بازگشت

في تحديد المنهج العام الذي نسير عليه تجاه الروايات الدالة عل


في تحديد المنهج العام الذي نسير عليه تجاه الروايات. الدالة علي تعداد علامات الظهور.

و يقع الکلام في ذلک ضمن عدة نقاط:

النقطة الأولي:

سبق أن ذکرنا تفصيلا في القسم الثاني من هذا التاريخ، المنهج العام الذي نسير عليه تجاه روايات التنبؤ بمستقبل الزمان بشکل عام سواء منها ما دل علي علامات الظهور أو علي أشراط الساعة أو علي انحراف الزمان، و نحوها من الروايات. فيکون ذلک المنهج شاملا لهذا الفصل جملة و تفصيلا. و قد سبق ذلک، و لا حاجة الي التکرار.

و علينا الان أن نضيف الي ذلک أمرين نلخصهما في النقطتين التاليتين:

النقطة الثانية:

ان الروايات التي تدل علي حدوث حوادث معينة في مستقبل الزمان، علي ثلاثة أقسام:

القسم الأول:

ما ورد مربوطا بظهور المهدي (ع) بنص الرواية. کما هو الحال في الأعم



[ صفحه 437]



الأغلب من أخبار المصادر الامامية. حيث کرست کلها تقريبا لذلک، و قل فيها التعرض لامارات الساعة التي تحدث بعد الظهور.

القسم الثاني:

ما ورد مربوطا بالساعد و قيام يوم القيامة... و هو الأعم الأغلب من أخبار المصادر العامة، حيث لم يربط بظهور المهدي (ع) منها الا القليل نسبيا.

القسم الثالث:

ما ورد مهملا من الناحيتين السابقتين... بمعني تکفل الرواية لبيان حدوث الحادثة من دون أن يفهم منها ارتباطها بالظهور و بقيام الساعة.

ولکل القسمين الأولين، قسمان متشابهان:

أحدهما: ما دل علي وقوع الحادثة قبل الظهور أو قبل قيام الساعة مباشرة... بمعني الفصل بينهما بأيام قليلة أو زمن قصير. کالذي وذد أين بين قتل النفس الزکية و بين ظهور المهدي (ع) خمسة عشر يوما.. علي ما سيأتي. أو ما ورد من أن الساعة لا تقوم الا علي شرار الخلق... اذن فوجود شرار الخلق،قبل قيامها بقليل.

ثانيهما: ما دل علي وقوع الحادثة قبل الظهور أو قبل قيام الساعة، بشکل يناسب وقوعها بفاصل زماني طويل. و ليس في رواية ما يدل علي التقارب بينهما. کما ورد في بعض الروايات من قوله: لاتقوم الساعة حتي يحدث کذا و کذا. و من قوله: لا يکون الذي تمدون اليه أعناقکم (يعني الظهور) حتي يحدث کذا و کذا... و نحو هذا من الکلام.

فما کان موقتا و مضبوطا من العلامات، کما لو دل الخبر علي وقوع الحادثة قبل الظهور أو قبل الساعة مباشرة... فلا کلام في ذلک. فانه يمکن العمل بها و اعتبارها اثباتا تاريخيا کافيا لو انطبق عليها التشدد السندي الذي سرنا عليه.

و ما لم يکن موقتا بمثل هذا التوقيت، کان الظاهر انفصال الحادثة بزمان کبير عن الوقت المحدد: الظهور أو الساعة... قد يبلغ مئات السنين أو الالاف. حتي أن عددا من الحوادث التي نسمع التنبو بها، قد حدثت بالفعل، و قد حدث بعضها قبل عدة قرون... و لم يحدث الي الان الظهور فضلا عن الساعة.



[ صفحه 438]



فما ورد مربوطا بالمهدي (ع)، بشکل مباشر أو غير مباشر، مما حدث أو لم يحدث، هو في حقيقته من علامات قيام الساعة أيضا.. باعتبار ما قلناه من أن مفهوم العلامد ليس الا الحادثة التي جعلت منبها للناس عند حدوثها الي حدوث ما يليها، و کاشفة عنه. و من المعلوم أن الحادثة المتقدمد علي الظهور و الکاشفة عنه، کاشفة عن قيام الساعة أيضا. اذن فمن الصحيح أن تنسب علامات الظهور الي الساعة، و تجعل علامات عليها. کما ورد بالفعل في العديد من الروايات.

و ما ورد مربوطا بالساعة بشکل غير مباشر و لا قريب، يمکن لنا جعله علامة علي الظهور، بنفس اعتبار التقابل السابق. و کذلک ما ورد مهملا من الارتباط بالظهور و الساعة، أن نجعله من علامات الظهور.يضا. و لا يبقي من علامات الساعة الخاصة بها، الا ما يقع قبل قيامها بقليل 7 بحسب الخبر الدال عليه. و في مثله يتعين أن يکون واقعا بعد الظهور أيضا.

فان قال قائل: فان هذه الحوادث التي جعلناها علامة علي الظهور، لا يتعين فيها ذلک، فانها کما يحتمل حدوثها قبل الظهور لتکون علامة عليه، يحتمل حدوثها بعده، فلا تکون علامة عليه.

نقول: هناک عدة قرائن تدلنا علي تقدم الأعم الأغلب من الحوادث الواردة في الأخبار، متقدمة علي الظهور، و تصلح أن تکون علامة عليه. و ان ورد في الأخبار مربوطا بقيام الساعة، أو مهملا عن الربط.

القرينة الأولي:

وجود الدليل التاريخي علي وقوع الحادثة التي تنبات بها الرواية. فان معني ذلک تقدمها علي العصر الحاضر و هو دليل علي تقدمها علي الظهور أيضا. و مثاله التنبو بهلاک الدولة العباسية، و وجود الحروب الصليبية.. علي ما سنذکر.

القرينة الثانية:

ارتباط الحادثة بعصر الفتن و الانحراف، کوجود الکذابين أو الدجال أو الحروب المنحرفة. و قد علمنا تقدم عصر الفتن علي الظهور... فيکون کل ما هو مرتبط بهذا العصر، متقدم علي الظهور ايضا.

فان قال قائل: فکيف علمنا بتقدم عصر الفتن علي الظهور... مع أن عددا



[ صفحه 439]



من الروايات السابقة الدالة علي انحراف الزمان، لم يکن مربوطا بظهور المهدي (ع) بحسب صرلحته و مدلوله المباشر... و هو الأعم الأغلب من روايات العامة. فکيف نثبت تقدم عصر الفتن علي الظهور بشکل مطلق.

قلنا: يمکن الجواب علي ذلک، في مستويين:

المستوي الأول:

ان تقدم عصر الفتن علي الظهور، أو عصر الظلم علي العدل، من واضحات الاسلام بل من واضحات کل من يومن باليوم الموعود و القاطع للظلم، من أهل الأديان. اذن فکل ما دل علي وجود الانحراف، فهو خاص بما قبل الظهور.

المستوي الثاني:

وجود عدد ضخم من الروايات تربط الفتن و الانحراف بما قبل الظهور، بالصراحة، والدلالة المباشرة، فتکون هذه الروايات قرينة علي أن المراد من الروايات الأخري، نفس هذا المضمون أيضا. وقد سبق أن روينا کلا هذين الشکلين من الروايات في القسم الثاني من هذا التاريخ.

فان قال قائل: فکيف نکون علي يقين بأن مثل هذه الحوادث ناشئة من الانحراف السابق علي الظهور... اذ لعلها من الحوادث الناشئة من الانحراف السابق علي قيام الساعة، کما ورد في الأخبار، بأن الساعة لا تقوم الا علي شرار الخلق. [1] .

قلنا له: ان مثل هذا الاحتمال فاقد الأهمية بالمرة، و ذلک لامکان الجواب علي عدة مستويات.

المستوي الأول:

ان ما دل علي قيام الساعة علي شرار الخلق. لا يثبت طبقا للتشدد السندي، و لا يکفي للاثبات التاريخي. علي ما سنذکر في التاريخ القادم. [2] .



[ صفحه 440]



المستوي الثاني:

ان هذه الاخبارات الموسعة الکثيرة عن الفتن و الانحراف، لايحتمل أبدا أن تکون عائدة الي ما قبل قيام الساعة. و ان السياق العام لهذه الروايات يأبي عن هذا الفهم تماما، کما هو واضح لمن راجعها.

مضافا الي أن الاتجاه العام لروايات التنبو بالمستقبل هو زيادة سرد الحوادث کلما کان الزمان المستقبل أقرب نسبيا و قلتها کان ذلک أبعد. و من المعلوم أن عصر ما قبل الظهور أقرب بکثير من عصر ما قبل يوم القيامة. و معه فمن غير المحتمل أن ترجع کل هذه الحوادث المروية الي ذلک الزمان السحيث في البعد. بل يتعين رجوعه الي عصر ما قبل الظهور بطبيعة الحال. و هو المطلوب. و يکفي لعصر ما قبل القيامة، رواية واحدة أو اثنتان مثلا، تعربان عن أنها لا تقوم الا علي شرار الخلق.

المستوي الثالث:

ان هناک عددا کبيرا من الروايات، تربط حوادث الفتن و الانحراف ربطا مباشرا بما قبل الظهور. فتکون هذه الروايات قرينة علي حمل الروايات الأخري علي ذلک أيضا.

القرينة الثالثة:

ان الحادثة الواحدة، کالخسف بالبيداء، مثلا، يتکرر ذکرها في عدة روايات. منها ما هو مربوط بالساعة و منها ما هو مربوط بالمهدي، و منها ما هو مهمل.ج فيکون ما دل علي ارتباطه بالمهدي (ع) أي علي تقدمه علي ظهوره، قرينة علي باقي الروايات.

أما الروايات التي تذکر الحادثة مهملة عن الربط، فحملها واضح، لأنه من باب حمل المطلق علي المقيد، فکأن هذه الأخبار المهملة ذکرت الحادثة مربوطة بعصر ما قبل الظهور أيضا.

و أما الروايات التي تربط نفس الحادثة بقيام الساعة، و تجعلها من اماراتها. فباعتبار أن هذا الارتباط يناسب مع البعد الزمني الکبير کما عرفنا، فيکون شاملا لعصر ما قبل الظهور و ما بعده. فيکون حدوث الحادثة - من زواية هذه



[ صفحه 441]



الروايات - في أي من العصرين محتملا. فبدلالد ما دل علي ارتباط الحادثة بعصر ما قبل الظهور، يتعين الالتزام بوقوعها في العصر السابق علي الظهور، و ينتفي احتمال وقوعها في العصر المتأخر عنه.

و بشکل برهاني آخر نقول: أننا اذا قلنا بتأخر مثل هذه الحادثة عن عصر الظهور، فقد کذبنا بالروايات، الدالة علي تقدمها عليه، و أخذنا بکلا القسمين من الروايات، فان ما هو متقدم علي الظهور متقدم علي يوم القيامة بطبيعة الحال. و الأخذ بقسم من الروايات أولي من تکذيب قسم منها. فيتعين القول بتقدم الحادثة علي عصر الظهور، أي الالتزام بوقوعها خلال عصر الغيبة الکبري.

القرينة الرابعة:

قيام الدليل في کثير من الأحيان علي تقدم الحادثة المعينة علي بعض الحوادث المتقدمة علي الظهور أو المعاصرة له، فيکون ذلک الدليل بنفسه کافيا لاثبات وقوع تلک الحادثة المعينة قبل الظهور.

مثاله: ما ثبت في الروايات من تقدم وجود الدجال، علي نزول المسيح، الذي هو بدوره معاصر مع الظهور. فيتعين أن يکون وجود الدجال متقدما علي الظهور.... الي غير ذلک من الأمثله.

فبهذه القرائن و نحوها يثبت أن الأعم الأغلب مما رواه العامة من الحوادث منسوبد و مربوطة بقيام الساعة، هي في واقعها من علامات الظهور.

نعم لايمکن تاسيس قاعدة عامة في ذلک، بل لا بد من وجود احدي هذه القرائن في کل مورد مورد و کل حادثة حادثة. و ما لم تقم القرائن علي تعيينه يبقي عصر وقوع الحادثة مجهولا لا محالة.

النقطة الثالثة

ان هذه القرائن التي ذکرناها لا تختص بتعيين زمن حدوث الحوادث، بل تشمل، بشکل وآخر، سائر الخصائص و التفاصيل المعطاة في الروايات. اذ يمکن



[ صفحه 442]



علي الدوام جعل بعض الروايات قرينة علي بعض، لاثبات شي ء أو نفيه... و خاصة بعد الالتزام بالتشدد السندي الذي سرنا عليه.


پاورقي

[1] أنظر الصواعق المحرقة، ص 98، و غيبة الشيخ الطوسي، ص 218.

[2] و هو الکتاب الثالث من هذه الموسوعة.