بازگشت

النظام الشيوعي


قال من لا يؤمن الا بالمادة الاقتصاد: ان کل ما في الناس من مظاهر، و کل ما يصدر عن الانسان



[ صفحه 29]



يرجع الي نظام اقتصادي انتاجي معين، حتي الشاعر الذي يتغي بجمال الطبيعة، والموسيقي الذي يضع الألحان، وابتهاج الانسان بالاصدقاء و الاخوان، و اغتباط الأم بولدها، و حتي الحدائق في الدور، والقطع الفنية علي الجدران، کل ذلک، وما اليه يتولد، و ينبثق عن الاقتصاد، بل ان الزهد في الدنيا، وما فيها سببه الاقتصاد، بل ان الکعبة وهيکل سليمان، والمساجد، و الحضرات المقدسة، و کاتدرائيات القرون الوسطي لم تبن الا وسيلة للمال.. وسقراط الذي شرب السم، و هو يعلم انه ميت لساعته لم يشربه الا لدافع اقتصادي... و کذلک جميع الشهداء الذين تقدمو للموت برباطة جأش، و طيب نفس لا دافع لهم الا الاقتصاد وحده، لاشريک له، منه کل شي ء واليه المصير

و رتبوا علي ذلک ان النظام الاقتصادي اذا تغير تغير المجتمع، وانحلت مشکلاته، و عاش في احسن حال، واهدأ بال.

وأيسر عيوب هذا المذهب انه يفصل الانسان عن عقله و عاطفته، وعن تربيته ومجتمعه، ويسجنه في



[ صفحه 30]



نطاق الاقتصاد فقط لا غير.. و ليس من شک ان الکثير من الدوافع و الصلات بين الناس ترتکز علي الاقتصاد، ولکن الشي ء الذي تأباه البديهية ان يکون وراء کل ظاهرة للانسان، و کل موقف عقلي او عاطفي حاجة مادية، و مصلحة اقتصادية.. ان الانسان يجمع بين الروح و المادة، وليس في وسعه التخلص من احدهما، حتي ولو کان شيوعيا عريقا في شيوعيته، لانه في واقعه انسان کسائر الناس من جسم و روح، و لکل لوازمه ومقتضياته التي لاتنفک عنه بحال.