بازگشت

الصيحة


و هو مما اختصت به المصادر الامامية، و أکثرت من روايته و أکدت عليه.

فمن ذلک، ما رواه النعماني في الغيبة [1] عن أميرالمومنين (ع) أنه کان يتحدث عن بعض العلامات: قلنا «هل قبل هذا شي ء من شي ء أو بعده من



[ صفحه 497]



شي ء. فقال: صيحة في شهر رمضان، تفزع اليقظان و توقظ النائم و تخرج الفتاة من خدرها».

و في رواية أخري [2] عنه عليه السلام أنه قال: - فيما قال -: «الفزعة في شهر رمضان. فقيل: و ما الفزعة في شهر رمضان. فقال: أو ما سمعتم قول الله عز و جل في القرآن: «ان نشأ ننزل عليهم آية من السماء فظلت أعناقهم لها خاضعين. هي آية تخرج الفتاة من خدرها و توقظ النائم و تفزع اليقظان).

و عن [3] أبي عبدالله الصادق (ع) أنه قال: «للقائم خمس علامات... وعد منها: الصيحة من السماء».

و في رواية أخري [4] عن الامام الباقر عليه السلام - فيما قال -: «فتوقعوا الصيحة في شهر رمضان و خروج القائم ان الله يفعل ما يشاء».

و في الاحتجاج [5] في التوقيع الذي أخره السفير الرابع السمري قبل موته عن المهدي (ع): - يقول فيه -: «فمن ادعي المشاهدة قبل خروج السفياني و الصيحة، فهو کذاب مفتر».

و روي الشيخ الصدوق في الاکمال [6] عن الامام الباقر عليه السلام في حديث عن المهدي عليه السلام، قال: «و من علامات خروجه... وعد منها: و صيحة من السماء في شهر رمضان».

و في منتخب الأثر [7] عن ينابيع المودة عن أبي عبدالله عليه السلام:«خمس قبل قيام القائم من العلامات... و قال في آخره: فتلوت هذه الاية - يعني قوله تعالي: أن نشأ ننزل عليهم من السماء... الاية -، فقلت: أهي الصيحة. قال:



[ صفحه 498]



نعم، لو کانت الصيحة خضعت أعناق أعداء الله عزوجل». و رواه أيضا في تفسير البرهان [8] ضمن اثني عشر حديثا من أخبار الصيحة.

و هذه الاية من القرآن، لا تدل علي وقوع الصيحة بالتعيين، بل لا تدل علي وقوع شي ء علي التحقيق، لتعليق الحدوث علي مشيئة الله عزوجل. بل قد يقال: أنها تدل علي عدم وقوع ما هو المعلق علي المشيئة. لما أشار اليه الشيخ الطوسي [9] قائلا: أخبره - يعني الله تعالي لنبيه (ص) - بأنه قادر علي أن ينزل عليه آية و دلالة من السماء تظل أعناقهم لها خاضعة، بأن تلجثهم الي الايمان. لکن ذلک نقيض الغرض بالتکليف، لأنه تعالي لو فعل هذل لما استحقوا ثوابا و لا مدحا. لأن الملجأ لا يستحق الثواب و المدح علي فعله، لأنه بحکم المفعول به. أقول: و أشار الي بعض هذا المعني الطباطبائي في تفسير الميزان [10] .

الا أن ذلک لا ينفي صحة مثل هذه الروايات، لأن الأئمة عليهم السلام لم يستدلوا بالاية للدلالة علي وقوع الصيحة، بل للدلالة علي امکانها بمشيئة الله عز وجل. و أما وصل الايمان بسببها الي حد الالجاء و الخضوع القهري، کما قال الشيخ الطوسي، فهو مما لا نسلم به، لوضوح حفظ الاختيار بعدها. اذ يتصور العقل ؤن ينبري بعض الماديين لتفسيرها علي أساس مادي «علمي»!! فان الشبهات المادية في عصر الفتن و الانحراف أوسع من أن تحصر. فمن آمن بما دلت عليه الصيحة بوضوح من اثبات دعوي المومنين، کان مختارا في فعله و تفکيره.

يکفينا من ذلک استدلال الائمة (ع) في هذه الاخبار بالاية علي امکان الصيحة، و لو صح کلام الشيخ کان هذا الاستدلال باطلا، لأنه يستحيل علي الله تعالي أن يلجي ء الفدر الي الايمان. في حين أن هذه الأخبار کثيرة، و قابلة للاثبات التاريخي.

فاذ بطل الدليل علي بطلانه، کان ممکنا بقدرة الله تعالي، فاذا دلت عليه هذه



[ صفحه 499]



الطائفة الکبيرة من الأخبار، کان أمرا صحيحا و ثابتا، و تکون الصحيحة من الدلائل القريبة المنبهة علي الظهور.

هذا، و يبقي السؤال عن مضمون الصيحة. و هل هي مجرد صوت بلا معني، أو أنها کلام معني ذو مدلول، و ما هو مدلوله. و سيأتي جواب ذلک في التاريخ القادم، حيث نقيم القرائن علي أن المراد بها النداء باسم المهدي (ع) و ليست شيئا آخر غيره.


پاورقي

[1] ص 137.

[2] ص 133.

[3] المصدر و الصفحة و انظر غيبة الشيخ، ص 267.

[4] ص 135.

[5] انظر ص 267، و انظر تاريخ الغيبة الصغري، ص 633 و ما بعدها.

[6] انظر المصدر المخطوط.

[7] ص 454، وانظر الينابيع، ص 426.

[8] في تفسير سورة الشعراء، في المجلد الثاني، ص 762.

[9] تفسير التبيان، ج 8، ص 5.

[10] ج 1، ص 272.