکتاب «ظلامات الزهراء عليهاالسلام» ففيه ما يغني البحث.

[4] اشارة الي قوله تعالي في سورة الأنفال:42.

[5] اشارة الي قوله تعالي في سورة الأنفال: 37، و سورة آل عمران: 179.

[6] اشارة الي قوله تعالي في سورة العنکبوت:3.