بازگشت

طرق أحاديث المهدي في کتب السنة إجمالاً


لقد أجاد وأفاد الاستاذ الازهري السيد أحمد بن محمد بن الصديق، أبو الفيض الغماري الحسني الشافعي المغربي (ت/1380 هـ) في کتابه الرائع: (إبراز الوهم المکنون من کلام ابن خلدون) حيث أثبت فيه تواتر أحاديث الاِمام المهدي عليه السلام بما لم يسبقه أحد إليه من قبل، وذلک تفنيداً لتضعيفات ابن خلدون التي تذرع بها بعض معاصريه کأحمد أمين المصري ومحمد فريد وجدي وغيرهما. ولابأس هنا بإطلالة قصيرة علي ماذکره من طرق أحاديث المهدي في کتب أهل السنّة التي فصّلت في هذا الکتاب تفصيلاً يعبّر عن مقدرة فائقة في تتبع طرق وأسانيد أحاديث الاِمام المهدي ابتداءً من طبقة الصحابة ثمّ التابعين ثمّ تابعي التابعين وصولاً إلي من أخرج هذه الاَحاديث من المحدثين.

قال أبو الفيض: «ولا يخفي أن العادة قاضية باستحالة تواطؤ جماعة يبلغ عددهم ثلاثين نفساً فأزيد في جميع الطبقات، وذلک فيما بلغنا وأمکننا الوقوف عليه في الحال، فقد وجدنا خبر المهدي وارداً من حديث أبي سعيد الخدري، وعبدالله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب،



[ صفحه 31]



وأُم سلمة، وثوبان، وعبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي، وأبي هريرة، وأنس بن مالک، وجابر بن عبدالله الانصاري، وقرة بن أياس المزني، وابن عباس، وأُم حبيبة، وأبي اُمامة، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وعمار بن ياسر، والعباس بن عبد المطلب، والحسين بن علي، وتميم الداري، وعبد الرحمن بن عوف، وعبدالله بن عمر بن الخطاب، وطلحة، وعلي الهلالي، وعمران بن حصين، وعمرو بن مرة الجهني ومعاذ بن جبل، ومن مرسل شهر بن حوشب، وهذا في المرفوعات دون الموقوفات والمقاطيع التي هي في مثل هذا الباب من قبيل المرفوع.

ولو تتبعنا ذلک لذکرنا منه عدداً وافراً، ولکن في المرفوع منه الکفاية» [1] .

أقول: إنما ذکرت هذا لکي يعلم بأن مافات السيد أبا الفيض الغماري من أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث الاِمام المهدي هو أکثر مما ذکره، فقد ذکر ستة وعشرين صحابياً مع شهر بن حوشب، ولم يذکر ثمانية وعشرين صحابياً وهم:

أبو أيوب الانصاري، وأبو الجحّاف، وأبو ذر الغفاري، وأبو سلمي راعي رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأبو وائل، وجابر بن سمرة، والجارود بن المنذر العبدي، وحذيفة بن اسيد، وحذيفة بن اليمان، والحرث بن الربيع، والاِمام السبط الحسن عليه السلام، وزر بن عبدالله، وزرارة بن عبدالله، وزيد بن أرقم، وزيد بن ثابت، وسعد بن مالک أبو سعيد الخدري، وسلمان



[ صفحه 32]



الفارسي، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الرحمن بن سمرة، وعبدالله ابن أبي أوفي، وعبدالله بن جعفر الطيار، وعثمان بن عفان، والعلاء بن شبر المزني، وعلقمة بن قيس بن عبدالله، وعمر بن الخطاب، وعوف بن مالک، ومجمع بن جارية، ومعاذ بن جبل وهو من أوائل الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عليه السلام فقد مات معاذ سنة 18 هـ [2] .

وعلي أية حال، فقد تتبع أبو الفيض الغماري الشافعي أحاديث المهدي المروية عن أکثر من ثلاثين صحابياً، مبيناً من رواها عنهم ومن أخرجها من المحدثين بکل دقة وتفصيل.

وسوف نقتصر علي ما قاله عن حديث أبي سعيد الخدري وحده، وهو أول صحابي ذکره أبو الفيض، وقس عليه أحاديث الصحابة الآخرين.

قال:

«أما حديث أبي سعيد الخدري: فورد عنه من طريق:

أبي نظرة.

وأبي الصدّيق الناجي.

والحسن بن يزيد السعدي.

أما طريق أبي نظرة:

فأخرجه أبو داود والحاکم کلاهما من رواية عمران القطان، عنه. وأخرجه مسلم في صحيحه من رواية سعيد بن زيد، ومن رواية داود بن أبي هند کلاهما، عنه. لکن وقع في صحيح مسلم ذکره بالوصف لا بالاسم کما سيأتي.



[ صفحه 33]



وأما طريق أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد:

فأخرجه عبد الرزاق والحاکم من رواية معاوية بن قرّه، عنه. وأخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاکم من رواية زيد العمي، عنه. وأخرجه أحمد والحاکم من رواية عوف بن أبي جميلة الاعرابي، عنه. وأخرجه الحاکم من رواية سليمان بن عبيد، عنه. وأخرجه أحمد والحاکم من رواية مطر بن طهمان، وأبي هارون العبدي کلاهما، عنه. وأخرجه أحمد أيضاً من رواية مطر بن طهمان وحده، عنه. وأخرجه أيضاً من رواية العلاء بن بشير المزني، عنه، وأخرجه أيضاً من رواية مطرف، عنه.

وأما طريق الحسن بن يزيد:

فأخرجه الطبراني في الاَوسط من رواية أبي واصل عبد بن حميد، عن أبي الصديق الناجي، عنه» [3] .

أقول: لو رجعت إلي تاريخ ابن خلدون لوجدته لم يعرف أغلب هذه الطرق إذ لم يذکر من طرق حديث أبي سعيد إلاّ القليل، فضلاً عما ترکه من أحاديث الصحابة الآخرين.

ولايخفي أنّ القدر المشترک في جميع هذه الطرق إلي حديث أبي سعيد الخدري فقط دون سواه هو ظهور الاِمام المهدي عليه السلام في آخر الزمان، ولاشک أن النظر إلي جميع الطرق التي وردت بها أحاديث المهدي عن جميع الصحابة يقطع بتواتر مابشّر به النبي صلي الله عليه وآله وسلم، بل حتي لو افترضنا وجود طريق واحد فقط لکل صحابي ذُکر فهو يکفي للاِذعان بالتواتر، وقد مرّ أنّ عددهم يزيد علي الخمسين صحابياً.



[ صفحه 34]




پاورقي

[1] ابراز الوهم المکنون: 437.

هذا، ولاَبي الفيض أخ يعدّ من فضلاء علماء المغرب يکني بأبي الفضل الغماري وهو صاحب کتاب (الاِمام المهدي) وقد زاد فيه ماذکره أخوه في ابراز الوهم ثلاثة من أسماء الصحابة وخمسة من التابعين الذين رووا أحاديث المهدي، ثمّ أثبت ألفاظ روايات من ذکرهم واحداً بعد آخر حتي شغل بذلک مايزيد علي نصف صفحات الکتاب.

[2] في معجم أحاديث الاِمام المهدي (خمس مجلدات) احصاء دقيق لجميع روايات الصحابة في المهدي مع بيان مصادرها عند أهل السنة والشيعة الاِمامية.

[3] ابراز الوهم المکنون: 438.