بازگشت

السفياني


لقد ورد ذکر السفياني في أحاديث کثيرة جدا و تحدثت عن أعماله و جرائمه التي تقشعر منها الجلود، و تفزع منها القلوب، فهو من أقسي البشر



[ صفحه 267]



قلبا، و لا يعرف معني العاطفة و الرحم، و أکثرهم جناية و جريمة و جرأة علي الله.

و هو اموي النسب، سفاک للدماء يقتل البشر کما تقتل الحشرات و يهتک ستور النساء المسلمات بکل استهتار، و لا يدع حراما الا أباحه، و لا جريمة الا ارتکبها.

و هو و أصحابه قد امتلأت قلوبهم حقدا و بغضا و عداوة لآل رسول الله لأن السفياني وارث أسلافه الأمويين، الذي تلطخت أيديهم - الي المرافق - بدماء آل رسول الله و شيعتهم.

و الحق أن الفترة التي يحکم فيها السفياني هي من شر الفترات في تاريخ الاسلام، و أيام حکومته الطاغية هي من شر أيام الدنيا، فهو يسير و ينشر الظلم، و يقيم المجازر و المذابح بين الرجال و النساء و الأطفال، فهو بلاء عظيم مبين، و محنة کبري علي الشرق الأوسط: مثل سوريا و العراق و المدينة المنورة و المناطق المجاورة، لتلک الأقطار.

و اليک حديثا عن رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم بشأن السفياني:

روي عن حذيفة بن اليمان، أن النبي صلي الله عليه و اله و سلم ذکر فتنة تکون بين أهل المشرق و المغرب، قال: فبينما هم کذلک يخرج عليهم السفياني من الوادي اليابس في فور ذلک [1] حتي ينزل دمشق، فيبعث جيشين: جيشا الي المشرق [2] .



[ صفحه 268]



و آخر الي المدينة، حتي ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة - يعني بغداد - فيقتلون اکثر من ثلاثة آلاف، و يفضحون اکثر من مئة امرأة، و يقتلون بها ثلاثمئة کبش من بني العباس. [3] .

ثم ينحدرون الي الکوفة فيخربون ما حولها، ثم يخرجون متوجهين الي الشام، فتخرج راية هدي من الکوفة فتلحق ذلک الجيش فيقتلونهم، لا يفلت منهم مخبر، و ينقذون ما في أيديهم من السبي و الغنائم.

و يحل الجيش الثاني بالمدينة، فينتهبونها ثلاثة أيام بلياليها ثم يخرجون متوجهين الي مکه، حتي اذا کانوا بالبيداء بعث الله جبرائيل فيقول: يا جيرائيل، اذهب فأبدهم، فيضربها - أي يضرب الارض - برجله، ضربة يخسف الله بهم عندها، لا يفلت منها الا رجلان من جهينة. [4] .

ان هذه الأحاديث - التي مرت عليک حول السفياني و عاقبة أمره - تعتبر بمنزلة الاضبارة السوداء لحياته المليئة بالجرائم و الجنايات، و يمکن أن نلخصها فيما يلي:

ان السفياني رجل اباحي مستهتر، أموي النسب و النزعة، يثور في سوريا، و تنحج ثورته بعد أن يقضي علي طائفتين معارضتين له، احداهما



[ صفحه 269]



يقودها رجل أحمر، و الثانية يقودها رجل أبرص، و يصفو له الجو، و يستولي علي دمشق و حمص و حلب و الأردن و فلسطين، و يتبعه اليهود و غيرهم من أولاد الشوارع و اللقطاء، کل ذلک في خلال ستة أشهر.

ثم يجهز جيشا مولفا من حوالي مئة و اثنين و أربعين ألف رجل فيرسل قسما من الجيش الي المدينة، و قسما آخر الي العراق.

و يتوجه الجيش المولف من 12000 رجل نحو المدينة لالقاء القبض علي الامام المهدي عليه السلام، بعد سماعهم خبر ظهوره، و يمکثون في المدينة ثلاثة أيام و يکثرون فيها النهب، ثم يتجه عدد کبير منهم نحو مکة المکرمة لملاحقة الامام، لأنهم يعلمون أن الامام خرج من المدينة نحو مکة، فاذا وصل الجيش الي الصحراء - بين المدينة و مکة - تبتلعهم الأرض، و لا ينجو منهم الا رجلان:

رجل يسعي الي الامام المهدي عليه السلام ليبشره بهلاک العدو و رجل يذهب الي السفياني ليخبره بمصير جيشه.

و أما الجيش الذي يقصد العراق، فينزل بالروحاء - و هي منطقة تقع في ضواحي مدينة النجف الأشرف، و تشمل مدينة الحلة و بابل - ثم يتجه ستون ألفا أو سبعون ألفا منهم نحو النجف و الکوفة، و يکون ذلک في يوم عيد من الأعياد، و يخرج من بغداد خمسة آلاف جندي الکوفة لمحاربة جيش السفياني، و تقام المذابح الرهيبة بين العسکرين، و يکون الانتصار لجيش السفياني.



[ صفحه 270]



و يبقي جيش السفياني في الکوفة و يکثر فيها الفساد، من اراقة الدماء و الصلب و سبي العوائل، و يثور ثائر من أهل الکوفة ضدهم، فيقتله امير جيش السفياني.

و أخيرا: يرجع السفياني نحو الشام و يقدر عددهم بمئة ألف و لکن طائفة تخرج من الکوفة لملاحقتهم، فتقضي علي جيش السفياني بکامله، و لا يفلت منهم ذو حياة، و تستنقذ هذه الطائفة جميع الأسري و تأخذ الغنائم. [5] .

و أما نهاية السفياني و عاقبة أمره: فان الامام المهدي عليه السلام - بعد أن يظهر و يقصد الکوفة و تستقيم له الأمور - يتوجه نحو الشام للقضاء علي السفياني، حتي يصل الامام الي الشام، و قد التحق به عليه السلام أناس کثيرون و السفياني - يومذاک - بوادي الرملة [6] و يلتقي الجيشان هناک، و يلتحق أناس من جيش السفياني بمعسکر الامام المهدي عليه السلام و أناس يخرجون من جيش الامام و يلتحقون بالسفياني.

و في هذه المجال.. روي عن الامام محمد الباقر عليه السلام أن السفياني - اذا



[ صفحه 271]



بلغه خبر توجه الامام المهدي اليه من ناحية الکوفة - يتحرک بجيشه حتي يلتقي بجيش الامام، فيخرج و يقول: أخرجو الي ابن عمي؟. [7] .

فيخرج الامام المهدي عليه السلام و يلتقي بالسفياني و يجري بينهما حوار ينتهي الي مبايعة السفياني للامام عليه السلام.

ثم ينصرف السفياني الي أصحابه [8] فيقولون له: ما صنعت؟

فيقول: أسلمت و بايعت!

فيقولون: قبح الله رأيک، بينما أنت خليفة متبوع صرت تابعا؟!

فيستقيل السفياني و ينکث البيعة و يستعد لمحاربة الامام.

و في الصباح تقع الحرب بين الجيشين و يقتتلون يومهم ذلک.

ثم ان الله تعالي ينصر الامام المهدي عليه السلام و أصحابه عليهم، فيقتلونهم حتي يفنوهم. [9] .

و في رواية أخري: ان السفياني يعتبر مما جري علي جيشه المرسل الي مکة، و کيف ابتلعتهم الأرض، فيحاول أن ينقاد للامام المهدي عليه السلام فيبايع ثم ينکث البيعة و ينقض عهده، و يتمرد علي الامام و يقاتله.



[ صفحه 272]



و أخيرا... يوخذ اسيرا، فيذبحه الامام المهدي عليه السلام.

و في رواية ثالثة: فيأمر الامام به فيذبح علي بلاط باب ايليا. [10] .

و هکذا يريح الله العباد و البلاد من شرور تلک الجراثيم التي يستاصلها الامام عليها السلام و يزيلها عن الوجود.

و يأتي - هنا - سوال و هو:

لماذا تنزل بالناس هذه المصائب والکوارث و الفجائع التي تشيب الأطفال و تشمل الرجال و النساء، و الصغار و الکبار؟!

و بماذا استحق البشر هذه البلايا و المحن و الالام، حتي يسلط عليه الأشرار و يلعبون به تلاعب الصبيان بالکرة؟ لماذا؟.

الجواب:

قبل کل شيء يجب أن لا ننسي أن الانسان الذي يخالف القانون مرة واحدة يعاقب بالسجن أو الغرامة أو التعذيب أو التسفير، و قد يحکم عليه بالسجن الموبد مع الأعمال الشاقة، کل ذلک لمخالفته مادة واحدة من القانون البشري.

فکيف بمن خالف القوانين الالهية، بل اعتاد علي ترک القانون و مخالفته في کل يوم مرات و کرات؟.



[ صفحه 273]



فالواجبات الشرعية أکثرها متروکة، و المحرمات الممنوعة أکثرها أصبحت مباحة عند البشر، و لا تسال عن الانحرافات العقائدية المنتشرة بين الشباب فتيات و فتيان حتي بلغ الأمر عند بعض المسلمين أنه أصبح ملحدا ينکر الخالق و يجحد الصانع، و يستهزيء بجميع المقدسات و المعتقدات؟.

و لو أردنا استعراض هذه الجوانب لتبدل طابع الکتاب الي طابع آخر، و لکننا نراعي الأيجاز و الاختصار، فنقول:

ان الکثيرين من المسلمين لا يصلون، و الکثير منهم لا يصومون شهر رمضان، و الذين يودون الزکاة المفروضة عليهم قليلون جدا، و في أکثر البلاد الاسلامية و الأجنبية بلدة واحدة لا توجد فيها جريمة السرقة؟.

و لقد راينا الکثير من الحجاج، الذين سرقت نقودهم في حال الطواف حول الکعبة في المسجد الحرام!!

و قد شواهد بعض السراق و هو يسرق المصاحف من المساجد و يبيعها بأسعار زهيدة، جلبا للمال التافه!!.

و الخمور تصنع أو تستورد بکل حرية، و تباع و تشرب علنا بلا مانع، بل ان القانون يعطيهم الحق لممارسة هذه الأعمال!.

ثم البغاء و الفواحش... فهي من متطلبات هذا العصر! و السفور و الخلاعة تکيف مع المد الحضاري! و تحرر من الأفکار القديمة البالية!!.

و الربا جزء لا يتجرا من الاستيراد و التصدير و التجارة العامة، فالبنوک



[ صفحه 274]



تبتلع الملايين من الأموال الربوية بمساعدة القانون، و لا تسال عن الذين يعيشون بالربا، و تنبت لحومهم من الربا؟.

ثم اللحوم المثلجة و المعلبة المستوردة من بلاد الکفار يأکلها المسلمون بصورة عادية، مع العلم أنها فاقدة لشروط الذباحة الشرعية و محکومية بالحرمة في الاسلام.

و الأفظع الأفجع: هو أن الکثرين - في بعض البلاد الاسلامية- قد تعودوا علي سب الدين و المذهب و بقية المقدسات، مما يخجل الانسان عن ذکره، و تندي جبهة الاسلام عن تصوره!!

و الأحزاب الباطلة و التنظيمات المنحرفة قد غزب بلادنا، و جرفت شبابنا، و استهزأت بمقدساتنا.

الي غير ذلک من ملايين الخطايا و المعاصي و الذنوب التي أصبحت أشياء طفيفة، و فاقدة لکل أهمية عند بعض المسلمين.

انک لا تجد في قاموس المعاصي معصية الا وجدتها عند بعض المسلمين. و أما غير المسلمين فجميع المعاصي مباحة في دينهم و فلسفتهم و قد تجاوزوا حتي حدود الانسانية و خالفوا حتي نواميس الفطرة!.

ففي أکثر بلاد الغرب و شرق آسيا توجد نوادي للعراة، يدخلها الرجال و النساء و الأطفال و هم عراة بلا أي ساتر، کأنهم حيوانات و بهائم لا تعرف معني الحياء و العفة!.

ثم المراقص التي ترقص فيها الفتيات عاريات بجميع معني الکلمة



[ صفحه 275]



و الملايين من الناس يرتادون تلک المراقص، و يتفجرون علي تلک الأبدان العارية و کأنهم لم يصنعوا شيئا!.

أيها القاريء: هذه رووس أقلام عن المجتمع الاسلامي أو المجتمع البشري المعاصر، الذي نبذ الأخلاق و القيم و العقائد و الفضائل، و تبرأ عنها عمليا.

و بامکانک أن تراجع معلوماتک الشخصية التي رأيتها و سمعت بها و قرأتها في الصحف و المجلات، من حوادث القتل و السرقة، و الاختطاف و الاعتصاب، و الاعتداء، و أنواع الظلم و الجور.

أما يستحق هذا البشر أن يتسلط عليه السفياني و جيشه السفاک الاباحي، و يحصد الرووس حصد السنبل، و يقتل البشر قتل الحشرات؟؟؟!!!

نعم... انه يستحق هذا و أکثر من هذا و لعذاب الآخرة أخزي!.

و هنا يسهل عليک أن تعرف السبب الأصلي للحرب العالمية الثالثة المتوقعة، التي يفني فيها أکثر أهل الأرض، و تصبح البلاد خالية عن البشر و المساکن معطلة أو مدمرة.

ان السبب الأصلي هي کثرة المعاصي و الذنوب و الجرائم و الانحرافات الأخلاقية و العقائدية التي تنتشر في کل بلدة و في کل بيت!أ

فما قيمة هذا البشر و ما کرامته؟! و لماذا يدفع الله البلاء عن هذا الموجود المستهتر الذي تمرد علي أحکام خالقه؟!.

ان الله تعالي يطهر الأرض عن هذه الکائنات القذرة، کما يعقم الجو و الزارع من الجراثيم الضارة، و الميکروبات التي تقضي علي الزرع و الضرع و علي الانسان و الحيوان.



[ صفحه 276]




پاورقي

[1] الواري اليابس: منطقة من ضواحي دمشق. في فور ذکل: أي في أوج تلک الفتنة المشار اليها.

[2] لعل المراد من کلمة المشرق هو مدينة الکوفة.

[3] الکبش: سيد القوم.

[4] بحار الانوار 186:52 ب (25) علامات ظهوره، ح 11، عن مجمع البيان 228:8.

[5] الطائفة التي تخرج لملاحقة جيش السفياني هي: السيد الهاشمي و جيشه، و اليماني و جيشه الزاحف. و قد تقدم بعض التفصيل حول ذلک عند الحديث عن الهاشمي في العلائم غير المحتومة.

[6] الرملة: بلدة في فلسطين شمال شرق القدس.

[7] باعتبار ان بني أمية کانوا يعترون أنفسهم أولاد عم لبني هاشم، و قد تقدم أن السفياني أموي النسب.

[8] و في رواية: انه ينصرف الي أخواله من قبيلة کلب. نقلناها بالمعني.

[9] نقلناها بالمعني.

[10] بلاط باب ايليا: صخرة عند مدخل مدينة القدس. عقد الدرر: 85، و الحديث مروي عن الامام الباقر عليه السلام.