ورد عن الصادق عليه السلام: لا يظهر صاحب الامر ما لم يصل الي الحکم جميع اصناف الناس، حتي لا يقول احد عند ما تتشکل حکومه المهدي - عجل الله فرجه - لو اننا وصلنا الي الحکم لعملنا بالعدل. [1] .

هذه سته اسباب لغيبه الامام المهدي - عجل الله فرجه - وردت في الروايات الشريفه عن الائمه الاطهار عليهم السلام، فهل هذا يعني ان عدم وجود الناصر هو سبب من اسباب الغيبه و ليس کما تقدم من انه السبب الوحيد للغيبه؟

فيما يلي سنبين کيف ان هذه الاسباب تشير الي سبب واحد و هو عدم وجود الناصر، و انما الاختلاف في طريقه البيان من الامام المعصوم، فتاره تکلم الامام المعصوم من جهه و اخري من غيرها و کل الي ذاک السبب يشير.

فيما يتعلق بالسببين الاولين من ان الامام لا يبايع و انه يخاف علي نفسه القتل، فقد قلنا فيما سبق انه من خصائص شخصيه الامام المهدي - عجل الله فرجه - انه المنتقم من الظالمين، و هو الذي يقيم حکم الله في الارض، و لانه کذلک فاذا ظهر دون ان يبايع الحکام الطواغيت، فانهم سيقتلونه ما لم يوجد معه اولئک الانصار الذين يحامون عنه.

و هذان السببان هما نفس السبب الذي قلنا عنه من عدم وجود



[ صفحه 155]



الناصر، فلو وجد الناصر کان الامام يرفض بيعتهم و کان لا يخاف الموت علي نفسه.

اما السبب الثالث من ان الامام المهدي - عجل الله فرجه - لا يظهر حتي تغربل الشيعه و تمحص، فهذا يعني ان المطلوب هو وجود ذلک العدد بتلک الصفات لنصره الامام، و لوجود هذا العدد لا بد ان تمحص الشيعه، فهو عصاره التمحيص، فالامام المهدي عليه السلام غاب حتي يجتمع العدد المطلوب لنصرته عبر تمحيص الشيعه.

و الذي ورد في السبب الرابع ان الامام المهدي - عجل الله فرجه - قد غاب لانه لا بد من جريان سنه الانبياء فيه - عجل الله فرجه -، فهو يجب ان يغيب کما غابوا فان هذا لا يدل علي ان سبب الغيبه هو ان الانبياء غابوا، فلا بد له من الغيبه، بل يدل علي ان سبب غيبه الانبياء نفسه سبب غيبه الامام المهدي - عجل الله فرجه -.

فالامام المهدي - عجل الله فرجه - تجري فيه سنه الانبياء في الغيبه و في سببها ايضا، و السبب هو عدم وجود الناصر، و لاجل ذلک غاب من غاب من الانبياء فانهم کانوا محتاجون الي الناصر علي عدوهم، و اذا ظهروا دون الناصر فانهم کانوا يقتلون.

اما السبب الخامس ان الامام المهدي - عجل الله فرجه - لا يظهر حتي يخرج المومنون من اصلاب الکافرين فيتسني له قتل الکافرين حيث لا مومنين في اصلابهم، فان هذا ليس سببا آخر، فمشروع الامام المهدي - عجل الله فرجه -



[ صفحه 156]



ليس قتل الکافرين فاذا قتلهم يکون انهي اهدافه، بل ان مشروعه هو اقامه حکم الله في الارض، و هذا لا يتحقق بقتل الکافرين فقط، بل لا بد للامام من وجود الانصار و الاعوان، حتي تقام تلک الحکومه، بل کيف للامام ان يقتل الکافرين اينما وجدوا بدون الناصر و المعين.

الذي ينصر الامام المهدي - عجل الله فرجه - و يعينه اولئک المومنون، و الامام لا يظهر ما لم يخرجوا من اصلاب الکافرين، بل ينتظرهم حتي يخرجوا الي هذه الدنيا ثم يظهر -عجل الله فرجه -.

و السبب السادس من ان الامام المهدي -عجل الله فرجه - لا يظهر حتي يصل الي الحکم جميع اصناف الناس، فهذه مقدمه لا بد منها لوجود ذلک العدد المطلوب، فحيث ان الناس لم يشعروا بحاجتهم للامام المهدي -عجل الله فرجه -و ظنوا انهم قادرون علي اداره شوون العالم؛ ليصلوا به الي المدينه الفاضله حيث يسود العدل جميع البلاد، فان الامام المهدي -عجل الله فرجه -قد ترک لهم هذا الامر حتي يخوضوا و يعلموا انهم غير قادرين علي تحقيق ذلک، و انه هو -عجل الله فرجه -القادر الوحيد علي اقامه تلک الحکومه.

و اذا علم فئه من الناس - العدد المطلوب - هذه الحقيقه، حقيقه قوله تعالي: (بقيه الله خير لکم) [2] عندها يظهر الامام، فان هولاء الرجال الثلاثمئه و الثلاثه عشر علموا ان الامام المهدي -عجل الله فرجه -هو السبيل



[ صفحه 157]



الوحيد للخلاص من الظلم و الجور، و لا يوجد شيء يمکن لنا ان نقوم به بشکل نستغني عن حضوره الشريف و قيادته، و لذلک نجد في الروايه ان الامام المهدي -عجل الله فرجه -عندما يظهر ينادي مناد هذا طلبتکم قد جاء کم. [3] .

اذن تبين ان السبب الوحيد لغيبه الامام هو عدم وجود الناصر و کل الاسباب الوارده في الروايات انما تشير الي هذا السبب.



[ صفحه 161]