بازگشت

الاتجاه العام للسفراء


يتخلص الاتجاه العام للسفراء الاربعه، في حياتهم الاجتماعيه الاسلاميه، في عدة نقاط:

النقطة الاولي: الاضطلاع بقيادة قواعدهم الشعبية المواليه للامام المهدي عليه السلام، من الناحيه الفکرية و السلوکيه، طبقا لاوامره عليه السلام، أو بتعبير آخر: التوسط في قيادة المهدي (ع) للمجتمع و تطبيق تعاليمه فيه، طبقا للمصالح التي يراها و يتوخاها.

النقطة الثانية: الاخلاص في السفارة عن المهدي عليه السلام، وفي خدمه قواعدهم الشعبية المقتقرة الي قيادتهم و سفارتهم کل الافتقار..و التضحة في سبيل ذلک بالغالي و النفيس.

النقطة الثالثة: ان لا يکون عملهم ملفتا للنظر، و أن تکون حياتهم و تجاراتهم طبيعية جدا، غير مثير لأي تساول أمام الدولة و عملائها و قواعدها الشعبية.

فقد سمعنا کيف ان عثمان بن سعيد العمري السفير الأول، کان يوصل الأموال الي الامام العسکري عليه السلام في جراب الدهن الذي کان يتاجر به. و لم يتغير الخط الاساسي الذي کانت تسير عليه الدولة بعد وفات الامام العسکري (ع) و بد الغيبة الصغري..فنعلم من ذلک استمرار العمري علي أمثال هذا الاسلوب عند سفارته عن المهدي (ع)



[ صفحه 384]



خلال هذه الفترة.

کما اننا نسمع ان الحسين بن روح السفير الثالث، لم يکن له خدم و لم يکن حوله جماعة، علي حين کان لمدعي السفارة زورا خدم و جماعة. [1] .

علي ان هذا المسلک لم يکن خاصا بالسفراء، بل شاملا لسائر الخاصة ممن کان ينتهج النهج الصحيح المتفق عليه. فمن ذلک انه کان علي بن الحسين بن موسي بن بابويه القمي، مستمرا في تجارته، يجلس کل يوم و يخرج حسابه و دواته کما يکون التجار. [2] الا ان ذلک لا ينافي قيامه بالواجب، و ايفاءه لحق العقيدة الحقة..اذ يأمر بجر الحسين بن منصور الحلاج من رجله و اخراجه من محل تجارته، باعتبار ادعائه السفارة کذبا وزورا. [3] .

النقطة الرابعة: التزامهم بمسلک التقية: مهما احواجهم الامر الي ذلک..يجعلونه طريقا لتهدأة الخواطر عليهم و ابعاد النظر عنهم لکي تنفسح لهم فرصة أوسع و مجال أکبر للعمل، مما اذا کانوا مراقبين و مطاردين بشکل مستمر أکيد.

فمن ذلک:ان أبا القاسم الحسين بن روح عليه الرحمة، کان يحضر مجالس العامة غير الموالين للأئمة عليهم السلام. فصادف في بعض



[ صفحه 385]



المجالس ان تناظر اثنان، فادعي احدهما: ان ابابکر أفضل الناس بعد رسول الله (ص)، ثم عمر ثم علي. و قال الآخر: بل علي أفضل من عمر. فزاد الکلام بينهما. فقال أبو القاسم رضي الله عنه. الذي اجتمعت الصحابة عليه، هو تقديم الصديق ثم بعده الفاروق ثم بعده عثمان ذو النورين ثم الوصي. و أصحاب الحديث علي ذلک، و هو الصحيح عندنا. فبقي من حضر المجلس متعجبا من هذا القول. و کان العامة الحضور يرفعونه علي رووسهم و کثر الدعاء له، و الطعن علي من يرميه بالرفض!! [4] هذا و هو قائد الرافضة و سفير امامهم.

فقد ظهر أبو القاسم رحمه الله في قوله هذا أشد تطرفا من کلا المتناظرين.فانهما کانا متفقين علي تقديم ابي بکر بالافضلية علي الجميع کما کانا متفقين علي تأخير عثمان عن الجميع.. واختلفا في افضلية عمر و علي. أما أبوالقاسم فقد اظهر ان عليا هو الرابع في الأفضلية و المتأخر عن الجميع.. و لله في خلقه شوون..الي حوادث اخري من هذا القبيل، لعلنا نستعرضها في الفصل الآتي.

و علي أي حال، فمن المحرز المتيقن ان هذا الاتجاه الذي کان يسير عليه السفراء، قد استقوا خطوطه العامة من المهدي عليه السلام بحسب ما يري من المصالح في ذلک الحين و الظروف التي کانت تعيشها قواعده الشعبية تجاه الدولة و الآخرين. و کان کل سفير منهم يطبقه بمقدار ظروفه و شکل تطور الحوادث في زمنه.



[ صفحه 386]



و أما بحسب ما هو المعلوم من درجة ايمانهم و اخلاصهم، تلک الدرجة التي اهلتهم لنيل السفارة الخاصة دون غيرهم من الخاصة، فهم کانوا علي استعداد لأکبر التضحيات و أوضحها، لو أخذوا التعاليم بالقيام بشي ء منها من المهدي (ع)، أو اقتضتها المصالح الاسلامية العليا کيف و قد سمعنا شهادة أحد الخاصة العظماء في حق الحسين بن روح رحمه الله، انه لو کان الحجة تحت ذيله و قرض بالمقاريض ما کشف الذيل عنه.

و لکن کلما کان الموقف أدق و النشاط المفتقر اليه في قيادة القواعد الشعبية الموسعة، أکبر، و المصالح المتوخاة تطبيقها فيهم أعظم، کانت الحاجة الي صرف نظر الدولة و من يسير علي خطها عن هذا النشاط و تلک المصالح..أشد و أکثر. و قد استطاع السفراء کما قد استطاع الأئمة (ع) قبلهم، ان ينالوا بمسلک التقية أو السلبية من المصالح العامة في قيادة قواعدهم الشعبية و هدايتها و المحافظة عليها، أضعاف، ما کان في الامکان أن ينالوا من الحرکات الانتحارية العشوائية و التمردات الصغيرة..لو کان فيها شي ء من الخير!!


پاورقي

[1] البحار ج 13 ص 79.

[2] الغيبة للشيخ الطوسي ص 248.

[3] المصدر و الصفحة.

[4] انظر الغيبة ص 237.