الفرار من الفتن
أخرج البخاري في موضعين من صحيحه [1] عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) يقول: يأتي علي الناس زمان خير مال الرجل المسلم الغنم يتبع بها شعف الجبال و مواقع القطر، يفر بدينه من الفتن. و أخرجه أبو داود [2] و ابن ماجه [3] بنصه.
[ صفحه 344]
و أخرج ابن ماجة: [4] ان النبي (ص) قال: خير معايش الناس لهم، رجل ممسک بعنان فرسه في سبيل الله، و يطير علي متنه، کلما سمع هيعة أو قزعه طار عليه اليها، يبتغي الموت أو القتل، مظانه. و رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعاف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصلاة و يوتي الزکاة و يعبد ربه، حتي يأتيه اليقين. ليس من الناس الا في خير.
و أخرج أيضا [5] عن أبي سعيد الخدري: أن رجلا أتي النبي (ص) فقال: أي الناس أفضل؟ قال: رجل مجاهد في سبيل الله بنفسه و ماله. قال: ثم من؟ قال: ثم أمرأ في شعب من يعبد الله عزوجل، و يدع الناس من شره.
وللترمذي [6] حديث آخر بهذا المضمون.
[ صفحه 345]
اذن فالتکليف الاسلامي في عهد الفتن و الانحراف، منقسم الي قسمين، لا ثالث لهما. فان المسلم الشاعر بالمسوولية تجاه دينه.. أما أن يکون قادرا علي الجهاد أو العمل المنتج لتقويم المعوج و الکفکفة من التيارات الکافرة. و أما أن لايکون قادرا علي ذلک. فان کان قادرا علي العمل وجب عليه ذلک لا محالة. و أن کان عاجزا عنه فخير له أن يعتزل الفتنة و أهلها. و أما معايشة المنحرفين مع الضعف في الايمان و الارادة، فتودي الي مالا يحمد عقباه في الدين و الدنيا.. کما هو واضح و معاش للناس يوميا.
پاورقي
[1] أنظر ج 8، ص 129، و ج 9، ص 66.
[2] ج 2، ص 418.
[3] ج 2، ص 1317.
[4] ج 2، ص 1318، وأنظر نحوه في صحيح مسلم، ج 6، ص 20.
[5] ج 2، ص 1317.
[6] ج 3، ص 320.