بازگشت

وجوده سبب لبقاء الرسالة


تثبت المحاسبات العقليه و التجارب الاجتماعيه بوضوح ان الاعتقاد بوجود قائد حي له اثر عميق في حفظ النظام و بقاء الرساله، ان کان الوصول الي هذا القائد سهلا او صعبا. علي ايه حال فان للاعتقاد بوجود قائد له فوائد، و لکن لا جدال بالنسبه لوجود القائد في داخل المجتمع و يتحمل عبء القياده بصوره مباشره، و المهم ان يکون القائد لاسباب بعيدا عن المجتمع و لکن هذا المجتمع يعتقد و يومن بحياه القائد و عودته مره اخري، في هذه الحاله فان الاعتقاد بوجود مثل هذا القائد له اثر نشير فيما يلي اليه.

في التاريخ شعوب و امم کانت لها انتفاضات و ثورات، و هناک امثله کثيره تدل علي ان القائد عندما يکون علي قيد الحياه - حتي و ان لم يتسلم القياده - تبقي التنظيمات ظاهره، و لکن ما ان يودع الحياه حتي تتفرق التنظيمات و تتشتت و تصيبها الفوضي. و افضل مثال علي ان وجود القائد هو حفظ الرساله و سبب لتنظيم الاتباع، قصه معرکه احد، حيث ارتفع اثناء المعرکه نداء، اما عن خطا او لغرض: الا قد قتل محمد صلي الله عليه و اله و سلم، ارتفع هذا النداء في وقت کان المسلمون مشغولين بمواجهه عدوان المهاجين، و عندما انتشر النبا بين المسلمين بان القائد قد مات، تشتت النظام لدرجه ان فر کل واحد الي جهه، تارکين المعرکه، حتي ان البعض فکر في الالتحاق بالاعداء.

و عندما کذب نبا مقتل النبي صلي الله عليه و اله و سلم، و ايقن المسلمون بسلامه قائدهم



[ صفحه 91]



و راي بعضهم النبي صلي الله عليه و اله و سلم بانفسهم، اجتمع افراد الجيش المشتت مره اخري خارجين من نقاط مختلفه من جبل احد و التفوا حول الرسول صلي الله عليه و اله و سلم و بداوا القتال و الدفاع.

ذکر القرآن الکريم هذه الحقيقه بهذه الصوره:

(و ما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم علي اعقابکم و من ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاکرين). [1] .

في ميادين القتال يترکز جهد مجموعه من الجنود المضحين علي بقاء العلم خفاقا امام هجمات الاعداء، بينما يسعي جنود العدو دائما الي اسقاط علم الطرف الآخر، لان بقاء العلم يبعث الامل في قلوب الجنود ويحثهم علي بذل مساعيهم.

و کذلک وجود قائد الجيش في مقر القياده، حتي و لو کان ساکتا ساکنا فانه يجعل الدم يجري في عروق الجنود و يدفعهم لبذل جهود اکثر بان قائدنا حي ورايتنا خفاقه، و لکن عندما ينتشر نبا مقتل القائد بين افراد الجيش فان هذا الجيش و ان کان عظيما فانه يتلاشي مره واحده، و کان ماء باردا قد صب علي رووس افراده، او کان الروح قد فارقت اجسادهم.

ان رئيس جمعيه او بلد، ما دام علي قيد الحياه، ان کان في سفر او طريح



[ صفحه 92]



الفراش، فانه سبب للحياه و الحرکه و النظام و الهدوء. و لکن سماع نبا وفاته يبعث علي الياس و القنوط بالنسبه للجميع.

و الشيعه، طبقا لعقيدتهم بوجود الامام -عجل الله فرجه - حيا، رغم انهم لا يرونه بينهم، لا يرون انفسهم وحيدين - تاملوا ذلک جيدا - انهم دائما ينتظرون عوده هذا العزيز المسافر الذي ترف له قوافل القلوب، ان انتظاره الموثر و المفيد يعطي کل يوم املا بظهوره.

ان الاثر النفسي لمثل فکره احياء الامل في القلوب و دفع الناس لاعداد انفسهم لتلک الثوره الکبري، مفهوم و يمکن ادارکه.

و لکن اذا لم يکن لهذا القائد وجودا مطلقا، و کان محبو رسالته ينتظرون ولادته في المستقبل، فان الوضع يفرق کثيرا.

و اذا اضفنا الي هذا الموضوع شيئا آخر، فان الجواب يتخذ له شکلا جديا آخر و هو: انه طبقا لعقيده عموم الشيعه - الوارده في الکثير من الروايات من المصادر الدينيه - ان الامام عليه السلام بشکل دائم و اثناء مرحله الغيبه يراقب اوضاع اتباعه، و انه وفق الهام الهي يطلع علي اوضاع جميعهم، او بتعبير الروايات انه يطلع اسبوعيا علي جدول اعمالهم و تصرفاتهم و احاديثهم. [2] .

ان هذه الفکره تودي الي ان يکون جميع اتباعها علي استعداد تام



[ صفحه 93]



و دائمي، و يتوجهون في اعمالهم الي ان هناک مشرف عالي، ان الاثر التربوي لمثل هذا النوع من التفکير لا يمکن انکاره.

و الآن لناخذ هذا المبدا بالنسبه لصاحب الزمان عليه السلام: اليس موثرا الاعتقاد بوجود امام حي، حاضر، ناظر، مستعد، و مهيا للثوره في سبيل حفظ وحده المجتمع و التنظيمات، و خاصه اعداد الاشخاص للثوره ضد الظلم و الجور و الاستبداد و الغرور؟!

حقا لن يياس ابناء شعب يعتقدون ان قائدهم علي قيد الحياه، و هو يترقب دائما الامر الالهي يصدر من وراء الحجاب، کما انهم لن يفقدوا وحده کلمتهم، و يسعون لحفظ الرساله، و يهيئون العده و العدد و المقدمات في سبيل الهدف.

و لکن اذا قيل لهولاء: انکم الآن بلا قائد، و ان قائدکم سياتي في المستقبل، و هو غير معلوم اذا کان سيولد احد، ليس فقط انه لم يولد بل ان اجداده ايضا لم يولدوا بعد. فهل سيکون لهولاء روح الانتظار البناء و القوه اللازمه؟! و هل بمثل هذه العقيده تنشط انظمتهم الماديه و المعنويه؟ ام ان ذلک سيودي الي التشتت بين الافراد و الدمار للرساله؟!

لتوضيح اکثر نقول حول دور الامام الغائب في المجتمع و الافکار العقائديه:

ان الايمان بالانتصار النهائي و انتظار مصلح عالمي، لو وصل مرحله المعرفه و الاطلاع، فانه سيکون مصدرا للتحرک و النهضه.



[ صفحه 94]



ان قائد حرکه تطالب بالعداله، و لو لم يکن بين اتباعه، فانه يستطيع ان يکون سببا للوحده ورص الصفوف بين الافراد الذين يعتقدون بثورته.

اننا نري في نهضه استقلال الهند، انه بالرغم من ان الدوله الاستعماريه تقبض علي غاندي و تسجنه الا ان مبدا عدم التعاون مع الدوله الاستعماريه يستمر بشده. فالشعب الهندي رغم انه لا يجد غاندي بين صفوفه فانه يستمر في نهضته، لان غاندي کان ما يزال حيا و قدرته المعنويه توحد ابناء الشعب الهندي.

في الحرب الاهليه في اسبانيا، قبل الحرب الثانيه، کانت الحرب مستمره علي کافه الجبهات في الوقت الذي کان فيه قاده الجمهوريين في سجون فرانکو، و عندما اعدم عدد منهم هزم جيش الجمهوريين.

و في الحرب الثانيه، اثناء حصار مدينه لينينغراد من قبل الجيش النازي کان البرد و القحط يحصدان يوميا الآلاف، کما کان الجوع يفتک بالناس و لکن سکان لينينغراد کانوا يستمرون في المقاومه، و قد استمر الحصار اربع سنوات، و خلال هذه المده کانت اذاعه لينينغراد تذيع بيانات لجنه المقاومه و تدعو الناس الي الثبات. و في الايام الاخيره للحصار کان اکثر من ثلثي اعضاء اللجنه قد ماتوا جوعا، و لکن الاذاعه و دون ان تعلن عن موتهم کانت تستمر علي ذکر اسمائهم في ختام البيانات.

الطريف انه بسبب انقطاع التيار الکهربائي انقطعت الاذاعه عن البث، فاجتمع الناس حول مبني الاذاعه و هم يهتفون لا نريد المون و انما



[ صفحه 95]



اعيدوا الاذاعه ال العمل لکي نستمع الي بيانات لجنه المقاومه.

ان هذه الوثائق و الشواهد تدل علي انه حتي و لو لم يکن قائد النهضه و المقاومه بين الشعب فان وجوده الواقعي يرفع من المستوي المعنوي و يعطي املا و تحرکا.

و اما لماذا يخلق الله تعالي الامام في موقع الظهور فيجب القول: انه لو کان کذلک لما کان هناک واقع لانتظار ظهور مصلح، لان الناس بامکانهم ان يکونوا في انتظار شخص يعتقدون بکونه حيا، ولا يمکن لاحد ان يکون معتقدا انه من المحتمل ان ياتي احدبعد عده سنين يقوم بدور المنجي.

في خضم هذه الحياه المتلاطمه المملوء ه بالاضطراب، حيث يستولي الياس علي الانسان فينتخب فلسفه العبث طريقا لحياتخ، کيف يمکن لابناء البشر ان يعتقدوا بوجود منج سيولد بعد سنين؟! ثم هل ان الاعتقاد بوجود قائد سيولد فيما بعد يمکن ان يبلور الروح البناء ه للانتظار؟ انه ضروري للانسان ان يستلهم من فکره وجود قائد حي، حتي و لو کان غائبا، في معرفه دقائق الحياه ليتخذ طريقه نحو التکامل.


پاورقي

[1] آل عمران:144. و انظر: دراسه اخبار الحادثه في موسوعه التاريخ الاسلامي 2: 310-302.

[2] کما في تفسير التبيان للطوسي في ذيل الآيه 105 من سوره التوبه: (.. فسيري الله عملکم و رسوله و المومنون).