بازگشت

تاريخ الامام علي بن محمد الهادي


کانت سامراء عاصمة الدولة العباسية في اوج عزها و عمرانها، و کان المتوکل هو الذي تسنم کرسي الخلافة جاء به جماعة من الموالي و الاتراک عام 232. و کان قد تسلم الخلافة حاقدا علي أئمتنا (ع) و علي اصحابهم، حذرا منهم کل الحذر. و هذا واضح لمن يراجع التاريخ کل الوضوح [1] بلغ في آل ابي طالب ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، و کان من ذلک ان کرب قبر الحسين عليه السلام وعفي آثاره.

وفکر المتوکل ان يستقدم الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام الي سامراء من المدينة، آخذا بالاسلوب الذي اخترعه المأمون العباسي و سار عليه من بعده تجاه الامام الجواد محمد بن علي عليه السلام، و من بعده من الأئمة (ع). فان المأمون حين زوج ابنته أم الفضل للامام الجواد عليه السلام، کان قد وضع الحجر الأساسي للمراقبة الشديدة و الحذر التام من الامام عليه السلام من الداخل، مضافا الي مراقبته من الخارج. و کان هذا الزواج و تقريبه الي البلاط، اسلوب ناجح



[ صفحه 102]



للوصول الي هذه النتيجة التي يراد بها جعل الامام عليه السلام بين سمع الخليفة و بصره، و عزله عن قواعده الشعبية الموالية له، و کفکفة نشاطه.

و اذ توفي الامام الجواد عليه السلام، و تولي الامام الهادي عليه السلام الامامة بعده، لم يکن ليفوت المتوکل ضرورة تطبيق نفس هذا الاسلوب عليه، فهو يري ان الامام حال وجوده في المدينة في المدينة، بعيدا عنه، يشکل خطرا علي الدولة لا محالة، اذن فلا بد من استقدامه الي سامرا حتي يأمن خطره و يهدأ باله، و يضعه تحت الرقابة المباشرة منفصلا عن قواعده الشعبية.

و من ثم کانت الوشاية به -و هي ناقوس الخطر-کافيه لحفز المتوکل علي ضعضعة حياة الامام الهادي عليه السلام، و نقله من موطنه و داره في المدينة، الي العاصمة سامراء، لکي يبدأ تأريخا جديدا حافلا في موطنه الجديد.


پاورقي

[1] انظر الکامل ج 5 ص 304 و ص 287 و المروج ج 4 ص 51 و مقاتل الطالبيين ج 3 ص 424.