بازگشت

النصوص الاسلامية علي امامة الامام الثاني عشر و ظهوره


لقد ذکرنا و نحن نمهد للحديث عن سيرة الائمة الاثني عشر ما جاء عن النبي (ص) في امامتهم من طريق السنة و الشيعة و انهم خلفاؤه و لا يزال الدين قائما بوجودهم، و في بعض تلک النصوص انهم عدد نقباء بني اسرائيل و ان آخرهم يملا الارض قسطا و عدلا کما ملئت ظلما و جورا، و ذکرنا موقف اهل السنة منها و تمحلاتهم في تاويلها بعد ان وجدوا ان لا مفر لهم من التسليم بصدورها عن النبي (ص) لکثرة من رواها من خيارهم و ثقات محدثيهم.

و قد روي احاديث المهدي بالذات جماعة من محدثي السنة في صحاحهم کالترمذي و ابي داود و الحاکم و ابن ماجة و اسندوها الي جماعة من خيار الصحابة کعلي (ع) و ابن عباس و ابن عمر و ابن مسعود و طلحة و ابي هريرة و ابي سعيد الخدري و ام سلمة و غير هولاء ممن سمعوا الرسول يردد حديث مهدي اهل البيت بين الحين و الآخر حسب المناسبات.

ففي صحيح الترمذي ان النبي (ص) قال: لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلک اليوم حتي يبعث الله فيه رجلا من اهل بيتي يواطي ء اسمه اسمي، و في حديث آخر للترمذي: لا تذهب الدنيا حتي يملک العرب رجل من اهل بيتي يواطي ء اسمه اسمي.



[ صفحه 523]



و جاء في احاديث اي داود: لو لم يبق من الدهر الا يوم واحد لبعث الله رجلا من اهل بيتي يملؤها عدلا کما ملئت جورا، و في بعض احاديثه انه نظر الي الحسين (ع) فقال: ان ابني هذا سيد و سيخرج من صلبه رجل يسمي باسم نبيکم يشبهه في الخلق و لا يشبهه في الخلق يملا الارض عدلا.

و في مسند احمد بن حنبل عنه انه قال: لا تنقضي الايام و لا يذهب الدهر حتي يملک العرب رجل من اهل بيتي يواطيء اسمه اسمي.

و يدعي الدکتور احمد صبحي في کتابه نظرية الامامة انه قد شاع الاعتقاد في انتظار المهدي عند جماعة من اهل السنة و ان لم يتقرر کاصل من اصول عقيدتهم کما هو الحال لدي الشيعة بعد ان تحدث فيه بعض علمائهم کالکنجي الشافعي في کتابه البيان في اخبار صاحب الزمان و السيوطي في کتابه العرف الوردي في اخبار المهدي و ابن حجر العسقلاني في کتابه القول المختصر علي علامات المهدي المنتظر و يوسف بن يحيي الدمشقي في عقد الدرر في اخبار الامام المنتظر، و مضي يقول: و شارک في الاعتقاد بالمهدي المنتظر فريق آخر من علماء السنة بالرغم من عدائهم التقليدي للشيعة و انکارهم لاکثر عقائدهم. و يعتقد ابن تيمية بصحة الحديث الذي رواه ابن عمر عن النبي (ص)، و جاء فيه: يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه کاسمي و کنيته کنيتي يملا الارض عدلا کما ملئت جورا و ذلک هو المهدي. و في حديث آخر له: المهدي من عترتي و من ولد فاطمة، کما يري ان ما رواه احمد و الترمذي و ابو داود حول المهدي من الصحاح.

و قد اورد الحافظ ابو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الکنجي الشافعي في کتابه البيان في اخبار صاحب الزمان عشرات المرويات عن النبي (ص) بواسطة الصحابة عن المهدي و نسبه و غيبته و علامات ظهورده کما يبدو من مواضيع الکتاب المطبوع مع غيبة الشيخ الطوسي.

و مما جاء فيه حول المهدي عن سهل بن سليمان عن ابي هرون العبدي



[ صفحه 524]



انه قال: اتيت ابا سعيد الخدري فقلت له: هل شهدت بدرا فقال: نعم، فقلت له: الا تحدثني بشي ء عما سمعته من رسول الله (ص) في علي و فضله، فقال: بلي اخبرک ان رسول الله (ص) لما مرض مرضته الاخيرة دخلت عليه فاطمة (ع) تعوده و انا جالس عن يمين رسول الله، فلما رات ما به من الضعف خنقتها العبرة حتي بدت دموعها علي خدها، فقال لها رسول الله: ما يبکيک يا فاطمة اما علمت ان الله اطلع الي الارض اطلاعة فاختار منها اباک فبعثه نبيا، ثم اطلع ثانية فاختار بعلک و اوصي الي فانکحته و اکثرهم حلما و اقدمهم اسلاما، فضحکت و استبشرت، فاراد رسول الله ان يزيدها مما قسمه الله لمحمد و آل محمد، فقال لها: يا فاطمة انا اهل بيت اعطينا ست خصال لم يعطها احد من الاولين و لا يدرکها احد من الآخرين غيرنا اهل البيت نبينا خير الانبياء و هو ابوک و وصينا خير الاوصياء و هو بعلک، و شهيدنا خير الشهداء و هو حمزة عم ابيک، و منا سبطا هذه الامة و هما ابناک، و منا مهدي الامة الذي يصلي عيسي خلفه، ثم ضرب علي منکب الحسين (ع) و قال: من هذا مهدي هذه الامة.

و روي بسنده الي حذيفة بن اليمان عن النبي (ص) انه قال: المهدي من وليد وجههه کالقمر الوردي الذي يملا الارض عدلا کما ملئت جورا يرضي بخلافته اهل السماء و الارض و کما روي بسند انهاه الي سفيان بن عيينة عن علي بن هلال عن ابيه انه قال: دخلت علي رسول الله (ص) في مرضه الذي قبض فيه و کانت فاطمة عند راسه فبکت حتي ارتفع صوتها، و مضي الراوي يحدث عما بشرها به النبي (ص) و کان من ذلک انه قال لها: منا مهدي هذه الامة اذا صارت الدنيا هرجا و مرجا و تظاهرت الفتن و تقطعت السبل و اغار الناس بعضهم علي بعض، فلا کبير يرحم صغيرا و لا يوقر صغير کبيرا فيبعث الله منا من يفتح حصون الضلالة و قلوبا غلفا يقوم بالدين في آخر الزمان کما قمت به في اول الزمان يملا الارض عدلا کما ملئت جورا.



[ صفحه 525]



کما روي بسند ينتهي الي ابي سعيد الخدري انه قال: ذکر رسول الله (ص) بلاء يصيب هذه الامة حتي لا يجد الرجل ملجا يلجا اليه من الظلم فيبعث الله رجلا من عترتي يملا الارض عدلا و قسطا کما ملئت ظلما و جورا يرضي عنه ساکن السماء و ساکن الارض، لا تدع السماء من قصرها شيئا الا حبته مدرارا و لا تدع الارض من نباتها شيئا الا اخرجته حتي يتمني الاحياء الاموات.

و قد تکرر هذا المضمون في کتاب البيان للحافظ الشافعي و في بعض مروياته ان المال في عهده يکثر الي حد لا يتنافس عليه احد و لا يرغب فيه راغب من الناس.

و في رواية له عن حذيفة بن اليمان ان رسول اله (ص) قال: لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لبعث الله رجلا اسمه اسمي و خلقه خلقي يبايع له الناس بين الرکن و المقام يرد الله به الدين و لا يبقي علي وجه الارض الا من يقول لا اله الا الله، فقام اليه سليمان الفارسي و قال له: يا رسول الله من اي ولدک هو؟ فقال: من ولد ابني هذا، و ضرب بيده علي کتف الحسين.

و في رواية اخري تنتهي بسندها الي سعيد بن جبير عن ابن عباس ان رسول الله (ص) قال: ان علي بن ابي طالب امام امتي و خليفتي عليها من بعدي و من ولده القائم المنتظر الذي يملا الله به الارض عدلا و قسطا کما ملئت ظلما و جورا، والذي بعثني بالحق بشيرا و نذيرا ان الثابتين علي القول به في زمان غيبته لا عز من الکبريت الا حمر، فقام اليه جابر بن عبد الله الانصاري و قال: يا رسول الله و للقائم من ولدک غيبة‌، قال: اي و ربي و ليمحص الله الذين آمنوا و يمحق الکافرين، يا جابر ان هذا الامر سر من سر الله مطوي عن عباد الله فاياک و الشک فيه فان الشک في امر الله کفر.

الي غير ذلک من الروايات الکثيرة التي بشرت بمهدي اهل البيت الامام الثاني عشر، و التي رواها صاحب البيان في کتابه و غيره من السنة



[ صفحه 526]



و الشيعة عن النبي باسانيد ينتهي اکثرها الي ثقات الصحابة و رووها من بعده الي الاجيال فدونها محدثو السنة و الشيعة في صحاحهم و مجاميع کتب الحديث، و علي حساب تلک المرويات المنتشرة بين محدثي السنة القدامي الذين دونوا الحديث في عصور التدوين الاولي و المروية عن الصحابة علي اختلاف ميولهم کانت فکرة المهدي من اهل البيت المنقذ للبشرية مما تعانيه من عسف و جور واسعة الانتشار الي ابعد الحدود بين محدثي السنة و علمائهم و جميع اصنافهم و فئاتهم و عقيدة اسلامية للکثير من علمائهم و محدثيهم غير ان العداء التقليدي و الخلافات المذهبية بينهم و بين الشيعة فرضا عليهم ان يتصرفوا في تلک الاحاديث بما يتفق مع معتقداتهم او اهوائهم کما تصرفوا في غيرها.

و کما نص عليه النبي (ص) في عشرات المناسبات فقد تواترت النصوص عليه من الائمة (ع) واحدا بعد واحد و خلال الشهور الاخيرة من حياة ابيه نص علي امامته اکثر من مرة بحضور ثقات اصحابه و خواصهم و اراهم اياه بشخصه، في حين انه کان يخفيه حتي عن اکثر شيعته خوفا عليه من الحاکمين، و شاع بين عامة الناس ان الحسن بن علي لم يترک من الولد احدا، و لعل جعفر ابن الامام علي الهادي (ع) کان ممن يعلمون بولادة المهدي و وجوده و لکنه کان مغتبطا بتلک الشائعة و يساهم في انتشارها ليبرز من خلالها کوريت لاخيه في الاوساط الشيعية التي کانت تدين بامامته و تجبي اليه اخماس اموالها و قد هيأ نفسه لذلک منذ وفاة اخيه فوقف علي باب داره و الامام لا يزال مسجي فيها يتلقي التعزية بوفاته من عامة الناس و التهنئة بالامامة من الحاکمين و اتباعهم الذين کانوا يعدونه لذلک و يعملون لتشتيت امر الشيعة و تمزيق وحدتهم و حينما قدموه للصلاة عليه و خرج الامام المهدي (ع) وجذبه بردائه و هو يقول: تنح يا عم فانا احق منک بالصلاة علي ابي دهش الناس لهذه المفاجأة و تاخر جعفر و قد اربد وجهه و علته صفرة تنم عن الخيبة و الفشل، و کان من المتعين علي الامام الشرعي ان يقف هذا الموقف الحکيم في تلک الفترة التي اتجهت فيها الانظار الي عمه الخليع المعروف



[ صفحه 527]



بالفسق و شرب الخمور ليحبط جميع التدابير التي اتخذها هو والسلطة الحاکمة لترشيحه لامامة الشيعة مکان اخيه الراحل بحجة انه لم يترک وريثا غيره.



[ صفحه 528]