و اما سيرته عليه السلام عند قيامه و طريقه احکامه و ما يبينه الله تعالي من آياته، فقد جاءت الاثار به حسب ما قدمناه.

فروي المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت ابا عبدالله جعفر بن محمد عليهماالسلام، يقول: اذا اذن الله تعالي للقائم في الخروج صعد المنبر، فدعا الناس الي نفسه و ناشدهم بالله و دعاهم الي حقه، و ان يسير فيهم بسنه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و يعمل فيهم بعمله، فيبعث الله جل جلاله جبرائيل عليه السلام حتي ياتيه فينزل علي الحطيم يقول: الي اي شي ء تدعو؟ فيخبره القائم عليه السلام، فيقول جبرئيل: انا اول من ابايعک [1] ابسط يدک، فيمسح علي يده و قد وافاه ثلاثمائه و بضعه عشر رجلا فيبايعونه، و يقيم بمکه حتي يتم اصحابه عشره آلاف نفس، ثم يسير منها الي المدينه [2] .

و روي محمد بن عجلان عن ابي عبدالله عليه السلام، قال: اذا قام القائم عليه السلام دعا الناس الي الاسلام جديدا، و هداهم الي امر قد دثر فضل عنه الجمهور، و انما سمي القائم مهديا؛ لانه يهدي الي امر مضلول عنه [3] ، و سمي بالقائم لقيامه بالحق [4] .

و روي عبدالله بن المغيره عن ابي عبدالله عليه السلام، قال: اذا قام القائم من آل محمد عليهم السلام، اقام خمسمائه من قريش فضرب اعناقهم، ثم اقام خمسمائه اخري فضرب اعناقهم، ثم خمسمائه اخري، حتي يفعل ذلک ست مرات، قلت: و يبلغ عدد هولاء هذا، قال: نعم منهم و من مواليهم. [5] .

و روي ابو بصير، قال: ابو عبدالله عليه السلام: اذا قام القائم عليه السلام هدم المسجد الحرام حتي يرده الي اساسه، و حول المقام الي الموضع الذي کان فيه، و قطع ايدي بني شيبه و علقها بالکعبه، و کتب عليها هولاء سراق الکعبه [6] .

و روي ابو الجارود عن ابي جعفر عليه السلام، في حديث طويل، انه قال: اذا قام القائم عليه السلام سار الي الکوفه فيخرج منها بضعه عشر الف نفس يدعون البتريه [7] .



[ صفحه 383]



عليهم السلام، فيقولون: له ارجع من حيث شئت [8] ، فلا حاجه لنا في بني فاطمه، فيضع فيهم السيف حتي ياتي علي آخرهم، ثم يدخل الکوفه، فيقتل بها کل منافق مرتاب، و يهدم قصورها و يقتل مقاتلها حتي يرضي الله عز و علا [9] .

و روي ابو خديجه عن ابي عبدالله عليه السلام، قال: اذا قائم القائم عليه السلام جاء بامر جديد، کما دعا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في بدء الاسلام الي امر جديد [10] .

و روي علي بن عقبه عن ابيه، قال: اذا قام القائم عليه السلام حکم بالعدل، و ارتفع في ايامه الجور و آمنت به السبل، و اخرجت الارض برکاتها، و رد کل حق الي اهله، و لم يبق اهل دين حتي يظهروا الاسلام، و يعرفوا [11] بالايمان، اما سمعت الله سبحانه يقول:(و له اسلم من في السموات و الارض طوعا و کرها و اليه يرجعون) [12] ، و حکم بين الناس بحکم داود، و حکم محمد صلي الله عليه و آله و سلم، فحينئذ تظهر الارض کنوزها، و تبدي برکاتها، و لايجد الرجل منکم يومئذ موضعا لصدقته، و لا لبره، لشمول الغني جميع المومنين، ثم قال: ان دولتنا آخر الدول و لم يبق اهل بيت لهم دوله الا ملکوا قبلنا، لئلا يقولوا اذا راوا سيرتنا: اذا ملکنا سرنا بمثل سيره [13] هولاء، و هو قول الله تعالي:(و العاقبه للمتقين) [14] [15] .

و روي ابو بصير عن ابي جعفر عليه السلام في حديث طويل انه قال: اذا قام القائم عليه السلام سار الي الکوفه فهدم بها اربعه مساجد، و لم يبق مسجد علي وجه الارض له شرف الا هدمها، وجعلها جما [16] و وسع الطريق الاعظم، و کسر کل جناح خارج في الطريق، وابطل الکنف [17] و المازيب [18] [الي الطرقات] [19] و لا



[ صفحه 384]



يترک بدعه الا ازالها، و لا سنه الا اقامها، و يفتح قسطنطينيه و الصين و جبال الديلم، فيمکث علي ذلک سبع سنين، کل سنه عشر سنين من سنيکم [20] هذه، ثم يفعل الله ما يشاء، قال: قلت له: جعلت فداک فکيف يطول السنين؟ قال: يامر الله تعالي الفلک باللبوث و قله الحرکه فتطول الايام لذلک و السنون، قال: قلت له: انهم يقولون ان الفلک ان تغير فسد، قال: ذلک قول الزنادقه، فاما المسلمون فلا سبيل لهم الي ذلک، و قد شق الله تعالي القمر لنبيه صلي الله عليه و آله و سلم، و رد الشمس من قبله ليوشع بن نون عليه السلام، و اخبر بطول يوم القيامه و انه: (کالف سنه مما تعدون) [21] [22] .

و روي جابر عن ابي جعفر عليه السلام انه قال: اذا قام قائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم، ضرب فساطيط لمن يعلم [23] الناس القرآن علي ما انزل الله عزوجل، فاصعب ما يکون علي من حفظه اليوم؛ لانه يخالف فيه التاليف [24] .

و روي المفضل بن عمر عن ابي عبدالله عليه السلام، قال: يخرج مع القائم عليه السلام من ظهر الکوفه سبع و عشرون رجلا، خمسه عشر من قوم موسي عليه السلام الذين کانوا يهدون بالحق و به يعدلون، و سبعه من اهل الکهف، و يوشع بن نون، و سليمان [25] ، و ابو دجانه الانصاري [26] ، و المقداد، و مالک الاشتر، فيکونون بين يديه انصارا و حکاما [27] .



[ صفحه 385]



و روي عبدالله بن عجلان عن ابي عبدالله عليه السلام، قال: اذا قام قائم آل محمد صلي الله عليه و آله و سلم حکم بين الناس بحکم داود عليه السلام، و لا يحتاج الي بينه، يلهمه الله تعالي فيحکم بعلمه، و يخبر کل قوم بما استبطنوه، و يعرف وليه من عدوه بالتوسم. قال الله سبحانه:(ان في ذلک لايات للمتوسمين - و انها لبسبيل مقيم)، [28] انتهي. [29] .

ولنختم الکلام بهذا الدعاء المروي عن الامام الهمام موسي بن جعفر صلوات الله عليهما:(اللهم صل علي محمد و آل محمد، و علي منارک في عبادک، الداعي اليک باذنک القائم بامرک، المودي عن رسولک عليه و آله السلام، اللهم اذا اظهرته و فانجز له ما وعدته، و سق اليه اصحابه، و انصره و قو ناصريه، و بلغه افضل امله و اعطه سوله، و جدد به عز محمد و اهل بيته عليهم السلام، بعد الذل الذي قد نزل بهم، بعد نبيک فصاروا مقتولين مطرودين مشردين خائفين غير آمنين، لقوا في جنبک الاذي، و التکذيب ابتغاء مرضاتک و طاعتک، فصبروا علي ما اصابهم فيک، راضين بذلک مسلمين لک في جميع ما ورد عليهم و ما يرد اليهم، اللهم عجل فرج قائمهم بامرک، و انصره و انصر به دينک، الذي غير و بدل، و جدد به ما امتحي منه و بدل بعد نبيک صلي الله عليه و آله و سلم، اللهم صل علي جميع النبيين و المرسلين الذي بلغوا عنک الهدي، و اعتقدوا لک المواثيق بالطاعه، اللهم صل عليهم و علي ارواحهم و اجسادهم و السلام عليهم رحمه الله و برکاته).

و فيما رسمناه من موجز تاريخهم عليهم السلام و مختصر من اخبارهم کفايه فيما قصدناه، و الله ولي التوفيق و هو حسبنا و نعم الوکيل، کتبه بيمناه الوازره عباس بن محمد رضا القمي في ليله الجمعه الاخر من شهر رمضان سنه 1343 في المشهد المقدس علي ساکنه السلام.