الحسين بن منصور الحلاج
الصور في المشهور. و لا نريد ان ندخل في هذا الصدد، في ترجمته و تفاصيل حياته، و لا فيما کان يصدر منه من العجائب التي کانت تستهوي العوام و تستغويهم. و انها هل هي حق او باطل. و ما اختلف الناس فيه من ذلک. فان ذلک کله خارج عن تاريخ الامام المهدي عليه السلام في غيبته الصغري. و انما فصلنا القول في الشلمغاني لارتباطه بهذا التاريخ ارتباطا عضويا. فليرجع في تفاصيل ترجمة الحلاج الي مصادره.
و انما نقتصر من ذلک علي ما هو مربوط بنا في هذا التاريخ. من حيث انه ادعي السفارة عن الامام المهدي (ع). و مما نذکره سيتضح ما هو الحق تجاه عقيدة الحلاج و سلوکه.
و ذلک: انه لما قدم بغداد اراد ان يغري ابا سهل بن اسماعيل بن علي النوبختي، و هو من علمائنا الاجلاء في تلک الفترة. و يمت الي الشيخ ابن روح النوبختي رضي الله عنه برابطة النسب.
و تخيل انه ممن تنطلي عليه حيله و خدعه. فکاتبه و ادعي له انه وکيل الامام المهدي عليه السلام. وقد اخرج الخطيب البغدادي شيئا من ذلک، کما اخرج الشيخ في غيبته بعض التفاصيل حوله.
[ صفحه 530]
قال الخطيب البغدادي: [1] اخبرنا علي بن ابي علي عن ابي الحسن احمد بن يوسف الأزرق، ان الحسين بن منصور الحلاج لما قدم بغداد يدعو، استغوي کثيرا من الناس و الروساء، و کان طمعه في الرافضة اقوي لدخوله من طريقهم. [2] فراسل ابا سهل بن نوبخت يستغويه.
و کان ابو سهل من بينهم مثقفا مهما فطنا. فقال ابوسهل لرسوله: هذه المعجزات التي يظهرها قد تأتي فيها الحيل. و لکن انا رجل غزل و لا لذة لي اکبر من النساء و خلوتي بهن. و انا مبتلي بالصلع، حتي اني اطول قحفي و آخذ به الي جبيني و اشده بالعمامه،و أحتال فيه بحيل. و مبتلي بالخضاب لستر المشيب. فان يصل لي شعرا ورد لحيتي سوداء بلا خضاب. آمنت بما يدعوني اليه کائنا ما کان. ان شاء قلت: انه الامام. و ان شاء قلت: انه الامام.و ان شاء قلت: انه النبي.و ان شاء قلت: انه الله.
قال: فلما سمع الحلاج جوابه، أيس منه و کف عنه.
قال الشيخ. [3] بعد نقله نحوا من ذلک، مع زيادة ان الحلاج زعم لابي سهل في مراسلته. انه وکيل صاحب الزمان عليه السلام. و هذا واضح ايضا من کلام الخطيب البغدادي باعتبار قول ابي سهل: ان شاء قلت: انه باب الامام..اي وکيله.و اضاف الحلاج -برواية الشيخ -و قد امرت بمراسلتک و اظهار ما تريده من النصرة لک لتقوي
[ صفحه 531]
نفسک و لا ترتاب بهذا الامر.
و بعد ان کشفه ابو سهل وافحمه و اظهر عجزه امسک الحلاج عنه ولم يرد اليه جوابا و لم يرسل اليه رسولا. و صيره ابو سهل احدوثة و ضحکة، و يطنز -اي يسخر- به عند کل احد. و شهر امره عند الصغير و الکبير. و کان هذا الفعل سببا لکشف امره و تنفير الجماعة منه.
و حين ذهب الحلاج الي قم کاتب علي بن الحسين بن موسي بن بابويه، و هو من اجلاء علمائنا، ابو الشيخ الصدوق قدس الله سرهما و ادعي له الحلاج: انه رسول الامام و وکيله.
فلما وصل خطابه الي ابن بابويه، مزقه، و قال لرسول الحلاج: ما افرغک للجهالات!.فقال له الرجل: فان الرجل قد استدعانا فلم خرقت مکاتبته؟ و ضحکوا منه وهزءوا به.
ثم نهض الي دکانه و معه جماعة من اصحابه و غلمانه، و عند ما وصل نهض لاحترامه کل من کان هناک غير رجل رآه جالسا في الموضع فلم ينهض له و لم يعرفه ابن بابوية.
فلما جلس و اخرج حسابه و دواته، کما يکون التجار. اقبل علي بعض من کان حاضرا فسأله عنه، فاخبره. فسمعه الرجل يسأل عنه فاقبل عليه، و قال له: تسأل عني و انا حاضر؟!. فقال له ابن بابوية اکبرتک ايها الرجل و اعظمت قدرک ان اسألک. فقال له: تخرق رقعتي، و انا اشاهدک تخرقها. فقال له. فانت الرجل اذن. ثم قال. خذيا غلام برجله و بقفاه، و سحبوه من الدار سحبا. ثم قال له.اتدعي
[ صفحه 532]
المعجزات، عليک لعنة الله، فاخرج بقفاه. قال الراوي.فما رأيناه بعدها بقم.
پاورقي
[1] انظر الکني و الالقاب ج 2 ص 168.
[2] بقصد کونه بالاصل شيعيا و دعوته في واقعها انحراف عن هذا المذهب.
[3] الغيبة ص 248.