الامام الثاني عشر محمد بن الحسن المهدي المنتظر
لقد ولد الامام ابوالقاسم محمد بن الحسن مهدي هذه الامة و املها المرتجي الذي يحيي الله به الحق و العدل و يعيد الي الامة حريتها و کرامتها و يملا الارض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا، ولد في النصف من شعبان سنة 255 قبل ان تصل الخلافة الي المهتدي العباسي بشهر تقريبا، و توفي والده (ع) وله من العمر خمس سنوات کنا جاء في اکثر الروايات فآتاه الله الحکمة و جعله آية للعالمين و اماما للمسلمين کما جعل عيسي بن مريم و هو في المهد نبيا.
و تدل بعض المرويات ان حکيمة عمة الامام العسکري زارته في يوم من الايام قبيل ولادة الامام محمد بن الحسن (ع) و لما ارادت ان تذهب رغب اليها الامام بأن تبقي في بيته تلک الليلة و اخبرها بان زوجته نرجس ستلد له المولود المبارک و لم يکن قد ظهر عليها اثر من آثار الحمل و بعد حوار طويل بين حکيمة والامام (ع) کما يروي الرواة باتت ليلتها في بيته الي جوار زوجته و قبيل الفجر من ليلة النصف من شعبان انتبهت نرجي من نومها و عليها آثار الاعياء وتمت الولادة علي يد حکيمة عمة الامام العسکري (ع) و امر الامام ابا عمر عثمان بن سعير بأن يعق عنه عددا من الشياه و ان يشتري کمية کبيرة
[ صفحه 514]
من اللحم و الخبز ليوزعه علي الفقراء، فنفذ عثمان بن سعيد امر الامام کما يريد.
و قد ولد الحجة محمد بن الحسن لأبيه من ام رومية تدعي سوسن و نرجس و ريحانة و صقيلة و لعلها کانت تعرف بين أفراد عائلة الامام بنرجس، و اکثر ما کان الامام يناديها بهذا الاسم، و قيل ان الامام الهادي قد ارسل بعض خاصته الي بغداد حيث کانت تعرض الغنائم في سوق من اسواقها فاشتراها له و زوجها من ولده الحسن (ع)، و قيل إنها کانت لحکيمة شقيقة الامام الهادي (ع) و زوجتها لابن اخيها الحسن العسکري.
و تذهب الروايات التي تحدثت عنها بانها کانت من بنات الملوک و ان امها من ولد شمعون الصفا، و قد حاول جدها القصير ان يزوجها من ابن اخيه و اجتمع الناس لهذه الغاية، و قبل ان يتم الزواج تساقطت الصلبان و انهارت اعمدتها و خر العريش عن عرشه مغشيا عليه فتشاءم جدها قيصر و من حوله من الا ساقفة الذين اجتمعوا لا جراء مراسيم الزواج و انتهي المجلس بدون ان يتم شي ء، و تضيف بعض الروايات الي ذلک انها رأت في الطيف کأن في مجلس جدها اجتماعا ضم السيد المسيح و شمعون الصفا و جماعة من الحواريين، و دخل عليهم النبي العربي محمد بن عبد الله في جماعة من ولده فيهم ابو محمد الحسن العسکري (ع) فخطبها النبي الي حفيده العسکري و رحب المسيح بطلبه و تم الزواج بينهما في حديث طويل ينتهي به الراوي الي ان ابا محمد العسکري اتاها في بعض الليالي و أخبرها بأن جدها سيحشد و تقع اسيرة في يد المسلمين، و أرسل الامام بعد ذلک من يشتريها له من سوق النخاسين فاشتراها له بشر النخاس و حملها الي سامراء حيث يقيم الامام (ع) فبشرها بمولودها المبارک المهدي المنتظر الذي يملک الدنيا و يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد ما ملئت ظلما و جورا.
[ صفحه 515]
و قد اختصرنا الحديث لعدم الفائدة من نقله بکامله و بنصه الحر في کما جاء في کتب الحديث و ممن رواه الصدوق في اکماله والطواسي في غيبته، والمجلسي في بحاره و اکثر المحدثين في مجاميعهم التي حشدوا فيها الغث و المسلمين والصدف الي جانب الجوهر.
و قد اشتمل الحديث علي بعض الخصوصيات التي ترجح کونه من صنع القصاصين و الکذبة، علي ان الرواة له من المجاهلين و لم يرد لهم ذکر فيما بين يدي من کتب الرجال.
و المتفق عليه بين الرواة الموثوقين انها اشتريت للإمام ابي محمد من الاسواق التي کانت تباع بها الاسري و کانت من الصالحات الناسکات، و قد خفي حملها بالمهدي حتي علي اکثر النساء اللواتي کن علي صلة بها و شاء الله لها ان تکون اما لاکرم مولود حارت به ظنون اقوام و ضلت به عقول آخرين، و لم يؤمن به سوي المؤمنين برسالة جده المصطفي و آبائه ائمة الهدي، و سيخرج يوم يأذن الله له بذلک فيملأ الأرض قسطا و عدلا کما ملئت ظلما و جورا.
[ صفحه 516]