بازگشت

ابوالقاسم الحسين بن روح ابن بحر النوبختي


هو الشيخ الجليل ابو القاسم الحسين بن روح ابن ابي بحر النوبختي. من بني نوبخت.

و هو کغيره من السفراء و غيرهم، لم تذکر عام ولادته، و لا تاريخ مبدأ حياته. و انما يلمع نجمه اول لمعانه کوکيل مفضل لابي جعفر محمد بن عثمان العمري، ينظر في املاکه، و يلقي باسراره لروساء الشيعة و کان خصيصا به، حتي انه کان يحدثه بما يجري بينه و بين جواريه لقربه منه و انسه. فحمل في انفس الشيعة محصلا جليلا لمعرفتهم باختصاصه بابي جعفر و توثيقه عندهم؛ و نشر فضله و دينه، و ما کان يحتمله من هذا الامر «يعني الدعوة الامامية المهدوية». فمهدت له الحال في طول الحياة ابي جعفر، الي ان انتهت الوصية اليه بالنص عليه. فلم يختلف في امره و لم يشک فيه احد. [1] .



[ صفحه 407]



وقد قدم بعض الموالين بمال علي ابي جعفر العمري مقداره اربعمئة دينار للامام عليه السلام. فامره باعطاءها الي الحسين بن روح. و حين تردد هذا الشخص في ذلک، باعتبار عدم وصول السفارة اليه يومئذ. فاکد ابو جعفر عليه ذلک و امره مکررا باعطاء المال لابن روح، و ذکر له أن ذلک بامر الامام المهدي عليه السلام. [2] .

و کان تحويله علي ابي القاسم ابن روح قبل موته بسنتين او ثلاث [3] حتي ما اذا اشتدت بابي جعفر العمري حاله، اجتمع لديه جماعة من وجوه الشيعة، منهم: ابو علي بن همام و ابو عبدالله بن محمد الکاتب و ابو عبدالله الياقطاني و ابو سهل اسماعيل بن علي النوبختي، و ابو عبدالله بن الوجناء، و غيرهم من الوجوه و الاکابر. فقالوا له: ان حدث امر، فمن يکون مکانک؟ فقال لهم: هذا ابو القاسم الحسين بن روح بن ابي بحر النوبختي، القائم مقامي، و السفير بينکم و بين صاحب الامر عليه السلام، و الوکيل و الثقة الامين، فارجعوا اليه في امورکم و عولوا عليه في مهماتکم، فبذلک امرت. و قد بلغت. [4] .

و يروي عن ابي جعفر بن احمد بن متيل، و هو من متقدمي اصحابه و اجلائهم، انه قال: لما حضرت ابا جعفر محمد بن عثمان العمري الوفاة، کنت جالسا عند رأسه اسأله و أحدثه، و أبوالقاسم ابن روح عند رجليه. فالتفت الي ثم قال: امرت ان اوصي الي ابي القاسم



[ صفحه 408]



الحسين بن روح. قال ابن متيل: فقمت من عند رأسه و اخذت بيد ابي القاسم و اجلسته في مکاني، و تحولت الي عند رجليه. [5] الي غير ذلک من تأکيدات ابي جعفر عليه، و اعلان وکالته. و السبب المهم في هذا التأکيد، هو کون الحسين بن روح، لم يکن قد عاش تاريخا زاهرا حافلا باطراء و توثيق الائمة عليهم السلام، کالتاريخ الذي عاشه السفيران السابقان، حتي قبل توليهما للسفارة. و من ثم احتاج ابو جعفر العمري، من اجل ترسيخ فکرة نقل السفارة الي الحسين بن روح، و توثيقه في نظر قواعده الشعبية الموالية لخط الأئمة عليهم السلام ان يکرر الاعراب عن مهمته في ايکال الأمر اليه، و ان يأمر بدفع اموال الامام (ع) اليه قبل وفاته بعامين او أعوام.. بأمر من الامام المهدي عليه السلام.

علي ان أبا القاسم ابن روح، علي جلالة قدره و قربه من السفير الثاني و اختصاصه به، لم يکن خير أصحابه، و لم يکن الاخص تماما به، فقد کان لابي جعفر من يتصرف له ببغداد نحو من عشرة انفس و أبو القاسم ابن روح-رضي الله عنه- فيهم.و کلهم کانوا اخص به من ابن روح، حتي انه کان اذا احتاج الي حاجة أو الي سبب فانه ينجزه علي يد غيره، لما لم تکن له تلک الخصوصية. فلما کان وقت مضي أبو جعفر-رضي الله عنه - وقع الاختيار عليه، و کانت الوصية اليه. [6] .



[ صفحه 409]



فکان في ايکال السفارة اليه، مصلحتان مزدوجتان، أولاهما: وصول هذا المنصب الي الشخص المخلص اخلاصا بحيث لو کان المهدي تحت ذيله و قرض بالمقاريض، لما کشف الذيل عنه. کما سمعنا في حقه و قد سبق أن قلنا: أن مهمة السفارة انما تستدعي هذه الدرجة من الاخلاص لاهميتها و خطر شأنها، و لا تستدعي العمق الکبير في الثقافة الاسلامية، أو سبق التاريخ مع الأئمة عليهم السلام، فانها انما تعني بشکل مباشر نقل الرسائل من المهدي عليهم السلام و اليه، و تطبيق تعاليمه.. و هذا يکفي فيه ما کان عليه أبو القاسم بن روح، من الاخلاص و الثقافة الاسلامية،و يزيد.

المصلحة الثانية: غلق الشبهة التي تصدر من المرجفين، من انه انما أو کل الامر الي ابن روح، باعتبار کونه اخص أصحاب ابي جعفر العمري، و الصقهم به..فانه لم يکن باخصهم و لا بالصقهم، و ان کان من بعض اخصائه في الجملة.

بل کانت الأذهان بعيدة عنه و کان احتمال الايکال اليه ضعيفا عند الواعين المستبصرين بشوون المجتمع من أصحابه، حتي احتاج أبو جعفر لأجل ترسيخ فکرة الايکال اليه و ايضاحها، الي تکرار الاعلان عن ذلک، و تقديمه علي ساعة موته بسنوات. و انما کانت المظنون تحوم حول أشخاص آخرين، أرسخ من ابي القاسم ثقافة و تاريخا کجعفر بن أحمد بن متيل و أبيه، باعتبار خصوصيته و کثرة کينونته في منزله، حتي بلغ انه کان في آخر عمره لا يأکل طعاما الا ما طبخ في



[ صفحه 410]



منزل جعفر بن أحمد بن متيل و ابيه. و بالرغم من ذلک فقد أو کلت السفارة الي الحسين بن روح. فسلم به الأصحاب، و کانوا معه و بين يديه، کما کانوا مع ابي جعفر -رضي الله عنه-. [7] و لم يزل جعفر بن أحمد بن متيل من جملة أصحاب ابي القاسم ابن روح و بين يديه کتصرفه بين يدي ابي جعفر العمري.. الي ان مات رضي الله عنه فکل من طعن علي أبي القاسم فقد طعن علي ابي جعفر، و طعن علي الحجة صلوات الله عليه. [8] .

و علي اي حال، فقد تولي الحسين بن روح السفارة فعلا، عن الامام المهدي عليه السلام..بموت ابي جعفر العمري عام 305 کما عرفنا الي ان الحق بالرفيق الاعلي في شعبان عام ست و عشرين و ثلثمائة. فتکون مدة سفارته حوالي الواحدة و العشرين سنة. فان استطعنا ان نضيف العامين او الثلاث، التي امر فيها ابو جعفر العمري قبل موته بتسليم الاموال اليه، و نص عليه بالوکالة، و تصورنا ان السفارة حينئذ کانت مسندة الي شخصين دفعة واحدة..فتکون مدة سفارته ثلاث و عشرون عاما، او اکثر.

و کان اول کتاب تلقاه من الامام المهدي عليه السلام، کتاب يشتمل علي الثناء عليه، و مشارکة الحملة التي بدأها ابو جعفر العمري في تعريف الحسين بن روح للرأي العام و الاصحاب، ممن مشي علي خط الأئمة



[ صفحه 411]



عليهم السلام. و قد مثل هذا الکتاب آخر واهم خطوة في هذا الطريق لکي يبدأ هذا السفير بعدها مهمته بسهولة و يسر. وقد دعا له المهدي (ع) في الکتاب، و قال: عرفه الله الخير کله و رضوانه، و اسعده بالتوفيق و قفنا علي کتابه، و ثقتنا بما هو عليه. و انه عندنا بالمنزلة و المحل اللذين يسر انه زاد الله في احسانه اليه. انه ولي قدير. و الحمدلله لا شريک له و صلي الله علي رسوله محمد و آله و سلم تسليما کثيرا.

و قد وردت هذه الرقعة يوم الاحد لست خلون من شوال سنة 305. بعد حوالي الخمسة اشهر من وفاة ابي جعفر العمري، الذي توفي في جمادي الاول من نفس العام.

و قد اضطلع ابو القاسم منذ ذلک الحين بمهام السفارة، و قام بها خير قيام، و کان من مسلکه الالتزام بالتقية المضاعفة، بنحو ملفت للنظر، باظهار الاعتقاد بمذهب اهل السنة من المسلمين. يحفظ بذلک مصالح کبيرة، و يجلب بها قلوب الکثيرين، علي ما يأتي التعرض له فيما يلي من البحث. حتي اننا نسمع انه يدخل عليه عشرة اشخاص تسعة يلعنونه و واحد يشکک، فيخرجون منه تسعة منهم يتقربون الي الله بمحبته و واحد واقف. يقول الراوي: لانه کان يجارينا من فضل الصحابة ما رويناه و ما لم نروه، فنکتبه نحن عنه -رضي الله عنه- [9] و هذا ان دل علي شي ء فأنما يدل علي لباقته وسعة اطلاعه و توجيهه علي هذا المسلک من قبل الامام المهدي عليه السلام.و قد تولي



[ صفحه 412]



-رضي الله عنه -ايام سفارته الحملة الرئيسية ضد ظاهرة الانحراف عن الخط، و ادعاء السفارة زورا، بتبليغ القواعد الشعبية توجيهات المهدي عليه السلام في ذلک، و شجبه ظاهرة الانحراف عن الخط و ادعاء السفارة زورا، بتبليغ القواعد الشعبية توجيهات المهدي عليه السلام في ذلک و شجبه لظاهرة الانحراف.. کما سيأتي التعرض له في الفصل الآتي.

و بقي مضطلعا بمهامه العظمي، حتي لحق بالرفيق الاعلي عام 326 کما عرفنا، و دفن في النوبختية في الدار الذي کانت فيه دار علي بن أحمد النوبختي النافذ الي التل، او الي درب الاخر و الي قنطرة الشوک-رضي الله عنه- [10] اقول: کذا قال التاريخ. و قبره اليوم في بغداد معروف..مقصد و مزار.


پاورقي

[1] غيبة للشيخ الطوسي ص 227.

[2] انظر المصدر السابق ص 224.

[3] نفس المصدر ص 225.

[4] نفس المصدر ص 227.

[5] انظر الغيبة ص 226.

[6] المصدر ص 225.

[7] الغيبة للشيخ الطوسي ص 225.

[8] المصدر و الصفحة.

[9] المصدر ص 228.

[10] الغيبة ص 238.