بازگشت

الاعتراف بالمهدي کامام مفترض الطاعة و قائد فعلي للأمة، و ان


من التکاليف المطلوبة اسلاميا حال الغيبة: الاعتراف بالمهدي عليه السلام کامام مفترض الطاعة و قائد فعلي للأمة، و ان لم يکن عمله ظاهرا للعيان،و لا شخصه معروفا.

و هذا من الضروريات الواضحات، علي المستوي الامامي، للعقيدة الاسلامية، الذي أخذناه في هذا التاريخ أصلا مسلما و أجلنا البرهان عليه الي حلقات قادمة من هذه الموسوعة.

فانه الامام الثاني عشر لقواعده الشعبية، و هو المعصوم المفترض الطاعة الحي منذ ولادته الي زمان ظهوره. و قد عرفنا في تاريخ الغيبتين الصغري و الکبري، الأعداد الکبيرة من الأخبار الدالة علي ذلک، و فلسفة دخله في التخطيط الالهي، و مقدار تأثير الامام عليه السلام في العمل في صالح الأمة الاسلامية عموما،



[ صفحه 288]



و قواعده الشعبية خصوصا. کما عرفنا مقدار تأثير وجوده في رفع معنويات قواعده و تمحيص اخلاصهم و تحسين أعمالهم.

و حسب الفرد المسلم أن يعلم أن امامه و قائده مطلع علي أعماله و ملم بأقواله، يفرح للتصرف الصالح و يأسف للسلوک المنحرف، و يعضد الفرد عند الملمات.. حسب الفرد ذلک لکي يعي موقفه و يحدد سلوکه تجاه امامه، و هو يعلم أنه يمثل العدل المحض و ان رضاه رضاء الله و رسوله، و ان غضبه غضب الله و رسوله.

کما أن حسب الفرد أن يعرف أن عمله الصالح، و تصعيد درجة اخلاصه، و تعميق شعوره بالمسوولية تجاه الاسلام و المسلمين، يشارک في تاسيس شرط الظهور و يقرب اليوم الموعود. اذن ف (الجهاد الأکبر) لکل فرد تجاه نفسه يحمل المسؤؤلية الکبري تجاه العالم کله، و مسلئه قسطا و عدلا کما ملي ء ظلما و جورا. فکيف لا ينطلق الفرد مجاهدا مضحيا عاملا في سبيل اصلاح نفسه و ارضاء ربه.

و من ثم نري النبي (ص) يوسس أساس هذا الشعور في الفرد المسلم و يقرن طاعة المهدي (ع) بطاعته و معرفته - علي المستوي العملي التطبيقي - بمعرفته. فان معرفة النبي (ص) بصفته حامل مشعل العدل الي العالم، لا يکون بالاعتراف التاريخي المجرد بوجوده و وجود شريعته، بل بالمواظبة التامة علي الالتزام بتطبيق تعاليمه و الأخذ بارشاداته و توجيهاته، و الا کان الفرد منکرا للنبي (ص) علي الحقيقة، و ان کان معترفا بوجوده التاريخي.

و حيث أن أفضل السلوک الاسلامي و أعدله انما يتحق تحت اشراف القائد الکبير المهدي (ع) اذن تکون أحسن الطاعة لنبي الاسلام و أفضل تطبيقات شريعته، هو ما کان بقيادة المهدي (ع) و ما بين سمعه و بصره. اذن صح أن معرفة المهدي (ع) - علي المستوي السلوکي التطبيقي - معرفة للنبي (ص). و انکاره علي نفس المستوي انکار له.

و من ثم نسمع النبي (ص) يقول: من أنکر القائم من ولدي فقد أنکرني. [1] و نراه يقول: القائم من ولدي اسمه اسمي و کنيته کنيتي، و شمائله شمائلي، وسنته=



[ صفحه 289]



سنتي. يقيم الناس علي ملتي و شريعتي، و يدعوهم الي کتاب ربي عزوجل. من أطاعه فقد أطاعني، و من عصاه فقد عصاني، و من أنکره في غيبته فقد أنکرني، و من کذبه فقد کذبني، و من صدقه فقد صدقني.... الحديث. [2] الي غير ذلک من الأخبار الواردة بهذا المضمون عنه (ص) و عن أئمة الهدي (ع).

و هذا الکلام من النبي (ص) و ان کان منطبقا علي المعتقد الامامي في المهدي (ع)، الا أنه بنفسه قابل للتطبيق علي المعتقد العام لأهل السنة و الجماعة في المهدي اذا استطعنا الغاء فکرة الغيبد عن کلامه (ص)، فانهم عندئذ يتفقون مع الامامية في مضمون الحديث جملة و تفصيلا. اذ من المقطوع به و المتسالمخ عليه بين سائر المسلمين أن المهدي (ع) هو الرائد الأکبر في عصره لتطبيق الاسلام، فهو يقيم الناس علي ملة رسول الله (ص) و يدعوهم الي کتاب الله عزوجل. و من الطبيعي مع اتحاد الاتجاه و الأطروحة، أن تکون طاعة المهدي (ع) طاعة للنبي (ص) و عصيانه عصيانا له، و تکذيبه تکذيبا له و تصديقه تصديقا له.

کما أنه من الحتم أن يکون انکار ظهور المهدي (ع) و قيامه بالسيف لاصلاح العالم، انکارا لرسالة النبي (ص) و رفضا لجهوده الجبارة في بناء الاسلام، کيف لا.. و ظهور المهدي (ع) هو الأمل الکبير لرسول الله (ص) في أن تسود شريعته في العالم، و تتکلل مساعيه و تضحياته بالنصر المبين. بعد أن لم تکن الشروط وافية و الظروف مواتية لحصول هذا النصر في عصره، کما أوضحناه فيما سبق.

بل يکون انکار المهدي (ع) في الحقيقة انکارا للغرض الأساسي من خلق البشرية و الحکمة الالهية من وراة ذلک، مما قد يؤدي الي التعطيل الباطل في الاسلام.

فانه بعد أن برهنا أن الغرض من خلق البشرية هو ايجاد العبادة الکاملة في ربوع المجتمع البشري بقيادة الامام المهدي (ع) في اليوم الموعود... اذن يکون انکار المهدي موديا الي نتيجة من عدة نتائج کلها باطلة کما يلي:

النتيجة الأولي:

ان خلق البشرية ليس وراءه هدف ولا غاية. و هذا منفي بنص القرآن



[ صفحه 290]



القائل: (و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون). و بالبرهان العقلي الفلسفي القائل بضرورة وجود العلة الغائية و الهدف، من وراء کل فعل اختياري، و بخاصة اذا کان الفاعل حکيما لا نهائيا... رب العالمين.

النتيجة الثانية:

ان الغرض من الخليقة و ان کان موجودا، الا أنه ليس هو ايجاد المجتمع الصالح العابد، بل هو أمر آخر لانعلمه!!. و هذا مخالف لنص القرآن و صريحه في الاية السابقة. و خلاف ما تسالمت عليه الأديان السماوية من الايمان بمصير البشرية الي الخير و العدل في نهاية المطاف.

النتيجة الثالثة:

ان هذا الغرض الالهي و ان کان ثابتا، الا أنه ليس من الضروري نزوله الي حيز التطبيق، بل يمکن أن يبقي نظريا علي طول الخط.

و هذا من غرائب الکلام، فان معني ذلک تخلف الحکيم عن مقتضي حکمته، و نقضه لغرضه، و هو مستحيل عقلا، کما ثبت في الفلسفة. و ليس معني تنفيذ هذا الغرض الا ايجاده في الخارج.

النتيجة الرابعة:

ان هذا الغرض، يحدث في الخارج، الا أنه لا يحتاج الي قائد، بل يمکن أن يتسبب الله تعالي الي ايجاده تلقائيا، و معه لاحاجة الي افتراض وجود المهدي (ع).

و هذا لا معني له، لانه يتضمن انکارا لما اعترفت به الأديان کلها و تسالمت عليه من وجود القائد في اليوم الموعود. مضافا الي أنه يتضمن يضاانکارا لطبيعة الأشياء، فان الأمة بدون القائد ليست الا أفرادا مشتتين مبعثرين، لا يمکنهم أن يحفظوا أي مصلحد تتعلق بالمجموع، ما لم يرجع الأمر الي الاستقطاب القيادي و التوجيه العام المرکزي... و هذا واضح في کل أمة علي مدي التاريخ.

و احتمال: قيام المعجزة لايجاد هذا الغرض الأقصي، بدون قائد، فقد سبق أن عرضنا فکرته و ناقشناها.



[ صفحه 291]



النتيجة الخامسة:

ان تنفيذ هذا الغرض يحتاج الي قائد، ولکنه غير منحصر بالمهدي (ع)، بل يستطيع أن يقوم به الکثيرون.

و هذا زعم عجيب، اذ لا تقصد بالمهدي (ع) الا القائد المطبق للغرض الالهي. بعد أن غضضنا النظر عن الاعتقاد الامامي بشخصه اذن فيکون انکاره انکارا لتنفيذ ذلک الغرض الأساسي کليا. و أما من حيث قابلية القيادة، و أنها هل تختص بشخص واحد أو هي ممکنة للعديدين. فهذا ما سنعرض له في الکتاب الاتي من هذه الموسوعة.

اذن، فيتعين الاعتراف بوجودالمهدي (ع) منفذا للغرض الالهي الکبير. و لا تختص نتيجة هذا البرهان بالمسلمين، فضلا عن الامامية منهم. و انما هي واضحة علي مستوي کل الأديان السماوية.


پاورقي

[1] انظر الاکمال المخطوط. و منتخب الأثر ص 492.

[2] انظر الاکمال المخطوط: باب من انکر القائم.