تعيينه لوکلاء متعددين غير السفراء الأربعة
ثبت النقل التاريخي بوجود سفراء أو وکلاء غير السفراء الأربعة السابقين، مشتتين في مختلف البلدان الاسلامية التي فيها شي ء من القواعد الشعبية المومنة بالامام المهدي عليه السلام.
و مما لا شک فيه أن هناک فرقا أساسيا بين هولاء الوکلاء و أولئک السفراء، و يتضح هذا الفرق في أمرين رئيسيين:
أولهما: أن السفير يواجه الامام المهدي (ع) مباشرة و يعرفه شخصيا و يأخذ منه التوقيعات و البيانات. علي حين أن الوکلاء ليسوا کذلک بل يکون اتصالهم بالمهدي (ع) عن طريق سفرائه، ليکونوا همزة الوصل بينهم و بين قواعدهم الشعبية.
ثانيهما: ان مسوولية السفير في الحفاظ علي اخوانه في الدين و قواعده الشعبية عامة و شاملة. علي حين نري مسوولية الوکيل خاصة بمنطقته علي ما سنسمع تفصيله.
و المصلحة الأساسية لوجود الوکلاء أمران أساسيان:
الأمر الأول: المساهمة في تسهيل عمل السفير و توسيعه، حيث لا يکون بوسع السفير بطبيعة الحال، و بخاصة في ظرف السرية و التکتم الاتصال بالقواعد الشعبية المنتشرين في العراق و غير العراق من البلاد
[ صفحه 610]
الاسلامية. فيکون لعمل الوکلاء بهذا الصدد أکبر الأثر في ايصال التعاليم و التوجيهات الي أوسع مقدار ممکن من القواعد الشعبية.
الأمر الثاني: المساهمة في اخفاء السفير نفسه، و کتمان اسمه و شخصه حيث قلنا في ما سبق أن الفرد الاعتيادي العارف بفکرة السفارة، غاية ما يستطيعه هو الاتصال بأحد الوکلاء من دون معرفة باسم السفير أو مکانه، و قد لا يکون الوکيل علي استعداد للتصريح بذلک أصلا.
و نحن ذاکرون فيما يلي اسماء من وردنا في التاريخ وکالته في زمن الغيبة الصغري. و ما نذکره ليس علي وجه الحصر اذ لعل عددا من الوکلاء لم يرد اسمه في التاريخ، بعد ملاحظة سعه المناطق التي کانوا فيها من البلاد الاسلامية، و طول المدة التي تتاوبوا فيها علي احتلال مرکز الوکالة، خلال سبعين عاما مدة هذه الفترة، مما يودي الي اختفاء عدد من الاسماء، و خاصه في ظروف التکتم و الحذر.
و لعل أحسن نص جامع لاسماء عدد من الوکلاء، ما ذکره الصدوق في اکمال الدين [1] مرويا عن أبي علي الأسدي عن أبيه عن محمد بن أبي عبدالله الکوفي أنه ذکر عدد من انتهي اليه ممن وقف علي معجزات صاحب الزمان صلوات الله عليه ورواه، من الوکلاء: ببغداد العمري و ابنه و حاجز و البلالي و العطار. و من الکوفة العاصمي و من أهل الأهواز محمد بن ابراهيم بن مهزيار. و من أهل قم أحمد بن اسحاق
[ صفحه 611]
و من أهل همدان محمد بن صالح و من أهل الري: الشامي، و الأسدي -يعني نفسه -. و من أهل أذربيجان القاسم بن العلا. و من نيشابور محمد بن شاذان النعيمي. الي آخر الحديث.
و نحن نذکرهم فيما يلي علي نفس هذا الترتيب الذي ذکره الصدوق. ثم نذکر ما وجدناه من أسماء الأشخاص الآخرين الذين ورد النص بوکالتهم في بعض النصوص التاريخية:
العمري: هو الشيخ عثمان بن سعيد السفير الأول، عن الامام المهدي عليه السلام. و انما سمي وکيلا من رواية الصدوق، باعتبار المعني الأعم للوکالة. و قد سبق ان ترجمناه مفصلا.
ابنه: الشيخ محمد بن عثمان العمري السفير الثاني. و قد سبق ان ترجمناه أيضا.
حاجز بن يزيد..الملقب بالوشا. [2] روي فيه الشيخ المفيد باسناده عن الحسن بن عبد الحميد، قال شککت في أمر حاجز. فجمعت شيئا ثم صرت الي العسکر-يعني سامراء-.فخرج الي: ليس فينا شک و لا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا. ترد ما معک الي حاجز بن يزيد. [3] .
وروي الکليني بسنده عن محمد بن الحسن الکاتب المحروزي انه قال: وجهت الي حاجز الوشاء مائتي دينار و کتبت الي الغريم بذلک فخرج الوصول. و ذکر انه کان قبلي ألف دينار و اني وجهت اليه مائتي
[ صفحه 612]
دينار. و قال: ان أردت أن تعامل أحدا فعليک بأبي الحسين الأسدي بالري. فورد الخبر بوفاة حاجز- رضي الله عنه - بعد يومين أو ثلاثة..الخ الحديث. [4] .
و هذا الحديث يدلنا علي عدة أمور:
الأول: أنه کانت العادة أن يوصل الناس جملة من الأموال التي للامام (ع) الي حاجز الوشا. و من هنا وجه اليه المروزي مائتي دينار.
الثاني: أن الوشا ذو طريق مضبوط مضمون الي المهدي عليه السلام بحيث يخرج به الوصول.
الثالث: الدلالة علي وکالة حاجز بقرينة التحويل علي أبي الحسين الأسدي بعد موته. و لا شک أن الأسدي هذا کان من الوکلاء علي ما سنذکر بعد قليل.
و لم يعلم من أمر حاجز أکثر من ذلک، فقد أهمل التاريخ تاريخ ولادته و وفاته و مقدار ثقافته و علاقاته، و نحو ذلک من خصائصه. و لله في خلقه شوون.
البلالي: هو أبو طاهر محمد بن علي بن بلال، الذي ترجمناه في من أدعي السفارة زورا. و قد عرفنا أن ابن طاووس عده من السفراء المعروفين في الغيبة الصغري الذين لا يختلف الامامية القائلون بامامة الحسن بن علي عليه السلام فيهم.و عبر عنه المهدي (ع) في بعض
[ صفحه 613]
توقيعاته: بأنه الثقة المأمون العارف بما يجب عليه. [5] و ذکره الصدوق في قائمة الوکلاء کما سمعنا.
الا أن الشيخ في الغيبة ذکره في المذمومين، [6] و روي فيه أحاديث عرفناها فيما سبق. مما يدل علي أنه کان وکيلا صالحا في مبدأ أمره ثم انحرف و فسد حاله بعد ذلک.
العطار: ذکره الصدوق في النص السابق من الوکلاء، و لکننا لم نستطع أن نميز شخصيته لوجود عدد ممن لقب بهذا اللقب، لم يذکر في التاريخ عن أي منهم کونه موسوما بالسفارة أو الوکالة. سواء کان معاصرا للزمن الذي نبحث عنه أو لم يکن.
و هم: محمد بن يحيي العطار و ابنه أحمد بن محمد بن يحيي. و يحيي بن المثني العطار. و الحسن بن زياد العطار. و ابراهيم بن خالد العطار و علي بن عبدالله أبو الحسن العطار. و علي بن محمد بن عمر العطار و محمد بن عبدالحميد العطار، و محمد بن أحمد بن جعفر القمي العطار و داود بن زيد العطار و غيرهم.
فغاية ما يثبت بهذه العبارة: أن شخصا بهذا اللقب کان وکيلا للناحية في الغيبة الصغري، لعله أحد هولاء و لعله شخص آخر.
العاصمي: من الوکلاء أيضا، باعتبار النص الذي ذکرناه عن الصدوق. و هذا اللقب اسم لشخصين:
أحدهما: عيسي بن جعفر بن عاصم. و قد دعا له أبو الحسن
[ صفحه 614]
الامام الهادي عليه السلام. [7] .
ثانيهما: أحمد بن محمد بن أحمد بن طلحة، أبو عبدالله. يقال له: العاصمي. کان ثقة في الحديث سالما خيرا. أصله کوفي و سکن بغداد. روي عن الشيوخ الکوفيين. له کتب منها: کتاب النجوم و کتاب مواليد الأئمة و أعمارهم. [8] .
وکلاهما لم يوسم بالوکالة أو السفارة. ولم يعلم معاصرته للغيبة الصغري. فتبقي رواية الصدوق وحدها دالة علي ذلک.
محمد بن ابراهيم بن مهزيار: عده ابن طاووس من السفراء و الأبواب المعروفين الذين لا يختلف الامامية القائلون بامامة الحسن بن علي فيهم. [9] .
أقول: يريد بالسفير هنا معناه الأعم و هو کل من له ارتباط بالمهدي (ع) و لو بالواسطة. و ليس المراد کونه سفيرا مباشرا لضرورة انحصار السفراء بالأربعة.
و روي الشيخ في الغيبة بسنده الي الشيخ الکليني. مرفوعا الي محمد بن ابراهيم بن مهزيار. قال: شککت عند مضي أبي محمد-الحسن العسکري (ع) -و کان اجتمع عند أبي مال جليل، فحمله و رکب السفينة و خرجت معه مشيعا له فوعک وعکا شديدا. فقال: يا بني ردني ردني فهو الموت. واتق الله في هذا المال. و أوصي الي و مات. فقلت في
[ صفحه 615]
نفسي لم يکن أبي ليوصي بشي ء غير صحيح. أحمل هذا المال الي العراق و أکتري دارا علي الشط و لا أخبر أحدا. فان وضح لي شي ء کوضوحه أيام أبي محمد (ع) أنفذته. و الا تصدقت به.
فقدمت العراق و اکتريت دارا علي الشط، و بقيت أياما، فاذا أنا برسول معه رقعة فيها: يا محمد معک کذا و کذا في جوف کذا و کذا حتي قص علي جميع ما معي مما لم أحط به علما. فسلمت المال الي الرسول، و بقيت أياما لا يرفع لي رأس، فاغتممت.فخرج الي: قد أقمناک مقام أبيک فاحمد لله. [10] .
فنري أن محمد بن ابراهيم هذا، قد شک بعد وفاة الامام العسکري عليه السلام، لبعد المزار و غموض الحال،فيمن يکون اماما بعده. فکان بينه و بين تسليم المال الي المصدر الوثيق: تلک العلامة التي کان کل امام يعطيها عند مقابلته الأولي، کما عرفنا في شأن الامامين العسکريين (ع). و هي ذکر الامام لاوصاف المال تفصيلا قبل أن يطلع عليه حسا. وقد سمعنا کيف أن الوفود التي تحمل المال تجعل هذه العلامة محکا في اثبات الامامة، فلا يسلموه الا لمن أعطي هذه الأوصاف. و قد قام الامام المهدي (ع) بذلک أمام وفد القميين الذي عرفناه. و کرر الآن اعطاء هذه العلامة، عن طريق رسوله ليزول الشک عن ابن مهزيار، و يطمئن الي تسليم المال الي رکن وثيق.
و قد قدم من الأهواز الي العراق لأجل ذلک، و سلم المال بحقه.
[ صفحه 616]
و خرج اليه من قبل الامام المهدي (ع): قد أقمناک مقام أبيک فاحمد الله. و هذا النص ظاهر بتعيينه للوکالة، کما کان أبوه وکيلا.
و کان ينوي أنه ان لم يجد العلامة المعينة المتفق عليها، أن يتصدق بالمال. و هذا هو الأنسب بحال هذا الرجل الجليل. دون ما رواه الشيخ المفيد في الارشاد من قوله: فان وضح لي شي ء کوضوحه في أيام أبي محمد (ع) انفذته و الا أنفقته في ملاذي و شهواتي [11] و لا ما رواه الطبرسي من قوله: و الا قصفت به. [12] فانه مناف لجلالة قدره و لتنصيبه وکيلا بعد أبيه، کما دل عليه نفس الحديث الذي روياه. فان من له نية القصف و الملذات لا يکون أهلا لهذه الوکالة الکبري البتة.
أحمد بن اسحاق: بن سعد بن مالک بن الأحوص الأشعري. أبو علي القمي. و کان وافد القميين. روي عن أبي جعفر الثاني- يعني الامام الجواد (ع) -و أبي الحسن -الهادي (ع)-و کان من خاصة أبي محمد -العسکري-عليه السلام. [13] .
له کتب، منها: کتاب علل الصلاة، کبير. و مسائل الرجال لأبي الحسن الثالث (ع). [14] عاش بعد وفاة أبي محمد عليه السلام. [15] .
قال الشيخ في الغيبة: و کان في زمان السفراء المحمودين أقوام
[ صفحه 617]
ثقات ترد عليهم التوقيعات، من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل. قال: منهم: أحمد بن اسحاق و جماعة، خرج التوقيع في مدحهم. و روي بسنده عن أبي محمد الرازي قال: کنت و أحمد بن أبي عبدالله بالعسکر-يعني سامراء- فورد علينا من قبل الرجل -يعني المهدي (ع) -فقال: أحمد بن اسحاق الأشعري و ابراهيم بن محمد الهمداني و أحمد بن حمزة بن اليسع ثقات. [16] .
و کان أحمد بن اسحاق هذا، من الخاصة الذين عرض الامام العسکري (ع) عليهم ولده المهدي (ع)، و أعطاه الاطروحة الکاملة لفکرة الغيبة مع البرهنة علي امکانها و التنظير بحال الأنبياء السابقين. کما سمعناه فيما سبق.
و کان قد بشره الامام العسکري (ع) بولادة المهدي (ع) اذ أرسل اليه توقيعا بالخط الذي ترد به التوقيعات يقول فيه: ولد لنا مولود فليکن عندک مستورا و عن جميع الناس مکتوما. فانا لم نظهر عليه الا الاقتراب لقرابته و المولي لولايته. أحببنا اعلامک ليسرک الله به مثل ما سرنا به والسلام. [17] .
و کل ذلک يدل علي أنه کان من خاصة الخاصة الموثوقين عند الأئمة المعصومين عليهم السلام. و الاخبار في ذلک کثيرة لا حاجة الي استقصائها في هذا المجال.
[ صفحه 618]
و أما تاريخ ميلاده و وفاته، فلا يکاد يکون معروفا الا بمقدار معرفة تواريخ الأئمة (ع) الذين کان معاصرا لهم.
و أما وکالته في عهد الغيبة الصغري، فهي تثبت برواية الصدوق التي أسلفناها.
محمد بن صالح: بن محمد، الهمداني، الدهقان. من أصحاب العسکري (ع). وکيل الناحية. [18] يدل علي ذلک ما ذکره الامام المهدي (ع) نفسه في توقيع له لاسحاق بن اسماعيل، يقول فيه: فاذا وردت بغداد، فاقرأه علي الدهقان وکيلنا وثقتنا، و الذي يقبض من موالينا. [19] .
و قد غلي آخر عمره [20] فأصبح منحرفا، و انما کان ممدوحا موثوقا قبل انحرافه. و لعله هو المقصود من قول المهدي (ع) في بعض بياناته: و قد علمتم ما کان من أمر الدهقان عليه لعنة الله و خدمته و طول صحبته؛ فأبدله الله بالأيمان کفرا حين فعل ما فعل. فعاجله الله بالنقمة و لم يمهله. [21] أقول: و يحتمل أن يکون المراد من ذلک: عروة بن يحيي الدهقان. و الله العالم.
الشامي: غير معروف النسب، کان من اهل الري و کان من
[ صفحه 619]
وکلاء القائم.
الأسدي: محمد بن جعفر بن محمد بن عون. الأسدي. الرازي. کان أحد الابواب. [22] يکني أبا الحسين. له کتاب الرد علي اهل الاستطاعة. [23] .
الکوفي ساکن الري. يقال له: محمد بن أبي عبدالله. کان ثقة صحيح الحديث، الا أنه روي عن الضعفاء، و کان يقول بالجبر و التشبيه. و کان أبوه وجها. روي عنه أحمد بن محمد بن عيسي. ومات ليلة الخميس لعشر خلون من جمادي الاولي سنة اثني عشره و ثلاث مائة. [24] .
قال الشيخ في الغيبة: و کان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الاصل. منهم: أبو الحسين محمد بن جعفر الأسدي رحمه الله.
و روي عن صالح بن أبي صالح. قال: سألني بعض الناس في سنة تسعين و مائتين قبض شي ء فامتنعت من ذلک، و کتبت- يعني الي المهدي (ع) -استطلع الرأي. فأتاني الجواب: بالري محمد بن جعفر العربي، فليدفع اليه فانه من ثقاتنا. [25] .
و قد سبق أن سمعنا الامام المهدي عليه السلام، نصب الاسدي هذا
[ صفحه 620]
وکيلا بعد موت حاجز الوشا. [26] .
و روي أيضا عن أبي جعفر محمد بن علي بن نوبخت، قال: عزمت علي الحج و تأهبت فورد علي -يعني من المهدي (ع) - نحن لذلک کارهون. فضاق صدري واغتممت و کتبت:أنا مقيم بالسمع و الطاعة. غير أني مغتم بتخلفي عن الحج. فوقع: لا يضيقن صدرک فانک تحج من قابل.
فلما کان من قابل استأذنت. فورد الجواب -يعني بالاذن بالسفر-.فکتبت: اني عادلت محمد بن العباس و أنا واثق بديانته و صيانته. فورد الجواب: الاسدي نعم العديل، فان قدم فلا تختر عليه. قال: فقدم الاسدي فعادلته. [27] .
و مات الاسدي علي ظاهر العدالة، لم يتغير و لم يطعن فيه.. في شهر ربيه الآخر سنة اثنتي عشرة و ثلاثمائة. [28] اقول: و هذا انسب بحاله مما نقلناه عن النجاشي من کونه کأن يقول بالجبر و التشبيه. و الله العالم.
و کان المعتاد دفع أموال الامام (ع) الي الاسدي ليوصلها اليه، و لو بواسطة السفير، و کان يخرج به الوصول. روي عن محمد بن شاذان النيشابوري. قال: اجتمع عندي خمسائة درهم ينقص عشرون درهما.
[ صفحه 621]
فلم أحب أن ينقص هذا المقدار، فوزنت من عندي عشرين درهما و دفعتها للأسدي. و لم أکتب بخبر نقصانها و أني أتمتها بمالي. فورد الجواب - أي من الناحية- قد وصلت الخمسمائة التي لک فيها عشرون. [29] .
القاسم بن العلا: من أهل آذربيجان. قال ابن طاوس: انه من وکلاء الناحية. [30] يکني بأبي محمد. [31] .
روي عنه أنه قال: ولد لي عدة بنين فکنت أکتب - يعني الي الناحية- و أسأل الدعاء لهم. فلا يکتب الي بشي ء من أمرهم. فماتوا کلهم. فلما ولد لي الحسن ابني کتبت اسأل الدعاء، و اجبت و بقي و الحمدلله. [32] و قد أشرنا الي هذه الرواية في مناسبة سابقة.
عمر مائة و سبع عشر سنة، منها ثمانون سنة صحيح العينين. لقي الامام الهادي (ع) و الامام العسکري (ع). و أصيب بالعمي بعد الثمانين. و کان مقيما بمدينة الران من ارض أذربيجان. و کان لا تنقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه، علي يد أبي جعفر محمد بن عتمان العمري و بعده علي أبي القاسم بن روح، قدس الله روحهما. [33] .
و قد روي الشيخ في الغيبة و الراوندي في الخرايج حديثا مطولا
[ صفحه 622]
يدل علي جلالة قدره، يحتوي علي عدد من التفاصيل. منها: أن الامام المهدي (ع) زوده قبل موته بسبعة ثياب للتکفين، و أخبره أنه يموت بعد أربعين يوما، فمات في الموعد المعين.
و منها:أن ابنه کان شاربا للخمر، فتاب عنه في أيام أبيه الاخيرة. و کان فيما أوصاه: يا بني ان اهلت لهذا الامر،- يعني الوکالة لمولانا- فيکون قوتک من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيذه. و سائرها ملک مولاي. و أن لم توهل له فاطلب خيرک من حيث يتقبل الله. و قبل الحسن وصيته علي ذلک.
و منها: أن الامام المهدي (ع) أرسل الي ابنه کتاب تعزية علي أبيه في آخره دعاء: ألهمک الله طاعته و جنبک معصيته. و هو الدعاء الذي کان دعا به أبوه. و کان آخره: قد جعلنا اباک اماما لک و فعاله لک مثالا. [34] فنجد أن الامام (ع) قد جعل هذا الشخص الجليل قدوة لولده و مثالا، لمکان تقواه و اخلاصه. و لم تنتقل الوکالة الي الابن ليأکل من تلک الضيعة بحسب وصية أبيه، فانه کان منوطا بجعله وکيلا، و الا فعليه أن يطلب المال من حيث يتقبل الله.
و قد خرج الي القاسم بن العلا، توقيعان من لعن بعض المنحرفين کأحمد بن هلال. [35] .
محمد بن شاذان: بن نعيم النعيمي النيشابوري. عده ابن طاووس
[ صفحه 623]
من وکلاء الناحية، و ممن وقف علي معجزات صاحب الزمان وراه عليه السلام. [36] .
و قد أخرج الصدوق في اکمال الدين [37] عنه حديثا مطولا حول الاجتماع بالمهدي (ع). الا أن الظاهر، علي تشويش في عبارة الحديث أن الذي اجتمع به عليه السلام ليس هو محمد بن شاذان بل غانم أبو سعيد الهندي الذي کان جديد الاسلام و باحثا عن الحق.
و في توقيع صادر عن الامام المهدي (ع): و اما محمد بن شاذان بن نعيم، فانه رجل من شيعتنا أهل البيت. [38] .
فهولاء اثني عشر من السفراء و الوکلاء عن الامام المهدي عليه السلام. عدهم الصدوق في روايته. و نضيف الي ذلک جماعة. هم:
ابراهيم بن مهزيار: أبو اسحاق الاهوازي. [39] والد محمد بن ابراهيم بن مهزيار. و قد سمعنا قول المهدي (ع) في توقيعه لمحمد بن ابراهيم: قد أقمناک مقام أبيک فاحمد الله. و هو دال علي أن اباه کان وکيلا للناحية أيضا.
روي عن ولده محمد بن ابراهيم أنه قال: أن أبي لما حضرته الوفاة دفع الي مالا و أعطاني علامة. و لم يعلم بتلک العلامة أحد الا الله عزوجل. و قال: من أتاک بهذه العلامة فادفع اليه المال. قال: فخرجت
[ صفحه 624]
الي بغداد و نزلت في خان. فلما کان في اليوم الثاني اذ جاء شيخ و دق الباب. فقلت للغلام: أنظر من هذا؟ فقال: شيخ بالباب. فقلت: أدخل. فدخل و جلس. فقال: أنا العمري. هات المال الذي عندک و هو کذا و کذا و معه العلامة. قال:فدفعت اليه المال. [40] .
فوجود أموال الامام عند ابراهيم بن مهزيار و معرفته بالعلامة السرية التي لا يعلم بها الا الشيخ العمري السفير عن المهدي (ع) بتعليم منه عليه السلام.يدل علي أن ابراهيم هذا کان وکيلا عن الناحية المقدسة.
وقد عده ابن طاووس من سفراء الصاحب و الأبواب المعروفين الذين لا يختلف الاثنا عشرية فيهم. [41] له کتاب البشارات. [42] .
محمد بن حفص: بن عمرو، أبو جعفر. أبوه يدعي بالعمري و الجمال، و کان وکيلا لابي محمد العسکري عليه السلام. [43] و کان وکيل الناحية، و کان الأمر يدور عليه. [44] مما يدل علي أنه کان له نشاط متزايد بهذا الأمر.
الحسين بن علي بن سفيان: بن خالد بن سفيان. أبو عبدالله البزوفري.
[ صفحه 625]
شيخ جليل من أصحابنا. له کتب. [45] روي الشيخ في الغيبة عن بعض العلويين سماه. قال: کنت بمدينة قم فجري بين اخواننا کلام في أمر رجل أنکر ولده. فأنفذوا الي الشيخ- [46] صانه الله- و کنت حاضرا عنده - أيده الله - فدفع اليه الکتاب فلم يقرأه، و أمره أن يذهب الي أبي عبدالله البزوفري -أعزه الله - ليجيب عن الکتاب. فصار اليه، و أنا حاضر. فقال أبو عبدالله: الولد ولده و واقعها في يوم کذا و کذا في موضع کذا و کذا. فقل له فليجعل اسمه محمدا. فرجع الرسول الي البلد و عرفهم، و وضع عندهم القول. و ولد الولد و سمي محمدا. [47] .
و قد نقلنا مضمون هذا الخبر فيما سبق. و هو يدل بوضوح علي استقاء هذه المعلومات من الامام المهدي (ع) ولو بالواسطة. فيدل علي انه کان وکيلا في الجملة. و من هنا قال المجلسي في البحار تعليقا علي هذا الخبر: يظهر منه أن البزوفري کان من السفراء. و لم ينقل. و يمکن أن يکون وصل ذلک اليه بتوسط السفراء أو بدون توسطهم في خصوص الواقعة. [48] .
الحسين بن روح: بن أبي بحر النوبختي. و هو السفير الثالث للامام
[ صفحه 626]
المهدي عليه السلام. الا أنه أبان سفارة سلفه الشيخ محمد بن عثمان العمري، کان وکيلا له، ينظر في أملاکه، و يلقي بأسراره لروساء الشيعة. و کان خصيصا به، فحصل في أنفس الشيعة محصلا جليلا لمعرفتهم باختصاصه بأبي جعفر وتوثيقه عندهم، و نشر فضله و دينه و ما کان يحتمله من هذا الأمر. فمهدت له الحال في طول حياة أبي جعفر الي أن انتهت الوصية بالنص عليه. فلم يختلف في أمره، و لم يشک فيه أحد. [49] .
و أصبح العمري قبل موته بسنتين أو ثلاث يحول عليه أموال الامام عليه السلام. لکي يعود الرأي العام و يهي ء الجو بالرجوع اليه حين توول السفارة اليه. کما سبق ان عرفنا.
و من هنا أمکن أن يعد الشيخ ابن روح في السفراء تارة، وفي الوکلا، أخري، رضي الله عنه و أرضاه.
ابراهيم بن محمد الهمداني: وکيل الناحية. کان حج أربعين حجة. [50] .
کان معاصرا للامام الجواد عليه السلام، و قد کتب له نجطه: و عجل الله نصرتک ممن ظلمک و کفاک مونته، و أبشرک الله عاجلا و بالأجر آجلا. و أکثر من حمدالله.
و روي عنه أنه قال: و کتب الي: و قد وصل الحساب تقبل الله منک و رضي عنهم و جعلهم معنا في الدنيا و الآخرة..و قد کتبت الي النضر، أمرته أن ينتهي عنک و عن التعرض لک و لخلافک، و أعلمته
[ صفحه 627]
موضعک عندي. و کتبت الي أيوب أمرته بذلک أيضا. و کتبت الي موالي. بهمدان کتابا أمرتهم بطاعتک و المصير الي أمرک. و ان لا وکيل لي سواک. [51] .
و هذا الخطاب اليه من الامام عليه السلام يدل علي جلالة قدره و نفوذ حکمه، و وکالته. الا أن الامام الذي صدر عنه هذا الخطاب غير مذکور؛ و لعل ظاهر السياق من عبارة المصدر کونه الامام الجواد عليه السلام لا الحجة المهدي عليه السلام.
نعم، ورد توثيقه عن الامام المهدي (ع) مبتدءا بذلک من دون سبق سوال. [52] و المراد بذلک توکيله و ارجاع الناس اليه لا محالة، و هو اذ ذاک من شيوخ الطائفة و مبرزيها الذين لهم قدم في مدح الأئمة السابقين لهم.
أحمد بن اليسع: بن عبدالله القمي. روي أبوه عن الرضا عليه السلام. ثقة ثقة. له کتاب نوادر. [53] .
و قد ورد توثيقه عن الامام المهدي عليه السلام. [54] و هو يدل في الجملة علي توکيله و الاذن برجوع الناس اليه، کما أسلفنا.
أيوب بن نوح: بن دراج النخعي، أبو الحسين. کان وکيلا لابي الحسن -الهادي (ع) - و أبي محمد- العسکري (ع) -، عظيم المنزلة
[ صفحه 628]
عندهما، مأمونا.و کان شديد الورع کثير العبادة، ثقة في رواياته. و أبوه نوح بن دراج کان قاضيا بالکوفة، و کان صحيح الاعتقاد. له کتاب نوادر. [55] و روايات و مسائل عن أبي الحسن الثالث-الهادي - عليه السلام. [56] .
روي الشيخ عن عمر بن سعيد المدائني، قال: کنت عند ابي الحسن العسکري عليه السلام بصريا، اذ دخل أيوب بن نوح و وقف قدامه، فأمره بشي ءثم انصرف. و التفت الي أبو الحسن عليه السلام. و قال: يا عمر ان احببت ان تنظر الي رجل من أهل الجنة، فانظر الي هذا. [57] .
اذن فهو جليل المقام مقرب للأئمة عليهم السلام، و وکيل للامام الهادي عليه السلام. و اما وکالته عن الامام المهدي، فلا يدل عليه الا توثيقه الذي ورد في التوقيع الصادر عنه عليه السلام. [58] و هو کما قلنا يدل في الجملة علي توکيله، و الاذن برجوع الناس اليه.
فهولاء طائفة ممن اضطلعوا بمهمة الوکالة عن الامام المهدي (ع) في غيبته الصغري، لتکميل و توسيع عمل السفراء الاربعة في مختلف البلدان الاسلامية.
[ صفحه 629]
و قد اتضح من ذلک أن الوکيل لا يکون عاملا بين يدي السفير و لا يحق له قبض الأموال و لا اخراج التوقيعات، الا باذن الامام المهدي (ع) نفسه، و ليس للسفير أن يستقل عنه في الايکال الي أي شخص کان.
و يظهر من بعض الأخبار أن فکرة الوکالة، و تعدد الوکلاء، کانت نافذة المفعول منذ السنوات الأولي للغيبة الصغري، و منذ أوائل وجود السفارة.
فقد سمعنا فيما سبق أنه بلغ خبر الوکلاء الي عبدالله بن سليمان الوزير فحاول القبض عليهم بحيلة معينة، فکان تخطيط الامام المهدي حائلا له عن بلوغ غرضه و نجاح خطته. فاذا علمنا ان عبدالله بن سليمان هذا-کما تسميه مصادرنا-هو عبيدالله بن سليمان بن وهب، الذي وزر للمعتضد أول خلافته، [59] و ليس في فترة الغيبة الصغري وزير يکون ابن سليمان غيره. و عرفنا ان المعتضد تولي الخلافة عام 279. فيکون هذا الوزير قد تولي وزارته في نفس العام لا محالة. و هو يصادف الاعوام الأولي لتولي الشيخ محمد بن عثمان العمري السفير الثاني لمهام سفارته.
و ظاهر الخبر الذي سمعناه، و الذي رواه الطبرسي [60] کون نظام الوکلاء لم يکن جديدا حادثا في ذلک العام. و انما کان التفات السلطات اليه جديدا. اذن فهو موجود منذ الاعوام الأولي للغيبة الصغري، و قد
[ صفحه 630]
کان خفيا علي السلطات بفعل سريته الشديدة من ناحية، و انشغال الدولة بقتال صاحب الزنج من ناحية أخري. ذلک القتال الذي لم تتنفس منه الدولة الصعداء الا في مبدأ خلافة المعتضد.
پاورقي
[1] أنظر اکمال الدين فصل من شاهد القائم.
[2] منتهي المقال ج 1 ص 241.
[3] الارشاد ص 333.
[4] الغيبة ص 257.
[5] رجال الکشي ص 485.
[6] انظر ص 4245.
[7] رجال الکشي ص 502.
[8] رجال الکشي ص 73.
[9] جامع الرواة ج 1 ص 44.
[10] غيبة الشيخ الطوسي ص 171.
[11] الارشاد ص 331.
[12] اعلام الوري ص 418.
[13] رجال النجاشي ص 71.
[14] الفهرست للشيخ ص 50.
[15] رجال الکشي ص 467.
[16] الغيبة ص 258.
[17] انظر اکمال الدين (المخطوط).
[18] جامع الرواة ج 1 ص 131.
[19] رجال الکشي ص 485.
[20] جامع الرواة ج 1 ص 131.
[21] جامع الرواة ج 2 ص 447. عن السيد التفريشي في ربيع الشيعة.
[22] المصدر ص 83.
[23] الفهرست للشيخ ص 179.
[24] رجال النجاشي ص 289.
[25] أنظر الغيبة ص 257.
[26] المصدر نفسه ص 257 ايضا.
[27] المصدر ص 257.
[28] المصدر ص 258.
[29] غيبة الشيخ ص 258.
[30] جامع الرواة ج 2 ص 19.
[31] المصدر و الصفحة.
[32] الارشاد ص 331.
[33] انظر غيبة الشيخ الطوسي ص 188 و ما بعدها و الخرايج ص 69.
[34] انظر الغيبة ص 192 و الخرايج ص 68.
[35] رجال الکشي ص 449.
[36] جامع الرواة ج 2 ص 130.
[37] انظر المخطوط.
[38] اعلام الوري ص 424.
[39] رجال النجاشي ص 3.
[40] رجال الکشي ص 447.
[41] جامع الرواة ج 1 ص 35.
[42] رجال الکشي ص 13.
[43] جامع الرواة ج 2 ص 262. و انظر الکشي ص 447.
[44] انظر رجال الکشي. نفس الصفحة.
[45] انظر ما في رجال النجاشي ص 53 و ما بعدها.
[46] هو احد السفراء: الثاني او الثالث.
[47] انظر ص 187.
[48] انظر ج 13 ص 86.
[49] غيبة الشيخ الطوسي ص 227.
[50] جامع الرواة ج 1 ص 32.
[51] رجال الکشي ص 508 و ما بعدها.
[52] انظر رجال الکشي ص 467 و الغيبة ص 258.
[53] رجال الکشي ص 71.
[54] انظر رجال الکشي ص 467 و الغيبة ص 258.
[55] رجال النجاشي ص 80.
[56] الفهرست للشيخ ص 40.
[57] الغيبة للشيخ ص 212.
[58] رجال الکشي ص 467.
[59] انظر مروج الذهب ج 4 ص 145 و الکامل ج 6 ص 73.
[60] اعلام الوري ص 421.