من ابرز مصاديق خدمه الامام عليه السلام ارواحنا له الفداء هو التبليغ له، و ذکر فضائله، و نشر تعاليمه و اهدافه.

و للتبليغ صور مختلفه منها:

1- الخطابه: ان يسعي الخطيب الي تعريف شخصيه الامام المهدي عليه السلام للناس و تحليل علامات ظهوره، و شرح صفات المنتظرين الحقيقيين و ذکر مميزات دوله الظهور.

ثم ذکر مناقب الامام الاخلاقيه و مقامه المعنوي عند الله، حتي يتعرف



[ صفحه 210]



الناس علي امامهم و يشع نور الحب و الولاء له في قلوبهم.

قال السجاد عليه السلام: و اما حق ذي المعروف عليک ان تشکره و تذکر معروفه و نتشر له المقاله الحسنه و تخلص له الدعاء فيما بينک و بين الله سبحانه، فانک اذا فعلت ذلک کنت قد شکرته سرا و علانيه. [1] .

لا شک و لا ريب ان الامام المهدي عليه السلام له فضل عظيم علينا حتي في اصل وجوده، حيث لولاه لساخت الارض التي نعيش عليها، لذا يجب ذکر معروفه، و ان ننشر له المقاله الحسنه، و عن الرضا عليه السلام: من جلس مجلسا يحي فيه امرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب. [2] .

2- اقامه مجالس الدعاء لتعجيل فرجه:

ان اقامه مجالس الدعاء مثل - دعاء الندبه - او غيرها، و الحضور في هذه المجالس هي خدمه للدين و الامام عليه السلام، و فيها يطلب الداعي من الله تعجيل فرج امامه، و يبکي لفراقه و يعبر فيها عن شوقه للقائه و لا يکون همه حوائجه الدنيويه فقط و ينسي الدعاء لتعجيل فرج امامه الغائب کما هو حال اکثر عوام الناس.

ينقل احد المومنين قصه امراه کانت في مسجد جمکران في يوم يشهد الآلاف من الزائرين له و الجميع في حال توسل شديد به، فنقول في نفسها:



[ صفحه 211]



الحمد لله ان الناس متوجهين للامام، و الناس في اقبال شديد عليه، و الجميع يظهر محبته و علاقته بحضرته، دخلت المسجد و اقمت الصلاه و في دعائي له، اظهرت مشاعري و ما احمل من احاسيس حول سعادتي لما اراه من اعتناء الناس بمولاي.

بعد تمامي من العباده خرجت الي ساحه المسجد ثم توجهت نحو الغرف المخصصه للاستراحه عندما غفيت رايت منافا ان الامام المهدي في مسجد جمکران لکن لا احد تنبه لوجوده فلم اتمالک نفسي اسرعت لالقاء السلام عليه، و کررت ما قد ذکرته في يقظتي عند الدعاء عن سعادتي بعد رويتي لمدي شوق الناس و محبتهم له.

اجابني الامام بعد التاوه قليلا: هولاء ما جاووا من اجلي، لنسالهم فنري معا من اجل ماذا اتوا؟

فسال الامام من احد الزائرين: لماذا انت هنا؟

اجاب دون علم عن حقيقه السائل: لي مريض عجز الاطباء في علاجه. و اجاب غيره: اتمني ان املک بيتا. و الثالث: مقروض، و احتاج الي رد القرض لشده مطالبه اصحابه... و آخر يشتکي من زوجته، و امراه تشتکي من زوجها. بالتالي کان المجيبون يطالبون برغباتهم الشخصيه و حب النفس دفعهم للحضور الي المسجد الشريف.

فرد الامام: ارايتي، ما جاووا لاجلي، مع ذلک يعتبرون من الفئه الجيده لطلبهم الحاجه مني دلاله علي ايمانهم بي و تصديقهم باني واسطه الفيض



[ صفحه 212]



الالهي

ثم قال الامام: دعينا نسال حال ذاک الرجل. فقد کان في احد اطراف الساحه رجلا جالسا يتضرع بحزن، يري يمينا و يسارا کانه يبحث عن ضائع او غائب فوق راسه عمامه سوداء اظنه سيد من العلماء.

عند ما توجهنا اليه و وقع عين الرجل علي الامام وقف

و قال: بابي انت و امي اين کنت مولاي و انا لک بالانتظار.

اخذ الامام بيده و الرجل يقبل يده الشريفه باکيا من الم الفراق.

ثم ساله الامام: لماذا انت هنا؟ فلم يجب الرجل بل ازداد بکاوه. فاعاد الامام سواله حتي اجاب: منذ مده و انا يا مولاي آتيک لا لاجل شيء و انما لاجل وصالک و طلب قربک انا اريدک انت، انت جنتي و دنياي و آخرتي، انا اضحي لاجل و ويتک بکل شيء سوي الله.

فادار وجهه نحوي قائلا: امثال من اتي فقط لاجلي سوي انفار معدودين.

نعم فلنربي انفسنا علي الدعاء له في السر و العلن و الابتعاد عن الانانيه و حب الذات، فليکن کل همنا انتظاره و الدعاء لتعجيل فرجه و ذلک شوقا لرويته و خدمته. [3] .

و الاسلام قد اولي عنايه خاصه للدعاء و خاصه دعاء المومن لاخيه المومن



[ صفحه 213]



فکيف اذا کان الدعاء للامام المعصوم عليه السلام.

قال الصادق عليه السلام: من دعا لاخيه المومن بظهر الغيب ناداه ملک من السماء الدنيا: يا عبد الله و لک مئه الف ضعف ما طلبت لاخيک، و يناديه ملک من السماء الثانيه: يا عبد الله و لک مئتي الف ضعف ما دعوت، و هکذا کل سماء يزداد فيها مئه الف الي السماء السابعه فيناديه ملک: يا عبد الله و لک سبعمئه الف ضعف ما دعوت، فيناديه الله سبحانه انا الغني لا افتقر يا عبدي لک الف الف ضعف ما دعوت. [4] .

يقول السيد ابن طاووس رحمه الله حول ذلک:

ان کان هذا کله فضل الدهاء لاخوانک فکيف فضل الدعاء لسلطانک الذي کان سبب امکانک، و انت تعتقد ان لولاه ما خلق الله نفسک و لا احدا من المکلفين في زمانه و زمانک و ان اللطف بوجوده صلوات الله عليه سبب لکل ما انت و غيرک فيه و سبب لکل خير تبلغون اليه، فاياک ثم اياک ان تقدم نفسک او احدا من الخلائق في الولاء، و الدعاء له بابلغ الامکان و احضر قلبک و لسانک في الدعاء لذلک المولي العظيم الشان، و اياک ان تعتقد انني قلت هذا لانه محتاج الي دعائک هيهات، هيهات ان اعتقدت هذا فانت مريض في اعتقادک و ولائک بل انما قلت هذا لما عرفتک من حقه العظيم عليک و لانک اذا دعوت له قبل الدعاء لنفسک کان اقرب الي ان يفتح الله ابواب



[ صفحه 214]



الاجابه بين يديک، لان ابواب قبول الدعوات قد غلقها ايها العبد باغلاق الجنايات. [5] .

و ان سيره اهل البيت: اهم شاهد علي ذلک، حيث کانوا يدعون للامام المهدي عليه السلام و کانوا يامرون اصحابهم بالدعاء له.

فعن يونس بن عبد الرحمن، قال: ان الرضا عليه السلام کان يامر بالدعاء لصاحب الامر بهذا الدعاء: اللهم ادفع عن وليک و خليفتک و حجتک علي خلقک، و لسانک المعبر عنک الناطق بحکمک، و عينک الناظره باذنک، و شاهدک علي عبادک، الجحجاح المجاهد، العائذ بک العابد عندک، و اعذه من شر جميع ما خلقت و برات و انشات و صورت و احفظه من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله و من فوقه و من تحته بحفظک الذي لا يضيع من حفظته به. [6] .

و عن عباد بن محمد المدائني قال: دخلت علي الصادق عليه السلام بالمدينه حين فرغ من مکتوبه الظهر و قد رفع يديه الي السماء و هو يقول: اي سامع کل صوت، اي جامع کل فوت... اللهم ايده بنصرک، و انصر عبدک، و قو اصحابه و صبرهم،و افتح لهم من لدنک سلطانا نصيرا، و عجل فرجه، و امکنه من اعدائک و اعداء رسولک يا ارحم الراحمين. [7] .



[ صفحه 215]



و هکذا فان اقامه مجالس الدعاء و الحضور فيها له تاثير کبير في سرعه ظهور الامام عليه السلام.

يروي عن زراره عن الصادق عليه السلام قال: قال لي: الا ادلک علي شيء لم يستثن فيه رسول الله؟ قلت بلي، قال عليه السلام: الدعاء يرد القضاء و قد ابرم ابراما. [8] .

و ظهور الامام يدخل فيه القضاء و الدعاء يرده.

3- تاليف کتب تتحدث عنه و عن دولته العالميه.

و عن طريق نشر الکتب ننشر الثقافه المهدويه، و نمهد الناس فکريا و روحيا لعصر الظهور، فهذه فريضه العلماء و المولفين، قال الامام علي عليه السلام: ما اخذ الله علي اهل الجهل ان يتعلموا حتي اخذ علي اهل العلم ان يعلموا. [9] .

ان العلماء و المفکرين هم اعلم الناس بمشاکل الامه و حاجاتها في زمن غيبه الامام المهدي عليه السلام، و هم يعلمون السبل و الطرق لخدمه الدين و التبليغ للامام عليه السلام.

4- تاسيس الموسسات

ان تاسيس الموسسات الاسلاميه و القرآنيه من مصاديق خدمه الامام



[ صفحه 216]



لانها تساهم في تربيه الاجيال من الرجال و النساء لنصره الامام المهدي عليه السلام و کثره الانصار له مدخليه في سرعه ظهوره عليه السلام و من شروطه.

و الحقيقه فان اقامه المجالس لذکر الامام و تاليف الکتب و تاسيس الموسسات بحاجه الي المال، و يدخل تحت عنوان الانفاق في طريق تحقيق اهداف الامام المهدي.

و من لا يمکنه ان يقيم هذه الاعمال بمفرده، فانه يستطيع ان يساهم و لو بشکل قليل لتحقيقها مع الآخرين.

ان الاموال التي ينفقها صاحبها باسم المهدي عليه السلام فهي وسيله لتطهيره من الرذائل النفسيه، و الاخلاقيه، و عاملا مهما للتوفيق لاعمال الخير. و سببا لزياده التقرب الي الامام عليه السلام.

و في توقيع الامام المهدي عليه السلام لاسحاق بن يعقوب: و اما اموالکم فلا نقبلها الا لتطهروا، فمن شاء فليصل و من شاء فليقطع فما آتانا الله خيرا مما آتاکم. [10] .

و هذا يعني ان کل ثروات الکون و کنوزها ملک للامام عليه السلام، و لکن الامام يرغب ان يفتح الطريق للتوفيق لمواليه و شيعته و منتظريه بان ينفقوا من اموالهم لينالوا الاجر الکبير و يرفع مستواهم المعنوي عند الله تعالي، و عن الامام نفسه.



[ صفحه 217]



يقول الامام المهدي عليه السلام: فليعمل کل امريء منکم بما يقرب به من محبتنا. [11] .



[ صفحه 221]