بازگشت

الغيبة الصغري


ان الاستتار و الاختفاء کان ملازما لحياه الامام المهدي عليه السلام منذ اوائل عمره، و علي هذا يمکن لنا ان نقول: ان الغيبه الصغري ابتدات مع حياه الامام عليه السلام اي: کانت حياته منذ الولاده مقرونه بالاستتار عن الناس، و يمکن ان نعتبر السنوات الخمس التي قضاها الامام المهدي عليه السلام مع والده الامام العسکري عليه السلام من ضمن الغيبه الصغري، تبعا للشيخ المفيد [1] و غيره.

و لقد کانت الغيبه الصغري مقدمه تمهيديه و مدخلا للغيبه الکبري و الغيبه الکبري مقدمه للظهور، و اليک شيئا من التفصيل:

کان الناس بصوره عامه، و الشيعه بصوره خاصه، بامکانهم ان يلتقوا



[ صفحه 62]



بالائمه الطاهرين عليهم السلام في اي وقت شاءوا، و في اي مکان ارادوا، في المسجد في الطريق، في مواسم الحج، و في بيوت الائمه عليهم السلام.

و استمرت هذه الحاله من زمان الامام الهادي عليه السلام حيث اشتدت فيه الرقابه علي الامام من قبل السلطه الجائره للحکام العباسيين، بعد ان جمدت نشاطاته، فکانت العيون تراقب حرکاته بکل دقه و تراقب اتصالاته و لقاءاته بالافراد.

فکان الخليفه بصوره عامه يفکر - دائما - في کيفيه القضاء علي تلک الشخصيات المقدسه، و تحطيم معنوياتهم، و تشويه سمعتهم، و تجميد نشاطاتهم و ملاحقه اصحابهم.

فکان الامام الهادي عليه السلام يراعي الظروف، و يخطط للتخلص من مضاعفات تلک الرقابه.

و من جمله الطرق و الوسائل الحکيمه التي اختارها الامام عليه السلام للتخلص من مشاکل الرقابه هي: انه عين بعض الثقات من شيعته في بغداد ليکون وکيله، و يکون مرجعا لقضايا الشيعه، و مصدرا لامورهم الدينيه و الدنيويه.

فکانت الاموال تحمل الي الوکلاء، و المسائل الدينيه تسلم اليهم فکانوا يقومون بالوساطه بين الامام الهادي عليه السلام و بين الشيعه.

و قد اختار الوکلاء بعض المهن تعطيه لهذا المنصب الخطير.

و استمر الامر علي هذا المنوال سنوات، حتي تعود الناس علي مراجعه الوکلاء في بغداد، الي ان استشهد الامام الهادي عليه السلام و بقيت الوکاله نافذه المفعول



[ صفحه 63]



عند الوکلاء، فکانوا همزه وصل بين الشيعه و بين الامام العسکري عليه السلام.

و لما استشهد الامام العسکري عليه السلام ابقي الامام المهدي عليه السلام الوکلاء علي وکالتهم.

و هکذا فان بعض سفراء و وکلاء الامام المهدي في الغيبه الصغري کانوا وکلاء جده و ابيه مثل الشيخ عثمان بن سعيد العمري الاسدي- و العمري الثاني - و هو ولد العمري الاول.

و آخرين ممن اختصوا فقط بوکالاه الامام المهدي عليه السلام هما:

1- النوبختي: الحسين بن روح

2- السمري: علي بن محمد

و بوفاه السمري [2] رابع السفراء انتهت الغيبه الصغري و ذلک من خلال رساله وجهها الامام المهدي عليه السلام للسمري قبل وفاته مکتوب فيها

بسم الله الرحمن الرحيم

يا علي بن محمد السمري، اعظم الله اجرا اخوانک فيک، فانک ميت ما بينک و بين سته ايام. فاجمع امرک، و لا توص الي احد فيقوم مقامک بعد وفاتک، فقد وقعت الغيبه التامه، فلا ظهور الا بعد اذن الله تعالي ذکره. [3] .



[ صفحه 64]



فکانت مده الغيبه الصغري 69 سنه و التي استوفيت اغراضها عند هذا الحد من تعويد الناس علي الغيبه امتثالا لقضاء الله من جهه، و ابتغاء تعويدهم علي اخذ امور دينهم من مراجعهم الدينيه من جهه ثانيه، و من اجل تدريب العقول المرنه علي قبول ما يقضي به الله تعالي.

و قدر الله ان تکون الغيبه الصغري قبل وقوع الکبري، ليستانس الشيعه بمعرفته، و ليسمعوا فتاواه في الدين، و ليطلعوا علي تواقيعه الشريفه فتترسخ عقيدتهم في قلوبهم، بعد ان يتاکدوا من وجوده، و يعرفوا ما تکون عليه غيبته الکبري و عهد الانتظار المر.


پاورقي

[1] انظر: الارشاد 340:2، في ذکر الامام القائم عليه السلام و ذکر طرف من اخباره.

[2] بحار الانوار 362:51 ب (16) اصول السفراء، ح 9.

[3] کشف الغمه 320:3، في ذکر سفراء صاحب الزمان عليه السلام، و غيبه الطوسي:395 ح 365 و عنه بحار الانوار 361:51 باب اصول السفراء، ح 7.