بازگشت

المهدي ومنطق العقل والعلم


إنَّ المنکرين للامام المهدي بالتشخيص الذي حددناه ـ أي بکونه محمداً نجل الاِمام الحسن العسکري عليه السلام ـ ينطلقون من دوافع ومنطلقات بعيدة عن منهج الاِسلام في الدعوة الي الايمان بالعقائد؛ فمنهج الاِسلام کما يقوم علي العقل والمنطق، فإنه يعتمد علي الفطرة ويستند الي الغيب.

والايمان بالغيب جزءٌ من عقيدة المسلم إذ تکررت الدعوة قرآناً وسنّةً فمن القرآن الکريم، قوله تعالي: (ألم ذلک الکتاب لاريب فيه هديً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب...) [1] .

وقوله تعالي: (تلک من أنباء الغيب نوحيها اليک...) [2] وفي السنّة النبوية مئات الروايات المؤکدة علي الايمان بالغيب والتصديق بما يُخبر به الرُسل والاَنبياء. وهذا الايمان بالغيب لا تصحُّ عقيدة المسلم بإنکاره سواء تعقَّله وأدرک أسراره وتفصيلاته أم لم يستطع الي ذلک سبيلاً، کما هو الامر مثلاً بالنسبة الي الايمان بالملائکة وبالجنّ وبعذاب القبر، وسؤال الملکين في القبر، الي غير ذلک من المغيبات التي ذکرها القرآن أو أخبر بها نبينا محمد صلي الله عليه وآله وسلم ونقلها إلينا الثقاة العدول المؤتمنون، ومن جملة ذلک بل من أهمها قضية الاِمام المهدي الذي سيظهر في آخر الزمان ليملاَالاَرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت ظلماً وجوراً.



[ صفحه 162]



فالمهدي قد نطقت به الصحاح والمسانيد والسنن فلا يسعُ مسلماً إنکاره، لکثرة الطرق ووثاقة الرواة ودلائل التاريخ والمشاهدة الثابتة لشخصه کما حقق في محلّه من هذا البحث.

ومن هنا وجدنا المنکرين، سواء الذين تأثروا بمناهج الغرب، ودراسات المستشرقين، أم ممن نزعه عِرقُ التعصب لما توارثه عن سلفه، حاولوا جميعهم ـ بعد أنْ أعيتهم الحيلة، واُسقط ما في أيديهم إزاء الاَدلة النقلية المتظافرة، والبراهين الساطعة، والاعترافات المتتالية بشخص المهدي الموعود ـ أن يثيروا بعض الشبهات الهزيلة، والتلبيسات الباطلة لصرف الاَُمّة المسلمة عن القيام بدورها، والنهوض بمسؤلياتها في مرحلة الانتظار والترقب، متبعين في ذلک مغالطات مفضوحة؛ إذ زعموا أن طول عمر المهدي وما يتصل به يتعارض مع العلم ومنطق العقل والواقع. وسيتضح للقاريَ ـ بتسديد الله تعالي وتوفيقه ـ کيف أن منطقهم ساقط بحسب موازين العلم وأُصول المنطق الحق والمنهج السليم.

ولعل أهم الشبهات التي تثار هنا هي مسألة صغر سنّ الاِمام، وطول عمره، والفائدة من الغيبة بالنسبة له، ومسألة استفادة الاَُمّة المسلمة منه وهو مستور غائب.

وسنحاول مناقشة ذلک وفق المنطق العلمي والدليل العقلي.


پاورقي

[1] سورة البقرة: 2 / آية 1 ـ 3.

[2] سورة هود 11 / 49.