بازگشت

المهدي في الاديان السماوية


اذا نظرنا الي عصر ما قبل نبوه موسي عليه السلام. نري المقدار المنجز من هذه الفکره في الذهن البشري يتمثل في الجوانب الآتيه:

الجانب الاول: ضروره البدء باصلاح النفس، و هي خطوه في طريق اصلاح المجتمع، و من ثم تکوين دوله العدل العالميه في المدي البعيد.

و اهم من اکد علي ذلک النبي نوح عليه السلام، کما نطق به کل من التوراه و القرآن، فمن ذلک قوله تعالي:

(قال يا قوم اني لکم نذير مبين ان اعبدوا الله و اتقوه و اطيعون يغفر لکم من ذنوبکم و يوخرکم الي اجل مسمي). [1] .



[ صفحه 40]



الجانب الثاني: رفع مستوي الوعي من اصلاح النفس الي السعي الي اصلاح المجتمع فمن ذلک قوله تعالي:

(و الي مدين اخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لکم من اله غيره قد جائتکم بينه من ربکم فاوفوا الکيل و الميزان). [2] .

الجانب الثالث: الاشاره بغموض الي دوله العدل العالميه و قائدها المهدي عليه السلام، و ذلک حيث قال النبي شعيب عليه السلام لقومه:

(بقيه الله خير لکم ان کنتم مومنين). [3] .

و المراد ببقيه الله المهدي عليه السلام، علي مانطقت به بعض الروايات و ذکرت انه اذا ظهر حياه المومنون بقولهم: السلام عليک يا بقيه الله في ارضه [4] و المراد بالبقيه کونه عليه السلام المتبقي في الارض من خط الانبياء و الاولياء السابقين عليهم السلام و هذا يعطي بوضوح کون عمله نتيجه کبيره و حقيقه لمجموع اعمالهم.

و علي ذلک يکون المراد الحقيقي الکامل لشعيب عليه السلام: ان دوله العدل العالميه بقياده المهدي عليه السلام، هي خير للانسانيه لکم من کل وضع اجتماعي و عقائدي سابق عليها، و لکن هذا المعني بصراحته، لم تکن تطيقه البشريه بذهنها القاصر يومئذ، فکان الارجح الاکتفاء بهذا المقدار الغامض.



[ صفحه 41]



اذن فالکفره المهدويه بالمعني الخاص الذي يفهمه الناس الآن، و هي ان شخصا معينا سياتي لاصلاح العالم، لم يکن لها وجود قبل النبي موسي عليه السلام و الديانه اليهوديه.

و بعد بعثه النبي موسي عليه السلام فانه اشار لمستقبل العالم و الدوله العالميه و لکن ليس بوضوح تام، قوله تعالي: (قال موسي لقومه استعينوا بالله و اصبروا ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبه للمتقين). [5] .

ثم جاءت المسيحيه التي تحوي الکثير مما ينبيء عن مستقبل البشريه و اقامه دوله العدل، و هذا ما يلاحظ في کتب الانجيل:

اولا: نزول المسيح في مستقبل الدهر او في نهايته، و هي ايضا وردت بشکل غير مبهم في الاناجيل الاربعه، و لکنه رکز عليه بوضوح في انجيل برنابا الذي رفضه المسيحيون.

ثانيا: التصريح ببعثه رسول الاسلام و تسميته، و هو مما اختص به انجيل برنابا.. و من اجله رفضه المسيحيون.

ثالثا: فکره اقامه دوله العدل العالميه، فان المراد بملکوت الله هو ذلک بصفته محققا للهدف الاعلي لخلق البشريه، و يکون بقياده القائد الاکبر المهدي عليه السلام، الذي يسميه الانجيل بابن الانسان، و يصف مجيئه باوصاف الهيه کبيره.



[ صفحه 42]



اذن المهدي عليه السلام مذکور في التوراه و الانجيل و الامم کلها مجمعه علي خروج مخلص للبشريه من الظلم و العسف، حتي ان من شک في ذلک فقد کفر. و انه هو بذاته و صفاته لمکتوب في جميع اسفار سائر الانبياء.

ثم بظهور الاسلام توضحت معالم الدوله العالميه بقياده المهدي عليه السلام لانه سيکون هذا النظام التشريعي مع تکوينه العقائدي هو المطبق في تلک الدوله.

اذن ينبغي ان يکون المجتمع مطلعا علي عدد من خصائص هذه الدوله و مقدماتها، ليکون علي بصيره من امره تجاهها، من حيث الايمان بها من ناحيه، و تطبيق مستلزماتها العاطفيه و العمليه من ناحيه اخري. [6] .

و قد اوضح الاسلام جهات کثيره جدا من جوانب الفکره المهدويه و الدوله العالميه، و قد تشارک القرآن و السنه الشريفه في ذلک: و هذا ما نستعرضه في بحثنا ان شاء الله، بدايه بمعرفه قائد هذه الدوله و هو الامام المهدي عليه السلام و غيبته و علامات ظهوره، و علامات و مميزات دولته العالميه و انصاره.


پاورقي

[1] نوح:4-2.

[2] هود: 84.

[3] هود: 86.

[4] کتاب المزار 468:1.

[5] الاعراف: 128.

[6] اليوم الموعود: 524-521.