بازگشت

جهاده العلمي


من حيث قيامه بمسووليته الاسلامية في رد الشبهات و اقامة الحق، بطريق المناقشة العلمية و الجدل الموضوعي. أو اصدار البيانات العلمية أو تأليف الکتب و نحو ذلک.

فمن ذلک موقف الامام عليه السلام من الکندي «ابي يوسف يعقوب بن اسحاق» فيلسوف العراق في زمانه، حين أخذ في التأليف في تناقض القرآن، و شغل نفسه بذلک و تفرد به في منزله. فسلط الامام عليه أحد طلابه بکلام قاله له، جعله يتوب و يحرق أوراقه. و ملخص الفکرة التي بذرها الامام في ذهن هذا الفيلسوف، بعد ان وصفه لتلميذه: ان رجل (يفهم اذا سمع)..هو احتمال ان يکون المراد بالآيات القرآنية غيرالمعاني التي فهمها و ذهب اليها.

و حين ذکر له تلميذه هذا الاحتمال فکر في نفسه و رأي ذلک محتملا في اللغة و سائغا في النظر. فقال: اقسمت عليک الا اخبرتني من أين لک. فقال: انه شي ء عرض بقلبي فاوردته عليک. فقال: کلا. ما مثلک من اهتدي الي هذا، و لا من بلغ هذه المنزلة، فاخبرني من أين لک هذا. فقال: اخبرني به أبو محمد فقال: الآن جئت به. و ما کان ليخرج مثل هذا الا من ذلک البيت. ثم انه دعا بالنار و احرق جميع ما کان الفه. [1] .

و هذه الرواية تدل علي ان الکندي مر بمرحلة فکرية لم يکن يعترف فيها بالاسلام. و هو و ان کان أمرا محتملا، الا اننا لا نستطيع التشبت



[ صفحه 196]



بهذه الرواية ضد الکندي. فانها من المراسيل التي لا تصلح للاثبات التاريخي، [2] ولم نجدها في المصادر الاخري لتاريخنا الخاص، کما لم نجد ما يوازيها في تاريخ الکندي نفسه، في حدود ما اطلعنا عليه من مصادر.

ومن بياناته العلميه ايضاحه لأبي هاشم الجعفري، و هو من خاصة أصحابه، مسألة خلق القرآن [3] و له عليه السلام بيانات تفصيلية في تفسير القرآن و في عصمة الملائکة وفي الاخلاق الفاضلة. [4] .

و يذکر له ابن شهر اشوب، [5] مرسلا، بيانا ضافيا، أرسله عليه السلام الي علي بن الحسين بن بابويه القمي، و هو من اجلة علمائنا المتقدمين فقها و وثاقة. يخاطبه فيه: يا شيخي يا أبا الحسن. و نحن نعرف ان ابن بابويه توفي عام 329 [6] فتکون وفاته بعد وفاء الامام العسکري عليه السلام المتوفي عام 260، بتسع و ستين عاما، فمن المحتمل انه عليه الرحمة عاصر الامام شابا في نحو العشرين من العمر، و کان و هو مقتبل العمر شيخا جليلا له المرتبة الفضلي التي توهله لأن يخاطبه الامام بهذا الاسلوب و الله العالم بحقائق الأمور.

و علي أي حال، فالامام -حسب الرواية-يوکد في بيانه هذا علي غيبة ولده الامام المنتظر عليه السلام، و علي الخلق الذي ينبغي أن



[ صفحه 197]



يتحلي به الفرد المسلم في أيام الغيبة، و هو الصبر و انتظار الفرج. فيکون هذا البيان أحدي تميداته عليه السلام للغيبة. و سوف نعرض لها في مستقبل البحث.

و نسب اليه أيضا، بشکل غير موثوق، التفسير المشهور: بتفسير الامام العسکري. و هو يحتوي علي تفسير سورتي الحمد و البقرة باستطرادات کثيرة حول مناقشات دينية أو مذهبية أو روايات تاريخية وغير ذلک. و هو -علي أي حال - ليس بقلم الامام عليه السلام بل بتقرير بعض طلابه عن تدريسه اياه. فکان عليه السلام يدرس الطالب بحسب ما يراه مناسبا مع فهمه، و کان الطالب يتلقي عنه و يکتب ما يفهمه منه. ومن هنا جاء مستوي التفسير منخفضا عن مستوي الامام بکثير. علي أن روايته ضعيفة، لا تصلح للاثبات التاريخي.

و نسب اليه أيضا کتاب ترجمة في جهة رسالة المقنعة. يشتمل علي أکثر علم الحلال و الحرام. الفه سنة خمس و خمسين و مأتين. و أوله: اخبرني علي بن محمد بن موسي [7] يعني والده عليه السلام.اذن فهو کتاب في «الفقه» بنحو الرواية.

و اذا نظرنا نجد ان المقنعه کتاب في الفقه للشيخ المفيد أبو عبدالله محمد بن محمد بن النعمان، أحد مشايخ الطائفة الاجلاء و علمائها القدماء. المتولد عام 336 و المتوفي عام 413. وقد کتب عليه الشيخ محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه شرحه المشهور الموسوم بتهذيب الأحکام،



[ صفحه 198]



فخرج فتاواه کلها من الأخبار. أقول: و هذا الکتاب لا يناسب أن يکن هو المقصود لوجود البعد الزمني بينهما، اذ کانت ولادة الشيخ المفيد متاخرة عن وفاة الامام العسکري عليه السلام بست و سبعين سنة. و لا نعلم بوجود کتاب آخر بهذا الاسم في عصره عليه السلام.

علي انه لم يعرف معني قوله: کتاب ترجمة في جهة رسالة المقنعة. فهل هو نقل لهذا الکتاب من لغة اخري أو هو استدراک عليها أو رد عليها أو تخريج لفتاواها أو انه مکتوب علي غرارها..کل ذلک و غيره محتمل..و الله العالم. علي ان الرواية في المناقب مرسلة غير قابلة للاثبات التاريخي. و هذا الکتاب غير موجود في اليد فعلا. و معه فلا يمکن نسبته الي الامام عليه السلام.


پاورقي

[1] المناقب ج 3 ص 526.

[2] فانه يرويها ابن شهر آشوب في المناقب عن ابي القاسم الکوفي في کتاب «التبديل».مرسلة..بدون سند.

[3] المناقب ج 3 ص 535.

[4] الاحتجاج ج 2 ص 250 و ما بعدها.

[5] المناقب ج 3 ص 527.

[6] الکني و الألقاب ج 1 ص 218.

[7] المناقب ج 3 ص 525.