القدرة غير العادية
کلما اجتهد الانسان في قبول ولايه اهل البيت و ترسيخها في اعماقه
[ صفحه 245]
کانت روحه أقوي و ازدادات قدرته غير العادية أکثر، الي حد يمکنه بقدرة روحه أن يتصرف بالموجودات المادية و حتي غير المادية و يحکم عليها.
و اليک هده القضية عن المرحوم السيد بحر العلوم رضي الله عنه:
کان السيد بحر العلوم يعاني من مرض ضيق النفس - الخفقان - و قد خرج يوما من النجف الأشرف قاصدا زيارة الامام الحسين عليه السلام في احدي زياراته عليه السلام الخاصه و کان الوقت صيفا و شديد الحر.
و قد استغرب الناس کيف أن السيد و هو مريض يسافر في الحر؟ و کان من بين الذين معه في السفر المرحوم الشيخ حسين نجف، و کان من العلماء المعروفين في زمان السيد. فلما تحرکوا من النجف و اذا سحابه تظلمهم و تتبدل حراره الهواء و يهب نسيم معتدل.وبقيت السحابة تظلهم حتي اقتربوا من خان نور هناک التقي أحد معارف الشيخ حسين نجف به و قد تأخر الشيخ معه عن السيد، و أما السحابه فقد بقيت تظل السيد حتي وصلي الي محطة القافلة، و أما الشيخ فقد آذانه حرارة الهواء و قد تأثر و وقع من مرکبه و أغمي عليه بسبب کبر سنه و ضعف بنيته من شدة الحر.
فحمله صديقه الي أن أوصله الي مکان السيد بحر العلوم و لما أفاق قال: سيدنا لم لم تدرکنا الرحمه؟ أجابه السيد لم تخلفهم عنها؟
و في هذا الجواب کناية دقيقة. [1] .
[ صفحه 246]
هذه هي قدرة تصرف أنصار الامام صاحب الزمان عليه السلام.
و کما قال علي عليه السلام: لم يسبقهم الأولون، و لا يدرکهم الآخرون فيمتازون بفضيله طي الأرض، کما قال الامام الصادق عليه السلام: فيصير اليه أنصاره من أطراف الأرض، تطوي لهم الأرض طيا و طي الأرض: هو عباره عن قطع المسافات الطويلة في مدة قصيرة جدا، بشکل اعجازي.
و طي الأرض مصرح به في القرآن في سورة النمل و في قصة النبي سليمان عليه السلام و عرش بلقيس
يقول تعالي: (يا ايها الملا أيکم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين، قال عفريت من الجن أنا آتيک به قبل أن تقوم من مقامک و اني عليه لقوي أمين، قال الذي عنده علم من الکتاب أنا آتيک به قبل أن يرتد اليک طرفک فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي). [2] .
فهذه الآية صريحة في امکانية طي الأرض و تتحققه، فقد أحضر عرش الملکة بلقيس، في أقل من لحظة، مع العلم أن عرشها کان في سبأ باليمن و کان سليمان عليه السلام في الأردن أو فلسطين، و تفصل بينهما الجزيرة العربية، فکيف يمکن جلب عرش بلقيس و نقله من اليمن الي الاردن بهذه السرعة؟
من الواضح أن المقاييس الطبيعيه عاجزة و قاصرة أمام هذه القضايا التي تعتبر من الماورائيات.
[ صفحه 247]
و هناک من أصحاب الامام من تسخر له قدرة السحاب و يستفيد من أسرارها فيحضر عند الامام المهدي في وقت ظهوره بواسطه السحاب.
قال المفضل: قال أبو عبد الله عليه السلام: اذا أذن الامام دعا الله باسمه العبراني فأتيحت له صحابته الثلاثمائه و ثلاثه عشر قزع کقزع الخريف و هم أصحاب الألوية، منهم من يفقد عن فراشه ليلا فيصبح بمکة، و منهم من يري يسير في السحاب نهارا يعرف باسمه و اسم أبيه و حليته و نسبه.
قلت: جعلت فداک أيهم أعظم ايمانا؟ قال: الذي يسير في السحاب نهارا و هم المفقودون و فيهم نزلت هذه الآية: (أين ما تکونوا يأت بکم الله جميعا). [3] [4] .
اذن فان أصحاب الامام المهدي بقوه الايمان المتکامل، و لا طريق للشک الي قلوبهم، فهم - بسبب الايمان بالله سبحانه - لا يفهمون معني الخوف لأن الانسان کلما ازداد ايمانا بالله تعالي ازداد ايمانا بالله تعالي ازداد قوه و نشاطا و شجاعة، و لهذا تراهم - عندما يدخلون ساحة الجهاد لا يقف في طريقهم أحد، لا يمنعهم مانع عن تنفيذ الأوامر الموجهة اليهم، و يقضون علي کل قوة تحول بينهم و بين أهدافهم المقدسة.
و في نفس الوقت يتمتع هولاء بفضيلة التواضع، فهم يعتقدون بالامام
[ صفحه 248]
المهدي عليه السلام اعتقادا لائقا به، فتراهم يتمسحون بالسرج الموضوع للامام المهدي و يتبرکون به - لان الامام المهدي - عجل الله فرجه - منبع کل خسر و تتفجر الخيرات من جوانبه و نواحيه، و يلتفون حوله کالحرس و يجعلون أنفسهم وقاية دونه في الحروب، و يلبون طلباته بسرعة.
و أما من ناحية العبادة فهم عباد خاشعون، يقضون الليل بالصلاة و التضرع الي الله سبحانه، و لهم في الصلاة دوي کدوي النحل، بين رکوع و سجود، و قيام و قعود.
و في النهار تجدهم فرسانا علي خيولهم علي أهبه الاستعداد کأنهم في حالة الطواريء يطيعون أوامر الامام المهدي عليه السلام بلا توقف أو تأمل أو تثاقل، بل بأقصي سرعه ممکنة.
قلوبهم مضيئة بنور المعرفة، و هم بعيدون عن الجهل، لأنهم يفهمون الواقع و عندهم الوعي الکامل.
و يکتسب أصحاب الامام المهدي عليه السلام أهميتهم من جهه کونهم ناجحين و ممحصين بالتمحيص الالهي الذي کان جاريا علي المومنين في عصر الغيبة الکبري، فقد أثبتوا جدارتهم و اخلاصهم من خلال ما تعرضوا له من امتحانات، و قدرتهم علي التضحيه الکبري في سبيل الأهداف الاسلاميه العليا.
[ صفحه 251]
پاورقي
[1] العبقري الحسان 69:2.
[2] النمل: 40-38.
[3] البقره: 148.
[4] بحار الانوار 368:52 ب (27) سيره و أخلاقه، ح 153، و تفسير العياشي 67:1.