تقدم الکلام في الأصول علي الکلام في الفروع
فإن قال: (أنا لا أسلّم) [1] ثبوت أمامة ابن الحسن وصحة طريقها، ولو سلمت ذلک لما خالفت في الغيبة، لکنني أجعل الغيبة - وأنه لا يجوز أن يکون لها سبب صحيح - طريقاً إلي نفي ما تدعونه من إمامة ابن الحسن.
[ صفحه 46]
قلنا: إذا لم تثبت لنا إمامة ابن الحسن (عليهما السلام) فلا کلام لنا في الغيبة؛ لأنا إنما نتکلم في سبب غيبة من ثبتت إمامته وعُلِمَ وجوده، والکلام في وجوه غيبة من ليس بموجود هذيان.
وإذا لم تسلموا إمامة ابن الحسن، جعلنا الکلام معکم في صحة إمامته، واشتغلنا بتثبيتها وإيضاحها، فإذا زالت الشبهة فيها ساغ الکلام حينئذ في سبب الغيبة؛ وإن لم تثبت لنا إمامته وعجزنا عن الدلالة علي صحتها، فقد بطل قولنا بإمامة ابن الحسن (عليهما السلام)، واستغني - معنا - عن کلفة الکلام في سبب الغيبة.
ويجري هذا الموضع من الکلام مجري من سألنا عن إيلام الأطفال، أو وجوه الآيات المتشابهات، وجهات المصالح في رمي الجمار، والطواف بالبيت، وما أشبه ذلک من العبادات علي التفصيل والتعيين.
وإذا عولنا في الأمرين علي حکمة القديم تعالي، وأنه لا يجوز أن يفعل قبيحاً، ولا بد من وجه حسن في جميع ما فعله، وإن جهلناه بعينه، وأنّه تعالي لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه، ولا بدّ - فيما ظاهره يقتضي خلاف ما هو تعالي عليه - من أن يکون له وجه صحيح، وإن لم نعلمه مفصّلاً.
قال لنا: ومن سلّم لکم حکمة القديم، وأنه لا يفعل القبيح؟! وإنا إنما جعلنا [2] الکلام في سبب إيلام الأطفال ووجوه الآيات المتشابهات وغيرها طريقاً إلي نفي ما تدّعونه من نفي القبيح عن أفعاله تعالي.
فکما أن جوابنا له: أنّک إذا لم تسلّم حکمة القديم تعالي دللنا
[ صفحه 47]
عليها، ولم يجز أن نتخطّاها إلي الکلام في أسباب أفعاله.
فکذلک الجواب لمن کلّمنا في الغيبة وهو لا يسلّم إمامة صاحب الزمان وصحة أصولها.
پاورقي
[1] في «أ»: لا نسلّم.
[2] في «ج»: وأنا إنّما جعلتُ.