بازگشت

التذرع بخلو الصحيحين من أحاديث المهدي


ومن الذرائع الواهية التي تمسکوا بها في هذا المقام هو ان البخاري ومسلماً لم يرويا حديثاً في الاِمام المهدي عليه السلام [1] .

وقبل مناقشة حجتهم تلک نود التأکيد علي أُمور.

الاَول: في الصحيح المنقول عن البخاري انه قال عن کتابه الصحيح: أخرجت هذا الکتاب عن مائة الف حديث صحيح ـ وفي لفظ آخر: عن مائتي ألف حديث صحيح ـ وما ترکته من الصحيح أکثر، فالبخاري اذن لم يحکم بضعف کل حديث لم يروه، بل ما حکم عليه بالصحة يزيد علي مجموع ما أخرجه عشرات المرات.



[ صفحه 138]



الثاني: انه لايعرف عن عالم من أهل السنة قط قد قال بضعف ما لم يروه الشيخان، بل سيرتهم تدل علي العکس تماماً. فقد استدرکوا علي الصحيحين الکثير من الاحاديث الصحيحة ووضعوا لاَجل ذلک الکتب.

الثالث: من مراجعة تعريفهم للحديث الصحيح لاتجده مشروطاً بروايته في الصحيحين أو أحدهما، وکذلک الحال في تعريفهم للخبر المتواتر، ومن هنا يعلم انه ليس من شرط صحة الخبر أو تواتره ان يکون راويه البخاري أو مسلماً أو کلاهما، بل وحتي لو اتفق البخاري ومسلم علي عدم رواية خبر متواتر، فلا يقدح ذلک الاتفاق بتواتره عند أهل السنة، وخير ما يمثل هذا هو حديث العشرة المبشرة بالجنة کما هو معلوم عند أهل السنة الذين ذهبوا إلي تواتره ولم يروه البخاري ولا مسلم قط.

الرابع: إن من تذرع في انکار ظهور الاِمام المهدي عليه السلام بخلو الصحيحين من الاَحاديث الواردة بهذا الشأن، لا علم له بواقع الصحيحين کما سنوضحه في جواب هذا الاحتجاج، فنقول:

لايخفي علي أحد، ان الاحاديث الواردة في الاِمام المهدي قد تعرضت لبيان مختلف الاَُمور کبيان اسمه الشريف، وبعض أوصافه، وعلامات ظهوره، وطريقة حکمه بين الرعية وغير ذلک من الاَُمور الکثيرة الاَُخري، ولاشک أنه ليس من الواجب التنصيص علي لفظ (المهدي) في کل حديث من هذه الاحاديث، لبداهة معرفة المراد من دون حاجة إلي التشخيص. فمثلاً لو ورد حديث يبين صفة من صفات المهدي الموعود به في آخر الزمان عليه السلام مع التصريح بلفظ (المهدي)، ثم ذکر الموصوف بهذه الصفة في البخاري مثلاً لا بعنوان المهدي وانما بعنوان (رجل) مثلاً فهل يشک عاقل في أن الرجل المقصود هو



[ صفحه 139]



المهدي؟ وإلاّ فکيف يعرف الاجمال في بعض الاَحاديث؟ وهل هناک طريقة عند علماء المسلمين شرقاً وغرباً غير رد المجمل إلي المفصل سواء کان المجمل والمفصل في کتاب واحد أو کان کل منهما في کتاب.

واذا ما عدنا إلي الصحيحين سنجد ان البخاري ومسلماً قد رويا عشرات الاحاديث المجملة في المهدي عليه السلام، وقد أرجع علماء أهل السنة تلک الاحاديث إلي الاِمام المهدي لوجود ما يرفع ذلک الاجمال في الاحاديث الصحيحة المخرجة في بقية کتب الصحاح أو المسانيد أو المستدرکات.

بل ونجد أيضاً ما يکاد يکون صريحاً جداً بالامام المهدي في صحيحي البخاري ومسلم، وقبل ان نبين هذه الحقيقة نودُّ ان نقول بأنّ حديث: «المهدي حق، وهو من ولد فاطمة» قد أخرجه أربعة من علماء أهل السنة الموثوق بنقلهم عن صحيح مسلم صراحة، وعند الرجوع إلي طبعات صحيح مسلم المتيسرة لا تجد لهذا الحديث أثراً!!

أما من صرّح بوجود الحديث في صحيح مسلم وأخرجه عنه فهم:

1 ـ ابن حجر الهيتمي (ت/974 هـ) في الصواعق المحرقة، الباب الحادي عشر، الفصل الاَول: ص 163.

2 ـ المتقي الهندي الحنفي (ت/975 هـ) في کنز العمال: ج 14 ص264 حديث 38662.

3 ـ الشيخ محمد علي الصبان (ت/1206 هـ) في اسعاف الراغبين: ص145.

4 ـ الشيخ حسن العدوي الحمزاوي المالکي (ت/1303 هـ) في مشارق الانوار: ص112 وعلي أية حال فإنّ قسماً من أحاديث الصحيحين لا يمکن تفسيره إلاّ بالامام المهدي عليه السلام.



[ صفحه 140]



ولم يکن هذا اجتهاداً منّا في فهم أحاديث الصحيحين، وانما هو ما اتفق عليه خمسة من شارحي صحيح البخاري کما سنوضحه في محله.


پاورقي

[1] انظر: الاِمام الصادق / أبو زهرة: 238 ـ 239، المهدي والمهدوية / أحمد أمين: 41.