بازگشت

تقديم الشيخ جعفر السبحاني


الامام المهدي عجل الله تعالي فرجه الشريف الذي وعد الله به الامم

... اللهم بلي لا تخلوا الارض من قائم لله بحجه اما ظاهرا مشهورا، و اما خائفا مغمورا لئلا تبطل حجج الله و بيناته... [1] .

علي ذلک جرت سنه الله سبحانه في الامم السالفه، فبعث الله فيهم النبيين مبشرين و منذرين و انزل معهم الکتاب و الميزان و ايدهم بالمعاجز و البينات، فعاشوا بين الناس و عرفوهم فمنهم من آمن و منهم من کفر.

ثم انه سبحانه ارفقهم باولياء مغمورين و غير معروفين آتاهم من عنده رحمه و علمهم من لدنه علما، يعيشون بين الناس، يستضيئون من انوار علومهم و هم لا يعرفونهم.

ان القرآن الکريم يبين لنا تقارن السنتين في عصر موسي الکليم عليه السلام فقد کان هناک ولي ظاهر کموسي عليه السلام و ولي مغمور رافقه الکليم في احد اسفاره، فقد کان وليا من اوليائه آتاه الله رحمه من عنده و علمه من لدنه علما.



[ صفحه 10]



کان يعيش بين الناس و يعينهم و ينجدهم و لا يعرفه الناس حتي الولي الظاهر و هو الکليم عليه السلام.

يقول سبحانه حاکيا عن هذا الولي: (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمه من عندنا و علمناه من لدنا علما قال له موسي هل اتبعک علي ان تعلمن مما علمت رشدا) [2] .

ثم ان الذکر الحکيم يقدم شرحا مفصلا عما قام به هذا الولي الالهي من اعمال خيريه للمساکين و غيرهم استغرب ولي الله الظاهر افعاله، و لما رفع الستار عن حکمه افعاله اقتنع موسي عليه السلام.

ان غيبه الامام المهدي عجل الله تعالي فرجه الشريف من الاسرار الالهيه، لا نستطيع الوقوف علي حقيقتها و کنهها و ان کنا نقف علي بعض اسرارها.

ان الامام المهدي عجل الله تعالي فرجه الشريف هو الذي وعد الله به الامم ليجمع به الکلم ويلم به الشعث و ينجز به وعد المومنين.

و قد روي الفريقان في اوصافه و غيبته و طول عمره و دولته الکريمه و بسطه العدل بعد ظهوره، روايات کثيره تناهز الالف، و قلما يتفق لموضوع اسلامي ان يرد فيه هذا القدر الهائل من الروايات، حتي ان بعض الجدد من الکتاب - و ان قلل من رواياته - لکنه يقول في حقه: «ان المشکله ليست مشکله حديث او حديثين، او راو او راويين، انها مجموعه من الاحاديث



[ صفحه 11]



و الآثار تبلغ الثمانين تقريبا، اجتمع علي تناقلها مئات الرواه، و اکثر من صاحب کتاب صحيح».

فلماذا نرد علي هذه الکلميه؟ اکلها فاسده؟... لو صح هذا الحکم لانهار الدين- و العياذ بالله - نتيجه تطرق الشک و الظن الفاسد الي ما عداها من سنه رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم.

ثم اني لا اجد خلافا حول ظهور المهدي، او حول حاجه العالم اليه.

ويضيف قائلا في رد قول من يرفض المهدي لعدم ورود خبره في صحيحي البخاري و مسلم: «لا اري لزاما علينا نحن المسلمون ان نربط ديننا بهما (صحيح البخاري و مسلم)، فلنفرض انهما لم يکونا، فهل تشل حرکتنا و تتوقف دورتنا؟ لا، فالامه بخير و الحمد لله، و الذين جائوا بعد البخاري و مسلم استدرکوا عليهما، و استکملوا جهدهما، و وزنوا علمهما، و کشفوا بعض الخلاف في صحيحيهما، و ما زال المحدثون في تقدم علمي، و بحث و تحقيق و دراسه و جمع، و مقارنه و تمحيص، حتي يغمر الضوء کل مجهول، و يظهر کل خفي». [3] .

هذا وقد الف حول الامام المهدي و عامه شوونه موسوعات و کتب



[ صفحه 12]



و رسائل يعسر احصائها، و لو جمعت، لکونت مکتبه کبيره، فشکر الله مساعيهم.

و من احدث ما رايته حول المهدي کتاب «المنتظر و المنتظرون» للکاتبه الفاضله التقيه «ام مهدي» فهي ممن وفقها الله سبحانه لدراسه المسائل العقائديه في ضوء الکتاب و السنه و العقل الحصيف و من نتاجاتها هذا الکتاب الماثل بين يدي القراء، فقد درست الموضوع دراسه نقليه و عقليه فقارنت ما جاء في التراث الاسلامي حول المهدي عليه السلام بما في الشرائع السماويه في ثنايا التوراه و الانجيل، فلم تقتصر علي الجانب النقلي بل ارفقته بالتحاليل العقليه التي تعبد الموضوع و تيسره للدراسه، کما انها عقدت فصولا لغايه الاجابه عن الاسئله المطروحه حول الامام عليه السلام الي غير ذلک من المباحث المهمه.

و في خاتمه المطاف اقترح عليها ان تعقد فصلا لذکر من راي المهدي في احضان ابيه الامام العسکري عليه السلام فان هذا احد المواضع التي قد تثار حوله الاسئله، فالرجاء من الباحثه الفاضله ان تتدارک هذا الجانب في الطبعات القادمه، و ارجو الله سبحانه ان يوفقها لما فيه رضاه و ياخذ بيدها و ليسدد خطاها انه سميع مجيب.

جعفر سبحاني

قم المقدسه - موسسه الامام الصادق عليه السلام

آخر شهر شوال 1423ه



[ صفحه 13]




پاورقي

[1] نهج البلاغه، قسم الحکم، رقم 147.

[2] الکهف: 66-65.

[3] بين يدي الساعه، الدکتور عبد الباقي: 125-123 و قد فات الکاتب ان في صحيحي البخاري و مسلم الماعات و اشارات بل في الثاني تصريحات الي الامام المهدي يقف عليها من سبر الکتابين.