بازگشت

احاديث الخلفاء اثنا عشر


أخرج البخاري بسنده عن جابر بن سمرة قال: «سمعت النبي



[ صفحه 81]



صلي الله عليه وسلم يقول: «يکون اثنا عشر أميراً»، فقال کلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنّه قال: «کلّهم من قريش» [1] .

وفي صحيح مسلم: «ولا يزال الدين قائماً حتي تقوم الساعة، أو يکون عليکم اثنا عشر خليفة کلّهم من قريش» [2] .

وفي مسند أحمد بسنده عن مسروق قال: «کنا جلوساً عند عبدالله بن مسعود وهو يقرأ القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن! هل سألتم رسول الله صلي الله عليه وسلم کم يملک هذه الاَُمّة من خليفة؟ فقال عبدالله: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلک، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال: اثني عشر کعدة نقباء بني إسرائيل» [3] .

ويستفاد من هذه الاَحاديث أُمور، وهي:

1 ـ إن عدد الاَُمراء أو الخلفاء لايتجاوز الاثني عشر وکلّهم من قريش بلا خلاف. وهذا العدد ينطبق تماماً مع ماتعتقده الشيعة بعدد الاَئمة وهم کلّهم من قريش.

قد يقال: ان التعبير بـ (الامراء أو الخلفاء) لاينطبق مع واقع الاَئمة عليهم السلام، والجواب واضح جداً؛ لاَنّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم إنما أراد بذلک الاِمرة والاستخلاف باستحقاق، وحاشاه أن يقصد بذلک معاوية ويزيد ومروان وأمثالهم الذين لعبوا ما شاؤوا بمقدرات الاَُمّة.

بل المراد بالخليفة هو من يستمد سلطته من الشارع المقدس،



[ صفحه 82]



ولاينافي ذلک ذهاب السلطنة منهم في واقعها الخارجي لتسلط الآخرين عليهم.

ولهذا جاء في (عون المعبود في شرح سنن أبي داود) ما نصه: «قال التوربشتي: السبيل في هذا الحديث ومايتعقبه في هذا المعني أنه يحمل علي المقسطين منهم، فإنّهم هم المستحقون لاسم الخليفة علي الحقيقة ولايلزم أن يکونوا علي الولاء، وان قدّر أنّهم علي الولاء، فإنّ المراد منه المسمّون بها علي المجاز، کذا في المرقاة» [4] .

2 ـ إنّ هؤلاء الاثني عشر معنيّون بالنص کما هو مقتضي تشبيههم بنقباء بني إسرائيل، قال تعالي: (ولقد أخذ اللهُ ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) [5] .

3 ـ إن هذه الاَحاديث تفترض عدم خلو الزمان من الاثني عشر جميعاً، وأنه لابدّ من وجود أحدهم ما بقي الدين إلي أن تقوم الساعة.

وقد أخرج مسلم في صحيحه وبنفس الباب ما هو صريح جداً بهذا، إذ ورد فيه: «لايزال هذا الاَمر في قريش ما بقي من الناس اثنان». [6] .

وهو کما تري ينطبق تمام الانطباق علي ما تقوله الشيعة بأنّ الاِمام الثاني عشر (المهدي) حيّ کسائر الاَحياء، وأنه لابدّ من ظهوره في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً علي وفق ما بشر به جده المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم.

وغير خاف علي أحد أن أهل السنة لم يتّفقوا قطّ علي تسمية الاثني عشر حتي إنّ بعضهم اضطر إلي إدخال يزيد بن معاوية ومروان وعبد الملک ونحوهم وصولاً إلي عمر بن عبد العزيز لاَجل اکتمال نصاب الاثني



[ صفحه 83]



عشر [7] !!

وهو بلا أدني شکّ تفسير خاطئ غير منسجم مع نصّ الحديث. إذ يلزم منه خلو جميع العصور بعد عصر عمر بن عبد العزيز من الخليفة بينما المفروض أنّ الدين لايزال قائماً بوجودهم إلي قيام الساعة.

إنّ أحاديث الخلفاء اثنا عشر تبقي بلا تفسير لو تخلّينا عن حملها علي هذا المعني، لبداهة ان السلطنة الظاهرية قد تولاّها من قريش أضعاف العدد المنصوص عليه في هذه الاَحاديث فضلاً عن انقراضهم أجمع وعدم النصّ علي أحد منهم ـ أُمويين أو عباسيين ـ باتفاق المسلمين.

وبهذا الصدد يقول القندوزي الحنفي: (قال بعض المحققين: إنَّ الاَحاديث الدالة علي کون الخلفاء بعده صلي الله عليه وآله وسلم اثني عشر قد اشتهرت من طرق کثيرة، فبشرح الزمان وتعريف الکون والمکان علم أنّ مراد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من حديثه هذا، الاَئمة اثنا عشر من أهل بيته وعترته، إذ لايمکن ان يُحْمَل هذا الحديث علي الخلفاء بعده من أصحابه لقلّتهم عن اثني عشر، ولايمکن أن نحمله علي الملوک الاُمويّة لزيادتهم علي اثني عشر، ولظلمهم الفاحش إلاّ عمر بن عبد العزيز، ولکونهم غير بني هاشم؛ لاَن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: «کلّهم من بني هاشم»، في رواية عبد الملک، عن جابر، وإخفاء صوته صلي الله عليه وآله وسلم في هذا القول يرجّح هذه الرواية: لاَنهم لايُحسنون خلافة بني هاشم. ولايمکن أن يحمل علي الملوک العباسية؛ لزيادتهم علي العدد المذکور، ولقلة رعايتهم...

ويؤيد هذا المعني ـ أي: أن مراد النبي صلي الله عليه وآله وسلم الاَئمة الاثنا عشر من أهل



[ صفحه 84]



بيته ـ ويرجّحه حديث الثقلين» [8] .

ولايخفي أنّ حديث: (الخلفاء اثنا عشر) قد سبق التسلسل التاريخي للاَئمة الاثني عشر وضبط في کتب الصحاح وغيرها قبل تکامل الواقع الاِمامي، فهو ليس انعکاساً لواقع وإنّما هو تعبير عن حقيقة ربانية نطق بها من لاينطق عن الهوي، فقال: «الخلفاء بعدي اثنا عشر» ليکون ذلک شاهداً ومصدقاً لهذا الواقع المبتدئ بأمير المؤمنين علي والمنتهي بالامام المهدي عليهم السلام وهو التطبيق الوحيد المعقول لذلک الحديث [9] .

فالصحيح إذن أن يعتبر الحديث من دلائل النبوّة في صدقها عن الاِخبار بالمغيّبات، أمّا محاولات تطبيقه علي من عرفوا بنفاقهم وجرائمهم وسفکهم للدماء من الاُمويين والعباسيين وغيرهم فهو يخالف الحديث مفهوماً ومنطوقاً علي الرغم مما في ذلک من إساءة بالغة إلي مقام النبي صلي الله عليه وآله وسلم إذ يعني ذلک انه أخبر ببقاء الدين إلي زمان عمر بن عبد العزيز مثلاً، لا إلي ان تقوم الساعة!!


پاورقي

[1] صحيح البخاري 4: 164 کتاب الاحکام باب الاستخلاف، وأخرجه الصدوق عن جابر بن سمرة أيضاً في کمال الدين 1: 272 / 19، والخصال 2: 469 و 475.

[2] صحيح مسلم 2: 119 کتاب الامارة، باب الناس تبع لقريش، أخرجه من تسعة طرق.

[3] مسند أحمد 5: 90 و93 و97 و100 و106 و107، وأخرجه الصدوق عن ابن مسعود في کمال الدين 1: 270 / 16.

[4] عون المعبود 11: 262 شرح الحديث 4259.

[5] المائدة: 5 / 12.

[6] صحيح مسلم 2: 121.

[7] أُنظر اقوالهم في کتاب السلوک لمعرفة دول الملوک للمقريزي 1: 13 ـ 15 من القسم الاَول، وتفسير ابن کثير 2: 34 عند تفسير الآية 12 من سورة المائدة، وشرح العقيدة الطحاوية 2: 736، وشرح الحافظ ابن القيم علي سنن أبي داود 11: 263 شرح الحديث 4259، والحاوي للفتاوي 2: 85.

[8] ينابيع المودة 3: 105 باب 77 في تحقيق حديث بعدي اثنا عشر خليفة.

[9] بحث حول المهدي / الشهيد محمد باقر الصدر: 54 ـ 55.