بازگشت

حاکم واحد


في سنة 1838 أعلن الفيلسوف الاميرکي «ويليام لويد غاريسون» المبادي ء التي يؤمن بها، فقال فيما قال:

«لا يمکننا ان نعترف بالولاء لاية حکومة بشرية، انا نعترف فقط بملک واحد، وبمشروع واحد، وبقاض واحد، و بحاکم واحد للجنس البشري.. ان بلادنا هي العالم، و کل الجنس البشري هم ابناء بلادنا، انا نحب ارض بلادنا بمقدار ما نحب البلدان الاخري، فمصالح المواطنين الاميرکيين، وحقوقهم وحرياتهم ليست اعز علينا من تلک التي للجنس البشري». [1] و من قبله بقرون قال الاديب الايطالي الشهير دانتي: «يجب ان تخضع الارض بکاملها، و کل شعوبها لأمير واحد، يمتلک کل ما يحتاج اليه، فلا تنشأ عنده الرغبة في شي ء لايملکه..فيخيم السلام و يجب الناس بعضهم بعضا، و تحصل کل عائلة علي جميع



[ صفحه 50]



ما تحتاج اليه». [2] و هذه الدولة التي يعم فيها الخير ولا تقيم وزنا الا للتقوي هي التي دعا اليها القرآن الکريم و النبي العظيم، و آمن الامامية بصاحبها الذي يملأ الارض قسطا وعدلا وغريب ان يسخر من کلمة «يملأ الأرض قسطا وعدلا» مثقف يدعي المعرفة بالافکار والاتجاهات الغريبة، و هو اجهل الناس بالقديم والجديد، و بآراء النيرين في الشرق والغرب. ان لهذه الفکرة جذورا ثابتة في جمهورية افلاطون الذي سبق عصر السيد المسيح بأکثر من ثلاثة قرون، و في اقوال القديس او غسطين، و في المدينة الفاضلة للفارابي، ولها انصار کثر من الفلاسفة والعلماء والأدباء والقديسين، منهم صموئيل جنسون الانکليزي الذي قال: «الوطنية آخر ما يلجأ اليه الوغد».. و «ليسنغ» الالماني القائل: «متي لاتعد الوطنية في عداد الفضائل». و منهم فولتير الأديب الفرنسي الشهير الذي قال: «يکون للفرد وطن واحد اذا کان يحکمه ملک صالح، ولا يکون له أي وطن اذا کان يحکمه ملک شرير».. و من أقوال هذا المفکر: «ما تمني احد العظمة البلادة



[ صفحه 51]



الا تمني التعاسة للآخرين».. وقال غوته:«ان وطني الخير والنبل و الجمال.. وبوسعنا ان نجد الراحة في الاتجاه الکوني»، الي غير ذلک من اقوال المفکرين،من اليساريين، والمحافظين، [3] ومن الداعين لهذه الفکرة في هذا العصر «برتراند راسل الفيلسوف الانکليزي الشهير».

ان هذا المبدأ الذي هو في حقيقة التدين بوجوب الوحدة العالمية، والولاء لقائدها الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا، وحضارة تنعم بالسلام و النظام، والرفاهية والازدهار، ان هذا المبدأ من اهم الفروق التي ميزت عقيدة التشيع عن غيرها من العقائد.


پاورقي

[1] تکوين العقل الحديث ج 2ص 418 طبعة1958.

[2] المصدر السابق ج 1 ص 170.

[3] بالامس القريب اصدر عشرة من الاعضاء المحافظين في البرلمان الانکليزي کتابا بعنوان «سلطة للامن» يشرحون فيه وجهة نظرهم بانشاء حکومة عالمية، واستدلوا بتصريحات مکملان رئيس الوزارة، ودنکان وزير الدفاع البريطانيين.