جعفر بن علي
يحسن بنا الآن ان نستعرض بايجاز سوابق جعفر بن علي و ماضيه حتي يتضح لنا التحديد التام لموقفه، و ما سيقوم به من نشاط.
و أول ما يواجهنا من ذلک، موقف ابيه الامام الهادي عليه السلام منه، في أول ولادته، حيث نري ان العائلة کلها سرت بولادته سوي ابيه (ع) فسألته امراة في ذلک. فقال: هوني عليک و سيضل به خلق کثير. [1] .
و لما ترعرع وشب انحرف عن تعاليم الاسلام و عن توجيه والده و أمامه عليه السلام، واتخذ طريق اللهو و شرب الخمر و المجون تأثرا بهذا الخط المنحرف الذي کان يعيش علي موائده الکثيرون في تلک العصور. و من ثم نري والده عليه السلام يأمر أصحابه بالابتعاد عن جعفر و عدم مخالطته، معلما اياهم بانه خارج عن تعاليمه عاص لأمره و نهيه. و کان يقول لهم: تجنبوا ابني جعفرا، فانه مني بمنزلة نمرود من نوح الذي قال الله عزوجل فيه: قال نوح: ان ابني من أهلي. قال الله: يا نوح أنه ليس من أهلک انه عمل غير صالح [2] فان المنطق القرآني، قائم علي ان الولد اذا کان مقتفيا خطي والده في اتباع الحق فهو ولده علي الحقيقة. و أما اذا کان زائغا عن الحق منحرفا عن طريق العدل..فهو و ان کان مولودا منه، الا انه ليس من أهله، لأنه عمل غير صالح.
[ صفحه 300]
و هذا بعينه هو حال الامام الهادي عليه السلام مع ابنه جعفر.
و أصبح هذا المسلک معروفا عنه مشهورا فيه. حتي لنري ان احمد بن عبيدالله بن خاقان، الذي يروي اجتماع والده بالامام العسکري عليه السلام..نراه اذ سألوه عن جعفر يقول: و من جعفر فيسأل عن خبره أو يقرن بالحسن (ع).جعفر معلن بالفسق فاجر شريب للخمور. أقل من رأيته من الرجال، و اهتکهم لنفسه، خفيف، قليل في نفسه. [3] و نري أبا الأديان حين رأي جعفر يهني بالامامة-کما سمعنا- يقول في نفسه: ان يکن هذا الامام فقد بطلت الامامة. ويضيف: لأني کنت أعرفه بشرب النبيذ و يقام في الجوسق-: القصر- ويلعب بالطنبور. [4] .
و لکنه بالرغم من ذلک، کان يحاول أخوه الامام العسکري عليه السلام جهد الامکان، الستر عليه و التخفيف من انحرافه. و ذلک: باستصحابه معه تارة، و بالتوسط له لدي السلطات تارة اخري. و هکذا. الا ان ذلک لم يکن مفيدا في کفکفة جماع جعفر أو التخفيف من انحرافه.
فقد سمعنا في فصل تاريخ الامام العسکري عليه السلام انه يدخل علي أصحابه في السجن لأجل أن يبشرهم بموعد خروجهم، ويد لهم علي رجل کان عينا للسلطات ضدهم. و کان معه اخوه جعفر. [5] .
[ صفحه 301]
و قد کانا معا مسجونين في عهد المعتمد، فيرسل المعتمد رسولا الي السجنء لأجل ابلاغ الامام العسکري سلامه و اطلاق سراحه. و حين يصل الرسول يجد علي الباب حمارا ملجما و الأمام قد لبس خفه و طيلسانه، فأدي له الرسالة. يقول الراوي:فلما استوي علي الحمار، وقف. فقلت له: ما وقوفک يا سيدي. فقال لي حتي يجي ء جعفر. فقلت: انما امرني باطلاقک دونه. فقال له: ترجع اليه فتقول له: خرجنا من دار واحدة جميعا، فاذا رجعت و ليس هو معي، کان في ذلک ما لا خفاء به عليک.
فمضي الرسول و عاد يقول المعتمد: قد أطلقت جعفرا لک، لأني حبسته بجنايته علي نفسه و عليک، و ما يتکلم به. فخلي سبيله فصار معه الي داره. [6] .
و لکن کل ذلک لم يکن مما يوثر في جعفر، في شدة انحرافه وقوة اندفاعه. و نراه انه بمجرد ان يري اخاه قد أسلم الروح، يتصدي للاصطياد بالماء العکر، و استغلال الموقف بالشکل الذي يحرز به الزمانة و جبابة الأموال..لو لا ان الله تعالي اتم نوره و لو کره المنحرفون.
و يستفاد من الاخبار، ان لهذا الرجل، بصورة رئيسية، ثلاث نشاطات منحرفة مضادة للحق و للامام المهدي عليه السلام.
أولا: ادعاوه الامامة بعد اخيه الحسن بن علي العسکري عليهما السلام. و قد توسل الي ذلک بوسائل، منها: ما سمعناه من محاولته
[ صفحه 302]
الصلاة علي اخيه. و منها: ما سنسمعه من توسطه عند الدولة في أن تجعل له مرتبه اخيه في الزعامة علي القواعد الشعبية الموالية. و قد باء في کلتا المحاولتين بالفشل الذريع.
ثانيا: انکاره وجود الوريث الشرعي للامام العسکري (ع)، و من ثم ادعاوه استحقاق الترکة، و استيلاوه عليها باذن من السلطات الحکامة. و سنجد ان الامام المهدي عليه السلام يقف بنفسه ضد هذا النشاط، بشکل لا ينافي مع غيبته الصغري.
ثالثا: انه حين يسمع الاحتجاج عليه، يوعز الي الدولة باحتمال وجود المهدي (ع)، فتتجدد في قلبها الشجون، و تبدأ سلسلة من المطاردات و الاعتقادات علي ما سوف يأتي. و تنتهي الحملة باضطهاد الموجودين من عائلة الامام العسکري عليه السلام، و عدم العثور علي الامام المهدي عليه السلام.
و هذا هو الذي عبر عنه في الأخبار بکشف ما أوجب الله عليه کتمانه و ستره.
و نحن لا بد أن نسير مع کل واحد من هذه النشاطات، لنري مخطط جعفر بن علي و نتائجه، و أسلوب وقوف المهدي (ع) ضده.
ائعاوه الامامة بعد أخيه:
و قد ساعدت عدة أمور علي تخطيط هذا الادعاء، أو تخيلها جعفر مساعدة له:
الأمر الأول: ما قلناه من خلو الجو علي الصعيد الاجتماعي من منافس
[ صفحه 303]
ظاهر مطالب بحقه بين الناس، و اذا خلا الجو للقبرة کان لها ان تبيض و تصفر، و للمنحرف ان يصطاد بالماء العکر.
الأمر الثاني: ما قلناه أيضا من اجمال فکرة وجود المهدي (ع) و ولادته فعلا، في اذهان الناس. الأمر الذي ساعد عليه ما عرفناه من عدم تمکن الامام العسکري عليه السلام من الاعلان الاجتماعي العام من عدم تمکن الامام العسکري عليه السلام من الاعلان الاجتماعي العام عن وجود ولده..و کان يوصي کل من يعرضه عليه بالکتمان و وجوب الستر و السکوت.
الأمر الثالث: ما حاوله جعفر من الصلاة علي اخية، باعتبار انها تعطية (سابقة قانونية) يستفيد منها اجتماعيا في ادعائه للامامة. لأن المفروض انه لا يصلي علي الامام الا وريثه الشرعي أو الامام الذي بعده، علي ما نطقت به بعض الأخبار.
الأمر الرابع: توسطه الي الدولة، لکي تجعل له مثل مقام اخيه في شيعته، بازاء مال سنوي يدفعه اليها مقداره عشرين الف دينار. [7] انظر الي مقدار الربح الذي يتوقعه جعفر حين وصوله الي هدفه و توليه الامامة المزعومة..بحيث يستطيع ان يحتمل بها مثل هذه الغرامة السنوية الکبيرة.
و هذا يفسر لنا اطلاعه علي مقادير الأموال التي کانت تصل من أطراف العالم الاسلامي الي ابيه و اخيه، و تقديره للموقف من هذه الناحية تقديرا حسنا.
[ صفحه 304]
انه يشعر بذلک و يريد ان يستفيد منه لمصالحه الخاصة، من دون ان ينظر بعينه الاخري للمصادر التي کان أبوه و أخوه عليهما السلام يصرفان فيها هذه الأموال، و المشاريع و المساعدات الاجتماعية التي کانا يقومان بها، مما سمعنا طرفا منه فيما سبق.
و قد باءت کل هذه الأمور الأربعة بالفشل، بسبب عدة عوامل استطاعت ان تحول ضد نجاحها و استشراء نتائجها:
العامل الأول: کونه مشهورا بالفسق و اللهو و المجون..وقد سمعنا تعليق أحدهم و هو يري جعفرا يهنا بالامامة، بقوله: ان يکن هذا هو الامام، فقد بطلت الامامة.
ومن المعلوم ان جميع أفراد المجتمع، و خاصة القواعد الشعبية الامامية، يدرکون ان من أوليات و واضحات سلوک الامام هو السلوک الصالح و الخلق المثالي الرفيع..کذلک اعتادوا من الامامين العسکريين عليهما السلام و آبائهما عليهما السلام. و أما مع خلاف ذلک، فمن غير المحتمل تقلد الفرد للامامة بأي حال من الأحوال. و هو ما أشار اليه القرآن الکريم في قوله تعالي لابراهيم الخليل عليه السلام: قال: اني جاعلک للناس أماما. قال: و من ذريتي. قال: لا ينال عهدي الظالمين. [8] و الانحراف الذي کان عليه جعفر هو الظلم بعينه، اذن فهو لا ينال عهد الله بالامامة.
العامل الثاني: ان الموقف أصبح مختلفا اختلافا کبيرا في الزمان
[ صفحه 305]
المتأخر عن وفاة الامام العسکري عليه السلام، عما کان عليه ساعة وفاته حين تمکن جعفر ان يتلقي التهاني بالامامة.
فالموقف في تلک الساعة، و ان کان صعبا و معقدا، حتي ان السمان و هو عثمان بن سعيد الذي سيصبح الوکيل الأول للحجة، و عقيد الخادم الذي رأيناه يحضر وفاة الامام العسکري عليه السلام..لم يکن لهما رأي أو مناقشة في صلاة جعفر علي اخيه، بالرغم مما يعلمان به من وجود الامام المهدي عليه السلام.
و مهما تکن وجهة نظرهما آنئذ، فان الموقف أصبح يتکشف و الطريق يتعبد، کلما تقدم الزمان، بفضل جهود العاملين في سبيل اعلاء راية الحق، و علي رأسهم الوکيل الأول عثمان بن سعيد نفسه.فاننا و ان فهمنا ان الفکرة کانت مجملة في اذهان الجمهور العام.. الا ان الصفوة المختارة التي عرض عليها الامام العسکري عليه السلام ولده، وهم أکثر من خمسين،کانت لا تزال في الوجود، متحمسة للدفاع عن قضيتها ضد أي انحراف. يضاف اليهم من يشاهد الحجة المهدي (ع) في غضون هذا الزمان و من يصل اليه توقيعاته في قضاء حاجاته الشخصية و الاجتماعية..و هم عدد ضخم لا يستهان به.
و أول من فتح الباب لا تضاح هذا الطريق هو الحجة المهدي (ع) حين بادر الي منع عمه من الصلاة علي الامام عليه السلام،أمام جماعة من مواليه، کان جملة منهم قد هنأ جعفرا بالامامة و قد رأينا جعفرا لم يمانع في تأخره عن الصلاة.
[ صفحه 306]
و ان نفس وقوع الجدل بين الموالين..في امامة جعفر، و المحاولات الجاهدة لا حباط خططه من قبل المخلصين، ليتمخض شيئا فشيئا عن وضوح الفکرة و انجلاء الغمامة الذهنية عن العموم.
العامل الثالث: البيان الذي أصدره الامام المهدي عليه السلام بنفسه، في نفي امامة عمه، و التأکيد علي بطلانها و البرهنة علي کذبها:
و ذلک: ان جعفر کتب الي بعض الموالين کتابا يدعوه الي نفسه، و يعلمه انه القيم بعد اخيه، و يدعي ان عنده من علم الحلال و الحرام ما يحتاج اليه، و غير ذلک من العلوم کلها. و حين يصل الکتاب اليه يستنکر مضمونه و يشک بما فيه، فيذهب الي أحمد بن اسحقاق الأشعري، الذي يعرفه و عرفناه انه اخص أصحاب الامام العسکري عليه السلام و أقربهم لديه، فيخبره بأمر هذا الکتاب و يعرضه عليه. فيبادر ابن اسحاق للکتابة الي الحجة المهدي (ع) بواسطة سفيره و يجعل کتاب جعفر في ضمن کتابه ليطلع عليه المهدي عليه السلام.
فيرد الجواب الي احمد بن اسحاق، شديد اللهجة، مستنکرا أشد الاستنکار، متحديا لجعفر في اثبات الامامة أقوي التحدي. و يوسفنا أن يکون ذکر نص الکتاب خروج عما نتوخاه من الاختصار [9] و لکننا نذکر بايجاز النقاط التي أکد عليها الحجة المهدي (ع) في کتابه:
أولا: وجود الخطأ الاملائي في کتاب جعفر.
ثانيا: ان الله تعالي ميز آباءه الأئمة عليهم السلام عن اخوتهم و بني
[ صفحه 307]
عمهم بميزات، و جعل بينهم فرقا واضحا «بان عصمهم من الذنوب و برأهم من العيوب و طهرهم من الدنس و نزههم من اللبس، و جعلهم خزان علمه و مستودع حکمته و موضع سره، و ايدهم بالدلائل. و لو لا ذلک لکان الناس علي سواء و لادعي أمر الله عزوجل-:کل أحد، ولما عرف الحق من الباطل و لا العلم من الجهل».
ثالثا: نفيه لکون جعفر عالما بالحلال و الحرام. وانه لا يعرف حتي حد الصلاة و وقتها. و انما يزغم ذلک طلبا للشعوذة.
رابعا: تذکير الناس بفسقه. و ان ظروف مسکره منصوبة، و آثار عصيانه مشهورة قائمة.
خامسا: تحديه بمطالبته باقامة آية أو حجة أو دلالة.فان کان له فليذکرها، و الا بطلت دعواه.
سادسا: تحديه من الناحية العلمية. ومطالبة أحمد بن اسحاق ان يمتحنه في ذلک، و سأله عن آية من کتاب الله يفسرها أو صلاة يبين حدودها و ما يجب فيها. فان لم يجب علم السائل حاله و مقداره من العلم.
سابعا: نفي أن تکون الامامة في اخوين بعد الحسن و الحسين عليهما السلام.
و يختم المهدي (ع) کتابه بالدعاء لله بحفظ الحق علي أهله. و يقول: و اذا اذن الله لنا في القول ظهر الحق و اضمحل الباطل و انحسر عنکم.
العامل الرابع: مما أدي الي فشل مخطط جعفر بن علي: هو شعور
[ صفحه 308]
الدولة بالعجز عن تأييده و اجابة طلبه.
فانه اذ يعرض الطلب الذي سمعناه علي الوزير عبيدالله بن يحيي بن خاقان، و يقول له: اجعل لي مرتبة اخي.. وانا أوصل اليک کل سنة عشرين الف دينار..يشعر الوزير بمعجز الدولة تماما عن اجابته. فانه لا يمکن بأي حال أن يفرض جعفر اماما علي الجماهير الموالية لأبيه عليه السلام.فان العقائد ليست مما يمکن فرضه، و لا مما يشتري بالمال، و لا مما يحصل بقوة السلاح و لا بأي طريق آخر، سوي صدق البرهان، و التوفيق الالهي لشخص بالامامة. فانه حينئذ يستطيع ان يثبت امامته لأي أحد بالطريق الذي يراه، کما تيسر لآبائه عليهم السلام. و أما مع فقدان ذلک فليس الي فرض الامامة من سبيل.
و ان التجربة المعاصرة، لتعيش في ذهن الوزير بوضوح. و هي ان الجماهير الموالية للأئمة عليهم السلام، بالرغم من اضطهاد الدولة لهم و مطاردتهم و التنکيل بهم، و معاناتهم الفقر و المرض و العزلة السياسية الاجتماعية..کانوا لا يزدادون الا ولاء و تقربا من الأئمة عليهم السلام. فالدولة حين أرادت ان تتوصل الي رفض أمامة الأئمة (ع) بکل ما تملک من سلاح، لم تستطع. فکيف تستطيع الدولة أن تزرع اماما جديدا في هذه القلوب المعارضة لها المنکرة لتصرفاتها المعانية من آلامها و نکباتها.
و لذا نري الوزير يستهين بجعفر و يزجره و يسمعه ما يکره.و يقول له الحقيقة الواضحة: يا احمق. السلطان أطال الله بقاءه جرد
[ صفحه 309]
سيفه في الذين زعموا ان اباک و أخاک أئمة ليردهم عن ذلک، فلم يتهيأ له ذلک. فان کنت عند شيعة ابيک و اخيک اماما، فلا حاجة بک الي سلطان يرتبک مراتبهم، و لا غير سلطان. و ان لم تکن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا [10] ثم ان الوزير استقله و استضعفه و أمر ان يحجب عنه فلم يأذن له في الدخول عليه حتي مات.
و اذ تضيق بجعفر هذه الوجوه، يصعد الي الخليفة، آملا أن يجد في البلاط مالم يجده عند الوزير.فان جعفر يعلم ان من مصلحة الدولة ايقاع الخلاف و الاغتشاش بين الجماهير الموالية لآبائه (ع)، و ايقاع الشک فيهم في اتجاه خط الامامة و انه يعرض خدماته علي الدولة للقيام بمثل هذا العمل، لا بازاء مال يقبضه منها، بل بازاء مال يدفعه اليها!!
و لکنه يواجه عند الخليفة المعتمد ما واجه عند الوزير، من الموقف النفسي و الازدراء الاجتماعي.
قال له المعتمد: اعلم ان منزلة أخيک لم تکن بنا. انما کانت بالله عزوجل. و نحن کنا نجتهد في حط منزلته و الوضع منه. و کان الله عزوجل يأبي الا أن يزيده کل يوم رفعة، لما کان له من الصيانة و حسن السمت و العلم و کثرة العبادة. فان کنت عند شيعة اخيک بمنزلته، فلا حاجة بک الينا. و ان لم تکن عندهم بمنزلته، ولم يکن فيک ما کان في أخيک، لم نغن عنک في ذلک شيئا. [11] .
[ صفحه 310]
انه نفس الاسلوب الذي اتخذه الوزير و عين الاتجاه. و هو يوکد ما سبق ان أکدنا عليه، من معرفة الخليفة بالحق و ايمانه بصدق الامام العسکري و عدالة قضيته. و انما کان يمنعه من اتباعه التمسک بالسلطان و بالمصالح الشخصية و النظر الي الهدف القصير.
و انما يصرح المعتمد بمثل هذا التصريح الخطير، بالنسبة اليه و الي کيانه..باعتباره يواجه جعفرا، و هو ابن الامام و اخو الامام.و هو من أعرف الناس بهما، بالرغم من انحرافه عنهما. فليس هذا التصريح بالنسبة اليه سرا يکشف امرا خفيا يذاع. و ليس جعفر من القواد الأتراک أو من متعصبي بني العباس ليخشي المعتمد من سطوتهم عليه. کما انه ليس من الجماهير غير الموالية للامام -بشکل عام -،ليخاف تحولهم الي الولاء نتيجة لهذا التصريح. و انما جاء هذا التصريح عفو الخاطر، باعتباره العذر الوحيد في رفض طلب جعفر و بيان العجز عن تنفيذه.
پاورقي
[1] کشف الغمة ج 3 ص 175.
[2] انظر تاريخ سامراء ج 2 ص 251. نقلا عن مدينة المعاجز.
[3] الارشاد ص 319.
[4] انظر اکمال الدين (المخطوط).
[5] اعلام الوري ص 354.
[6] تاريخ سامراء ج 2 ص 256.
[7] انظر الارشاد ص 320 و غيره.
[8] سورة البقرة 124.
[9] انظره الاحتجاج ج 2 ص 279 و ما بعدها.
[10] الارشاد ص 320.
[11] انظر الاکمال المخطوط. و انظر الخرايج و الجرايح ص 186.