بازگشت

فيما تقتضيه القواعد العامة من خصائص المقابلات


و يقع الکلام في ذلک، ضمن امور:

الأمر الأول:

في أنه هل يري المهيد (ع) علي الدوام، بحيث تسطيع أن تقابله و تحادثه متي سنح لک ذلک، أو لا.

يختلف الجواب علي مثل هذا السوال، نتيجة للاخذ باحدي لاطروحتين الرئيسيتين السابقتين. فان راينا صحة أطروحة خفاء الشخص، کان الجواب بالنفي لا محالة، ما لم تتعلق مصلحة خاصة و ارادة من قبل المهدي (ع) في الظهور و المقابلة. و قد سبق ان اشرنا انه بناء علي الاخذ بهذه الاطروحة يکون الشي ء الدائم هو الاختفاء الاعجازي، و ما هو الاستثناء هو الظهور الطبيعي المتقطع القليل.



[ صفحه 90]



واما لو اخذنا باطروحة خفاء العنوان، و هي التي اخترناها و استدللنا علي صحتها، فهنا مستويات ثلاثد للمقابلة:

المستوي الاول:

مقابلة المهدي (ع) بشخصيته الثانية، حال کونه مجهول الحقيقة مغفولا عنه بالمرة.

و هذا المستوي متوفر دائما الناس الذين يعايشونه في مجتمعه او الذين يصادفونه في اي مکان کان. طبقا لمفهوم هذه الاطروحة.

المستوي الثاني:

مقابلة المهدي (ع) بصفته الحقيقية، مع عدم الالتفات الي ذلک الا بعد انتهاء المقابلة.

و هذا المستوي هو الذي سارت عليه المقابلات الاعتيادية المروية، علي ما سنسمع في الجهة الثانية من هذا الفصل مشفوعا بالتبرير النظري له.

المستوي الثالث:

مقابلة المهدي (ع) بصفته الحقيقية، مع الالتفات الي ذلک في اثناء المقابلة. و هذا المستوي قليل في روايات المشاهدة جدا، باعتبار کونه مخالفا في الاغلب للمصلحة، و منافيا للغيبة التامة، علي ما سنسمع.

الأمر الثاني:

في کيفية المقابلة معه عليه السلام.

و يختلف ذلک ايضا باختلاف الاطروحتين الرئيسيتين:

اما بناء علي الاخذ بالاطروحة الاولي، فتحتاج المقابلة الي عدة معجزات، بعد ان عرفنا ان مفهوم هذه الاطروحة يتضمن الاختفاء الاعجازي الدائم. و لا يمکن ان تحدث المقابلة مع استمرار الاختفاء بطبيعة الحال، اذن فلا بد من حدوث عدة معجزات لاتمام الغرض من المقابلة.

المعجزة الأولي:

ظهوره بعد استمرار الاختفاء بشکل استثنائي، اقتضته مصلحة خاصة.



[ صفحه 91]



و هذا الظهور يقطع الحالة الاعجازية الدائمة للاختفاء، فيکون هو معجزة ايضا. المعجزة الثانية:

اقامة الحجة القاطعة علي اثبات حقيقته و انه هو المهدي (ع). بحثي يثبت ذلک و لو بعد انتهاء المقابلة.

و هذه المعجزة ضرورية لاثبات حقيقته، بعد العلم ان الرائي جاهل بالمرة بشکل الامام المهدي (ع) و سحنته. و من الواضع أنه لايکفي للرائي مجحرد ادعاء کونه هو المهدي المقصود، بل يحتاج لا محالة الي اقامة الحجة بالمعجزة لاثباته.

المعجزة الثالثة:

اختفاوه بعد الظهور، و عوده الي حالة الاختفاء الاولي بعد ان يکون قد انجز المطلوب من المقابلة.

فهذا ما تحتاجه المقابلة لو صحت الاطروحة الاولي.

و اما لو اخذنا بالاطروحة الثانية: اطروحة خفاء العنوان، التي تقول، بان الشي ة الدائم بالنسبة الي المهدي (ع) هو الظهور الشخصي مع خفاء العنوان، کما سبق ان اوضحناه... فالمعجزة الاولي لا حاجة لها علي الاطلاق. بل حسب المهدي (ع) ان يقابل الفرد کاي انسان آخر، و ينجز ما هو المطلوب من مقابلته، و يعرفه بحقيقته، و لو بحسب النتيجة، اي و لو بعد المقابلة.

کما لا حاجة، في الاعمم الغلب الي المعجزة الثالثة، اعني الاختفاء بعد المقابلة. بل يکون ذهاب المهدي (ع) بعد انتهائها طبيعيا، و لو بتخطيط مسبق يقوم به المهدي (ع) لاجل تنفير الذهاب بشکل لايکون ملفتا للنظر.

نعم، لو وقع الامام في ضيق و حرج عند مقابلته، بحيث تعرضت غيبته العامة الي الخطر، کان لا بد له من الاختفاء الاعجازي، و هو مطابق - في مثل ذلک - لقانون المعجزات، لان في حفظ غيبته تنفيذا لليوم الموعود.

و اما المعجزة الثانية، و هي التي تثبت بها حقيقته... فهي مما لابد منه في الاعم الاغلب جدا من المقابلات. لما اشرنا اليه من ان الفرد حيث لا يعرف المهدي بشخصه و لا يکفيه مجرد دعوي کونه هو المهدي (ع)، کان لابد من اقامة



[ صفحه 92]



الحجة لاثبات صدقه، و الحجة لاتکون الا بالمعجزة، و من هنا کانت هذه المعجزة مطابقة لقانون المعجزات.

نعم، قد يستغني احيانا عن هذه المعجزة، فيما اذا کان الشخص الرائي ممن يعرف المهدي (ع) بشخصه و عنوانه. کما لو کان رآه في مرة سابقة و قامت الحجة لديه علي حقيقته، ثم رآه ثانيا و عرفه، فلا حاجد به الي اقامة الحجة تارة اخري. و معه يکون لقاوه مع المهدي عليه السلام طبيعيا جدا، من دون ان تقع اي معجزة.

و المثال الواضح لذلک هو السفراء الاربعة في الغيبة الصغري. فانهم يعرفون المهدي (ع) بشخصه و عنوانه، و ياخذون منه التوقيعات. و مثاله في الغيبة الکبري ما يظهر من بعض الروايات ان الخاصة من المخلصين يجتمعون بالمهدي (ع) و يعرفونه، علي ما سياتي.کما يظهر من بعض الروايات ان السيد مهدي بحر العلوم کان کذلک ايضا، علي ما سنسمع في اخبار المقابلات.

الامرالثالث:

ما هي المصالح المتوخاة و الاهداف المطلوبة للمهدي عليه السلام من مقابلته للاخرين، بمقدار ما تهدينا اليه القواعد العامة. و سنسمع في الجهة الثانية من هذا الفصل تفاصيل ذلک و تطبيقاته.

و ما ينبغي ان يکون هدفا له عليه السلام من المقابلات، هو قيامه بالمسوولية الاسلامية، باحد الانحاء التي سبق ان ذکرناها في الفصل الثاني من هذا القسم من التاريخ.... فيما اذا انحصر تنفيذها علي المقابلة مع الاخرين بالشخصية الحقيقية، و لم يمکن القيام بها حال الاستتار و الجهل بالعنوان. و کانت الواقعة مشمولة للشروط التي ذکرناها في ذلک الفصل لعمله الاسلامي المثمر في المجتمع، سواء علي الصعيد الخاص او الصعيد العام.

فقد يکون هدفه انقاذ شخص من ضرر وقع عليه او انقاذ مجتمع من تعسف ظالم عليه. او هداية شخص و تقويمه من الانحراف العقائدي او الکفر او الانحراف السلوکي، او الدفاع عن شخص او مجتمع ضد الانحراف، او نحو



[ صفحه 93]



ذلک من الاهداف التي کنا قد حملنا عنها فکرة فيما سبق... مع توفل شروط العمل فيها لامحالة.

الأمر الرابع:

في کيفية حضور الامام المهدي (ع) للمقابلة الصريحة، مع الاخرين.

و انما يثار التساؤل عن ذلک، باعتبار ما قد يخطر في الذهن من انه اذا کان الشخص الذي يريد المهدي (ع) مقابلته بعيدا عنه، بحيث يحتاج الي سفر طويل. فما الذي يمکن له ان يفعله. و ذلک بعد الالتفات الي نقطتين:

النقطة الاولي:

ان بعد المسافة هو الغالب في موارد عمل الامام عليه السلام، لانها متفرقه علي وجه البسيطة. و من هنا يضطر الامام الي السف المتطاول دائما لقضاء حوائج الناس و حل مشاکلهم.

النقطة الثانية:

انه قد يکون في کثره الاسفار خطر علي غيبته و مظنة لانکشاف امره، و خاصة بعد ان فرض العمل عن طريق المقابلة بالشخصية الحقيقية.

و الجواب علي ذلک يکون باعطاء عدة اساليب ممکنة للمقابلة، و تذليل الصعوبة المشار اليها في السؤال. مع الاعتراف انه اذا لم يکن شي ء منه ممکنا، و کان فيها خطر علي غيبته، فان عليه السلام لا يمارس العمل، لان العمل نفسه و ان فرض جامعا للشرائط، الا أن الطريق اليه متعذر و مقدماته خطرة، و ايجاد العمل بدون مقدماته ممتنع. اذن فينسد باب العمل جزما.

و تتلخص الاساليب المحتملة في عدة وجوه تختلف باختلاف الموارد:

الوجه الأول:

اننا لا حاجة لأن نفترض کون الشخص الذي يريد المهدي مقابلته بعيدا. بل يمکن ان يکون قريبا، يعيش في نفس المجتمع الذي يعيش المهدي (ع) فيه... فلا يحتاج الي سفر او مضي مدة. سواء کان المهدي (ع) يعيش في ذلک المجتمع مختفيا، طبقا للاطروحة الاولي، او ظاهرا مجهول العنوان، طبقا للاطروحة الثانية. و معه فلا مجال للسؤال عن صعوبة المقابلة باي حال.



[ صفحه 94]



الوجه الثاني:

مجرد الصدفة... و هو امر محتمل في بعض المقابلات، فيما اذا صادف المهدي (ع) في بعض اسفاره شخصا او اناسا محتاجين الي العمل في سبيل انقاذهم او هدايتهم... بشکل تتوفر فيه الشرائط.

و حمل جميع المقابلات علي مجرد الصدفة، غير ممکن لکثرة المقابلات علي مر التاريخ، بحيث نعلم ان عددا مهما منها کان نتيجة لتخطيط و تعمد من قبل المهدي (ع)... الا ان بعضها يمکن ان يکون قد حدث صدفة.

و معه، ففي مورد الصدفة لا حاجة الي السوال عن کيفيه تجشم السفر او استلزامه لانکشاف الغيبة. فان المفروض ان السفر لم يمکن لاجل المقابلة، و انما کان لاهداف اخري خطط فيها بقاء الاختفاء و استمرار الغيبة.

الوجه الثالث:

ان المهدي (ع) اذ يعلم وجود مورد للعمل المثمر الحاصل علي الشرائط في مکان بعيد عنه من العالم، و يکون الطريق اليه مامونا بالنسبة اليه، فانه يقصده قصدا و يسافر اليه عمدا بطريق طبيعي جدا، ليقوم بالوظيفة الاسلامية المقدسة في انحاء المعمورة.

و هذا ممکن للغاية، مع التخطيط لدفع الاخطار المحتملة. حيث يکون للمهدي (ع) أن يسافر و أن يرجع بشخصيته الثانية، و لا يکشف حقيقته الا للفرد المنوي مقابلته و نحن بعد ان نلتفت الي الوجوه الاخري، لا نجد هذا الوجه هو الغالب في المقابلات، لکي يستلزم ان يکون المهدي (ع) مضطرا الي السفر المتطاول المستمر في سبيل قضاء حوائج الناس، کما فهمنا من السؤال.

و علي اي حال، فهذين الوجهين الثاني و الثالث، منسجمين ايضا مع الاطروحتين الرئيسيتين، فان مصادفة مورد العمل او قصده سفرا يمکن ان يکون مع اختفاء الشخص کما يمکن ان يکون مع خفاء العنوان.



[ صفحه 95]



الوجه الرابع:

اتخاذ المعجزة في قضاء الحاجة او العمل في سبيل هداية او دفع ظلامة. سواء من ناحية سرعة الوصول بشکل اعجازي الي المناطق البعيدة من الارض او من اي ناحية اخري تحتاج الي الاعجاز.

و هذا الوجه منسجم مع کلتا الاطروحتين الرئيسيتين. ولکنه، طبقا لقانون المعجزات، منحصر بما اذا تضمن العمل في بعض الموارد اقامة الحجة علي الاخرين، بايجاد الهداية او برفع بعض اشکال الظلم. ومن البعيد ان نتصوره متحققا في قضاء حاجة شخصية مهما کانت الضرورة فيها قصوي، ما لم يکن راجعا الي اقامة الحجة، بنحو من الانحاء.

و هذه المعجزة التي نتحدث عنها الان. هي غير تلک المعجزة التي يستعملها المهدي (ع) لاثبات حقيقته للاخرين. و من هنا قد يحتاج الي کلتا المعجزتين، و قد يحتاج الي احداهما، و قد يتکفل انجاز کلا الغرضين: سرعة الوصول و الکشف عن حقيقته، بمعجزة واحدة. کما قد لايحتاج الي شي ء منها احيانا... ذلک باختلاف خصائص کل واقعة و کل شخص تطلب مقابلته.

و بهذا ينتهي المقصود من بيان ما تقتضيه القواعد في مقابلات المهدي (ع)، فلا بد ان ننظر الي الاخبار الخاصة لنري مقدار ما تثبته من المشاهدة، و هل انه منسجم مع ما تم طبقا للقواعد العامة او لا.