بازگشت

اعتماد شيوخ المعتزلة علي هذه الطريقة


وممّا يبيّن صحّة / [1] هذه الطريقة ويوضّحها: أنّ الشيوخ کلّهم لمّا عولوا- في إبطال ما تدّعيه اليهود: من تأبيد شرعهم و أنّه لا يُنسخ ما دام الليل والنهار، علي ما يرونه، ويدّعون: أنّ موسي (عليه السلام) قال: «إنّ شريعته لا تنسخ» - علي أنّ نبيّنا عليه وآله أفضل الصلاة والسلام - وقد قامت دلائل نبوّته، ووضحت بيّنات صدقه - أکذبهم في هذه الرواية، وذکر أنّ شرعه ناسخٌ لکلٌ شريعة تقدّّمته.

سألوا [2] نفوسهم - لليهود - فقالوا: أيّ فرق بين أن تجعلوا دليل النبوّة مبطلأ لخبرنا في نفي النسخ للشرع، وبين أن نجعل صحّة الخبر بتأبيد الشرع، وأنّه لا ينسخ، قاضياً علي بطلان النبوّة؟!

ولم تنقلوننا عن الکلام في الخبر وطرق صحّته إلي الکلام في معجز النبوّة، ولم يجز أن تنقلکم عن الکلام في النبوّة ومعجزها إلي الکلام في الخبر وصحّته؟!

أوَ ليس کلّ واحد من الأمرين إذا ثبت قضي علي صاحبه؟!

فأجابوهم عن هذا السؤال بـ: أن الکلام في معجز النبوّة أولي من الکلام في طريق صحّة الخبر؛ لأن المعجز معلوم وجوده ضرورةً وهو القرآن، ومعلوم صفته في الإعجاز بطريق عقلي لا يمکن دخول الاحتمال فيه والتجاذب والتنازع.



[ صفحه 49]



وليس کذلک الخبر الذي تدّعونه؛ لأنّ صحّته تستند إلي أمور غير معلومة ولا ظاهرة ولا طريق إلي علمها؛ لأنّ الکثرة التي لا يجوز عليهم التواطؤ لابدٌ من إثباتهم في رواية هذا الخبر، في أصله وفرعه، وفيما بيننا وبين موسي (عليه السلام)، حتي يُقطع علي أنهم ما انقرضوا في وقت من الأوقات ولا قلّوا، وهذا مع بعد العهد وتراخي الزمان محالٌ إدراکه والعلم بصحّته.

قضوا [3] حينئذٍ علي أنّ الکلام في معجز النبوّة - حتي إذا صحّ، قطع به علي بطلان الخبر - أولي من الکلام في الخبر والتشاغل به.


پاورقي

[1] إلي هنا ينتهي السقط في «ب».

[2] هذا متعلّق بجملة: «لمّا عوّلوا...» المارّة انفاً.

[3] جواب جملة: «لمّا عوّلوا...» المارّة انفاً.