بازگشت

وجه الشبه بين ضرورة وجود الشمس و ضرورة وجود الامام


فنقول: توجد في هذا الفضاء آلاف او ملايين المجموعات الشمسيه التي تسبح في هذا الجو الواسع الشاسع، و لکل مجموعه من هذه المجموعات الشمسيه مرکز و تدور کواکب تلک المجموعه في مداراتها حول ذلک المرکز، بسرعه مدبره، في نفس الوقت يبتعد کل واحد من الکواکب عن المرکز بمسافات معينه.

و مجموعتنا الشمسيه التي هي واحده من ملايين المجموعات لها مرکز ايضا، و هي الشمس، و تدور حولها الکواکب، و قد اشتهر - في الاوساط العلميه - ان مجموعتنا الشمسيه عباره عن تسعه کواکب هي عطارد، الزهره الارض، المريخ، المشتري، زحل، اورانوس، نبتون، بلوتو.

و لکن هناک اجرام سماويه تدور حول بعض کواکب المجموعه، کالقمر الذي يدور حول الارض، و لا ياتي في عداد کواکب المجموعه:

و النظام العجيب البديع الموجود في هذه المجموعات الشمسيه، و الذي يحافظ علي بقائها: هي الجاذبيه التي اودعها الله -الحکيم المدبر الذي هو علي کل شيء قدير- في مرکز المجموعه، فالمرکز يجذب کل ما يدور حوله من الکواکب، و الکواکب تحاول الافلات و الابتعاد عن المرکز بکل قوه، يعبر عن هذه القوه، بالقوه الطارده.



[ صفحه 74]



و لهذا فان بقاء هذه المجموعات و انتظامها و سيرها بصوره مدهشه، انما هو بسبب الجاذبيه الموجوده في الشمس، و لو لا الجاذبيه لاختل النظام و اضطربت المجموعه، و انتشرت الکواکب، و اصطدم بعضها ببعض، و هلکت الکائنات و تبدل الوجود الي العدم و الفناء.

و الله تعالي الذي جعل القوه الجاذبه في الشمس، جعل القوه المانع الطارده في کواکب المجموعه الشمسيه، فکل کوکب يحاول ان يبتعد عن الشمس، بقوه خارجه عن التصور، و لکن القوه الجاذبه الموجوده في الشمس تمنعه عن الهرب، فلولا القوه الطارده لاقتربت الکواکب من الشمس و احترقت، و لو لا القوه الجاذبه في الشمس لتفرقت الکواکب و تبعثرت و خرجت عن مداراتها، و انهدمت الحياه الي الابد.

فالشمس امان للمجموعه الشمسيه من الفناء و الزوال.

هذه لمحه خاطفه، و شرح موجز، لتاثير الشمس في الکواکب التي تدور حولها، و منها الارض و من عليها و ما عليها.

فانظر الي اهميه هذا النجم المشرق الذي نراه کتله ملتهبه، ترسل اشعتها النافعه المفيده الي الارض، و تتفاعل - بانواع التفاعلات - في الانسان و الحيوان و النبات و الهواء و الماء و التراب و الجمال، کذلک الامام فانه مرکز للخلق و بوجوده و جد الکون، قال الصادق عليه السلام: و اعلموا ان الارض لا تخلو من حجه لله عز و جل، و لکن الله سيعمي خلقه منها بظلمهم و جورهم و اسرافهم علي انفسهم، و لو خلت الارض ساعه واحده من حجه لله لساخت



[ صفحه 75]



باهلها، و لکن الحجه يعرف الناس و لا يعرفونه، کما کان يوسف عليه السلام يعرف الناس و هم له منکرون، ثم تلا (يا حسره علي العباد ما ياتيهم من رسول الا کانوا به يستهزوون). [1] .

اذن الامام حجه الله علي الارض و هو العله التامه لخلق الکون فهو مرکز للخلق.

و هذا الامر يحتاج الي توضيح: کما نعلم جميعا انه لا يوجد عاقل يخطو بلا هدف، فکل حرکه تتم في ظل العقل و العلم فانها تکون علي مسير هدف، مع فارق ان الانسان يهدف من وراء اعماله الي الحصول علي حاجاته و ازاله النواقص، و لکن في عمل الله سبحانه و تعالي الهدف هو التوجه الي الآخرين و رفع حاجاتهم، لانه سبحانه و تعالي کامل من کل الجهات و بعيد عن کل نقص، و مع هذا فان انجاز عمل لمنفعته لا مفهوم له ابدا، و الآن لا حظوا المثال التالي:

نستحدث بستانا مملوء ا بالورود و الفواکه في ارض خصبه، فتنموا الاعشاب بين الاشجار والورود، و کلما قمنا بسقي تلک الاشجار الضخمه فان الاعشاب هذه ايضا تسقي تماما.

و هنا يکون امامنا هدفان؛ هدف اساسي و هو سقي اشجار الفواکه و اشجار الورود، و هدف تابع اي سقي الاعشاب غير النافعه.



[ صفحه 76]



لا شک، ان الهدف التابع لا يمکنه ان يکون هدف عمل، او اعتباره عملا حکيما، و لکن المهم ذاک الهدف الاساسي الذي له جانب منطقي.

و الآن لنفترض ان اکثر الاشجار في البستان تجف و تبقي شجره واحده فقط. و لکنها تعطينا وحدها الورود و الفواکه التي نتوقعها من الاشجار و بدون اي تردد، فاننا نستمر بالسقي، رغم ان اعشابا کثيره تستفيد من ذلک. و اذا جفت هذه الشجره يوما فعندها نکف عن سقي البستان، حتي ولو ماتت الاعشاب.

ان الاشخاص الذين هم علي مسيره التکامل، هم الاشجار ذات الاغصان المثمره، و اما اولئک الذين غدروا وانحرفوا هم تلک الاعشاب الضاره في البستان.

و من المسلم به ان هذه الشمس المشرقه، و هذه الذرات الحياتيه للهواء، و جميع برکات الارض و السماء لم تخلق لمجموعه فاسده تتشاجر و ياکل بعضها الآخر، و لا ياتي منها الا الظلم و الاستبداد و الجهل و الفساد للمجتمع کلا ابدا، لا يمکن ان يکون هدف الخلق ذلک.

ان هذا العام و جميع مواهبه، من وجهه نظر شخص مومن بالله، له معرفه بعلم و حکمه الله تبارک و تعالي، انما خلق من اجل الصالحين و الطاهرين، کما انه في النهايه سيخرج من يد الغاصبين تماما ليکون تحت تصرفهم:



[ صفحه 77]



(ان الارض يرثها عبادي الصالحون). [2] .

ان خالق الخلق، يفيض دائما بفيضه و عطاياه من اجل هذه المجموعه، حتي و لو ان الاعشاب باعتبارها هدفا تابعا تستسقي و تستفيد، و لکن بلا شک انها ليست الهدف الاساسي، و لو، بفرض المستحيل، اذا جاء يوم و قضي علي آخر فرد من نسل الصالحين علي وجه الارض، فلن يکون هناک من دليل لاستمرار العطايا.

و في ذلک اليوم تدب الفوضي في الارض، و تقطع السماء برکاتها و تقتر الارض علي الانسان.

ثم ان النبي و الامام، هم حجه الله و الهدف المهم لخلق العالم و الانسان يعني تلک المجموعه التي هي الهدف الاساسي للخلق، فلهذا السبب يکون وجود الامام صاحب الزمان عليه السلام - وحده او علي راس مجموعه الصالحين - السبب لهدف الخلق و نزول اي خير و برکه، کنزول المطر الذي هو عطيه و رحمه من الله تبارک و تعالي، ان کان الامام -عجل الله فرجه - يعيش حياته بين الناس علنا، او مخفيا و مجهولا.

صحيح ان الاشخاص الصالحين الآخرين هم ايضا - في حدودهم - هدف للخلق، او بتعبير آخر قسم من ذلک الهدف الکبير، و لکن النموذج الکامل لهذا الهدف هم اولئک البشر النوذج و الرجال الالهيين، رغم ان



[ صفحه 78]



حصه الآخرين تبقي محفوظه و من هنا يتضح هذا المعني الذي ورد في بعض الروايات بهذا المضمون:

بيمنه رزق الوري و بوجوده ثبتت الارض و السماء.

يتضح بالمعلومات التي قدمنا، ان هذا الموضوع ليس موضوعا مبالغا فيه او بعيدا عن المنطق.

و بمعني آخر:

ان الله تعال خلق الخلق لاجل الانسان و خلق الانسان ليصل اليه تعالي و ان الانسان الکامل المتمثل بالانبياء و المعصومين، و آخر المعصومين الامام المهدي عليه السلام هم الآخذون بيد السالکين الي الله تعالي.

و لنفرض ان الامام المهدي عليه السلام غير موجود، فهنا لا يمکن لاي انسان ان يسلک الي الله، لان السلوک يحتاج الي الدليل و بدون الدليل لا يوجد سلوک.

اذن بدون المهدي يصبح باب الوصول الي الله مغلقا فحينئذ لا معني لوجود الانسان لانه خلق ليصل، و عند تعذر الوصول يصبح وجوده عبثا فاذا صار الامر کذلک فلا معني لوجود الارض بمن عليها، کما ورد عن الصادق عليه السلام: لو بقيت الارض بغير امام لساخت. [3] .

اذن کما ان وجود الشمس ضروري لبقاء المجموعه الشمسيه فان وجود الامام ضروري لبقاء الارض و من عليها و هذا هو معني ما ورد في دعاء الندبه:



[ صفحه 79]



اين السبب المتصل بين الارض و السماء، و في زياره الجامعه الکبيره ورد: بکم يمسک السماء ان تقع علي الارض.


پاورقي

[1] بحار الانوار 113:51، ب (2) ما ورد عن اميرالمومنين عليه السلام، ح 8.

[2] الانبياء: 105.

[3] الغيبه للنعماني: 138، ب (8)، ح 8.