بازگشت

وکلاء الامام في الغيبة الصغري


يدعي المولفون في احوال المهدي المنتظر (ع) انه خلال الغيبه الصغري التي تولي له السفاره فيها اربعه اختارهم لهذه المهمه و عهد اليهم بان يکونوا واسطه بينه و بين الجماهير الشيعيه في مختلف المناطق، خلال هذه الفتره قد اختار جماعه من ثقات الشيعه و اوکل اليهم مسانده سفرائه في بعض المهمات لتذليل الصعوبات التي کانت تعترض تحرکاتهم بواسطه مراقبه الحکام و اجهزتهم، و کانت مهمه الوکيل محدوده بالقياس الي مهمه السفير، ذلک لان السفير کان يتصل بالامام مباشره و ياخذ منه التعليمات و التواقيع، و يقوم باکثر مسؤولياته حسب التوجيه الذي يتلقاه منه، في حين ان مسؤوليه الوکيل في الغالب في حدود منطقته کاستلام الاخماس و تسهيل اتصال الشيعه بالسفراء ليرفعوا اليهم حوائجهم و تبليغ الاحکام والتوجيه و نحو ذلک، و قد عد منهم الصدوق في النسخه المخطوطه من اکمال الدين کما جاء في موسوعه الامام المهدي للسيد محمد صادق الصدر جماعه منهم حاجز بن يزيد.

و جاء فيه من روايه المفيد عن الحسن بن عبد الحميد انه قال: شککت في امر حاجز فجمعت شيئا ثم صرت الي سامراء فخرج الينا جواب الامام (ع) ليس فينا شک و لا فيمن يقوم مقامنا بامرنا رد و ما معک الي حاجز بن يزيد.



[ صفحه 555]



و منهم البلالي ابو طاهر محمد بن علي بن بلال قبل انحرافه مع المنحرفين و المشعوذين، و قد عبر عنه المهدي في بعض التوقيعات المنسوبه اليه بالثقه المامون العارف بما يجب عليه کما جاء في روايه الکشي، و لکن الطوسي عده مع الادعياء المشعوذين، و ليس ببعيد ان يکون في بدايه امره من الموثوقين ولکنه انحرف بعد ذلک کما حدث لغيره ممن کانوا من الثقات بين اصحاب الائمه (ع).

و منهم محمد بن ابراهيم بن مهزيار، و عده ابن طاوس من السفراء و الابواب الذين لا يختلف الاماميه فيهم کما جاء في جامع الرواه، و لا بد وان يکون المراد من سفارته ما يشمل الوکاله لان انحصار السفراء بالاربعه من المتفق عليه بين الاماميه.

و جاء في غيبه الطوسي ان محمد بن مهزيار کان يقول: شککت عند مضي ابي محمد العسکري، و کان قد اجتمع عند ابي مال کثير فحمله و رکب السفينه و خرجب معه مشيعا فوعک وعکا شديدا فقال: ردني فهو الموت واتق الله في هذا المال و اوصي الي و مات.

و مضي يقول: فحملت المال بعد الفراغ من امره و قدمت العراق و اکتريت دارا علي الشط و بقيت اياما فاذا انا برسول معه رقعه فيها: يا محمد معک کذا و کذا من المال، وقص علي جميع ما ترکه ابي من المال و لم اکن اعرفه علي حقيقته، فسلمت المال الي الرسول و بقيت اياما فخرج الي توقيع يقول فيه قد اقمناک مقام ابيک فاحمد الله.

و منهم احمد بن اسحاق بن سعد بن مالک الاشعري، و کان واسطه بين القميين و الائمه الجواد و الهادي و العسکري، و ادرک شطرا من غيبه الامام المهدي، و هو الذي عرض عليه الامام العسکري ولده المهدي حينما ساله عن خليفته و اراه اياه و حدثه ببعض ما يکون من امره خلال غيبتيه الصغري و الکبري.



[ صفحه 556]



و منهم محمد بن صالح بن محمد الهمداني الدهقان، وجاء في رجال الکشي انه ورد في توقيع المهدي الي اسحاق بن اسماعيل:‌اذا وردت بغداد فاقرأه علي الدهقان وکيلنا و ثقتنا الذي يقبض من موالينا، و يدعي في جامع الرواه ان الهمداني الدهقان غلا في آخر امره و لعنه المهدي (ع)، و قال فيه: لقد ابدله الله بالايمان کفرا حين فعل ما فعل و عاجله الله بالنقمه، و احتمل بعض المؤلفين في الرجال ان الدهقان الذي لعنه الامام هو عروه بن يحيي الدهقان لا محمد بن صالح الهمداني الدهقان، و ليس ذلک ببعيد.

و منهم محمد بن جعفر الاسدي، و قد وصفه المهدي المنتظر بالامامه و امر بدفع الاموال اليه کما جاء في روايه النجاشي.

و منهم القاسم بن العلا من منطقه اذربيجان، و محمد بن شاذان بن نعيم النيسابوري، و ابراهيم بن مهزيار، و الحسين بن علي بن سفيان البزفوري الي غير هولاء ممن اوکل اليهم الامام (ع) بعض ما يهمه من امور المسلمين و قبض الاخماس و قضاء الحاجات، و کانوا کما ذکرنا يتصلون بالامام احيانا عن طريق سفرائه الذين اعتمدهم لقضاء الحوائج و حل المشاکل و اخري عن طريق المراسله، و کان بعض وکلائه و سفرائه يتعاطي مهنه التجاره التي تساعده علي التجول في المناطق لتضليل اجهزه لحکام الذين کانوا يراقبون الامام و تحرکات سفرائه و وکلائه کما يبدو ذلک من المرويات التي تتحدث عنهم.

و تشير المرويات التي وصفت حياه المهدي انه خلال الفتره الاولي من حياته التي عرفت بالغيبه الصغري کما کان يلتقي بسفرائه الاربعه و وکلائه المنتشرين هنا و هناک احيانا کان يلتقي ببعض الخواص من شيعته و يحل مشاکلهم، بالرغم من ان السلطات الحاکمه کانت تتحراه باقصي مراتب الدقه، و تراقب سفراءه و وکلاءه و تلاحقهم احيانا بواسطه اجهزتها،‌و قد هاجمت داره اکثر من مره للقبض عليه، و بعد فشل محاولات المعتمد العباسي التي بذلها للقبض عليه بتحريض من عمه جعفر ابن الامام الهادي،



[ صفحه 557]



بعد فشل هذه المحاوله، جرب المعتضد الذي جاء الي الحکم بعد تسعه عشر عاما مرت من حياه الامام (ع) حاول اکثر من مره کما يبدو من بعض المرويات ان يقبض عليه في داره، فکان يرسل الجيش تلو الجيش فيحاصرها و يفتشها تفتيشا دقيقا، و کان الله سبحانه يحول بينه و بين مراده تکريما منه لمن اصطفاهم من عباده و اجتباهم اليه من خلقه.

بالرغم من کل ذلک، فقد کان الامام المهدي (ع) يجتمع بخاصته و شيعته و يحل مشاکلهم حسب ما يراه صالحا لهم، و اغلب الذين کانوا يجتمعون اليه کما تحدث الروايات کانوا يصابون بما يشبه الذهول و الغفله حين اجتماعم به، فيغيب عن اذهانهم، و لا يلتفتون الي انه هو صاحبهم الا بعد ان يفارقهم،‌و احيانا کان هو يعرفهم بنفسه لمصلحه تقتضي ذلک.

و جاء في بعض المرويات انه قال لبعض من اجتمع اليه و کان عنه غافلا: ما کان لک ان تراني لولا المکذبون القائلون اين هو و متي کان و اين ولد و من رآه،‌و ما الذي خرج اليکم منه،‌و بابي شي ء نباکم و اين معجراته؟

يا عيسي بن مهدي خبر اولياءنا بما رايت و اياک ان تخبر عدنا،‌قال الراوي: فقلت له يا مولاي ادع لي بالثبات، فقال: لو لم يثبتک الله ما رايتني.

و روي في البحار روايه ثانيه عن عيسي بن مهدي جاء فيها انه رآه و اجتمع اليه و اکل علي مائدته کما روي ان الحسن بن الوجناء النصيبي قد اجتمع به في مکه و کان ساجدا في الحرم يتضرع الي الله و يدعوه فجاءته جاريه و استدعته فمشي معها حتي انتهي الي دار خديجه ام المومنين فجاءه النداء: اصعد يا حسن، فصعد و وقف علي باب البيت، فقال له المهدي (ع): يا حسن اتراک خفيت علي، والله ما من وقت في حجک الا و انا معک فيه، و جعل يعد عليه اوقات حجه فغاب عن الدنيا و لم ينتبه الا و يد الامام علي صدره.

کما روي الطوسي في غيبته عن رجل يدعي الازدي انه رآي و هو يطوف



[ صفحه 558]



حول الکعبه شابا حسن الوجه طيب الرائحه مهيبا و هو مع هيبته قريب من الناس، و لم يسمع احسن من کلامه و لا اعذب من منطقه، و انه سال عنه بعض الناس فقيل له: انه ابن رسول الله يظهر للناس في کل سنه يوما لخواص اصحابه فيحدثهم و يتحدثون اليه، و جاء في الروايه انه دنا منه و طلب منه ان يحدثه فدعا له و اخبره بانه القائم.

الي غير ذلک من الروايات الکثيره التي تنص علي انه کان يجتمع الي الناس في ايام الموسم في مکه و المدينه و يحدث خواص الشيعه و يتحدثون اليه بما يهمهم من امر آخرتهم و دنياهم و يقبض الاموال من الشيعه مره بواسطه سفرائه، و اخري بواسطه وکلائه المنتشرين في مختلف المناطق للتخفيف علي سفرائه و تسهيل مهماتهم.

و ثالثه بنفسه کما تشير الي ذلک بعض المرويات، و مما لا شک فيه ان ظهوره احيانا لسفرائه و الخاصه من اصحابه کانت تعترضه کثير من الصعوبات، و لا يتم الا في ظروف بعيده عن اعين الحکام و اجهزتهم، و حتي عن اکثر الشيعه.

و لو افترضنا ان بعض تلک المرويات او اکثرها من صنع المحبين کما هو ليس ببعيد، فمما لا شک فيه انه خلال الفتره الاولي من حياته التي انتهت بوفاه السفير الرابع الشيخ السمري سنه 329، و له من العمر اربع و سبعون عاما قضي منها مع ابيه اربع سنوات و نصف و تسعه و ستين عاما و نصف بعد ابيه، فخلالها له يکن منقطعا عن الناس انقطاعا کاملا بل کان يتصل بالخواص و السفراء احيانا عند الضرورات الملحه بعيدا عن عيون الناس خوفا من الحاکمين الذين عجزهم امره بمشيئه الله سبحانه.



[ صفحه 559]