بازگشت

في الأخبار الدالة علي صعوبة الزمان و فساده علي شکل مطلق ليس


و هي علي عدة أقسام:

القسم الأول:

ما دل من الأخبار علي امتلاء الأرض ظلما و جورا.و هو مضمون مستفيض بل متواتر بين الفريقين،و ان امتنع الشيخان عن اخراجه.

أخرجه أبو داود مکررا، مرة بلفظ: يملأ الأرض قسطا و عدلا کما ملئت ظلما و جورا. و اخري بلفظ: لو لم يبق من الدهر الا يوم، لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملوها عدلا کما ملئت جورا. و مرة ثالثة بلفظ: المهدي مني... يملأ الأرض قسطا



[ صفحه 241]



و عدلا کما ملئت ظلما و جورا. [1] .

و أخرج في الصواعق المحرقه [2] عن أحمد و أبي داود و الترمذي و ابن ماجه ما ذکرناه من اللفظ الثاني للحديث. و عن أبي داود و الترمذي: لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد... الي أن قال: يملأ الأرض قسطا و عدلا کما ملئت جورا و ظلما. و عن الطبراني: فيبعث الله رجلا من عترتي اهل بيتي يملأ الأرض قسطا و عدلا کما ملئت ظلما و جورا.. الحديث. و عن الروياني و الطبراني: [3] المهدي من ولدي... الي أن يقول: يملأ الأرض عدلا کما ملئت جورا.

و غير ذلک کثير، موزع في المصادر، کالذي ذکره الشبلنجي في نور الابصار و الصبان في اسعاف الراعبين و الشبراوي في الاتحاف و ابو نعيم الاصفهاني في اربعينه و سبط ابن الجوزي في تذکرته. و کمال الدين بن طلحة في مطالب السوول. مضافا الي ما اخرجه احمد في مسنده و الحاکم في مستدرکه و السيوطي في العرف الوردي... الي غير ذلک من المصادر.

و أما من روي هذا المضمون من علماء الامامية و مصنفيهم، فاکثر من أن يحصر. تعرض له کل من روي في العقائد أو التاريخ، و تکلم عن الامام المهدي (ع).

و المراد بالظلم، الانحراف عن جادة العدل الاسلامي، و نحوه الجور و هو الميل، يقال: جار عن الطريق أي مال. و هذا الميل، من وجهة نظر نبي الاسلام (ص) الذي روي عنه هذا الحديث الشريف، هو الميل عن تعاليم الاسلام و العدل الصحيح، علي الصعيدين الفردي و الاجتماعي.

و الحديث نص واضح، بامتلاء الأرض جورا و ظلما قبل ظهور المهدي (ع) في اليوم الموعود. و هو معني ما قلناه طبقا للقواعد العامة، من أن اغلب الناس نتيجة للتمحيص الالهي، سوف يسودهم الانحراف عقيدة او سلوکا، بحيث يکون الاتجاه الظاهر للبشرية هو قيام النظام الفردي و الاجتماعي علي أساس مناقض مع



[ صفحه 242]



تعاليم الاسلام، من دون أن يکون للصالحين المخلصين - و ان کثروا - أثر مهم و نتائج ظاهرة.

و هذا لعمري ما کنا و لا زلنا نشاهده في عصور الفسق و الضلالة التي نعيشها و نطلع عليها بالحس و العيان. فصلي الله تعلاي عليک يا نبي الاسلام اذ تنبات بذلک.. و سلام الله تعالي عليک يا مهدي الاسلام اذ تزيل کل ذلک و تبدله الي القسط و العدل الکاملين الشاملين، طبقا لارادة الله و تخطيطه.

القسم الثاني:

ما دل من الأخبار علي وجود الفتن و ازدياد تيارها و تکاثرها الي حد مروع.

أخرج ذلک العديد من رواة الفريقين. منها: ما رواه البخاري [4] من قوله صلي الله عليه و آله: يتقارب الزمان و ينقص العمل و يلقي الشح و تظهر الفتن... الخ الحديث. و ما رواه ايضا [5] من قوله (ص): ستکون فتن، القاعد فيها خير من القائم... الخ الحديث. و اخرجه مسلم بالفاظ و أسانيد مختلفة. [6] و أخرج عنه (ص) أيضا: [7] أني لأري مواقع الفتن خلال بيوتکم کمواق المطر. و ذکر له أکثر من اسناد واحد.

و منها: ما رواه النعمائي [8] عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، في حديث طويل يتحدث فيه عن (الفتن المضلة المهولة). و ما رواه ايضا [9] عن الامام محمد بن علي الجواد عليه السلام انه قال:

لا يقوم القائم عليه السلام الا علي خوف شديد من الناس و زلازل و فتنة و بلاء يصيب الناس... الخ الحديث.



[ صفحه 243]



وللفتنة عدة معان في اللغة، يختلف معني هذه الأحاديث الشريفة باختلافها، و ان کان بالامان ارجاعها الي معني واحد شامل علي ما سنذکر.

المعني الأول:

الامتحان و الابتلاء و الاختبار. و أصلها مأخوذ من قولک فتنت الفضة و الذهب اذا أذبتهما بالنار لتميز الردي ء من الجيد.... و الفتن الاحراق. و منه قوله تعالي: (يوم هم علي النار يفتنون). [10] .

و يويد کون المراد من الفتنة هو ذلک، ما رواه النعماني في الغيبة [11] عن أبي الحسن عليه السلام في قوله تعالي: (لم أحسب الناس أن يترکوا أن يقولوا أمنا و هم لا يفتنون)... قال: يفتنون کما يفتن الذهب: ثم قال يخلصون کما يخلص الذهب.

فاذا تم هذا المعني، تلتحق هذه الأخبار باخبار التمحيص و الامتحان، التي سوف نذکرها، فانها تتذ معها في المدلول، باعتبار أن الفتنة بمعني التمحيص و الخلاص هو المشار في الحديث هو النجاج في التمحيص.

المعني الثاني:

الکفر و الضلال و الاثم. و الفاتن المضل عن الحق. و الفاتن الشيطان... و فتن الرجل أي أزالة عما کان عليه. و منه قوله عز و جل: (و ان کادوا ليفتنوک عن الذي أوحينا اليک). أي يميلوک و يزيلوک [12]

و اذا تم هذا المعني، التقت هذه الأخبار مع الأخبار الناقلة لحدوث الظلم و الجور، في المضمون... و نحوها مما نص علي حدوث الکفر و الضلال.

المعني الثالث:

اختلاف الناس بالاراء [13] . و يويد کون المراد هذا المعني ما رواه النعماني [14] في



[ صفحه 244]



الحديث السابق عن محمد بن علي الجواد عليه السلام الذي قال فيه: و فتنة و بلاء يصيب الناس و طاعون و سيف قاطع بين العرب و اختلاف شديد في الناس و تشتت في دينهم و تغير في حالهم.

و اذا کان هذا هو المعني المراد، فسيلتقي مضمونه بالأخبار الدالة علي حدوث التشتت و الاختلاف، التي سوف نذکرها.

المعني الرابع:

القتل، و ما يقع بين الناس من القتال. و منه قوله تعالي:(ان خفتم ان يفتنکم الذين کفروا) [15] باسناده عن النبي (ص) قال: لا تقوم الساعة حتي يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مکانه. و أخرجه مسلم بنصه. [16] .



[ صفحه 245]



و أخرج مسلم [17] أيضا عنه (ص) أنه قال: و الذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتي يمر الرجل علي القبر فيتمرغ عليه و يقول: يا ليتني کنت مکان صاحب القبر، و ليس به الدين الا البلاء.

و روي الصدوق في الاکمال [18] عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام انه يعاني المومنون في زمان الغيبة من «ضنک شديد و بلاء طويل و جزع و خوف».

و من الواضح أن الجزع و تمني الموت، يکون نتيجة للشعور بالمشاکل و المصاعب التي يمر بها الفرد في المجتمع المنحرف. ذلک الانحراف الناتج - في واقعه - من التخطيط الالهي کما عرفنا. اذن فهذه الحالة من نتائج هذا التخطيط، و هي المنتجة في نهاية المطاف لنتيجتين مهمتين:

احداهما: الياس من القوانين و النظريات السائدة في العالم، بعد أن أثبتت التجربة أنها لا تودي الا الي هذه المشاکل و المصاعب.

ثانيتهما: تمني المستقبل العادل الذي يحل هذه المشاکل و يرفع هذه المصاعب، کما سبق أن ذکر في المرتبة الرابعة من مرابت الاخلاص فيما سبق. و سيکون هذا الشعور من أفضل الضمانات، للتأييد العام لليوم الموعود.

و نحن اذا نظرنا الي الواقع، نجد أن الامة الاسلامية عامة والقواعد الشعبية المهدوية خاصة، قد مرت في کثير من عصور تاريخها بالضنک و البلاء. حتي قيل في وصف عصور الحکم العباسي:



نحن و الله في زمان بئيس

لو رأيناه في المقام فزعنا



أصبح الناس فيه من سوء حال

حق من مات منهم أن يهنا





[ صفحه 246]



و ان أعظم ضنک و بلاء يقع فيه البشر، هو ما يکون من بعضهم تجاه البعض، من الظلم و الطغيان، و خوف الأکثرية الکاثرة من القوي الجبار الظالمد الحاکمد في العالم. و ان أعظم البلية بالنسبة الي البشرية جمعاء في العصر الحاضر هو الخوف من اصطدام الأسلحة الفتاکة في العالم في حرب عالميد ثالثة لا تبقي و لا تذر. يکون الکل فيها هالکين مندحرين ليس فيها غالب أو منتصر. و لله في خلقه شوون.

و علي أي حال، فمن المحتمل أن يتزايد الضيق و الفتک بأضعاف ما هو عليه الان، خاصة بالنسبة الي المومنين المخلصين في المجتمع الاسلامي... بما يقابلون من تيارات التعسف و الانحراف الظالمة المعادية للاسلام. و لهم في المهدي و برکاته العامة و مستقبله العظيم، اعظم السلوان و العزاء.

القسم الرابع:

ما دل علي وجود الحيرة و البلبلة في الأفکار و الاعتقاد.

کالخبر الذي روي عن الامام أميرالمومنين علي عليه السلام انه قال عن المهدي (ع) فيما قال: يکون له حيرة و غيبة تضل فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون [19] .

و انما نسبت الحيرة الي المهدي (ع) باعتبار کونها ناتجة من غيبته المستندة اليه. اذ لو کان ظاهرا بين الناس لما وقعت هذه الحيرة، کما هو معلوم. و يمکن ان يراد بالحيرة عدة وجوه أو کل هذه الوجوه:

الوجه الأول: الحيرة في العقائد الدينية، نتيجة للتيارات الباطلة التي تواجه جهلا و فراغا فکريا في الأمة، مما يحمل الفرد الاعتيادي علي الانحراف.

الوجه الثاني:

الحيرة بالعقائد الدينية، بمعني أن المومنين حين يحسون بالمطاردة و التعسف



[ صفحه 247]



ضدهم و ضد عقائدهم، يحيرون أين يذهبون لکي ينجوا بالحق الذي يعتقدونه و بالاتجاه الاسلامي الذي يتخذونه.

الوجه الثالث:

الحيرة في الامام المهدي (ع) نفسه، بمعني أن طول غيبته توجب وقوع الناس في الشک و الاختلاف في شانه. کما حدث في صفوف المسلمين فعلا، و قد أشارت اليه الأخبار التي سنسمعها فيما بعد.

الوجه الرابع:

الحيرة بالجهاد الواجب في زمن الغيبة من دون قائد و موجه ورائد. فان المومنين بتکليفهم الاسلامي من ذلک، يشعرون في نفس الوقت بالأسف لعدم اتصالهم بالقائد العظيم الذي يوجههم الي النصر.

و علي أي حال، فکل ذلک مندرج في التخطيط الالهي، و مما لابد أن يحدث في الناس نتيجة للغيبة ليشارک في التمحيص و الاختبار، فيرفع من اخلاص المخلصين و يعمق في کفر المنحرفين. و هو المراد بقوله: تضل فيها أقوام و يهتدي فيها آخرون.

القسم الخامس:

ما دل علي وقوع الهرج و المرج.

و هي أخبار کثيرة استقل باخراجها الرواة العامة فيما أعلم. روي البخاري [20] عددا منها، مرة بلفظ: أن بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل... الي ان قال: و يکثر فيها الهرج. ذکر له اکثر من طريق. و مرة أخري بلفظ: بين يدي الساعة أيام الهرج.

و أخرج مسلم: [21] فضل العبادة في الهرج کهجرة ال. يعني الي النبي (ص).

و روي الاخرون، کالترمذي و ابن ماجه و أحمد و الحاکم، ما يدل علي ذلک،



[ صفحه 248]



و نحن نقتصر علي ما في الصحيحين.

و المراد بالهرج بفتح الهاء و سکون الراء، أحد أمرين:

الأول: الاختلاط و الاضطراب المودي الي القتل أو کثرته بين الناس. و تطبيقه في العالم في عصرنا الحاضر ما يسمي بحرب العصابات أو حرب الشوارع، مع ما تصاحبه من الاضطرابات و البلبلة. و هذا المعني هو الذي تويده المصادر اللغوية.

الثاني: القتل نفسه، و ان لم يصاحبه الاضطراب. کما هو ظاهر بعض الأخبار، فيما أخرچه البخاري [22] حيث فسر الهرج بالقتل في عدة أحاديث، مع احتمال أن يکون التفسير من الراوي.

الا أن الصحيح رجوع الأخبار الي المعني الأول،و ان اندرج المعني الثاني فيها بطبيعة الحال. فانه قال: و يکثر فيها الهرج و الهرج القتل. اذن فاقتل فيها کثير، و کثرة القتل لاتکون الا مع البلبلة و الاضطراب. و أما انطباقه علي القتل الفردي فلا دليل عليه.

و اما اناطتها بالساعة و جعلها من علاماتها، فهو مما لايخل بالمقصود لأن المراد وقوع ذلک قبل قيام الساعة، و لو بزمان طويل. و من المعلوم أن کل ما يقع في الغيبة الکبري فهو واقع قبل قيام الساعة، فيکون من علاماتها و أشراطها بطبيعة الحال. و قد سبق أن ذکر أن کل فساد و انحراف يذکر في الأخبار - عموما - فهو من اوصاف فترة الغيبة الکبري، المربوطة بالمهدي عليه السلام. و قد مررنا علي ذلک اجمالا،و حولنا برهانه علي ما سياتي:

و في خبر مسلم قوله (ص): العبادة في الهرج کهجرة الي... زيادة علي المعني العام الذي کنا نتوخاه، زيادة واعية اسلاميا و مطابقة للقواعد العامة، ياتي التعرض لها في الناحية الثالثة من هذا الفصل.

فهذا هو المهم من الأخبار الدالة علي فساد الزمان بنحو مطلق، من دون



[ صفحه 249]



الاشارة الي حوادث بعينها. و قد ثبت من ذلک في حدود التشدد السندي الذي ذکرناه... المعني العام الذي يدل عليه المجموع و هو شيوع الفساد و الانحراف و عصيان الاوامر الاسلامية. بل و تثبت التفاصيل أيضا باعتبار کثرة الأخبار فيها و جعل بعضها قرينة علي بعض و جعل القواعد العامة قرينة ايضا لما عرفناه من أن کل هذه التفاصيل مما يترتب علي التخطيط الالهي.


پاورقي

[1] انظر سنن ابي داود، ج 2، ص 422.

[2] انظر: ص 97.

[3] نفس المصدر، ص 98.

[4] صحيح البخاري، ج 9، ص 61.

[5] المصدر، ص 64.

[6] صحيح مسلم، ج 8، ص 168 و 169.

[7] نفس المصدر و الصفحة.

[8] انظر غيبة النعماني، ص 77.

[9] المصدر، ص 135.

[10] لسان العرب، مادة فتن.

[11] المصدر، ص 107.

[12] لسان العرب، مادة فتن.

[13] المصدر نفسه.

[14] ص 135.

[15] ج 9، ص 73.

[16] ج 8، ص 182.

[17] ج 8، ص 183.

[18] انظر المخطوط.

[19] انظر غيبتة النعماني، ص 104 و انظر اکمال الدين المخطوط.

[20] انظر ج 9، ص 61.

[21] ج 8، ص 208.

[22] ج 9، ص 61.