بازگشت

بحث تمهيدي في انقسام الغيبه


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين، و افضل الصلاة علي اشرف الخلق محمد و آله الطاهرين

بحث تمهيدي:

في انقسام الغيبه

1

لا شک ان للمهدي (ع) غيبتين اثنتين. و هذا من واضحات الفکر الامامي، بل من قطعياته التي لايمکن أن يرقي اليها الشک. و وافقهم عليه بعض علماء العامة. و قد وردت في ذلک الروايات في مصادر الفريقين.

روي السيد البرزنجي [1] عن ابي عبدالله الحسين بن علي عليهماالسلام انه قال: لصاحب هذا الامر - يعني المهدي عليه السلام - غيبتان. احداهما تطول حتي يقول بعضهم مات و بعضهم ذهب. و لا يطع علي موضعه أحد من ولي و لا غيره الا الموليالذي يلي امره.

و اخرج النعماني [2] باسناده عن اسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمد (ع) يقول: للقائم غيبتان احداهما طويلة و الاخري قصيرة. فالاولي يعلم بمکانه فيها خاصه من شيعته. و الاخري لايعلم بمکانه فيها الا خاصه مواليه في دينه.

و اخرج [3] عن ابراهيم بن عمر الکناسي قال سمعت ابا جعفر الباقر (ع) يقول: ان لصاحب هذا الامر غيبتين.



[ صفحه 7]



و اخرج [4] عن ابي بصير قال: قلت لابي عبدالله (ع) کان ابو جعفر (ع) يقول، لقائم آل محمد غيبتان احداهمنا اطول من الاخري،فقال: نعم... الحديث. و اخرجه الطبرسي في اعلام الوري [5] . ايضا...

و اخرج النعماني ايضا [6] عن محمد بن مسلم الثقفي عن الباقر ابي جعفر (ع) انه سمعه يقول: ان للقائم غيبتين. يقال في احداهما: هلک، و لا يدري في اي واد سلک.

و اخرج ايضا عن المفضل بن عمر قال سمعت ابا عبدالله (ع) يقول: ان لصاحب هذا الامر غيبتين، في احداهما يرجع الي اهله، و الاخري يقال: هلک في اي واد سلک.

و اخرج الشيخ [7] عن حازم بن حبيب عن ابي عبدالله عليه السلام، قال: يا حازم ان لصاحب هذا الامر غيبتين، يظهر في الثانيه. ان جاءک من يقول: انه نفض يده من تراب قبره، فلا تصدقه.

الي غير ذلک من الاخبار، و هي کثيرة و کافيه للاثبات التاريخي.

2

ولفهم هذه الاخبار اطروحتان رئيسيتان:

الاطروحة الاولي:

و هي الموافقه للفهم غير الامامي للمهدي (ع) القائل: بان المهدي رجل يولد في زمانه فيملا الارض عدلا کما ملئت جورا.

و هي: ان الغيبتين منفصلتان يتخللهما و يفصل بينهما ظهور للناس. و يکون الظهور بعد الغيبه الثانية هو يوم الثورة الکبري. و تکون مدة کلتا الغيبتين محددة



[ صفحه 8]



بستين قليلة... توجيهما مصالح و قتية محدودة ترجع الي شخص المهدي (ع) او الي مصلحة انتصاره بعد الظهور.

و هذه الاطروحة هي المتعينة لا خيار في تعديها، طبقا لهذا الفهم غير الامامي... لوضوح عدم امکان وجود الغيبة الطويلة، مع العمر المحدد من السنين.

و هذه الاطروحة هي التي فهمها البرزنجي [8] من هذه الاخبار حين قال: و هاتان الغيبتان - و الله اعلم - ما مر آنفا انه يختفي بجبال مکه و لا يطلع عليه احد. قال: و يويده ما روي عن ابي جعفر محمد بن علي الباقر، انه قال: يکون لصاحب هذا الامر غيبة في بعض هذه الشعاب، و اوما بيده الي ذي طوي. اقول: و لم يذکر البرزنجي الغيبة الثانية.

الاطروحة الثانية

و هي الموافقة للفهم الامامي للمهدي (ع) القائل:بان المهدي حي منذ ولادته في القرن الثالث الهجري الي حين ظهوره في اليوم الموعود.

و هي الاطروحة التي فهمها العلماء الاماميون بشکل عام، و نص قدماؤهم علي مضمونها بشکل خاص. و هي من ضروريات مذهبهم.

قال النعماني [9] هذه الاحاديث التي يذکرونها: ان للقائم عليه السلام غيبتين، احاديث قد صحت عندنا بحمدالله. و اوضح الله قول الائمه عليهم السلام و اظهر برهان صدقهم فيها.

فاما الغيبه الاولي، فهي التي کانت السفراء فيها بين الامام و بين الخلق قياما منصوبين ظاهرين موجودي الاشخاص... و هي الغيبة القصيرة التي انقضت أيامها و تصرمت مدتها. و الغيبة الثانية هي التي ارتفع فيها اشخاص السفراء و الوسائط، للامر الذي يريده الله هو التدبير الذي يمضيه في الخلق بوقوع التمحيص و الامتحان... و هذا زمان ذلک قد حضر.... الخ کلامه.



[ صفحه 9]



و قال المفيد في الارشاد: [10] و له قبل قيامه غيبتان: احداهما اطول من الاخري، کما جاءت بذلک الاخبار، فاما القصري منهما، منذ وقت مولده الي انقطاع السفارة بينه و بين شيعته و عدم السفراء بالوفاء، اما الطولي فهي بعد الاولي، و في آخرها يقوم بالسيف.و

و قال الطبرسي: [11] فانظر کيف حصلت الغيبتان لصاحب الامر علي حسب ما تضمنت الاخبار السابقة. اما غيبته الصغري منهما فهي التي کان فيها سفراؤه موجودين و ابوابه معروفين، لاتختلف الامامية القائلون بامامة الحسن بن علي (ع) فيهم... الخ کلامه.

و قال ابن الصباغ [12] - و هو مالکي المذهب -: و له قبل قيامه غيبتان: احداهما اطول من الاخري. فاما الاولي فهي القصري، فمنذ ولادته الي انقطاع السفارة بينه و بين شيعته. و اما الثانية، و هي الطولي، فهي التي بعد الاولي. في آخرها يقوم بالسيف. قال الله تعالي: لقد کتبنا في الزبور من بعد الذکر ان الارض يرثها عبادي الصالحون.

الي غير ذلک من الاقوال التي يطول المقام بنقلها.

و قد سبق ان عرفنا في التاريخ السابق، و سنزيده في هذا التاريخ توضيحا... مقدار الفرق بين الغيبتين الکبري و الصغري. و تتلخص الفروق فيما يلي:

اولا: قصبر مدة الغيبة الصغري، اذ کانت حوالي السبعين عاما. بخلاف الغيبة الکبري، فانها غير معروفه الامد، باعتبار جهلنا بموعد ظهور المهدي (ع)

ثانيا: اقتران الغيبة الصغري بالسفارة الخاصة، القائمة بين المهدي (ع) و قواعده الشعبية، و انقطاع ذلک في الغيبة الکبري.

ثالثا: انتهاء امد الغيبة الصغري بوفاة السفير الرابع علي بن محمد السمري. و اما الکبري، فلا زالت سارية المفعول، و تنتهي بيوم الظهور الموعود.



[ صفحه 10]



رابعا: ان المشاهدين للمهدي (ع) خلال غيبته الصغري، أکثر بنسبة مهمة عنهم في غيبته الکبري.

و يمکن أن يکون الفرق الأول، هو سبب تسمية الغيبتين بالصغري و الکبري... حيث تکون الاولي قصيرة و الاخر طويلة. کما يمکن أن يکون الفرق الاخير هو سبب التسمية، و يکون المقصودهو قلة الاحتجاب في الصغري و کثرقته في الکبري.

و علي ذلک فالغيبتان متصلتان لايفصل بينهما ظهور.

و قد سبق في التاريخ السابق، [13] ان عرفنا الحکمة الاساسية من ايجاد الغيبة الصغري، و هو التمهيد الذهني لوجود الغيبة الکبري في الناس. اذ لو بدا المهدي (ع) بالغيبة المطلقة فجاة، و بدون انذار و ارهاص، لما أمکن اثبات وجوده في التاريخ. فتنقطع حجة الله علي عباده.

و ستعرف في هذا التاريخ تفصيلا وجه الحکمة من وجود الغيبة الکبري، سواء ما يعود الي المهدي نفسه او الي المخلصين من اصحابه ام الي البشرية کلها من حيث ما يعود عليها من الخير في اليوم الموعود.

3 و بالمقدار الذي تکتسبه الغيبة الکبري من اهمية و صعوبة و عمق في المدي البعيد... يکون الترکيز عليها في الاخبار.

فبينما يکون الترکيز علي الغيبة الصغري قليلا. کالحديث الذي أخرجه الصدوق عن أبي عبدالله الصادق (ع) انه قال: - في المهدي (ع) - يغيب عنکم شخصه و لا يحل لکم تسميته. و قد عرفنا في التاريخ السابق ان حرمة التسمية خاصة بعصر الغيبة الصغري.

.... نجد ان الترکيز علي الغيبة شديد في الاخبار.



[ صفحه 11]



اخرج النعماني [14] عن ابي عبدالله (ع) في حديث، قال فيه: و الله ليغيبن سبتا [15] من الدهر، و ليخملن حتي يقال: مات او هلک، باي واد سلک. ولتفيضن عليه اعين المومنين. ليکفان کتکفي ء السفينة في امواج البحر 7 حتي لا ينجو الا من اخذ الله ميثاقه، و کتب الايمان في قلبه و ايده بروح منه... الخ الحديث. و ذکر له عدة اسانيد.

و هذا بالضبط هو الذي سيحدث في عصر الغيبة الکبري. علي ما سنسمع في هذا التاريخ.

واخرج ايضا [16] عن موسي بن جعفر عليه السلام، انه قال: اذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في اديانکم، لا يزيلنکم عنها. فانه لابد لصاحب هذا الامر من غيبد، حتي يرجع عن هذا الامر من کان يقول به. انما هي محنة من الله يمتحن الله بها خلقه... الحديث.

و اخرج [17] عن أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) قال: قالي لي: يا أباالجارود، اذا دار الفلک، و قالوا: مات او هلک و باي واد سلک، و قال الطالب له: أني يکون ذلک، و قد بليت عظامه. فعند ذلک،فارتجوه. الحديث.

و عن [18] أبي عبدالله: ان القائم اذا قام يقول الناس: أني ذلک و قد بليت عظامه.

و عن [19] أبي عبدالله أنه قال: اذا فقد الناس الامام، مکثوا سبتا لا يدرون أيا من أي. ثم يظهر الله عزوجل لهم صاحبهم.

و عنه (ع) [20] قال: کيف انتم اذا صرتم في يحال لايکون فيها امام هدي و لا علما يري... الحديث.



[ صفحه 12]



وأخرج الصدوق [21] عن الحسين بن علي عليه السلام في حديث: له غيبة يرتد فيها أقوام و يثبت علي الدين فيها آخرون. فيوذن و يقال لهم: متي هذا الوعد ان کنتم صادقين. اما ان الصابر في غيبته علي الاذي و التکذيب بمنزلة المجاهد بين يدي رسول الله و آله الطاهرين الاخيار.

و عن علي بن الحسين عليه السلام انه قال:... ثم تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر... ان اهل زمان غيبته، القائلين بامامته و المنتظرين لظهوره، افضل من اهل کل زمان، لان الله تبارک وتعالي اعطاهم من العقول و الافهام و المعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة. و جعلهم في ذلک الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله بالسيف... الحديث.

4

فهذه هي الاخبار التي تدل علي اهمية الغيبة في المدي البعيد. و اما الأخبار التي تدل عليها بشکل مباشر، فکثيرة:

اما الغيبه الصغري، فيدل عليها کل اخبار السفراء الاربعه و الوکلاء و المعارضين المنحرفين و التوقيعات الصادرة عن المهدي (ع) و کل من رآه منذ ولادته الي نهاية ذلک العصر... الي غير ذلک من الاخبار التي سمعناها تفصيلا في التاريخ السابق.

و اما الغيبه الکبري، فيدل عليها ما سنذکره من اخبار المشاهدة و اخبار المتحيص و اخبار الانتظار و فضل المنتظرين. و اخبار علامات الظهور، و ما دل علي فساد الزمان و انحراف اهله، و غير ذلک، فانها جميعا مرتبطة ارتباطا عضويا بعصر الغيبة الکبري علي ما سنعرف.

5

و بمجموع هذه الأدلة، نستطيع ان ننفي الاطروحة الاولي التي ذکرناها في الفقرة الثانية من هذا البحث.



[ صفحه 13]



و ذلک لوضوح انها لاتنسجم مع شي ء من هذه الادلة:

اما اخبار الغيبة الصغري، فواضح، باعتبار ان الاطروحة الاولي لا تدعلي وجود السفراء و الوکلاء و المعارضين و التوقيعات خلال الغيبة الاولي. بل لم يثبت عن هذه الاطروحة انها تدعي ان الغيبة الاولي اصغر من الثانية، في المدة او في درجة الاختفاء.

و اما اخبار الغيبة الکبري، فلما ستعرفه من ان اي شي ء من التمحيص و الانتظار و علامات الظهور، لايمکن ان يحدث الا في دهر طويل. و کذلک لا معني لاخبار المشاهده و هي متواترة مضمونا، مع الاختفاء القليل الذي يمتد مثلا لخمس سنوات او عشر.

مضافا الي ان ما تقول به الاطروحة الاولي من ظهور المهدي بين الغيبتين... مما لا يفهم وجهه، اذ يبقي التساول عن انه لماذا يظهر اذا لم يکن عازما علي ان يملا الارض قسطا و عدلا.

فان قال قائل: انه يظهر بعد الغيبد الاولي ليقوم بمهمته الکبري، لانه يتخيل وجود فرص النجاح، و حيث انها غير موجودة في الواقع، فانه يفشل في مهمته، فيختفي مرة ثانية ليظهر بعد ذلک فيقوم بمهمته خير قيام.

نقول: ان عهدة هذا القول علي مدعيه، اذ يتصور المهدي (ع) قاصر التدبير و التفکير من النواحي الاجتماعية و السياسية و العسکرية، بحيث يمکن أان يسيطر عليه خيال کاذب. اما المهدي الذي ذخره الله تعالي ليومه الموعود،و خطط لنجاح مهمته تخطيطا مضبوطا عميقا، علي ما سنسمع، فهو قائد عالمي، من المستحيل ان يقع في مثل هذه الاوهام.

6

هذا، و قد نري ائمة الهدي عليهم السلام، يخاطبون الناس علي قدر عقولهم، کما هو المفروض في کل کلام بليغ. فهم ياخذون المستوي العقلي و الثقافي و الايماني



[ صفحه 14]



لمجتمعهم بنظر الاعتبار حين يتحدثون عن المهدي (ع). فاذا کان المخاطب و السامع ذا مستوي عال، کان الجواب عميقا و مفصلا، و اذا کان ذا مستوي واطي ء، کان الجواب مختصرا و ناظرا الي زاويه معينه متجنبا الحوض الکامل في الجواب... طبقا هذا القانون.

اخرج النعماني [22] عن ابي عبدالله (ع) انه قال: لو قد قام القائم لانکره الناس، لانه يرجع اليهم شابا موفقا... و ان من اعظم البلية ان يخرج اليهم شابا و هم يحسبونه شيخا کبيرا.

و هذا الخبر صادق تماما، لان المهدي (ع) سوف يظهر شابا. کما نان من البلاء العظيم و الامتحان العميق ان يخرج شابا، اذا کانوا يفکرون کونه شيخا کبيرا، ولکنه لم يقل انهم يفکرون فعلا بذلک، و من هنا يکون الاختصار في العطاء.

ان هذا الخبر يوحي بوضوح ان مدة الغيبة سوف لن تتجاوز مدة العمر الطبيعي الذي يکون به الفرد شيخا،غير ان الله تعالي سوف يحفظ للمهدي شبابه خلال هذه المدة. و هذا العطاء مسنجم مع تلک الذهنيد التي لايمکن ان تستوعب بحال، العمر الطويل الذي يمتد مئات السنين.

و من الواضح ان الناس سوف لن يحسبوه شيخا، اذ مع تمادي العمر مئات السنين، ينتفي من الذهن مفهوم الشيخوخة تماما، و يبقي تطور شکل الانسان بالقدرة الالهية وحدها، تلک القدرة التي حفظته هذا المقدار من السنين.



[ صفحه 15]



و نحو ذلک الخبر السابق عن الامام موسي بن جعفر (ع) الذي يقول فيه:ولکن ان تعيشوا فسوف تدرکوه. فانه من الموکد انهم لو عاشوا لادرکوه، ولو استلزم عيشهم ان يبقوا في الحياة مئات السنين. ولکنه لم يقل انهم سوف يعيشون فعلا الي عصر الظهور.

غير ان الانطباع الاولي الاهل ذلک العصر، عن هذا الحديث، هو ان الظهور يمکن ان يحدث خلال عمر طبيعي للانسان... او انه يحدث کذلک فعلا.

و اخرج الصدوق [23] عن زرارة عن الامام الباقر (ع) انه قال: ان للقائم غيبة قبل ظهوره. قلت: و لم. قال: يخاف. و اوما الي بطنه. قال زرارة: يعني القتل.

و عن ابي عبدالله الصادق (ع) قال: للقائم غيبة قبل قيامه، قلت: و لم. قال: يخاف علي نفسه الذبح.

و هذا صحيح. الا انه لم يحدد مقدار الغيبة و لا انقسامها، تبعا لمستوي السامعين.

و اخرج النعماني [24] عن ابي جعفر بن محمد بن علي عليهماالسلام انه قال: يکون لصاحب هذا الامر غيبة في بعض هذه الشعاب. و اوما بيده الي ذي طوي... الحديث.

و قد احتج البرزنجي [25] بهذا الحديث لاجل استبعاد الفهم الامامي للمهدي.

و لا بد ان يکون مراده ان الغيبة بين الشعاب لاتکون الا خلال العمر الطبيعي للانسان.

و هذا المضمون و ان ناقشناه في التاريخ السابق.... [26] الا انه يمکن القول بصحته، بعد التنزل - جدلا - عن تلک المناقشة. و لا يکون الخبر منافيا مع الفهم الامامي بحال. لوضوح انه يمکن ان نتصور المهدي (ع) ساکنا في الشعاب



[ صفحه 16]



و البراري و القفار طيلة غيبته مهما طالت. و لا يتعين کونها غيبة ذات مدة قليلة، کما هو معلوم.

و قد سمعنا في التاريخ السابق [27] ما روي عن الامام المهدي (ع) نفسه، فيما قاله لعل بن المازيار: يا ابن المازيار، ابي ابو محمد عهد الي ان لا اجاور قوما غضب الله عليهم ولعنهم و لهم الخزي في الدينا و الاخرة و لهم عذاب اليم. و امرني ان لا اسکن من الجبال الا اوعرها، و من البلاد الا عفرها.

اذن فمن الممکن ان يکون المراد من کلا الخبرين، مضمون واحد. غير ان هذا المضمون لم يثبت تاريخيا، کما سمعنا في التاريخ السابق، و سيتضح بجلاء في القسم الاول من هذا التاريخ.

7

بقيت علينا بعض الاستفهامات التي قد تثار حول بعض ما سبق

الاستفهام الأول:

ان بعض الاخبار، التي رويناها في الفقرة الاولي من هذا البحث، دلت علي ان الغيبة الطويلة، تحدث قبل القصيرة. کقوله في بعضها: للقائم غيبتان احداهما طويلة و الاخري قصيرة. و قوله في الخبر الاخر: احداهما اطول من الاخري. و هذا ما دل علي ما ذکرناه.

و جوابه: ان المراد من ذلک، الاخبار عن وجود الغيبتين. و اما تقديم الغيبة الطويلة بالذکر، فباعتبار اهميتها لا باعتبار سبقها الزماني علي الغيبة الاخري. و قد قال: في نفس الخبر: فالأولي يعلم بمکانه الخاصة من شيعته، و الاخري لا يعلم بمکانه فيها الا خاصه مواليه في دينه. و هو نص بتقدم الغيبه الصغري التي تتصف بقلة الاحتجاب علي صاحبتها.

الاستفهام الثاني:

قوله في بعض تلک الاخبار:يظهر في الثانية. فانه دال علي انه (ع) يظهر خلال الغيبة الثانية. فکيف يصح ذلک؟.



[ صفحه 17]



و جوابه: أن هذه الفکرة التي فهمهما السائل تتضمن تهافتا في التصور، لتنافي الغيبة مع الظهور، فلا معني لان يظهر و هو غائب. و انما المراد انه يظهر بعد انتهاء الغيبة الثانية. کما هو معلوم.

الاستفهام الثالث:

فوله في بعض تلک الأخبار: ان لصاحب هذا الامر غيبتين في احداهما يرجع الي اهله. و هو دال علي ان المهدي (ع) خلال الغيبة الصغري يرجع الي اهله. فما معني ذلک؟.

و جوابه: اننا سمعنا في التاريخ السابق [28] ان الامام المهدي (ع) کان ساکنا في دار ابيه في سامراء ردحا من عصر غيبته الصغري. و هو دار اهله بطبيعد الحال، کما نطق هذا الخبر.

و يحتمل ان يکون المراد اعطاء فکرة قلة الاختفاء خلال الغيبة الصغري، مشبها بمن يخرج من اهله و يعود. من هنا يقول في الخبر - بالنسبة الي الغيبة الکبري -: و الاخري يقال: هلک في اي واد سلک.

الاستفهام الرابع:

سمعنا المفيد فيما سبق يقول: فاما القصري منهما، منذ وقت مولده الي انقطاع السفارة بينه و بين شيعته. و کذلک قال ابن الصباغ.

علي حين سمعنا من التاريخ السابق [29] ان اول الغيبة الصغري هو يوم وفاة الامام العسکري (ع) والد المهدي (ع). و ليس اولها ولادة المهدي نفسه... و ان کان مختفيا فعلا خلال حياة ابيه. فاي الوجهين هو الصحيح؟.

و جوابه: ان الوجه الذي اخترناه في التاريخ السابق هو الصحيح،و هو بدء الغيبة الصغري، بوفاة الامام العسکري (ع)، و قد سبق ان برهنا عليه هناک.



[ صفحه 18]



و بکل ذلک، يتبرهن انقسام الغيبة الي صغري و کبري، بالمفهوم الامامي. و اذا کان هذا من صفات المهدي (ع) و لم ينسجم الا مع المفهوم الامامي، يتعين الاخذ بهذا المفهوم بالخصوص.

و طبقا لذلک، کتبنا فيما سبق تاريخ الغيبة الصغري اولا، و نکتب الان تاريخ الغيبة الکبري، و هو هذا الکتاب الذي بين يديک.



[ صفحه 19]




پاورقي

[1] الاشاعة لاشراط الساعة، ص 93.

[2] الغيبة، ص 89.

[3] المصدر ص 89.

[4] المصدر، ص 90.

[5] انظر ص 416.

[6] الغيبه،ص 90 و کذلک الذي يليه.

[7] انظر الغيبه، ص 261.

[8] الاشاعة، ص 93.

[9] الغيبة، ص 91:90.

[10] انظر، ص 326.

[11] اعلام الوري، ص 416.

[12] الفصول المهمة: ص 309.

[13] انظر تاريخ الغيبه الصغري، ص 630 و غيرها.

[14] الغيبة، ص 76.

[15] السبت ياتي لغة بمعني الدهر و البرهة من الزمان.

[16] الغيبة، ص 78.

[17] المصدر، ص 78.

[18] المصدر و الصفحة.

[19] المصدر، ص 81.

[20] المصدر و الصفحة.

[21] اکمال الدين المخطوط، و کذلک الذي بعده.

[22] الغيبة، ص 78.

[23] انظر الاکمال المخطوط، و کذلک الذي يليه.

[24] الغيبة، ص 95.

[25] الاشاعة، ص 93.

[26] تاريخ الغيبة الصغري، ص 546.

[27] المصدر و الصفحة.

[28] انظر تاريخ الغيبة الصغري، ص 543.

[29] المصدر السابق، ص 4.