بازگشت

العاده و العقل


فرق بين ما هو ممتنع الوقوع في نفسه، بحيث لا يمکن ان يقع بحال، حتي علي ايدي الأنبياء والأولياء.



[ صفحه 90]



کاجتماع النقيضين، وجعل الواحد اکثر من اثنين، و بين ما هو ممکن الوقوع في نفسه، ولکن العادة لم تجر بوقوعه، کالأمثلة الآتية، وما کان من النوع الأول يسمي بالحال العقلي، وما کان من النوع الثاني يسمي بالمحال العادي، وکثير من الناس يخلطون بين النوعين، ويعتذر عليهم التمييز بينهما، فيظنون ان کل ما هو محال عادة هو محال عقلا.

واليک الامثلة: لقد اعتدنا ان لانري عودة الأموات الي هذه الدنيا، وأن يولد الصبي، و لا يکلم الناس ساعة ولادته، واذا جاع احدنا لاتنزل عليه مائدة من السماء واذا اصابه العمي والبرص لا يشفي بدون علاج و اذا سبح الله وحمده لا تردد الجبال والطير معه التسبيح و التحميد، و اذا اخذ الحديد بيده لا يلين له کالشمع، واذا سمع منطق الطير لايفهم منه شيئا، کما يخفي عليه حديث النمل، و يعجز عن تسخير الجن في عمل المحاريب والتماثيل. ولم يشاهد انسانا مات منذ قرون، ولا انقلاب العصا الي ثعبان، ولا قوف مياه البحر کالجبال، ولاجلوس الانسان في النار دون ان يناله اي أذي. فکل هذه، وما اليها لم تجر



[ صفحه 91]



العادة بوقوعها، و لم يألف الناس مشاهدتها، لذا ظن من ظن انها مستحيلة في حکم العقل، مع انها ممکنة عقلا، بعيدة عادة. بل وقعت بالفعل.

فلقد اخبر القرآن الکريم بصراحة لاتقبل التأويل ان السيد المسيح کلم الناس، و هو في المهد، و احيا الموتي، وابرأ الاکمه والابرص، وانزل مائدة من السماء وانه ما زال حيا، و سيبقي حيا الي يوم يبعثون، و ان النار کانت بردا و سلاما علي ابراهيم، وان عصا موسي صارت ثعبانا، و ان الحديد لان لداود، و سبح معه الطير والجبال، و ان سليمان استخدام الجان، و عرف لغة الطيور والنمل. ان هذه الخوارق محال بحسب العادة، جائزة في نظر العقل، و لو کانت محالا في نفسها لا متنع وقوعها للانبياء وغير الأنبياء. فکذلک بقاء المهدي حيا ألف السنة او الوف السنين واختفاؤه عن الانظار -کما يقول الامامية- بعيد عادة، جائز عقلا، واقع دينا بشهادة الاحاديث الثابة عن رسول الله (ص)، فمن انکر امکان وجود المهدي محتجا بأنه محال في نظر العقل يلزمه ان ينکر هذه الخوارق التي ذکرها القرآن، و آمن بها کل مسلم، و من اعترف



[ صفحه 92]



بها يلزمه الاعتراف بامکان وجود المهدي، والتفکيک تحکم وعناد. اذ لا فرق في نظر العقل بين بقاء المهدي حيا ألوف السنين، وهذه الخوارق من حيث الامکان و جواز الوقوع، مادام الجميع من سنخ واحد.