بازگشت

من الأخبار الدالة علي التکليف في عصر الغيبة


ما دل علي وجوب الانتظار الفوري، و توقع الظهور في کل وقت، بالمعني الذي سبق أن حققناه.

أخرج الطبرسي في الاعلام [1] والکليني في الکافي و الصدوق في الاکمال [2] عن الامام الصادق عليه السلام في حديث عن الغيبة انه قال: فعندها توقعوا الفرج صباحا و مساء.

و قد سبق أن سمعنا ما قاله المهدي (ع) للشيخ المفيد في رسالته اليه - برواية الطبرسي في الاحتجاج [3] - من قوله: فليعمل کل امرء منکم بما يقرب به من



[ صفحه 361]



محبتنا، و يتجنب ما يدنيه من کراهتنا، و سخطنا، فان أمرنا بغتة فجأة. الخ الرسالة.

و روي عن الامام الصادق (ع) [4] أنه قال: و هو يعدد الدين الحق: الورع و العفة و الصلاح... الي قوله: و انتظار الفرج بالصبر.

و عن اميرالمومنين: [5] انتظروا الفرج، و لا تياسوا من روح الله، فان أحب الأعمال الي الله عزوجل، انتظار الفرج.

و في الاکمال [6] عن النبي (ص)، قيل له: يا رسول الله، متي يخرج القائم من ذريتک. فقال: مثله مثل الساعة لا يجليها لوقتها الا الله عزوجل. لا تأتيکم الا بغتة.

و في منتخب الاثر [7] عن اکمال الدين أنه أخرج عن الامام الرضا (ع) قوله: ما أحسن الصبر و انتظار الفرج. أما سمعت قول الله عزوجل: فارتقبوا اني معکم رقيب... فانتظروا اني معکم من المنتظرين... فعليکم بالصبر، فانما يجي ء الفرج علي اليأس.

و أخرج الترمذي [8] عن أبي الأحوص عن عبدالله قال: قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: سلو الله من فضله، فان الله يجب أن يسأل. و أفضل العبادة انتظار الفرج.

و في الکافي [9] عن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر: يا ابن رسول الله، هل تعرف مودتي لکم و انقطاعي اليکم و موالاتي اياکم. قال: فقال: نعم.. الي أن يقول: و الله لأعطينک ديني و دين آبائي الذي ندين الله عزوجل به: شهادة أن لا اله الا الله و أن محمدا رسول الله.. الي أن يقول: و انتظار قائمنا و الاجتهاد و الورع.



[ صفحه 362]



و فيه ايضا عن الامام الباقر عليه السلام، في ذکر الدين الذي يقبل فيه العمل. قال: شهادة أن لا اله الا الله، وحده لا شريک له... الي أن يقول: والورع و التواضع، و انتظار قائمنا. فان لنا دولة، اذا شاء الله جاء بها.

الي غير ذلک من الأخبار، و سيأتي فيما سنسمعه من الأخبار الناطقة بفضل الانتظار و المنتظرين، خلال عصر الغيبة، ما يدل علي ذلک أيضا.

و قد سبق أن تکلمنا عن المفهوم الصحيح للانتظار، و ها قد سردنا الأخبار الدالة علي ذلک. و أما السؤال عن منافاة مفهوم الانتظار مع العلامات المجعولة للظهور، أو عدم منافاتها معه، فقد سبق أن ناقشناه. و سيأتي تفصيل ذلک، في القسم الثالث من هذا التاريخ.

و قد يقول قائل: ان أغلب هذه الأخبار، لم تنص علي أن المراد هو انتظار ظهور المهدي (ع) أو اليوم الموعود. فلعل المراد هو انتظار الفرج بعد أي شدة.

فنقول في جوابه: أنه يمکن الانطلاق الي اثبات اختصاص هذه الأخبار بانتظار ظهور المهدي (ع) من زاويتين:

الزاوية الأولي:

الاستفادة من الأخبار المصرحة بذلک، مما ذکرناه.. وجعلها قرينة علي أن المراد من الأخبار الأخري هو ذلک أيضا.

و ليس في ذلک ما ينافي کلا الأطروحتين: الامامية و غيرها في فهم المهدي (ع). فان انتظاره علي کل حال من أفضل العبادة... سواء کان المهدي (ع) موجودا غائبا أو لم يکن.

الزاوية الثانية:

ان انتظار الفرج الذي يکون مهما الي هذاالحد، و مشددا عليه في لسان المعصومين عليهم السلام بهذا المقدار... حيث نسمع أنه أحب الاعمال الي الله عزوجل، و أنه أفضل العبادة، و أنه أساس من أسس الدين... هذا لا يمخکن أن يکون انتظار الفرج من مشکلة معينة أو صعوبة فردية. فان غاية ما يطلب من الفرد اسلاميا خلال المصاعب هو الصبر، و عدم الاعتراض علي الله في ذلک. و أما



[ صفحه 363]



انتظار ارتفاع الصعوبة، فلا يعطي مزية زائدة بحسب ما هو المفهوم من القواعد العامة في الاسلام.

و انما هذا الانتظار الکبير ليس الا انتظار اليوم الموعود، باعتبار ما يستتبعه من الشعور بالمسوولية و النجاح في التمحيص الالهي، و المشارکة في ايجاد شرط الظهور، في نهاية المطاف... کل ذلک لمن يشعر بهذا الانتظار و يکون علي مستوي مسووليته، بخلاف من لا يشعر به بل يبقي علي مستوي المصلحة و الانانية... فانه لن ينال من هذه العبادة الفضلي شيئا.

و نستطيع بکل وضوح أن نعرف أنه لماذا أصبح هذا الانتظار أساسا من أسس الدين... لأنه مشارکة في الغرض الأساسي لايجاد البشرية، ذلک الغرض الذي شارک فيه رکب الأنبياء و الشهداء و الصالحين و حسن اولئک رفيقا.

اذن، فهذه الأخبار، لا يمکن أن يکون لها معني، الا المشارکة في هذا الهدف الکبير.


پاورقي

[1] اعلام الوري، ص 404.

[2] انظر المصدرين المخطوطين.

[3] ج 2، ص 324.

[4] منتخب الأثر، ص 498.

[5] نفس المصدر و الصفحة.

[6] أنظر المصدر المخطوط.

[7] ص 496.

[8] ج 5، ص 225.

[9] أنظر المصدر المخطوط.