بازگشت

الالتزام بالتعاليم الاسلامية الحقة النافذة المفعول فيما قبل


من التکاليف المطلوبة في عصر الغيبة الکبري: الالتزام بالتعاليم الاسلامية الحقة النافذة المفعول فيما قبل الظهور.



[ صفحه 312]



و هذا من واضحات الشريعة، فان مقتضي شمول تعاليمها و عمومها لکل الأجيال، وجوب اطاعتها و تطبيقها علي واقع الحياة في کل الأجيال. سواء ما کان علي مستوي العقائد و المفاهيم، أو ما کان علي مستوي الأحکام.

و يقابل هذا الوضوح احتمالان رئيسيان:

الاحتمال الأول:

أن ينجرف الفرد مع امتيازات المعادية للاسلام، و يتبع عقائدها و أحکامها، و يعتبرها نافذد عليه، و يدع أوامر الاسلام و نواهيه، بل و عقائده في سبيلها.

و هذا النحو من السلوک واضح الفساد من وجهة نظر الاسلام. و حسبنا منه أنه مستلزم للعصيان الاسلامي و الرسوب في التمحيص الالهي.

و معني فساد هذا الوجه، هو أن العقائد الوحيدة الصحيحة و الأحکام الوحيدة النافذة في کل العصور، هي عقائد الاسلام و أحکامه. و أما ما يغزو المجتمع المسلم من عقائد غريبة و أحکام وضعية، فلا تعتبر حقا و لاواجبة الامتثال.

الاحتمال الثاني:

أن المهدي بعد ظهوره - علي ما سنعرف في التاريخ القادم - سوف يصدر قوانين جديدة، و يعطي للاسلام تفاصيل و تطبيقات جديدة. فقد يکون من المحتمل أن تکون تلک الأحکام و قوانين سارية المفعول خلال الغيبة الکبري أيضا. مما ينتج أن يکون الاقتصار علي امتثال الأحکام السابقة علي الظهور، غير کافية.

الا أن هذا الاحتمال غير موجود البتة: لليقين بأمرين:

الأمر الأول:

ان أحکام ما بعد الظهور لن تکون ذات أثر (رجعي) بحيث تشمل الزمن السابق عليها.

فان الامام المهدي (ع) انما يصدر قوانينه الجديدة بناء علي مصالح و أسباب تتحقق بعد الظهور، و ليس لها في عصر الغيبة الکبري عين و لا أثر.



[ صفحه 313]



الأمر الثاني:

أننا - علي أي حال - نجهل تلک الأحکام بالمرة، و الجهل بالحکم بهذا الشکل، سبب کاف للمعذورية عن امتثاله أمام الله تعالي و رسوله (ص)، بحسب قواعد الاسلام.

اذن، فتکون الأحکام الاسلامية الصادرة المعلنة، منذ عصر الرسالة، نافذة المفعول، بکل تفاصيلها و خصائصها، من دون معاوض و لاناسخ، و يجب علي الفرد اطاعتها و امتثالها. و هو واضح من وجهة النظر الاسلامية.

و هذا هو المراد من عدد من الأخبار علي اختلاف مضامينها،تأمر المسلم بالبقاء علي ما کان عليه من عقيدة و تشريع.. بالرغم من تيار الفن و شبهات الانحراف.

أخرج ابن ماجة [1] عن رسول الله (ص) أنه ذکر التکليف في عصر الفتن فقال: تأخذون بما تعرفون و تعدون ما تنکرون. و تقبلون علي خاصتکم و تذرون أمر عامتکم.

و المراد بهذا الحديث الشريف، بعد فهمه علي أساس القواعد الاسلامية العامة... هو وجوب الأخذ بماقامت عليه الحجة من أحکام الاسلام أو عقائده. بمعني أنه متي دل الدليل الصحيح علي کون شي ء معين هو حکم اسلامي أو عقيدة اسلامية، وجب الأخذ به، بمعني لزوم العمل عليه ان کان حکما و وجوب الاعتقاد به ان کان عقيدة. و أما ما کان مخالفا لذلک، فيجب رفضه و اعتباره انحرافا و فسادا.

و أما الذين يشخصون ذلک، و يفهمون ما هو الحکم الاسلامي من غيره، و ما هو الدليل الصحيح و ما هو الفاسد، فليس هم العامة أو الجمهور الذين ينعقون مع کل ناعق يميلون مع کل ريح... فانهم - لامحالة - تؤثر فيهم موجات الانحراف و تغريهم المصالح و الشهوات. فيجب الاعراض عنهم کموجهين وقادة و اصحاب راي. و انما توکل هذه المهمة الي المختصين بالنظر الي الأدلة الاسلامية



[ صفحه 314]



و استنتاج الأحکام، و المفکرين الذين اتعبوا أنفسهم في تحقيق و تدقيق العقائد و المفاهيم و الأحکام.

و بهذا يريد النبي (ص) أن يلفت نظر الفرد المسلم الي وجوب الالتفاف حول هولاء الخاصة من العلماء الذين يطلعونه علي الحق و يبعدونه عن الباطل، و ينقذونه من تيار الفتن، و يحرزون له النجاح في التمحيص الالهي الکبير.

و مثل هذا الحديث عدة أخبار، رواها الصدوق في اکمال الدين [2] عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام. ففي أحد الأخبار يقول (ع): اذا أصبحت و أمسيت لا تري أما ما تأتم به (يعني عصر الغيبة الکبري) فأحبب من کنت تحب و أبغض من کتب تبغض، حتي يظهره الله عزوجل.

و في حديث آخر: تمسکوا بالأمر الأول حتي تستبين لکم. و في حديث ثالث: فتمسکوا بما في أيديکم حتي يتضح لکم الأمر. و في حديث رابع: کونوا علي ما أنتم عليه حتي يطلع عليکم نجمکم (يشير الي ظهور المهدي (ع)).

و الأمر الأول الذي في اليد، هو احکام الاسلام و عقائده الصحيحة النافذة المفعول في هذه العصور. و معني التمسک به تطبيقه في واقع الحياة، سلوکا و عقيدة و نظاما.

و کل هذه الأخبار، تعم العقيدة و الأحکام... ما عدا الخبر الأول منها، فانه خاص بالعقيدة. فانه أمر الفرد المسلم بحب من کان يحب و بغض من ان يبغض. والحب و البغض بالمعني الاسلامي الواعي الدقيق، يتضمنان نقطتين رئيسيتين:

النقطة الأولي:

و يعتبر الفرد من يحبه مثالا و مقتدي، بصفته ممثلا کاملا للسلوک الاسلامي و الکمال البشري. فيحاول الفرد جهد امکانه أن يحذو حذوه و يقتفي خطاه. حيث لايمکن أن يصل الي الکمال بدون ذلک.

و في مقابلة من يبغضه الفرد المسلم من المنحرفين و المنافقين. فانهم مثال للسوء



[ صفحه 315]



و الظلم، يجب الابتعاد عنهم و مغايرة سلوکهم، لکي يمکن للفرد الحصول علي الکمال و السلوک الصحيح.

النقطة الثانية:

اذ يعتبر الفرد المسلم من يحبه مطاعا في أقواله، واجب الامتثال في أحکامه. لأن أحکامه هي أحکام الاسلام و أقواله تطبيقات لما يرضي الله عزوجل. اذن، فلا يمکن أن يتحقق السلوک الصالح بدون ذلک.

فانظر الي الجانب العقائدي، کيف يعيش في الحياة متمثلا في السلوک الصالح... و انما حصل التعرض الي الجانب العقائدي في الأخبار، لا باعتبار اختلاف العقيدة الاسلامية في زمن المهدي (ع). اذ من المعلوم أنه عليه السلام لا يغير العقائد و الأحکام الرئيسية في الاسلام. و انما يتصرف فيما دون ذلک.

و علي أي حال، فنحن الان غير مسوولين عن أحکام المهدي (ع) بل يکفينا الاعتقاد بما عرفناه من الاسلام. و ايکال ما يحدث بعد الظهور الي وقته.

و من هنا نعرف أنه لماذا عبر في الخبر عن الأحکام الحالية بالأمر الأول أو ما في اليد، و ذلک: بمقايستها الي أحکام ما بعد الظهور. و کذلک التعبير: بمن کنت تحب و من کنت تبغض. فانه بمقايسة من يجب ؤن يحبه و يطيعه من أولي الأمر الموجودين بعد الظهور.

و أخرج الکليني في الکافي [3] و الصدوق في اکمال الدين [4] والنعماني في الغيبة. عن المفضل بن عمر عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، حين يساله الراوي عن تکليفه في زمان الغيبة [5] حين تکثر الفتن و دعاوي الضلال و تنتشر الشبهات. فال الراوي: فکيف نصنع. قال: فنظر الي شمس داخلة في الصفة. فقال: يا أبا عبدالله تري هذه الشمس. قلت: نعم. قال: و الله لأمرنا أبين من هذه الشمس.

فالمطلوب اسلاميا، هو متابعة خط الأئمة (ع) الذين هم البقاء الأمثل للنبوة



[ صفحه 316]



و الاسلام... باعتبار وضوح ما هم عليه من الحق، کوضوح الشمس المشرقة، و قيام الحجة فيه علي الخلق. فلا بد من التمسک به والسير عليه خلال الغيبة الکبري، لکي ينجو به المسلم من الفتن و يبتعد عن مزالق الانحراف.

و لئن کان هذا الحديث مما لا يومن به الا القواعد الشعبية الامامية، فان الأخبار المتقدمة تعمهم و غيرهم من أبناء الاسلام.


پاورقي

[1] أنظر السنن ص 1308 ج 2.

[2] انظر المصدر المخطوط.

[3] انظر المصدر المخطوط.

[4] انظر المصدر المخطوط.

[5] انظر ص 77.