بازگشت

يتضح من هذا التاريخ أمور


الأمر الأول: ان أمر الحلاج کان أهون و أوضح لدي خاصة الموالين من أن يخرج فيه التوقيع عن الامام المهدي عليه السلام. فقد کان لهم من الموازين و القواعد الاسلامية، ما يکشفون به عن خدعه و أباطيله. من دون حاجة الي سوال من المهدي (ع) و جواب. و لم يستفحل به الأمر ليصل الحال الي حد الحاجة الي ذلک.

و لاننسي في المقام قول ابن روح في الشلمغاني: فهذا کفر بالله تعالي و الحاد، قد أحکمه هذا الرجل الملعون في قلوب هولاء القوم ليجعله طريقا الي أن يقول لهم: بأن الله تعالي اتحد به وحل فيه، کما يقول النصاري في المسيح عليه السلام. و يعود الي قول الحلاج لعنه الله. [1] فقد حکم علي عقائد الشلمغاني بالبطلان باعتبار رجوعها في نهاية المطاف الي قول الحلاج. فکيف يقول في الحلاج نفسه.

علي انه لم يکن الذي التفت الي فساد قوله، هو الحسين بن روح و أصحابه، فحسب بل التفتت الي ذلک السلطات، و خافت علي شعبها من أن يوثر الحلاج في انحرافه عن أصل الاسلام، و هو الدين الحنيف الذي تقوم الخلافة علي أساس منه. فقبضوا عليه، و أفتي الفقهاء باباحة دمه. و لما سمع الحلاج ذلک. قال: ما يحل لکم دمي و اعتقادي الاسلام



[ صفحه 533]



و مذهبي السنة. ولي فيها کتب موجودة. فالله الله من دمي. و لکن الخليفة المقتدر، اذن في قتله حين رأي الفتاوي. فضرب الف سوط و قطعت يده ثم رجله ثم يده ثم رجله. ثم قتل ثم أحرق بالنار و القي رماده في دجلة، و نصب الرأس ببغداد، و أرسل الي خراسان لأنه کان له بها أصحاب. [2] .

فأعجب من الخطيب البغدادي، اذ سمعنا منه أنه يعتبر الحلاج محسوبا علي الشيعة، علي حين نري الحلاج بنفسه يعترف أمام السلطات أن مذهبه السنة وله فيها کتب موجودة.

الأمر الثاني: ان الحلاج، کان يخدع کل قوم من حيث جهة قناعتهم و اعتقادهم، ليجلبهم بعد ذلک الي ما يريده لهم من العقائد الباطلة و الأقوال المنحرفة. و اذ يکون الناس في فراغ عقائدي و ضعف في الدعوة و الارشاد الاسلامي بينهم، لم يکن بامکانهم أن يفرقوا بين المعتقد الحق و الباطل و بين ما هو معجزة و ما هو خدعة. و قد استغل الحلاج هذا الواقع المر استغلالا کبيرا واصطاد في هذا الماء العکر اصطيادا مضاعفا. حتي ضج منه أهل الاسلام بمختلف مذاهبهم.

و قد کان منطلقه الي خداع القواعد الشعبية الموالية للأئمة عليهم السلام، هو ادعاء الوکالة عن الامام المهدي عليه السلام. ثم يعلو منه الي غيره. [3] لتخيله ان هذا الأمر مفهوم لهم معتاد بالنسبة اليهم.



[ صفحه 534]



و لو لا وقوف ابي سهل النوبختي في بغداد و ابن بابويه القمي في قم ضده لکان له أثر موسف کبير.

الأمر الثالث: أنه يتضح أيضا من هذا التاريخ، ما سبق أن ذکرناه من کون علمائنا في تلک الفترة، لم يکونوا يشکلون طبقة منفصلة لهم حدود معينة و علاقات محدودة. بل کان حالهم حال غيرهم في اتخاذهم عملا يرتزقون منه، و ينطلقون الي اللقاء مع مختلف الطبقات عن طريقه. کالذي سمعناه ععن ابن بابويه الذي کان الي جانب تجارته من أکابر العلماء العاملين لتلک الفترة. و يکفينا من جهاده هذه الصورة الواضحة من قيامه ضد الحلاج و فضحه في المجتمع المسلم.


پاورقي

[1] غيبة للشيخ الطوسي ص 249.

[2] انظر الکامل ج 6 ص 169-168.

[3] غيبة الشيخ ص 247.