الجواب علي مسلک المخالفين
وإذا سلکنا في هذه المسألة الطريق الثاني من الطريقين اللذين ذکرناهما، کان لنا أن نقول: إنّ الله تعالي قد أعلم إمام الزمان ـ من جهة وسائط علمه، وهم آباؤه وجدّه رسول الله صلّي الله عليه وآله ـ أنّه متي غلب في ظنّه الظفر وظهرت له أمارات السلامة، فظهوره واجبٌ ولا خوف عليه من أحد، فيکون الظنّ ها هنا طريقاً إلي [1] العلم، وباباً إلي القطع.
وهذا کما يقوله أصحاب القياس إذا قال لهم نافوه في الشريعة ومبطلوه: کيف يجوز أن يُقْدِمَ ـ مَنْ يظنّ أنّ الفرع مشبه للأصل في الإباحة، ومشارک له في علّتهاـ علي الفعل، وهو يجوِّز أن يکون الأمر بخلاف ظنّه؟ لأنّ الظنّ لا قطع معه، والتجويز ـ بخلاف ما تناوله ـ ثابتٌ، أوليس هذا موجباً أن يکون المکلّف مُقْدِماً علي ما لا يأمن کونه قبيحاً؟! والإقدام علي ما لا يؤمن قبحه کالإقدام علي ما يعلم قبحه.
لأنّهم يقولون: تَعَبُّدُ الحکيمِ سبحانه بالقياس يمنع من هذا
[ صفحه 87]
التجويز؛ لأن الله تعالي إذا تَعَبَّدَ بالقياس فکأنّه عزّوجلّ قال: «مَنْ غلب علي ظنّه بأمارات، فظهر له في فرع أنّه يشبه أصلاً محلّلاً فيعمل علي ظنّه، فذلک فرضه والمشروع له» فقد أمن بهذا الدليل ومن هذه الجهة الإقدام علي القبيح، وصار ظنّه ـ أنّ الفرع يشبه الأصل في الحکم المخصوص ـ طريقاً إلي العلم بحاله وصفته في حقّه وفيما يرجع إليه، وإنْ جاز أن يکون حکم غيره في هذه الحادثة بخلاف حکمه إذا خالفه في غلبة الظنّ.
ومَنْ هذه حجّته وعليها عمدته، کيف يشتبه عليه ما ذکرناه في غلبة الظنّ للإمام بالسلامة والظفر؟!
والأَوْلي بالمنصف أن ينظر لخصمه کما ينظر لنفسه ويقنع به من نفسه.
پاورقي
[1] في «م»: من.