بازگشت

مميزات دولة الامام المهدي


ان لدولة الامام المهدي عليه السلام مميزات عظيمة تمتاز بها عن کل الدول التي قبلها، و ان سيرته عليه السلام تمتاز کذلک عن سيرة أجداده عليهم السلام في ادارة هذه الدولة - دولة الحق -.

و من أهم و أبرز ما تمتاز به هذه الدولة هي:

دولة عالمية واحدة

فبعد ثورة الامام المهدي عليه السلام سيدار المجتمع الانساني من قبل دولة و حکومة واحدة فقط و نظام و قانون واحد فقط في ظل العدل.

و ان البعض يستصعب تحقق هذا الأمر، فالجواب الي هولاء هو: اننا عندما نرجع الي التاريخ نلاحظ:

أن أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين عندما کان الغرب يستغرق في القومية و العنصرية، و يغرق موسوليني و هيتلر العالم، بحجة العنصر الأفضل، في حمام دم، و يفکر السياسيون بتوسيع سلطتهم علي اعتبار العنصر و القومية، و فجأة تقوي نظرية العالمية (internationalism) [1] و ضرورة تشکيل حکومة



[ صفحه 326]



عالمية واحدة لدي قسم من علماء الغرب و يضعون لذلک برامج و مشاريع.

و سبب ظهور هذه الفکرة، أو بالأحري تجديد هذه الفکرة التي کانت موجودة لذي الأقوام السابقين، هو الخوف من امثال الحربين العالميتين الأولي و الثانية اللتين أظهرتا بجلاء بشاعة الحروب، فالحرب العالمية الأولي قدمت حوالي تسعة ملايين قتيل و 22 مليون جريح و عشر ملايين مفقود، و خسائر الحرب الثانية أفظع من الأولي.

لقد أثبتت هذه الحروب عمليا أن وجود الحدود المصطنعة بين الشعوب هو سبب الحرب و سفک الدماء، کما أن للقومية و العنصرية نفس هذه العواقب.

ان تأسيس عصبة الامام بعد الحرب العالمية الأولي، التي کان أعضاوها 26 دولة فقط في البدء، و تأسيس مجمع عالمي باسم منظمة الأمم المتحدة و المنظمات العالمية التابعة لها، کلها نابعة من فکرة تأسيس الحکومة العالمية الواحدة التي ما تزال واردة کفکرة بين المفکرين. قسم من هولاء المفکرين يتوقعون بأن منظمة الأمم المتحدة باعتبارها برلمانا عالميا ستکون في المستقبل مرکزا لحکومة عالمية واحدة، ثم يتحدثون عن سلطة قانونية، و سلطة تنفيذية و سلطة قضائية.

هذه المجموعة ذکرت في بيان موتمر طوکيو عام 1963: بما أن السلام الدائم لا يمکن ضمانه بواسطة المعاهدات و الاتفاقات، و أن منظمة الأمم المتحدة تفتقر الي سلطة تنفيذية و قراراتها لا تعدو أن تکون نصائح، لذا و من



[ صفحه 327]



أجل الحفاظ علي سلام دائم و حفظ شرف و دم و مال الناس فانه لا يوجد من حل سوي تشکيل حکومة عالمية واحدة.

و لتحقيق هذا الهدف اقترحت هذه المجموعة مشروعا يقول:

- لتشکيل حکومة عالمية واحدة، لا بد من تحقيق الأمور التالية:

1- بارلمان عالمي: و يجب أن تشترک في عضويته جميع دول العالم، و ممثل اکثر دول العالم نفوسا له رأي أکثر من بقية الدول.

2- جيش عالمي: و الهدف من تشکيله حفظ السلام في العالم، و هذه القوة تکون تحت اشراف المجلس التنفيذي الأعلي.

3- المجلس النتفيذي الأعلي: هذا المجلس هو السلطة التنفيذية للبرلمان العالمي.

4- ديوان العدل الدولي:

ان جميع هذه الاجتماعات و المشاريع و الاقتراحات کلها تدل علي أن المفکرين هم علي عتبة قبول فکرة تحقيق حکومة عالمية واحدة، و قد کانت هذه الفکرة في السابق مجرد نظرية تعتبر مستحيلة التحقيق.

بينما أمثال هذه الأفکار و المشاريع تبعث علي السرور و الارتياح، و لکن مما لا شک فيه أن تشکيل مثل هذه الحکومة مستحيلة نظرا للأخلاق المادية لدي الانسان، لأن المقترحين و المخططين و المنفذين و المشرفين جميعا أناس فيهم روح الغرور وصفة الانفراد، و لم يشعروا يوما بعطف علي الانسان. و اذا کانوا في البداية يمتلکون نية حسنة، فانهم اثناء العمل يسيطر عليهم الغرور و طلب



[ صفحه 328]



المقام، و القومية و العنصرية و عشرات العوامل الأخلاقية المادية التي تنحرف بهم، و في الختام يصيب المشروع ما أصاب عصبة الأمم، و منظمة الأمم المتحدة حاليا اذ أصبحت العوبة بيد القدرات الکبري.

و طالما يفتقد مخططو و موسسو و منفذو الحکومة العالمية الواحدة للمعنويات، و الطهر، و التقوي، و خشية الله، و الايمان به تعالي و بالعالم الآخر فان هذه المشاريع ذات الظاهر الجميل لن تتحقق، و تصبح في النهاية سلاحا بيد القوي العظمي لمحو حقوق المستضعفين و الشعوب في العالم.

فان هذه الفکرة دليل علي نوع من اليأس لدي المفکرين و العماء في العالم بجميع المنظمات البشرية و التنظيمات المادية التي يتطلع اليها المفکرون بأمل أن تعالج أدواء هم، بينما ان لم تکن هذه المنظمات مصدرا للألم و المصائب فانها بالتأکيد ليست مصدرا للخير، و لا بد من القول لها: طالما لا يرجي خير منک، فلتکف شرک عنا.


پاورقي

[1] انترناشيناليزم - الدولية، الاستشراف أو الصفة أو المباديء أو المصالح الدولية. سياسة التعاون بين الدول و بخاصة في الحلقين السياسي و الاقتصادي.