بازگشت

الجواب عن اعتراض المصنف


وقد أجاب بعضهم عن هذا السؤال بأنّ سبب الغيبة عن الجميع هو فعل الأعداء؛ لأنّ انتفاع جماعة الرعيّة ـ من وليًّ وعدوّ ـ بالإمام إنّما يکون بأن ينفذ أمرُه وتنبسط يدُه، ويکون ظاهراً متصرِّفاً بلا دافع ولا منازع،



[ صفحه 63]



وهذا ممّا [1] المعلوم أنّ الأعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه.

قالوا: ولا فائدة في ظهوره سرّاً لبعض أوليائه؛ لأنّ النفع المبتغي من تدبير الأئمّة لا يتمًّ إلاًّ بالظهور للکلّ ونفوذ الأمر، فقد صارت العلّة في استتار الإمام وفقد ظهوره ـ علي الوجه الذي هو لطفُ ومصلحةٌ للجميع ـ واحدةٌ.

وهذا أيضاً جواب غير مَرْضيّ:

لأنّ الأعداء إن کانوا حالوا بينه و بين الظهور علي وجه التصرّف والتدبير، فلم يحولوا بينه وبين مَنْ شاء من أوليائه علي جهة الاستتار.

وکيف لا يَنْتفع به مَنْ يلقاه من أوليائه علي سبيل الاختصاص، وهو يعتقد طاعته وفرض أتباع أوامره، ويحکّمه في نفسه؟!

وإنْ کان لا يقع هذا اللقاء لأجل اختصاصه؛ ولأن الإمام معه غير نافذ الأمر في الکلّ، ولا مفوّض إليه تدبير الجميع، فهذا تصريحٌ بأنّه لا انتفاع للشيعة الإمامية بلقاء أئمّتها من لدن وفاة أميرالمؤمنين (عليه السلام) إلي أيّام الحسن بن عليّ أبي القائم (عليهم السلام)، للعلّة التي ذکرت.

ويوجب ـ أيضاً ـ أنّ أولياء أميرالمؤمنين (عليه السلام) وشيعته لم يکن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الأمر إلي تدبيره وحصوله في يده.

وهذا بلوغ ـ من قائله ـ إلي حدّ لا يبلغه متأمّل.

علي أنّه: إذا سلّم لهم ما ذکروه ـ من أنّ الانتفاع بالإمام لا يکون إلاّ مع ظهوره لجميع الرعيّة، ونفوذ أمره فيهم ـ بطل قولهم من وجه آخر،



[ صفحه 64]



وهو: أنّه يؤدّي إلي سقوط التکليف ـ الذي الإمام لطفٌ فيه ـ عن شيعته:

لأنّه إذا لم يظهر لهم لعلّة لا ترجع إليهم، ولا کان في قدرتهم وإمکانهم إزالة ما يمنعهم [2] من الظهور: فلا بدّ من سقوط التکليف عنهم، ولا يجرون في ذلک مجري أعدائه؛ لأنّ الأعداء ـ واِنْ لم يظهر لهم ـ فسبب ذلک من جهتهم، وفي إمکانهم أن يزيلوا المنع من ظهوره فيظهر، فلزمهم التکليف الذي تدبير الإمام لطفٌ فيه، ولو لم يلزم ذلک شيعته علي هذا الجواب

ولو جاز أن يمنع قومٌ من المکلَّفين غيرهم من لطفهم، ويکون التکليف ـ الذي ذلک اللطفٌ لطف فيه ـ مستمرّاً عليهم: لجاز أن يمنع بعضُ المکلِّفين غيره ـ بقيدٍ أو ما أشبههـ من المشي علي وجهٍ لا يتمکّن ذلک المقيّد من إزالته، ويکون المشي مع ذلک مستمّراً علي المقيَّد.

وليس لهم أن يفرّقوا بين القيد وفَقد اللطف، من حيث کان القيد يتعذّر معه الفعل ولا يتوهّم وقوعه، وليس کذلک فقد اللطف:

لأنّ المذهب الصحيح ـ الذي نتّفق نحن عليه ـ أنّ فَقْدَ اللطف يجري مجري فَقْدِ القُدرة والآلة، وأنّ التکليف مع فَقْدِ اللطف ـ في مَنْ له لطف ـ معلومٌ قبحه، کالتکليف مع فَقْد القدرة والآلة ووجود المانع، وأنّ مَن لم يفعل به اللطف ـ ممًّن له لطف معلوم ـ غير متمکِّن من الفعل، کما أنّ الممنوعَ غيرُ متمکَّن.



[ صفحه 65]




پاورقي

[1] کذا في «أ» و «ج» و«الغيبة» للطوسي ـ ص 98.

[2] کذا في نسختي الکتاب، والظاهر: «ما يمنعه» أي الإمام (عليه السلام).