بازگشت

في علمه


1- ابن بابويه قال: حدثنا علي بن احمد بن محمد [1] رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن ابي عبدالله الکوفي، [2] قال: حدثنا محمد بن [3] اسماعيل البر مکي، قال: حدثنا اسماعيل بن مالک، عن محمد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن ابي عبدالله عليه السلام قال: ان العلم بکتاب الله عزوجل و سنه نبيه صلي الله عليه وآله وسلم لينبت في قلب مهدينا کما ينبت الزرع [4] علي احسن نباته، فمن بقي منکم حتي يلقاه فليقل حين يراه: السلام عليکم يا اهل بيت الرحمه و النبوه، و معدن العلم و موضع الرساله.

وروي ان التسليم علي القائم عليه السلام ان يقال: السلام عليک يا بقيه الله في ارضه. [5] .



[ صفحه 212]



2- و عنه قال: حدثنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوافلي المعروف بالکرماني، قال: حدثنا ابوالعباس احمد بن عيسي الوشاء البغدادي، قال: حدثنا احمد بن طاهر القمي، قال: حدثنا محمد بن بحر [6] بن سهل الشيباني، قال: حدثنا احمد بن مسرور، عن سعد بن القمي، [7] قال: کنت امرء الهجا [8] بجمع الکتب المشتمله علي غوامض العلوم و دقائقها، کلفا باستظهار ما يصح من حقائقها، مغرما [9] بحفظ مشتبهها و مستغلقها، شحيحا علي ما اظفر به من معاظها و مشکلاتها متعصبا لمذهب الاماميه راغبا عن الامن والسلامه في انتظار التنازع و التخاصم و التعدي الي التباغض و التشاتم، معيبا للفرق ذوي الخلاف، کاشفا عن مثالب ائمتهم هتاکا لحجب قادتهم، الي ان بليت باشد النواصب منازعه، و اطولهم مخاصمه، واکثرهم جدلا، و اشنعهم سوالا، و اثبتهم علي الباطل قدما.

فقال ذات يوم - و انا اناظره- تبالک يا سعد و لا صحابک معاشر الرافضه



[ صفحه 213]



تقصدون علي المهاجرين و الانصار بالطعن عليهما و تجحدون من رسول الله صلي الله عليه و‌‌‌‌آله و سلم و لايتهما و امامتها، هذا الصديق الذي فاق جميع الصحابه بشرف سابقته، اما علمتم ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما اخرجه مع نفسه الي الغار الا علما منه بان الخلافه له من بعده، و انه هو المقلد لامر التاويل و الملقي اليه ازمه الامه، و عليه المعول في شعب الصدع و لم الشعث و سدالخلل، و اقامه الحدود، و تسريب [10] الجيوش لفتح بلاد الشرک فکما اشفق علي نبوته اشفق علي خلافته، اذ ليس من حکم الاستتار و التواري ان يروم الهارب من الشر مساعده الي مکان يستخفي فيه، ولما راينا النبي صلي الله عليه و آله و سلم متوجها الي الانجحار [11] ولم تکن الحال توجب استدعاء المساعده من احد استبان لنا قصد رسو الله صلي الله عليه و آله و سلم بابي بکر الي الغار للعله التي شرحناها، و انما ابات عليا عليه السلام علي فراشه لما لم يکن ليکترث [12] له و لم يحفل به ولا ستثقاله ولعلمه بانه ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مکانه للخطوب التي کان يصلح لها.

قال سعد: فاوردت عليه اجوبه شتي فما زال يقصد کل واحد منها بالنقض والرد علي، ثم قال: يا سعد دونکها [13] اخري بمثلها تخطم [14] آناف الروافض الستم تزعمون ان الصديق المبري عن دنس الشکوک؛ والفاروق المحامي عن بيضه الاسلام کانا يسران النفاق و استدللتم بليله العقبه اخبرني عن الصديق و الفاروق ااسلما طوعا او کرها؟



[ صفحه 214]



قال سعد: فاحتلت لدفع هذه المساله عني خوفا من الالزام و حذرا من اني ان اقررت له بطوعيتهما بالاسلام احتج بان بدوا النفاق و نشوه في القلب لا يکون الا عند هبوب روائح القهر و الغلبه و اظهار الباس الشديد في حمل المرء علي من ليس ينقاد له قلبه نحو قول الله عزوجل: (فلما راوا باسنا قالوا آمنا بالله وحده و کفرنا بما کنا به مشرکين فلم يک ينفعهم ايمانهم لما راوا باسنا) [15] وان قلت: اسلما کرها کان يقصدني بالطعن اذ لم يکن ثمه سيوف منتضاه [16] کانت تريهما الباس.

قال سعد: فصدرت عنه مزورا [17] وقد انتفخت احشائي من الغضب و تقطع کبدي من الکرب، و کنت قد اتخذت طومارا و اثبت فيه نيفا و اربعين مساله من صعاب المسائل لم اجد لها مجيبا علي ان اسال فيها خبير اهل بلدي احمد بن اسحاق صاحب مولانا ابي محمد عليه السلام فارتحلت خلفه، وقد کان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من راي فلحقته في بعض المناهل، فلما تصافحنا قال: بخير لحاقک بي؟ قلت: الشوق ثم العاده في الاسئله قال: قد تکافينا علي هذه الخطه الواحده فقد برح [18] بي القرم [19] الي لقاء مولانا ابي محمد عليه السلام واريد ان اساله عن معاضل في التاويل و مشاکل من التنزيل، [20] فدونکها الصحبه المبارکه، فانها تقف بک علي ضفه بحر [21] لا تنقضي عجائبه



[ صفحه 215]



ولا تفني غرائبه و هو امامنا.

فوردنا سرمن راي، فانتهينا منها الي باب سيدنا عليه السلام فاستاذنا، فخرج علينا الاذن بالدخول عليه، و کان علي عاتق احمد بن اسحاق جراب [22] قد غطاه بکساء طبري فيه مائه و ستون صره من الدنانير و الدراهم، علي کل صره منها ختم صاحبها.

قال سعد: فما شبهت وجه مولانا ابي محمد عليه السلام حين غشينا نور وجهه الا ببدر قد استوفي من لياليه اربعا بعد عشر، وعلي فخذه الايمن غلام يناسب المشتري في الخلقه و المنظر، وعلي راسه فرق [23] بين و فرتين [24] کانه الف بين واوين، وبين يدي مولانا رمانه ذهبيه تلمع بدائع نقوشها وسط غراتب الفصوص المرکبه عليها، قد کان اهاها اليه بعض روساء اهل البصره، و بيده قلم اذا اراد ان يسطر به علي البياض شيئا قبض الغلام علي اصابعه، فکان مولانا عليه السلام يد حرج الرمانه بين يديه و يشغله بردها کيلا يصده عن کتابه ما اراد، فسلمنا عليه فالطف في الجواب و اوما الينا بالجلوس.

فلما فرغ من کتبه البياض الذي کان بيده اخرج احمد بن اسحق جرابه من طي کسائه فوضعه بين يديه، فنظر الهادي عليه السلام [25] الي الغلام و قال له: يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتک و مواليک، فقال: يا مولاي ايجوز ان امد يدا طاهره الي هدايا نجسه و اموال رجسه قد شيب احلها باحرمها؟

فقال مولاي عليه السلام: يابن اسحق استخرج ما في الجراب ليميز بين



[ صفحه 216]



الحلال [26] و الحرام منها، فاول صره بدا احمد باخراجها قال الغلام: هذه لفلان ابن فلان من محله کذا بقم، تشتمل علي اثنين و ستين دينارا فيها من ثمن حجره [27] باعها صاحبها و کانت ارثا له عن ابيه [28] خمسه و اربعون دينارا، ومن اثمان تسعه [29] اثواب اربعه عشر دينارا، وفيها من اجره الحوانيت ثلاثه دنانير.

فقال مولانا عليه السلام: صدقت يا بني دل الرجل علي الحرام منها.

فقال عليه السلام: فتش عن دينار رازي السکه تاريخه سنه کذا قد انطمس من نصف احدي صفحتيه نقشه و قراضه آمليه وزنها ربع دينار، والعله في تحريمها ان صاحب هذه الجمله [30] وزن في شهر کذا من سنه کذا علي حائک من جيرانه من الغزل منا وربع من، فاتت علي ذلک مده و في انتهائها قيض لذلک الغزل سارقا [31] فاخبر به الحائک صاحبه فکذبه واسترد منه بعد ذلک منا و نصف من غزلا ادق مما کان دفعه اليه و اتخذ من ذلک ثوبا کان هذا الدينار مع القراضه ثمنه، فلما فتح راس الصره صادف رقعه في وسط الدنانير باسم من اخبر عنه و بمقدارها علي حسب ما قال، واستخرج الدنانير و القراضه بتلک العلامه.

ثم اخرج صره اخري فقال الغلام عليه السلام: هذه لفلان بن فلان من



[ صفحه 217]



محله کذا بقم تشتمل خمسين دينارا لا يحل لنا لمسها، [32] قال: و کيف ذلک؟

قال: لانها ثمن حنطه حاف صاحبها علي اکاره في المقاسمه، و ذلک انه قبض حصته منها بکيل واف و کال ما خص الاکار بکيل بخس، فقال مولانا عليه السلام: صدقت يا بني.

ثم قال: يا احمد بن اسحق احملها باجمعها لتردها او توصي بردها علي اربابها فلا حاجه لنا في شيء منها واثتنا بثوب العجوز.

قال احمد: و کان ذلک الثوب في حقيبه [33] لي فنسيته.

فلما انصرف احمد بن اسحق لياتيه بالثوب نظر الي مولانا ابو محمد عليه السلام فقال: ما جاء بک يا سعد؟

فقلت: شوقني احمد بن اسحق الي لقاء مولانا.

قال: فالمسائل التي اردت ان تساله عنها؟

قلت: علي حالها يا مولاي.

قال: فسل قره عيني عنها- و اوما الي الغلام- فقال لي الغلام: سل عما بدا لک عنها، فقلت له: مولانا و ابن مولانا انا روينا عنکم ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم جعل طلاق نسائه بيد اميرالمومنين عليه السلام حتي ارسل يوم الجمل الي عائشه انک قد ارهجت [34] علي الاسلام و اهله بفتنتک، واوردت بنيک حياض الهلاک بجهلک، فان کففت عني غربک [35] والا طلقتک،‌و نساء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد کان طلاقهن [36] وفاته.



[ صفحه 218]



قال: ما الطلاق؟

قلت: تخليه السبيل.

قال: فاذا کان وفاه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد خلي لهن السبيل فلم لا يحل لهن الازواج؟

قلت: وکيف وقد خلي الموت سبيلهن؟

قلت: فاخبرني يا بن مولاي عن معني الطلاق الذي فوض رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حکمه الي امير المومنين عليه السلام قال: ان الله تقدس اسمه عظم شان نساء النبي صلي الله عليه و آله و سلم فخصهن بشرف الامهات، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: يا ابا الحسن ان هذا الشرف باق لهن ما دمن لله علي الطاعه، فايتهن عصت الله بعدي بالخروج عليک فاطلق لها في الازواج و اسقطها من شرف امومه المومنين.

قلت: فاخبرني عن الفاحشه المبين التي اذا اتت المراه بها في ايام عدتها حل للزوج ان يخرجها من بيته؟

قال: الفاحشه المبينه هي السحقدون الزنا، فان المراه اذا زنت و اقيم عليها احد ليس لمن ارادها ان يمتنع بعد ذلک من التزويج بها لاجل الحد، واذا سحقت وجب عليها الرجم و الرجم خزي و من قد امرالله برجمه فقد اخزاه، ومن اخزاه فقد ابعده، فليس لاحد ان يقربه.

قلت: فاخبرني يابن رسول الله عن امرالله تعالي لنبيه موسي عليه السلام: (فاخلع نعليک انک بالواد المقدس طوي) [37] فان فقهاء الفريقين يزعمون



[ صفحه 219]



انها کانت من اهاب [38] الميته.

قال: صلوات الله عليه: من قال ذلک فقد افتري علي موسي عليه السلام و استجهله في نبوته لانه ما خلا الامر فيها من خطيئتين [39] اما ان تکون صلاه موسي عليه السلام فيهما جائزه او غير جائزه، فان کانت صلاته جائزه جاز له لبسهما في تلک البقعه، اذ لم تکن مقدسه، وان کانت مقدسه مطهره فليست باقدس واطهر من الصلاه، و ان کانت صلاته غير جائزه فيهما فقد اوجب علي موسي عليه السلام انه لم يعرف الحلال من الحرام، و ما علم ما جاز فيه الصلاه و ما لم يجز و هذا کفر.

قلت: فاخبرني يا مولاي عن التاويل فيهما، قال صلوات الله عليه: ان موسي عليه السلام ناجي ربه بالواد المقدس فقال: يا رب اني قد اخلصت لک المحبه مني فغسلت قلبي عما سواک، و کان شديد المحبه لاهله، فقال الله تعالي: (اخلع نعليک) اي انزع حب اهلک من قبلک ان کانت محبتک لي خالصه، وقبلک من الميل الي من سواي مغسولا.

قلت: فاخبرني يا بن رسول الله عن تاويل «کهيعص» قال: هذه الحروف من انباء الغيب اطلع الله عليها عبده زکريا ثم قصها علي محمد صلي الله عليه و آله و سلم و ذلک ان زکريا سال ربه ان يعلمه اسماء الخمسه فاهبط عليه جبرئيل فعلمه اياها، فکان زکريا اذا زکر محمدا و عليا و فاطمه و الحسن و الحسين سري [40] عنه همه و انجلي کربه و اذا ذکر الحسين عليه السلام خنقته



[ صفحه 220]



العبره، [41] و وقعت عليه البهره [42] فقال ذات يوم: الهي ما بالي اذا ذکرت اربعا منهم عليهم السلام تسليت باسمائهم من همومي، و اذا ذکرت الحسين عليه السلام تدمع عيني و تثور زفرتي؟

فانباه الله تبارک و تعالي عن قصته فقال: «کهيعص» «فالکاف» اسم کربلاء «والهاء» هلاک العتره «والياء» يزيد لعنه الله و هو ظالم الحسين عليه السلام «والعين» عطشه و «الصاد» صبره.

فلما سمع بذلک زکريا عليه السلام لم يفارق مسجده ثلاثه ايام و منع فيها الناس من الدخول عليه، و اقبل علي البکاء و النجيب و کانت ندبته: الهي اتفجع خير خلقک بولده؟ اتنزل بلوي هذه الرزيه بفنائه؟ الهي اتلبس عليا و فاطمه ثياب هذه المصيبه؟ الهي اتحل کربه هذه الفجيعه بساحتهما؟!

ثم کان يقول: الهي ارزقني ولدا تقر به عيني علي الکبر، و اجعله وارثا وصيا واجعل محله مني محل الحسين عليه السلام، فاذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم افجعني به کما تفجع محمدا صلي الله عليه و آله و سلم حبيبک بولده، فرزقه الله يحيي عليه السلام و فجعه به و کان حمل يحيي عليهم السلام سته اشهر، و حمل الحسين عليه السلام کذلک و له قصه طويله.

قلت: فاخبرني يا مولاي عن العله التي تمنع القوم من اختيار الامام لانفسهم.

قال: مصلح او مفسد؟ قلت: مصلح، قال: فهل يجوز ان يقع خيرتهم علي المفسد بعد ان لا يعلم احد بما يخطر ببال غيره من صلاح او فساد؟ قلت: بلي



[ صفحه 221]



قال: فهي العله،‌اوردها لک ببرهان يثق به عقلک. [43] .

ثم قال اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عزوجل و انزل عليهم الکتب و ايدهم بالوحي و العصمه انهم [44] اعلام الامم واهدي الي الاختيار منهم مثل موسي و عيسي عليهم السلام هل يجوز مع و فور عقلهما و کمال علمهما اذا هما بالاختيار ان تقع خيرتهما علي المنافق و هما يظنان انه مومن، قلت: لا.

فقال: هذا موسي کليم الله مع وفور عقله و کمال علمه و نزول الوحي عليه اختار من اعيان قومه و وجوه عسکره لميقات ربه عزوجل سبعين رجلا ممن لا يشک في ايمانهم و اخلاصهم فوقع خيرته علي المنافقين قال الله عزوجل:

(واختار موسي قومه سبعين رجلا لميقاتنا) [45] الي قومه: (لن نومن لک حتي نري الله جهره) [46] (فاخذتهم الصاعقه بظلمهم) [47] فلما وجدنا اختيار الاصلح دون الافسد علمنا ان [48] الاختيار لا يجوز ان يفعل الا من يعلم ما تخفي الصدور و ما تکن الضمائر و تتصرف عليه السرائر و ان لا خطر لاختيار المهاجرين و الانصار بعد وقوع خيره الانبياء علي ذوي الفساد لما ارادوا اهل الصلاح.

ثم قال مولانا عليه السلام: يا سعد وحين ادعي خصمک ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما اخرج مع نفسه مختار هذه الامه الي الغار الا علما منه ان الخلافه له من بعده و انه هو القلد امور التاويل و الملقي اليه ازمه الامه



[ صفحه 222]



و عليه المعول في لم الشعث و سد الخلل و اقامه الحدود، و تسريب الجيوش لفتح بلاد الکفر فکما اشفق علي نبوته اشفق علي خلافته اذا لم يکن من حکم الاستتار و التواري ان يروم الهارب من الشر مساعده من غيره الي مکان يستخفي فيه و انما ابات عليا عليه السلام علي فراشه لما لم يکن يکترث له و لم يحفل به لاستصقاله اياه و علمه بان ان قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مکانه للخطوب التي کان يصلح لها.

فهلا نقضت عليه دعواه بقولک: اليس قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: الخلافه بعدي ثلاثون سنه فجعل هذه موقوفه علي اعمار الاربعه الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبکم فکان لا يجد بدا من قوله لک: نعم، ثم کنت تقول له: فکان الواجب علي رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم ان يخرجهم جميعا علي الترتيب الي الغار و يشفق عليهم کما اشفق علي ابي بکر و لا يستخف بقدر هولاء الثلاثه بترکه اياهم و تخصيصه ابابکر و اخراجه مع نفسه دونهم.

و لما قال: اخبرني عن الصديق و الفاروق اسلما طوعا او کرها؟ لم لم تقل له: بل اسلما طمعا و ذلک لانها کانا يجالسان اليهود و يستخبراهنم عما کانوا يجدون في التوراه وفي سائر الکتب المتقدمه الناطقه بالملاحم من حال الي حال من قصه محمد صلي الله عليه وآله و سلم ومن عواقب امره، فکانت اليهود تذکر ان محمدا صلي الله عليه و آله و سلم يسلط علي العرب کما کان بخت نصر سلط علي بني اسرائيل ولا بد له من الظفر بالعرب کما ظفر بخت نصر ببني اسرائيل غير انه کاذب في دعواه في انه نبي.



[ صفحه 223]



فاتيا محمد رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم فساعداه علي قول شهاده ان لا اله الا الله وبايعا طمعا في ان ينال کل واحد منهما من جهه ولايه بلد اذا استقامت اموره و استتبت [49] احواله فلما آيسا من ذلک تلثما و صعدا العقبه مع عده من امثالهما من المنافقين علي ان يقتلوه فدفع الله عزوجل کيدهم وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا، کما اتي طلحه و الزبير عليا عليه السلام فبايعاه و طمع کل واحد منهما ان ينال من جهته ولايه بلد، فما آيسا نکثا ببيعته، و خرجا عليه فصرع الله کل واحد منهما مصرع اشباههما من الناکثين.

قال سعد: ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي عليه السلام للصلاه مع الغلام فانصرفت عنهما، و طلبت اثر احمد بن اسحق فاستقبلني باکيا فقلت: ما ابطاک و ابکاک؟

قال: قد فقدت الثوب الذي سالني مولاي احضاره، قلت: لا عليک فاخبره، فدخل عليه مسرعا و انصرف من عنده متبسما و هو يصلي علي محمد و اهل بيته، فقلت: ماالخبر؟ قال: وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا عليه السلام يصلي عليه.

قال سعد: فحمدنا الله جل ذکره علي ذلک، و جعلنا نختلف بعد ذلک اليوم الي منزل مولانا عليه السلام اياما فلا نري الغلام بين يديه، فلما کان يوم الوداع دخلت انا و احمد بن اسحق وکهلان من اهل ارضنا و انتصب احمد بن اسحق بين يديه قائما و قال: يا بن رسول الله صلي الله عليه و آله وسلم قد دنت الرحله و اشتدت المحنه فنحن نسال الله عزوجل ان يصلي علي محمد المصطفي جدک و علي المرتضي ابيک، وعلي سيده النساء امک، وعلي سيدي شباب اهل



[ صفحه 224]



الجنه عمک و ابيک و علي الائمه الطاهرين من بعدهما آبائک، و ان يصلي عليک و علي ولدک و نرغب ان يعلي کعبک و يکبت عدوک ولا جعل هذا آخر عهدنا من لقائک.

قال: فلما قال هذه الکلمه استعبر مولانا عليه السلام حتي استهلت [50] دموعه و تقاطرت عبراته ثم قال: يا بن اسحق لا تکلف في دعائک [51] فانک ملاق الله عزوجل في سفرک [52] هذا فخر احمد مغشيا عليه، فلما افاق قال: سالتک بالله بحرمه جدک الا شرفتني بخرمه اجعلها کفنا فادخل مولانا يده تحت البساط فاخرج ثلاثه عشر درهما فقال: خذها ولا تنفق علي نفسک غيرها، فانک لن تعدم ما سالت، و ان الله تبارک و تعالي لا يضيع اجر من احسن عملا.

قال سعد: فلما ا نصرفنا [53] بعد منصرفنا من حضره مولانا من حلوان علي ثلاثه فراسخ حم احمد بن اسحق و ثارت [54] به عله صعبه ايس من حياته فيها، فلما وردنا حلوان و نزلنا في بعض الخانات دعا احمد بن اسحق برجل من اهل بلده کان قاطنا بها ثم قال: تفرقوا عني هذه الليله و اترکوني و حدي فانصرفنا عنه، فرجع کل واحد منا الي مرقده.

قال سعد: فلما حان ان ينکشف الليل عن الصبح اصابتني فکره ففتحت عيني فاذا انا بکافور الخادم خادم مولانا ابي محمد عليه السلام و هو يقول: احسن الله بالخير عزاکم و جبر بالخير رزيتکم [55] قد فرغنا من غسل صاحبکم



[ صفحه 225]



ومن تکفينه فقوموا لدفنه فانه اکرمکم محلا عند سيدکم، ثم غاب عن اعيننا فاجتمعنا علي راسه بالبکاء و العويل حتي قضينا حقه و فرغنا من امره رحمه الله. [56] .

وروي هذا الحديث ايضا ابو جعفر محمدبن جرير الطبري في «مسند فاطمه عليهما السلام» قال: اخبرني ابو القاسم عبدالباقي بن يزداد بن عبدالله بن البزاز قال: حدثنا ابو محمد عبدالله بن محمد الثعالبي قراءة في يوم الجمعه مستهل رجب سنه سبعين و ثلاثمائه قال: اخبرنا ابو علي احمد بن محمد بن يحيي العطار، عن سعدبن عبدالله بن خلف القمي قال: کنت امرء لهجا بجمع



[ صفحه 226]



الکتب المشتمله علي غوامض العلوم ودقائقها،‌و ساق الحديث بعينه الي قوله: و جعلنا نختلف الي مولانا عليه السلام اياما فلا نري الغلام عليه الصلاه و السلام بين يديه. [57] .

وهذا الحديث مکرر في الکتب في «الاحتجاج» و «ثاقب المناقب» و ان کان بعض المصنفين يذکره بطوله و بعضهم يختصره.

قال مولف هذا الکتاب: انظر ايها الاخ في هذا الحديث و ماصدر عن الامامين عليهما السلام و ما فيه من غوامض العلوم الذي لا يطلع عليه الا الحي القيوم و مافي ذلک من البراهين و الجوابات السديده من مولانا القائم عليه السلام و اطلاعه علي غيوب الامور من صغر سنه، و ذلک من العجب العجيب و الامر الغريب الذي لا يکون الا بتعليم الهي فسبحان من اعطاهم سرائر العلوم، و ما هو الحجه علي الموالي و الخصوم، و في هذا الحديث کفايه في ذکر احاديث من علم القائم عليه السلام اذ به يطول الکتاب، ويودي اي الاطناب و الاطهاب، والله سبحانه و تعالي يهدي من يشاء الي صراط مستقيم.



[ صفحه 227]




پاورقي

[1] هو علي بن محمد بن عمران ابو القاسم الدقاقي، تقدم ذکره.

[2] هو محمد بن ابي عبدالله الاسدي الکوفي و اسم ابيه جعفر بن محمد بن عون اصله کوفي، سکن الري‌، و ثقه النجاشي، و قال الشيخ في کتاب الغيبه: و قد کان في زمان السفراء الممدوحين اقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفاره من الاصل منهم ابوالحسين محمد بن جعفر الاسدي رحمهم الله -معجم رجال الحديث 165:15-.

[3] هو محمد بن اسماعيل بن احمد بن بشير البر مکي المعروف بصاحب الصومعه ابو عبدالله ساکن قم، وصفه النجاشي بالاستقامه و الوثوق، وقال: له کتب منها: التوحيد - معجم رجال الحديث 94:15-.

[4] في البحار: کما ينبت الزرع عن احسن نباته.

[5] کمال الدين: 653 ح 18 باب ما روي في علامات خروج القائم عليه السلام (57)- و عنه بحار الانوارج 36:51ح 5.

[6] محمد بن بحر ابوالحسن الشيباني الکرماني السجستاني، اورده الشيخ في رجاله و قال: کان من المتکلمين، و کان عالما بالاخبار فقيها الا انه متهم بالغلو، وله نحو من خمسمائه مصنف و رساله، و ترجمه النجاشي و قال: قال بعض اصحابنا انه کان في مذهبه ارتفاع، و حديثه قريب من السلامه، وقال السيد الخوئي قدس الله سره بعد نقل ما قيل فيه: وثاقته غير ثابته و ما ذکره النجاشي من ان حديثه قريب من السلامه يريد به انه لا غلو في احاديثه، فلم يثبت حسنه ايضا اذا هو مجهول الحال- معجم رجال الحديث ج 122:15-.

[7] في هامش البحار: والعجب ان محمد بن ابي عبدالله الکوفي عد فيما مضي في حديث کمال الدين تحت الرقم 26 ص 30 عدد من انتهي اليه انهم راوه عليه السلام ولم يذکر فيهم سعد بن عبدالله و لايخفي ما في سند و لکن الوسائط بينه وبين سعد في هذا الحديث اربع منهم الاحمدون الثلاثه مجهولون و غير مذکورين في الرجال - راجع قاموس الرجال ج 339:4-.

[8] اللهج: الحريص و کذلک الکلف.

[9] المغرم: المحب المشتاق.

[10] التسريب: ارسال الجيش قطعه قطعه.

[11] الانجحار (بتقديم الجيم علي الحاء المهمله): الدخول في الجحر اي الغار.

[12] الاکتراث: المبالاه.

[13] دونک: اسم فعل الامر بمعني خذ.

[14] خطم انفه: الزق به عارا ظاهرا، وفي البحار: تخطف اي تستلبه سريعا.

[15] سوره المومن: 84-85.

[16] المنتضاه: المسلوله، يقال: انتضي سيفه: سله.

[17] الازورار: العدول و الانحراف.

[18] برح به الامر (من باب التفعيل): اتعبه وجهده.

[19] القرم (بفتح القاف والراء): شده الشهوه الي اللحم و لکن المقصود هنا مطلق شده الشوق.

[20] في الکمال و البحار: ومشاکل في التنزيل.

[21] الضفه (بفتح الضاد المعجمه او کسرها و فتح الفاء المشدده) من البحر: جانبه و ساحله.

[22] الجراب (بکسر الجحيم): و عاء من جلد.

[23] الفرق (بفتح الفاء و سکون الراء المهمله): الطريق في شعر الراس.

[24] الوفره (بفتح الواو وسکون الفاء) ما سال من الشعر علي الاذنين.

[25] هکذا في النسخ و المصدر، و المقصود به ابن الهادي ابو محمد عليه السلام.

[26] في البحار: ليميز ما بين الاحل و الاحرم منها.

[27] في البحار: من ثمن حجيره.

[28] في البحار: ارثا له من اخيه.

[29] في بعض النسخ: من اثمان سبعه.

[30] في المصدر: صاحب هده الصره.

[31] فيض: قال المجلسي يف بيان الحديث: قوله: قيض... الخ اي هيا انتهاء تلک المده سارق لذلک الغزل، والاسناد مجازي.

[32] في البحار،‌لايحل لنا مسها.

[33] الحقيبه: ما يحمل علي الفرس خلف الراکب، الخريطه التي يضع المسافر فيها الزاد و نحوه.

[34] الارهاج: اثاره الغبار.

[35] الغرب: الحده و النشاط.

[36] في البحار: قد کان طلقهن وفاته.

[37] سوره طه: 12.

[38] الاهاب (بکسر الهمزه): الجلد، او ما لم يدبغ منه.

[39] في البحار: من خطبين.

[40] سري عنه (بضم السين المهمله و کسر الراء الخففه او المشدده): زال عنه الغم.

[41] العبره (بفتح العين المهمله و سکون الباء): الدمعه، و الحزن بلا بکاء.

[42] البهر (بضم الباء الموحده و سکون الهاء): انقطاع النفس بعد الاعياء و العدو.

[43] في المصدر: ببرهان ينقاد له عقلک.

[44] في المصدر و البحار: اذ هم اعلام الامم.

[45] سوره الاعراف: 155.

[46] سوره البقره: 55.

[47] سوره النساء: 153.

[48] في المصدر و ا لبحار: علمنا ان لا اختيار الا لمن يعلم ما تخفي الصدور.

[49] استتب له الامر: استقام.

[50] استهلت دموعه: سالت.

[51] الشطط: التجاوز عن الحد.

[52] في البحار: في صدرک، وقال المجلسي في بيانه: قوله: في صدرک اي في رجوعک.

[53] في الاحتجاج والبحار: فلما صرنا بعد منصرفنا.

[54] في الاحتجاج و البحار: وثارت عليه عله.

[55] في البحار: و جبر بالمحبوب رزيتکم.

[56] الاحتجاج ج 268:2 و کمال الدين: 454 و البحار ج 78:52 ح 1 عنهما.

قال المجلسي رحمه الله بعد نقله الحديث في البحار عن کمال الدين اقول: قال النجاشي - بعد توثيق سعد و الحکم بجلالته:‌ «لقي مولانا ابا محمد عليه السلام و رايت بعض اصحابنا يضعفون لقائه لابي محمد عليه السلام و يقولون: هذه حکايه موضوعه عليه» اقول: الصدوق اعرف بصدق الاخبار و الوثوق عليها من ذلک البعض الذي لا يعرف حاله - ورد الاخبار التي تشهد متونا بصحتها بمحض الظن و الوهم مع ادراک سعد زمانه و امکان ملاقاه سعد له اذ کان وفاته بعد وفاته عليه السلام باربعين سنه تقريبا - ليس الا للازراء باخبار و عدم الوثوق بالاخبار و التقصير في معرفه شان الائمه الاطهار، اذ وجدنا ان الاخبار المشتمله علي المعجزات الغريبه اذا وصل اليهم فهم اما يقدحون فيها اوفي راويها،‌بل ليس جرم اکثر المقدوحين من اصحاب الرجال الا نقل مثل تلک الاخبار.

لايخفي ان سعد بن عبدالله القمي المتوفي سنه (301) او سنه (299) هـ وثقه ارباب الرجال و لا ريب في وثاقته و لکن هل هو شاهد الحجه عجل الله تعالي فرجه الشريف اولا؟ ففيه کلام و هو ان دليل لقاءه ابا محمد و ابنه سلام الله عليهما هو هذه الروايه التي رواها الصدوق في کمال الدين، وهي کما افاد السيد المحقق الخوئي قدس سره ضعيفه السند جدا، فان محمد بن بحر بن سهل الشيباني لم يوثق وهو متهم بالغلو، و غيره من رجال سندها مجاهيل، مضافا الي انها مشتمله علي امرين لا يمکن تصديقهما:

احدهما حکايتها صد الحجه سلام الله عليه اباه من الکتابه، والامام عليه السلام کان يشغله برد الرمانه الذهبيه،‌اذ يقبح ذلک من الصبي المميز فکيف ممن هو عالم بالغيب و بجواب المسائل الصعبه؟!

الثاني حکايتها عن موت احمد بن اسحاق في زمان العسکري عليه السلام مع انه عاش الي ما بعد ال عسکري عليه السلام و راي الحجه سلام الله عليه بعد وفاه والده - راجع معجم رجال الحديث ج 74:8 رقم 5048-.

[57] مسند فاطمه عليها الصلاه و السلام المعروف بدلائل الامامه للطبري: 274 ط النجف.