بازگشت

تصرفه في الشؤون المالية


من قبض و توزيع، في غيبته الصغري عن طريق غير السفراء



[ صفحه 591]



الاربعة..اما عن طريق المقابلة معه، أو بدون ذلک. أما السفراء الاربعة فقد عرفنا حالهم تفصيلا فيما سبق.

کان أول مال قبضه الامام المهدي عليه السلام، بعد توليه الامامة بعد أبيه عليه السلام، هو المال الذي حمله اليه وفد القميين الذي ورد الي سامراء، في اليوم الاول لوفاة الامام العسکري عليه السلام.

ثم انه عليه السلام لم يشأ أن يستمر علي ذلک، بل أعلن منذ ذلک الحين تنصيبه سفيرا في بغداد لقبض الاموال و اخراج التوقيعات. و استمر السفراء علي القبض لسائر الاموال التي ترد من سائر الاطراف الاسلامية، کما سبق.

و کان السفراء في السنوات الاولي للغيبة الصغري، يحولون بعض الاموال الي سامراء، حيث کان يسکن المهدي (ع) في تلک الفترة. فکان يتم اخراج التعاليم بشأنها من المهدي (ع) عن طريق بعض الوکلاء الخاصين. [1] و کان يسووه رد المال الذي کان يعطيه لمواليه و يعتبره خطأ موجبا الاستغفار. [2] .

و اما فيما بعد ذلک من الزمن، فيتم الکلام فيه في عدة نقاط:

النقطة الاولي: ان المهدي (ع) کان يطالب عن طريق سفرائه بتوقيعاته، بدفع الاموال التي في ايدي الناس له. و لا يجوز لهم التخلف او التقصير و لا في مهرهم واحد.



[ صفحه 592]



فمن ذلک: التوقيع الذي ورد علي الشيخ محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه ابتداء لم يتقدمه سوال منه. نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم. لعنة الله و الملائکة و الناس اجمعين علي من استحل من اموالنا درهما. [3] و قوله -في توقيع آخر-:و اما المتلبسون باموالنا فمن استحل شيئا فاکله فانما يأکل النيران. [4] .

و من توقيع آخر: و اما ما سألت عنه من امر من يستحل ما في يده من اموالنا و يتصرف فيه تصرفه في ماله من غير امرنا. فمن فعل ذلک فهو ملعون و نحن خصماوه يوم القيامة. و قد قال النبي (ص) المستحل «من عترتي ما حرم الله ملعون علي لساني و لسان کل نبي مجاب». فمن ظلمنا کان في جملة الظالمين لنا، و کانت لعنة الله عله لقول عزوجل: الا لعنة الله علي الظالمين. الي غير ذلک من النصوص.

نستطيع أن نفهم من ذلک أمرين:

الامر الاول: انه کان للمهدي عليه السلام أموال لدي الناس وفي ذممهم، متکونة من تلک الاموال التي هي للامام الشرعي في نظر الاسلام. کالانفال و الخمس و الخراج. و حيث يري المهدي (ع) ثبوت الامامة لنفسه، فهو يري ملکيته لهذه الاموال، و کونه احق بها من اي شخص آخر من الحکام و المحکومين معا.



[ صفحه 593]



و مطالبة الامام المهدي (ع) بهذه الاموال في واقعه، مطالبة بتطبيق هذه الاحکام الاسلامية بوجوب دفع هذه الي الامام (ع). و يکون الخارج علي هذا القانون، عاصيا لله عزوجل و للامام و مستحقا للعقاب.

و لعلنا نستطيع ان نفهم من مجموع الاخبار الواردة في هذا الصدد بالنسبة الي الوکلاء و السفراء، ان تجاراتهم کانت علي الاغلب باموال الامام نفسه، لا باموالهم الشخصية، و ان کانوا علي ذلک من ظاهر الحال. و من هنا کان في امکانهم ان يستعملوا ما يقبضوه من الموالين من اموال الامام في التجارة، باذن الامام عليه السلام. و تکون الارباح للامام (ع) او بينهما بنسبة معينة، حسب الاتفاق.

الامر الثاني: ان هذه الحدية الکاملة من قبل المهدي عليه السلام في المطالبة بالاموال التي ترجع اليه، يمکن فهمها علي مستويين رئيسيين:

المستوي الاول: المستوي العام بالنسبة الي سائر الناس الذين تشتغل ذممهم بشي ء من اموال الامام.

و نحن اذا نظرنا بهذا المستوي، نجد ان غمط اموال الامام -لو لا الدافع الايماني القوي- من اسهل الاشياء. فليس علي الشخص المنحرف الذي لا يريد أن يدفع الي المهدي عليه السلام، أمواله أي حسيب أو رقيب، بعد ما عرفناه من غيبة المالک الحقيقي، و تخفي نوابه وستر هذه الصفة فيهم الي أکبر حد مستطاع. و عدم توفر السلطة التنفيذية لديهم لاقتضاء الاموال المغدورة.

اذن، فلا بد من ايجاد دافع ايماني شرعي لدي الفرد المسلم بدفع ما



[ صفحه 594]



يملکه الامام (ع) في ذمته، و عدم جواز التخلف عنه. و ذلک للحد من التيار العام القاضي بدفع هذه الاموال الي السلطات الحاکمة دون الامام.

المستوي الثاني: المستوي الخاص، حين تتعلق المصلحة الاجتماعية الاسلامية بالعفو و عدم المطالبة بالاموال. فانه عليه السلام کان يعطف في توقيعاته موارد العفو و التحليل علي موارد التحريم، لکي يفهم الآخرون بأن الغرض من المطالبة هو الوصول الي المصلحة الاسلامية دون الحرص علي الاموال.فمتي اقتضت المصلحة العفو و غض النظر کان ذلک نافذا.

فمن ذلک قوله عليه السلام في أحد توقيعاته: و أما المتلبسون بأموالنا، فمن استحل منها شيئا فأکله فانما يأکل النيران. و أما الخمس فقد ابيح لشيعتنا و جعلوا منه من حل الي وقت ظهور امرنا لتطيب ولادتهم و لا تخبث. [5] و نعرف من التعليل بطيب الولادة أن المحلل هو خصوص خمس الجواري المملوکات المجلوبات عن طريق الفتح الاسلامي، لاکل الخمس. و هو ما يذهب اليه الفقهاء عادة.

و من ذلک قوله في توقيع آخر: و أما ما سألت عنه من امر الضياع التي لنا حيتنا، هل يجوز القيام بعمارته، واداء الخراج منها، و صرف ما يفضل من دخلها الي الناحية احتسابا للاجر و تقربا اليکم. فلا يحل لأحد ان يتصرف من مال غيره بغير اذنه. فکيف يحل ذلک من مالنا.



[ صفحه 595]



من فعل ذلک بغير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه. و من أکل من أموالنا شيئا، فانما يأکل في بطنه نارا و سيصلي سعيرا.

و أما ما سألت عنه من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا، ضيعة و يسلمها من قيم يقوم بها و يعمرها، و يودي من دخلها خراجها و مونتها و يجعل ما بقي من الدخل لناحيتنا. فان ذلک جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيما عليها. انما لا يجوز ذلک لغيره.

و أما ما سألت عنه من الثمار من اموالنا يمر به المار فيتناول منه و يأکل، هل يحل له ذلک. فانه يحل له أکله و يحرم عليه حمله. [6] .

النقطة الثانية: انه کان للمهدي عليه السلام بواسطة أمواله العامة علاقات مالية خاصة، يمثلها نوابه الأربعة و غيرهم. تجاه کل من له علاقة مالية في تجاراتهم أو حق شرعي في ذمته. و کان عليه السلام يأمر باقتضاء هذه الأموال، و قد يعطي وصلا بقبضها. و من هنا ينفتح الکلام في أمرين:

الأمر الأول: أمره عليه السلام باقتضاء أمواله و دفعها اليه.

فمن ذلک ما يرويه بعض مواليه عن نفسه قائلا: کان للناحية علي خمسمائة دينار، فضقت بها ذرعا. ثم قلت: لي حوانيت اشتريتها بخمس مئة و ثلاثين دينارا قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار، و لم أنطق بذلک.

فکتب - يعني الامام المهدي (ع) -الي محمد بن جعفر-و هو



[ صفحه 596]



أحد الوکلاء-: اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بالخمسمائة دينار التي لنا عليه. [7] .

فتراه عليه السلام يأمر وکيله بقبض الحوانيت، دلالة علي کفاية دفعها الي الناحية وفاء لما في ذمة محمد بن هارون تجاهها.. الي أمثلة أخري من هذا القبيل.

الأمر الثاني: اعطاوه الوصول التي تدل علي قبض الأموال.

فمن ذلک: أن محمد بن الحسن الکاتب المروزي، وجه الي حاجز الوشا، و هو أحد الوکلاء، مائتي دينار. و کتب الي الغريم (يعني المهدي (ع)) بذلک فخرج الوصول. [8] .

و من ذلک: ما تحدث به أحدهم، فقال: اجتمع عندي خمسمائة درهم ينقص عشرون درهما، فلم أحب أن ينقص هذا المقدار. فوزنت من عندي عشرين درهما و دفعتها الي الأسدي (و هو أحد الوکلاء). و لم أکتب بخبر نقصانها. و اني أتممها من مالي. فورد الجواب: قد وصلت الخمسائة التي لک فيها عشرون.

و تسمية المهدي (ع) بالغريم، دليل واضح علي ايمان قواعده الشعبية بأنه دائن لهم بحقوق أموال، و أنهم مرتبطون به ماليا الي جانب ارتباطهم العقائدي.

النقطة الثالثة: ان المهدي عليه السلام قد يستقل أحيانا بالايعاز



[ صفحه 597]



بدفع المال الي شخص من دون توسيط سفرائه.

کالذي سبق أن سمعناه في أبي سورة المدعو بمحمد بن الحسن بن عبدالله التميمي، اذ رافقه المهدي عليه السلام في سفره من کربلاء الي الکوفة، و حوله علي علي بن يحيي الرازي ليقبض المال الذي عنده. و أعطاه صفته و الدلالة علي حقيقته من طرف خفي. [9] .

فهذه بعض التصرفات المالية التي کان يقوم بها المهدي (ع)، فاذا ضممناها الي ما عرفناه من التصرفات المالية للسفراء الاربعة. و عرفنا أنه ليس کل ما حدث في تلک الفترة التي نورخ لها قد نقل في التاريخ و وصل الينا، کما سبق أن بينا أسبابه في مقدمة هذا التاريخ..عرفنا مدي السعة و الشمول الذي کان عليه النشاط الاقتصادي للامام المهدي عليه السلام. بالرغم من خفائة و عزلته.


پاورقي

[1] البحار ج 13 ص 79.

[2] انظر الارشاد ص 333 و اعلام الوري ص 419.

[3] الاحتجاج ج 2.

[4] المصدر ص 283.

[5] الاحتجاج ص 283 و ما بعدها.

[6] الاحتجاج ص 299، ج 2. و ما بعدها.

[7] غيبة الشيخ الطوسي 171.

[8] المصدر نفسه ص 257.

[9] انظر تفصيل الحادثة في الغيبة ص 163 و انظر ص 181 ايضا.