بازگشت

رؤية الامام المهدي


بعد ذکر نبذه ممن توفقوا لرويه المهدي عليه السلام يتبادر الي الذهن هذا السوال هل يمکن رويه الامام في عصر الغيبه؟

ان موضوع التشرف بلقاء الامام المهدي عليه السلام اصبح غريبا حتي في عقر داره...

کثيرا ما تسمع التشکيک بامکانيه رويته عليه السلام، او الجزم بعدم ذلک، او التعاطي مع قصص التشرف، بمنتهي الاستخفاف.

ان ثمه خللا کبيرا في علاقتنا بالامام المهدي عليه السلام ارواحنا فداه يرقي الي مستوي ضعف العقيده، و يتجسد هذا الخلل في مجالين:

الاول: عدم الاحسان بالانتماء اليه.

الثاني: انکار امکانيه التشرف بلقائه عليه السلام.

و خير دليل علي الاول اننا نعيش الانتماء الي اسرنا، و عشائرنا، اکثر ما نعيش الانتماء للامام صاحب الزمان عليه السلام.

بل لا بد ان يکون ذکر الامام و احساسنا بالانتماء اليه اکثر بکثير، لانه باب الله الذي منه يوتي (و لکل قوم هاد).

و اما انکار امکانيه الرويه، و التشرف بلقائه، و خاصه مع وجود الشبهه التي اثارها فيهم توقيع السمري...

و ان هذا الانکار يبقي لحسن الحظ ضمن الدوائر التي تزعم ان المنهج العقلي يتنافي مع المنهج، الغيبي؛ و لذلک ترفض المغيبات بتعال وازدراء.



[ صفحه 116]



و بديهي ان قصص التشرف بلقاء الامام المهدي عليه السلام تلحق بالمغيبات، و لذلک ياتي الموقف منها سلبيا عند هولاء.

و الواقع ان هولاء ابتلوا بالجهل المرکب الذي يقع فيه من يدعون انهم ينتصرون للعقل، فيفصلون بينه و بين الغيب... في حين ان القرآن الکريم يحدثنا بوضوح عن الايمان بالغيب باعتباره الحقيقه التي يقود اليها العقل.

ان العقل يقودنا الي الاعتقاد بالله المطلق... الذي هو علي کل شيء قدير وعندما نريد الحکم بامکان وقوع امر غريب خارق للعاده فان العقل هو الذي ياخذ بايدينا الي التسليم بذلک.

الله علي کل شيء قدير

و هذا الامر الخارق للعاده شيء

فالله تعالي علي هذا الشيء قدير

اذن، من الممکن ان يقع باذن الله، اما انه هل وقع ام لا، فان العقل يفسح المجال هنا للتثبت، لياخذ طريقه، و يقدم لنا الاجابه بالنفي او الاثبات، الا انها اجابه حول وقوع امر لا شک في امکانيه وقوعه.

و لا شک ان الذي ينکر الامور الغريبه الخارقه للعاده؛ لمجرد استغرابه لها، و استبعاد وقوعها، لا يحترم عقله علي الاطلاق، اما الذي يتعامل مع الامور الغريبه، علي قاعده الامکان و يتثبت من وقوعها بطرق التثبت المتعارفه؛ ليرفض کل مالم يثبت، و يتبني ما ثبت. فهو يحترم عقله، و يحقق في شخصيته الانسجام بين المنهج العقلي، و المنهج الغيبي؛ باعتبارهما منهجا فکريا واحدا..



[ صفحه 117]



يرفض الاجتزاء.

و اما توقيع السمري:

روي الشيخ الصدوق و غيره ان السمري آخر السفراء الاربعه عليهم الرحمه اخرج الي الناس توقيعا -رساله - من صاحب الزمان عليه السلام هذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم

يا علي بن محمد السمري اعظم الله اجر اخوانک فيک فانک ميت ما بينک و بين سته ايام، فاجمع امرک، و لا توصي الي احد يقوم مقامک بعد وفاتک فقد وقعت الغيبه الثانيه، فلا ظهور الا بعد اذن الله عز و جل، و ذلک بعد طول الامد، و قسوه القلوب، و امتلاء الارض جورا، و سياتي شيعتي من يدعي المشاهده، الا فمن ادعي المشاهده قبل خروج السفياني و الصيحه فهو کاذب مفتر، و لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم. [1] .

هل يمکننا ان نري الامام المنتظر عليه السلام في عصر الغيبه الکبري؟ ام ذلک ممتنع نظرا لما جاء في هذا التوقيع؟

و الجواب: لا شک في ان النيابه الخاصه، بمعني ان يکون شخص علي صله مستمره به عليه السلام، يعرض الناس مشاکلهم عليه، و يعرضها بدوره علي الامام عليه السلام، کما کان الامر في الغيبه الصغري، امر انتهي بانتهاء تلک الغيبه.

و کل روايه تنفي امکان الرويه و المشاهده في عصر الغيبه الکبري ينبغي



[ صفحه 118]



حملها علي نفي هذا النوع من المشاهده المقترنه بنيابه خاصه، و قد صرح بهذا جمع من کبار العلماء - رضوان الله عليهم - و تدل نصوصهم بکل وضوح علي ان التشرف بلقائه ممکن، بل صرح اکثرهم بوقوعه.

و اليک جانبا من اقوالهم:

1- الشيخ الطوسي

ان الاعداء، و ان حالوا بينه و بين الظهور علي وجه التصرف و التدبير، فلم يحولوا بينه و بين لقاء من شاء من اوليائه علي سبيل الاختصاص، و هو يعتقد طاعته و يوجب اتباع امره. [2] .

2- السيد ابن طاووس

يقول في رساله المواسعه و المضايقه: و سمعت من شخص لا اذکر اسمه عن مواصله بينه و بين مولانا الامام المهدي عليه السلام: و لو کان يسوغ نقلها لبلغت عده کراريس، و هي تدل علي وجوده المقدس و حياته و معجزته. [3] .

و يظهر بوضوح من نصوص متعدده له عليه الرحمه موجوده في هذا الکتاب ان رويته عليه السلام و التشرف بلقائه امر مفروغ منه، و لا مجال للنقاش فيه ابدا.



[ صفحه 119]



و ابرز ما في هذا المجال انه ينقل قصه شخص راي الامام عليه السلام، و ارسله الامام اليه اي الي السيد ابن طاووس. [4] .

بل صرح السيد نفسه بسماع صوت الامام عليه السلام فقال في کتاب مهج الدعوات:

و کنت انا بسر من راي فسمتع سحرا دعاء ه عليه السلام، فحفظت منه من الدعاء لمن ذکره من الاحياء و الاموات:

و ابقهم او قال واحيهم في عزنا و ملکنا، و سلطاننا و دولتنا، و کان ذلک في ليله الاربعاء ثالث عشر ذي القعده سنه ثمان و ثلاثين و ستمئه. [5] .

3- العلامه الحلي

بين قصص اللقاء، قصه تشرف العلامه الحلي برويه الامام المهدي عليه السلام و هي موجوده في کتاب قصص العلماء للتنکابني العالم الجليل.

4- المقدس الاردبيلي

و هو عليه الرحمه من ائمه العلماء المحققين، و ساده الزهاد المتهجدين، و قصه تشرفه بلقاء الحجه المنتظر ارواحنا فداه، صحيحه السند، کما ان عددا من کبار العلماء نقلوها، و ذلک شهاده منهم بوقوع الرويه. [6] .



[ صفحه 120]



و انه کذلک راي الامام عليه السلام في جامع الکوفه و ساله مسائل.

5- صاحب المعالم الشيخ حسن بن الشهيد الثاني

اورد المحدث النوري عليه الرحمه نقلا عن الدر المنثور ما يلي:

سمعت من بعض مشايخنا و غيرهم انه لما حج کان يقول لاصحابه:

نرجو من الله سبحانه ان نري صاحب الامر عليه السلام فانه يحج في کل سنه فلما وقف بعرفه امر اصحابه ان يخرجوا من الخيمه ليتفرغ لادعيه عرفه و يجلسوا خارجها مشغولين بالدعاء، فبينما هو جالس اذ دخل عليه رجل لا يعرفه فسلم و جلس. قال: فبهت منه و لم اقدر علي الکلام، فکلمني بکلام - نقله و لا يحضرني الآن - و قام، فلما قام و خرج خطر ببالي ما کنت رجوته و قمت مسرعا فلم اره، و سالت اصحابي فقالوا: ما راينا احدا دخل عليک. [7] .

هذا النص تصريح باعتقاد صاحب المعالم بامکانيه رويه الامام عليه السلام.

6- الحر العاملي صاحب وسائل الشيعه

اورد في کتابه اثبات الهداه، القصه التي يتحدث فيها عن رويته لصاحب الامر عليه السلام بين النوم و اليقظه، ثم قال بعد ايراد عده قصص مشابهه: و قد اخبرني جماعه من ثقاه الاصحاب انهم راوا صاحب الامر في اليقظه و شاهدوا منه معجزات، و اخبرهم بعده مغيبات و دعا لهم، و انجاهم من



[ صفحه 121]



اخطار مهلکات، و کلها من اوضح المعجزات. [8] .

7- العلامه المجلسي صاحب البحار

لقد اورد العلامه المجلسي في بحار الانوار العديد من قصص اللقاء مما يکشف بوضوح عن رايه في مساله التشرف بلقاء الامام المهدي عليه السلام و رويته عليه السلام.

8- السيد بحر العلوم

اننا نتجد في قصص السيد بحر العلوم، التي نقلت في کثير في مصادر باسانيد صحيحه تصريحه مرارا بانه هو قد تشرف بلقائه عليه السلام. [9] .

و قد ذکر ان السيد بحر العلوم قد نزع قميصه و انخرط في صفوف الموالين في مواکب عزاء سيد الشهداء مشارکا في اللطم، و عند ما سئل عن سبب ذلک يقول: رايت صاحب الامر عليه السلام بينهم فلم يکن لي مما فعلت بد. [10] .

بعد هذه الجوله في آراء العلماء الاعلام، عبر القرون، يکون الجواب الصحيح هو انه لا مجال علي الاطلاق لنفي امکانيه التشرف بلقائه عليه السلام و من حاول نفي ذلک فرايه شاذ لا يلتفت اليه، و يبقي انه من الضروري تعزيز



[ صفحه 122]



الاعتقاد بامکانيه الرويه و وقوعها في نفوسنا.

و الآن نحاول فهم دلاله توقيع السمري عليه الرحمه، بما لا يتنافي مع قصص اللقاء:

اولا: ينبغي الوقوف من نص توقيع السمري عند فقره و سياتي شيعتي من يدعي المشاهده، الا فمن ادعي قبل خروج السفياني و الصيحه فهو کاذب مفتر.

و الفقره واضحه الدلاله علي ان - من يدعي المشاهده - يدعيها امام الشيعه فهو اذا يحرص ان يکسب دعوته بعدا اجتماعيا، و يتصدي لا دعاء ذلک امام جمهور الشيعه.

و عندما نتامل قصص اللقاء نجد اصحابها يتکتمون عليها عاده.

ثم انهم اذا حدثوا بها حرصوا علي ان يکون ذلک في اضيق نطاق.

ثانيا: و القول الفصل هو ما تنبه له المحقق الشيخ النهاوندي في کتابه الموسوعي القيم - العبقري الحسان - قال فيه:

لا معارضه بين توقيع السمري، و قصص اللقاء ات من يحتاج الي الجمع، لان التوقيع الشريف بصدد منع دعوي الظهور، الظهور العلني للامام، و ذکر المشاهده في التوقيع بمعني الظهور و الحضور، کما في الآيه: (فمن شهد منکم الشهر فليصمه)... و القرينه علي المعني امران:

الاول: قوله عليه السلام: فلا ظهور الا بعد الهرج و المرج، و الفتنه و الفساد.

الثاني: قوله عليه السلام: الا من ادعي المشاهده - اي الظهور، ظهور



[ صفحه 123]



الامام عليه السلام - قبل خروج السفياني و الصيحه فهو کاذب مفتر. فکلاهما السفياني و الصيحه من علامات الظهور، و علي هذا، لا تعارض ابدا بين التوقيع الشريف و بين الحکايات. [11] .

اذن المشاهده التي ينفيها الامام عليه السلام امران:

الاول: ان يدعي شخص النيابه الخاصه، علي غرار ما کان الامر عليه في الغيبه الصغري.

الثاني: ان يدعي ظهوره عليه السلام، و انتهاء الغيبه الکبري التي لا تنتهي الا بالسفياني و الصيحه.

و کل المشاهدات التي تثبتها قصص اللقاء، لا تنافي ذلک، لانها قصص عن رويه الغائب صلوات الله و سلامه عليه.



[ صفحه 127]




پاورقي

[1] کمال الدين 516:2 ب (45)، ح 44.

[2] الغيبه للطوسي: 98.

[3] النجم الثاقب: 251.

[4] النجم الثاقب: 245.

[5] مهج الدعوات: 296، و النجم الثاقب: 254.

[6] روضات الجنات 80:1، و النجم الثاقب: 334.

[7] خاتمه مستدرک الوسائل 83:2.

[8] اثبات الهداه بالنصوص و المعجزات 713:3.

[9] خاتمه مستدرک الوسائل 50:1.

[10] ملاقات امام زمان (فارسي) 256:2.

[11] العبقري الحسان:128.