بازگشت

هل الامام المهدي متزوج و له ذرية ام لا


هل الامام المهدي (ع) متزوج و له ذرية ام لا.

و يمکن بيان ذلک علي مستويين، باعتبار ما تقتضيه القواعد العام ء، اولا، و ما تقتضيه الاخبار الخاصه ثانيا.

المستوي الاول: فيما تقتضيه القواعد العامة المتوفرة لدينا.

و هذا مما يختلف حاله علي اختلاف الاطروحتين الرئيسيتين اللتين عرضنا هما فيما سبق.

اما الاطروحةالاولي: اطروحة خفاء الشخص، فهي - بغض النظر عن الاخبار الخاصة الاتية - تقتضي ان لا يکون المهدي متزوجا، و ان يبقي غير متزوج طيلة غيبته. و لا غرابة في ذلک، فا کل ما ينافي غيبته و يعرضه للخطر يکون وجوده غير جائز، فيکون زواجه غير جائز، لوضوح منافاته مع غيبته و لزومه لانکشاف امره. اذ مع خفاء شخصه لايمکنه الزواج بطبيعة الحال عادة. و اما مع ظهوره و انکشاف امره، فهو المحذور الذي يجب تجنبه و يخل بالغرض الاسمي من وجوده.



[ صفحه 62]



واما افتراض انه ينکشف لزوجته فقط، بحيث تراه و تخالطه من دون کل الناس، فهو و ان کان بمکنا عقلا، الا انه بعيدا کل البعد عن التطبيق العملي بحيث نقطع بعدم امکانه. فان هذه الزوجة يجب ان تکون قبل زواجها منخاصة الخاصة المامومنين الموثوقين الي اعلي الدرجات، بحيث لايکون في مقابلتها اياه و اطلاعها علي حقيقته اي خطر. و مثل هذه المراة تکاد تکون منعدمة بين النساء، ان لم تکن معدوة فعلا... فضلا عن ان يجد في کل جيل امراة من هذا القبيل.

اذن فبقاوه طيلة غيبته او في الاغم الاغلب منها بدون زواج، ضروري لحفظه و سلامته الي يوم ظهوره الموعود، فيکون ذلک متعينا عليه.. لو اخذنا بالاطروحة الاولي.

و اما علي الاطروحة الثانية، اطروحة خفاء العنوان، فکل هذا الکلام الذي رايناه يکون بدون موضوع. فان المهدي (ع) و ان کان من المتعذر عله ايجاد الزواج بصفته الحقيقية، لما قلناه من عدم وجود المراة الخاصة المامونة بالنحو المطلوب. ولکن زواجه بصفته فردا عاديا في المجتمع، او بشخصيته الثانية، ممکن و من ايسر الامور، بحيث لا تطلع الزوجة علي حقيقته طول عمرها. فان بدا التشکيک يغزو ذهن المراة في بعض تصرفاته او عدم ظهور الکبر عليه بمرور الزمان... امکن للمهدي (ع) ان يخطط تخطيطا بسيطا لطلاقها و ابعادها عن نفسه، او مغادرة المدينة التي کان فيها الي مکان آخر، حيث يعيش ردحا آخر من الزمن، و قد يتزوج مرة اخري... و هکذا.

و اذا امکن زواجه، امکن القول بتحققه، و ان الامام المهدي عليه السلام متزوج في غيبته الکبري بالفعل. و ذلک لان فيه تطبيقا للسنة الموکدد في الاسلام و الاوامر الکثيرة بالزواج و الحث العظيم عليه و النهي عن ترکه، و المهدي اولي من يتبع السنة الاسلامية. و بخاصة اذا قلنابان المعصوم لا يترک المستب و لا يفعل المکروه مهما امکن، و التزمنا بعصمة المهدي (ع) کما هو الصحيح. فيتعين ان يکون متزوجا، بعد ان توصلنا الي امکان زواجه و عدم منافاته مع احتجابه.

و اذا سرنا مع هذا التصور، امکن ان نتصور له في کل جيل، او في اکثر الاجيال ذرية متجددة تتکاثر بمرور الزمن، ولکنها تجهل بالمرة بانها من نسل الامام المهدي (ع)،لانه لا يکشف حقيقته امام زوجته و اولاده الصلبيين، فکيف بالاجيال المتاخرة من ذريته.



[ صفحه 63]



الا ان امامنا شيئا واحدا يحول بيننا و بين التوسع في هذا الافتراض،ان لم يکن برهانا علي انتفاء الذريه اصلا. و هو: ان وجود الذرية ملازم عادة لانکشاف امره و الاطلاع علي حقيقته. فان السنين القليلة بل العشرين و الثلاثين منها قد تمضي مع جهل زوجته و اولاده بحقيقته، کما انه يمکن التخلص من الزوجة حين يبدو عليها بوادر الالتفات. ولکن کيف يمکن التخلص من الذرية؟ فانهم او بعضهم - علي اقل تقدير - يکونون احرص الناس علي مشاهدة ابيهم و لاحقته اينما ذهب. و معه يکون دائما تحت و رقابتهم و مشاهدتهم. و من ثم لايمکنه الحفاظ علي سره العميق زمانا متراميا طويلا. فانهم بعد مضي الخمسين او السبعين عاما، سوف يلاحظون بکل وضوح عدم ظهور امارات المشيب و الشيخوخة علي و الدهم، و انه بقي شابا علي شکله الاول. و من ثم يحتملون علي الاقل کونه هو المهدي (ع)، او انه فرد شاذ لابد من الفحص عنه و التاکد من حقيقته... و بالفحص و مداومة السوال لابد ان يتوصلوا الي الاحتمال علي اقل تقدير. و هذا مناف مع غيبته و کتمان امره. و اما لو بقيت ذريته تراقبه، و لو بشخصيته الثانية، عدة اجيال، فيکون انکشاف امره بمقدار من الوضوح.

و اما افتراض انه يعيش مع زوجته و اولاده، و يظهر عليه المشيب فعلا، ثم انه يختفي و يتحول شکله الي الشباب تارة اخري عن طريق المعجزة، لکي يستافن حياة زوجية جديدة... و هکذا... فهو افتراض عاطل ترد عليه عدة اعتراضات اهمها منافاته مع قانون المعجزات، فان زواج المهدي و وجود الذرية لديه لايمت الي الهداية الالهية بصلة، لکي يمکن ان تقوم المعجزة من اجله.

اذن فلا بد من الالتزام، بعدم وجود الذرية للمهدي (ع) بالنحو المنافي لغيبته. اما بانعدام الذرية علي الاطلاق. او بوجود القليل من الذرية التي تجهل حال نسبها علي الاطلاق، کما يجهله الاخرون، و لعلنا نصادف بعضا منهم، ولکن اثبات نسبه في عداد المستحيل.

فالمتحصل من القواعد العامة، هو ان المظنون ان يکون الامام المهدي (ع) متزوجا بدون ذرية. لالنقص فيه بل و لا في زوجته، بل لاشاءة الله تعالي ذلک،



[ صفحه 64]



او تعمد المهدي (ع) له، احتفاظا بسره و محافظة علي امره.

المستوي الثاني: فيما تدل عليه الاخبار من وجود الزوجة و الاولاد للمهدي (ع). و نحن نواجه بهذا الصدد شکلين او طائفتين من الاخبار:

الشکل الاول:

الاخبار الدالة علي زواجه و وجود الذرية له، بنحو مجمل من حيث کون ذلک حاصلا في زمان الغيبة او بعد الظهور، و من حيث کونه بعنوانه الواقعي او بشخصيته الثانية. و سنعرف فيما ياتي انه لابد من تخصيص هذه الاخبار، فيما بعد الظهور، او في حال الغيبة بشکل لايکون سببا لانکشاف امره و انتفاء غيبته. الشکل الثاني:

الاخبار الدالة علي زواجه و وجود الذرية له في غيبته الکبري. و هي ثلاث روايات:

الاولي: ما رواه الحاج النوري قدس سره في النجم الثاقب عن کتاب الغيبة للشيخ الطوسي و کتاب الغيبة للنعماني. قال: رويا بطريق معتبر عن المفضل بن عمر، قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول: ان لصاحب هذا الامر غيبتين، احداهما تطول حتي يقول بعضهم: مات. و بعضهم يقول: قتل. و بعضهم يقول: ذهب. فلا يبقي علي امره من اصحابه الا نفر يسير لا يطلع علي موضعه احد من ولده و لا غيره، الا المولي الذي يلي امره [1]

الثانية: رواية کمال الدين الانباري، التي سنذکر مضمونها في الامر الرابع الاتي. [2] .

الثالثة: رواية زين الدين المازندراني، و هي مشابهة للرواية الثانية، من عدة نواح، علي ما سنري في الفصل الاتي [3] .



[ صفحه 65]



الا ان شيئا من هذه الروايات، لا يصح الاستدلال به، بمعني انها، لو تمت من ناحية السند، لاتکاد تثبت اکثر و اوسع مما اقتضته القواعد العامة التي عرفناها علي المستوي الاولي.

أما الرواية الأولي،فلا تصح لعدة وجوه:

الوجه الأول:

أنه لا دليل علي وجود ذکر الولد في هذه الرواية. فان کلا من الشيخ الطوسي و الشيخ النعماني يرويانها بنص واحد. الا ان الشيخ الطوسي قال: لايطلع علي موضعه احد من ولده و لا غيره. [4] و الشيخ النعماني روي: من ولي و لا غيره. [5] .

و مع تهافت نسخ الرواية فيما هو محل الشاهد، لا يمکن المصير الي الاستدلال بها.

الوجه الثاني:

انه علي تقدير الاعتراف بوجود کلمة الولد في الرواية، فانها لاتکاد تدل علي امر زائد علي ما اقتضته القواعد بناء علي الاطروحة الثانية.فانه يمکن ان يکون للامام المهدي (ع) ذرية لاترعف حقيقة ابيها، بمقدار لايصل الامر الي انکشاف امره و ذيوع سره، کما سبق غان عرفنا. او يکون المهدي (ع) قد حصل في بعض الاجيال، علي زوجة موثوقة عرفت حقيقته و صانت سره و سترته عن ذريته.

اما وجود ولد او ذرية يعاشرونه و يعرفونه، فهو منفي بنص الرواية، کما هو منفي بمقتضي القواعد.

ثالثا: اننا نحتمل علي الاقل، ان المراد بقوله: لايطلع علي موضوعه احد من ولده و لا غيره.. المبالغه في بان زيادد الخفاء. بمعني انه حتي لو کان له ولد اطلع علي حقيقته فضلا عن غير الولد. و هذا بمجرده لايکون دليلا علي وجود الولد فعلا، کما هو واضح. و احتمال هذا المعني يکفي لاسقاط الاستدلال بالرواية، فانه اذا دخل الاحتمال بطل الاستدلال.



[ صفحه 66]



و اما الروايتان الاخيرتان، التي سنسمعهما، فالمقدار المشترک من مدلوليهما، هو ان المهدي (ع) ساکن خلال غيبته الکبري في بعض الجزر المجهولة من البحر الابيض المتوسط. متزو و له ذرية. و قد اسس هناک مجتمعا اسلاميا نموذجيا مکونا من اولاده و الاخيار من اتباعهم و اصحابهم. و هو يعيش في ذلک المجتمع محتجبا، في الوقت الي يتولي الرئاسة العامة اولاده و ذريته.

و سياتي التعرض الي تفاصيل المضمون بمقدار الحاجة، مع ايضاح نقاط الضعف فيه. و يکفينا في حدود محل الاستدلال المناقشة من ناحيتين:

اولا: ان کلا الروايتين لا تکادان تصحان اساسا،لابتنائهما علي الاساس الذي تقوم عليه الاطروحة الاوي، کما سنوضحه عند التعرض الي تفاصيلها. و ه واساس سبق ان اقمنا البرهان علي بطلانه.

ثانيا: انه علي تقدير صحتهما، فهما لا يدلان علي شي ء زائد مما اقتضته القواعد العامة فان غاية ما تدلان عليه هو افتراض ان الامام المهدي (ع) قد وجد ف بعض الاجيال امراة صالحة موثوقة عرفته و سترت امره و حجبته عن ذريته. و قد علم ذريته بانتسابهم اليه من دو نوان يروه او يعرفوا مکمانه.. بالجملة يکفي في صدق هاتين الروايتين وقوع الزواج للمهدي (ع) مرة واحدة خلال الاجيال، و هو مما لم تنفه القواعد العامة، کما هو معلوم.

اذن فلم نجد من الروايات، ما يصلح للاستدلال به علي مضمون زائد علي ما عرفناه في القواعد العامة.


پاورقي

[1] النجم الثاقب، ص 224 و غيبة الشيخ، ص 102.

[2] النجم الثاقب، ص 217.

[3] المصدر، ص 284، و انظر البحار ص...

[4] غيبة الشيخ، ص 102.

[5] غيبة النعماني، ص 89.