في مفهوم العلامة و انقساماتها
في مفهوم العلامة و انقساماتها.
تتضمن العلامة، کما سبق، معني الکشف و الدلالة و الاراءة بالنسبة الي ما هي علامة عليه.. و هو الظهور فيما يهمنا الان. و سنتکلم بعد قليل في سبب وجود هذا الکشف.
و تنقسم العلامات، بهذا المفهوم، الي تقسيمين:
التقسيم الأول:
تقسيمها باعتبار ارتباطها بالتخطيط الالهي الي قسمين:
احدهما: الحوادث التي تکون مندرجة ضمن التخطيط الالهي. کحوادث الانحراف التي أصبحت علامات للظهور.
ثانيهما: الحوادث التي لا تکون مندرجد في هذا التخطيط... بل تکتسب صبغة تکوينية مستقلد في وجودها عن الانسان. کخسوف القمر في آخر الشهر، و کسوف الشمس في وسطه، و نحو ذلک مما ورد جعله علامة للظهور في الأخبار.
التقسيم الثاني:
تقسيمها من حيث القرب و البعد عن الظهور، الي قسمين:
احدهما: ما کان قريبا الي الظهور، بحيث يمکن أن يعد من مقدماته الأخيرة. کقتل النفس الزکية، کما ورد في الأخبار.
ثانيهما: ما يناسب، بحسب دلالة الخبر الدال عليه، مع الفاصل الزمني الطويل بينه و بين الظهور.
و اذا لاحظنا کلا التقسيمين، کانت الأقسام أربعؤ:
الأول: ما کان مندرجا في التخطيط الالهي و قريبا من الظهور کقتل النفس الزکية، لو ثبت دليل نقله.
[ صفحه 443]
الثاني: ما کان مندرجا في هذا التخطيط و بعيدا عن عصر الظهور. کوجود دولة العباسيين و الحروب الصليبية.
الثالث: ما کان أمرا تکوينيا قريبا من الظهور، کالکسوف و الخسوف المشار اليه.
الرابع: ما کان أمرا تکوينيا بعيدا عن عصر الظهور، کالذي ورد في الأخبار من حصول الفيضانات و وجود أسراب الجراد و شحة الأمطار في عصر الغيبة الکبري.
و من هنا يقع الکلام في هذه الأقسام لأجل التدقيق فيها من ناحية، و بيان معني سببيتها للکشف عن الظهور، و أنها کيف و لماذا أصبحت علامة عليه. من ناحية ثانية.
أما العلامات المربوطة بالتخطيط الالهي بشکل عام، فمن الواضح أن هذا التخطيط حيث کان مکرسا لأجل التقديم و التهيئة لليوم الموعود، يوم ظهور المهدي (ع)... فالفرد حخين يعرف ذلک و حين يعرف أسلوب هذا التخطيط، بالنحو الذي أسلفناه، يستطيع أن يشخص من الحوادث ما هو مربوط به و ما هو غير مربوط. و تکون الحوادث المندرجة فيه حاملة معني التقديم و التهيئة ليوم الظهور، بحسب معرفة الفرد المفکر، فتکون کلها کاشفة عنه و من علاماته لا محالة.
و تکون هذه العلامة مطابقة للقواعد الأولية، لا بد من الالتزام بها سواء ورد ذکرها في الروايات أو لا.. بعد أن تم البرهان علي وجود التخطيط الالهي و صحته. و هذه هي المزية الرئيسية لهذا الشکل من الروايات عن غيرها.
علي أنها قد وردت في الروايات بالفعل... و يندرج في ذلک جميع ما أسلفناه من أخبار انحراف الزمان و أهله، سواء منها ما ورد مربوطا بالمهدي أو مربوطا بالساعة، أو مهملا عن الارتباط... کما برهنا عليه في الجهة السابقة.
و أما بالنسبة الي الحوادث التکوينية التي بشرت الروايات بوقوعها قبل الظهور ولو بزمن طويل... فالسر الأساسي في کاشفيتها عن الظهور و کونها علامة عليه، هو أن النب (ص) و الأئمة (ع) يختارون بعض الحوادث الکبري الملفتة للنظر مما
[ صفحه 444]
يعلمون وقوعه في المستقبل، بالوحي أو بالالهام، فيخبرون به مرتبطا بالظهور، حتي اذا ما وقعت الحادثة في الأزمان ثبت عند الجيل المعاصر لها و الأجيال المتأخرة عنها صدق هذه الأخبار، بالحس و الوجدان، فيثبت بالقطع و اليقين صدق الأخبار بالظهور. و هذا هو معني کاشفيتها عن الظهور، و کونها علامة عليه.
و من هنا لا معني لکون بعض هذه الحخوادث علامة، الا اذا ورد في الروايات ذکره، و جعل منها علامة علي الظهور. و أما بدون ذلک، فلا تکاد تصلح الحوادث الکونية المبعثرة خلال العصور، للکشف عن الظهور.
و أما بالنسبة الي الحوادث الکونية القريبة من الظهور، بحسب دلالة الأخبار، فالسر الأساسي في دلالتها علي الظهور هو أن الله تعالي يوجد بعض الحوادث الکونية، خصيصا لأجل أن تصبح علامة علي الظهور، لأجل الفات نظر الناس اليه، و خاصة أولئک المخلصين الممحصين الذين کانوا و لا زالوا ينتظرون الظهور.
اذن فهذا القسم من الروايات يکتسب علاميته من التخطيط الالهي الخاص لأجل الفات النظر الي الظهور.
الا أن هذا القسم، کسابقه، لا يعرف کونه علامة علي الظهور ما لم يرد ذکره في الروايات. لوضوح أن حدوث الحادثة مهما کان غريبا و ملفتا للنظر، لا يکون علامة علي الظهور، بدون المعرفة المسبقة بذلک... بواسطة نقلها في الأخبار.
فهذه هي جملة الأقسام لعلامات الظهور بما فيها من اختلاف في سببيتها في الکشف عن الظهور.