بازگشت

تکامل العقل و الفکر الانساني


نعم، لا يمکن اقامة حکومة عالمية واحدة ذات عدل في جميع الشوون بالحراب و المدافع و الدبابات، رغم أن کل دولة بحاجة الي القوة، و لکن في نفس الوقت ليست القدرة و القوة التنفيذية بقادرة علي قلع الفساد أو نشر العدل، بل يجب أن يصل المجتمع الانساني الي مرحلة من العقل و الفکر و العلم لدرجة يطلب اقامة حکومة الحق و القانون و القضاء علي الظلم و الطغيان، و مثل هذه الحالة لا يمکن أن تتحقق الا في ظل التکامل الثقافي الانساني. و الکثير من المشکلات تحل عن هذا الطريق في عصر ظهور الامام -عجل الله فرجه -.

و يصرح الامام الباقر عليه السلام، بهذا العنصر من عناصر تحقيق الحکومة



[ صفحه 332]



العالمية للامام صاحب الزمان -عجل الله فرجه- بقوله: اذا قام قائمنا وضع الله يده علي رووس العباد فجمع بها عقولهم و کملت به أحلامهم. [1] .

ان الظلم و الاستبداد، و الاعتداء علي الحقوق الالهية و الانسانية، کلها وليدة الجهل، و البعد عن الثقافة الانسانية الأصلية، و کذلک فان الجهل ليس مانعا من صنع الغواصات أو السفن الفضائية و وصول الانسان الي سطح القمر و أعماق البحار. و الامام يضع يده علي رووس العباد فانه يظهر باطن من يضع يده الشريفه علي رأسه و يحرر العباد الصالحين من اللوث و الکدورة التي أصيبوا بها.

و نوضح الآن نتقطين أساسيتين في الرواية الشريفة:

أولا: ان الامام أرواحنا فداه لا يضع يده علي رووس أصحابه و أنصاره فقط بل يضع يده الشريفه علي رووس جميع العباد. يعني جميع اولئک الذين يومنون بعبادة الله تعالي؛ حتي و لو لم يکونوا من أنصاره في الحرب أمثال کبار السن و الأطفال.

ثانيا: ينجي الامام عقول جميع الناس من التفرقة و التبعثر و يصير الکل من أصحاب العقول الکاملة التي تکون منشأ للأفهام الراقية و الادراکات الخارقة للعادة. کمال العقول يعني أن الناس يستطيعون أن يستفيدوا من جميع قدراتهم العقلية.



[ صفحه 333]



و اذا ما استفيد من القدرة العقلية الکاملة التي أودعها الله تعالي في العبد کانت في الواقع قدرة استثنائية و خارقة للعادة قياسا للانجازات الضخمة التي تحققت في تاريخ البشر رغم أنها من معطيات نسبة قليلية من التمرکز العقلي.

نعم في اليوم الذي توضع فيه اليد الالهية علي رووس أهل الدنيا و تلاطف بدلال و رحمة اولئک الذين ذاقوا العذاب و الألم في تاريخ الغيبة حينئذ تتجلي و تظهر القوي الکامنة و المخفية علي أثر التکامل العقلي و يصل المجتمع الانساني الي أعلي مراحل التکامل و الرشد العلمي و العملي و يتحقق التمدن المدهش لزمان الظهور.

و لکي تتعرف أکثر علي آثار و قدرات التکامل العقلي العجيبة اليک هذا التوضيح عن قدرة الدماغ الکبيرة.

کل انسان أعم من کونه نابغة أو شخصا عاديا لا يستعمل أکثر من نسبة واحد في المليارد من قدرته العقلية في حياته. و اذا کانت النسبة التي تستعمل من قدرة الدماغ الکلية هي واحد من المليارد و بنحو أعم من قدرة دماغ نابغة أو انسان عادي، فان التفاوت الذي يشاهد بينهما هو تفاوت کيفي لا کمي. [2] .

يعني حتي النوابغ الذين يحملون قدرات فکرية عجيبة هم أيضا



[ صفحه 334]



يستعملون فقط نسبة واحدة في المليارد لا أکثر من قوة أدمغتهم، و لکن الکيفية التي ينتفعون بها من تلک النسبة أفضل من الآخرين.

قبل بضع سنين ملأ أحد الرياضيين المعاصرين الأجواء صيتا في مطلب رياضي. و قد خمن هذا الرياضي أن دماغ الانسان يستطيع من الناحية العملية أن يدخر نسبة عشرة أقسام من المعلومات. و اذا ما أردنا أن نبين هذا الرقم بنسبة واضحة و بسيطة سوف يکون هذا، أن کل واحد من أبناء الانسان يستطيع أن يختزن في حافظته جميع المعلومات التي تحتويها ملايين الکتب الموجودة في أکبر مکتبة عالمية في موسکو. و هذا الکلام في النظرة الأولي - کما أکدت و أيدت المحاسبات الأولي التي أجريت حوله - کلام محير و مدهش. [3] .

و الآن تأمل في ما يلي: اذا استطاعت قدرة الدماغ الانساني ببرکة نور الولاية للمصلح العالمي الأعظم أرواحنا فداه أن تبلغ حد التکامل واستفاد الانسان من جميع قدرته العقلية المودعة فيه، و ليس نسبة واحد فقط في المليارد، و أصبح العلم و التمدن حاکما علي کل الارض فکيف سيکون وجه العالم و حقيقته يومئذ؟!

عندما يتحقق التکامل العقلي باستغلال کل الطاقة الدماغية الموجودة و تمکن الانسان أن يستفيد من قدرات الروح الکامنة و المختفية عن التجلي، و استطاع أن يوقضها و ينتفع منها، أمکنه حينئذ أن يجعل من جسمه تابعا



[ صفحه 335]



لروحه و أن يتمسک بقدرة التروح.

يعني يتمکن أن يبدل جسمه المادي الي قوة و طاقة معنوية فيتحرر من الحالة الجسمية و المادية، و اذا ما کان الانسان قادرا علي ذلک؛ تتحقق علي يديه کرامات کثيرة في زمانه العادي.

في زمان الغيبة أفراد قليلون هم الذين يملکون قدرة طي الأرض و قد استفادوا ذلک من هذا الطريق أي بسلب الحالة الجسمية و المادية من أجسامهم، و تبدلوا الي طاقة من الأمواج، فيظهرون بلحظة واحدة في نقطة أخري من العالم، هولاء بالقدرة التي يملکونها يستطيعون هداية و توجيه الجسم المتروح - المتبدل الي روح - الي أية نقطة يريدونها ثم يتجسمون في تلک النقطة الجديدة.


پاورقي

[1] الکافي 25:1، کتاب العقل، ح 21.

[2] اعرف قدراتک الذاتية: 347.

[3] اعرف قدراتک الذاتية: 44.